الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكام يحتقرون شعبهم علنا

خالد الصلعي

2015 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


حكام يحتقرون شعوبهم علنا
*********************
عجيب أمر هؤلاء الحكام الذين يسبون ويشتمون الشعوب التي يحكمونها ، ويستمرون في حكمها ، بل ان الرئيس المصري -بين قوسين - عبد الفتاح السيسي جعل مليارا ونصفا من المسلمين ارهابيين ، يرعبون العالم ويريدون ترويعه .يقول بالحرف " مش ممكن للأمة دي تبقى مصدر للقلق والقتل والتدمير في الدنيا كلها " . نعم هكذا كل الأمة ، وهو منها طبعا ، اللهم اذا كان خارجا عنها ، وهذا لا استبعده ، بل كل أولئك الجالسين قبالته ممن يعتبرون علماء -حاشى لله - ينتسبون الى هذه الأمة الخطرة المقلقة ، أي ارهابية بلغة السياسة المعاصرة .
كان غير المأسوف عليه القذافي قد نعت كل تلك الحشود الجماهيرية التي خرجت ضده بأقذع النعوت " الجرذان " ، ولا زلت اذكر تصريح الرئيس الدموي العربي الآخر بشار ، وهو يحول الملايين من شعبه الى ارهابيين ، بدءا بالأسرة ، الخلية الأوى للمجتمع ، وانتهاء بالمجتمع بعدما ربط الأفراد بذويهم ومعارفهم ، وبالحارة والمنطقة والمدينة والجهة . ولم يكتشفهم الا بعد الخروج ضده . كما رئيس تونس المخلوع الذي لم يفهم شعبه الا بعد مضي 23 سنة من حكمه . وها نحن اليوم أمام رئيس تخطاهم جميعا ليتهم كل الأمة بالارهاب . حتى أوباما ، بل حتى نتانياهو لم يجرؤ على نعتنا جميعا بتلك الأوصاف . والبارحة فقط كان أحد القساوسة في السويد بمدينة مالمو يساند تظاهرة من تنظيم اسلاميين ضد "الاسلاموفوبيا " .
بينما نتابع علماء الأزهر -دائما بين قوسين - جالسين يتابعون اتهامهم المباشر بالارهاب من قبل رئيسهم . وهو أمر مؤسف حقا ، وواقع يرثى له . هل وصلت نخوة هؤلاء الى هذا الدرك الأسفل من الانحطاط الديني ؟ . هل هؤلاء من يمثلون الدين الاسلامي ؟ .
نحن الآن نُحَارب من أعلى السلطات والمؤسسات . ومن أغبى الناس ، ممن لا يعرفون مثلا مفهوم التبعيض ، ولا قياس الاستثناء ، ولا منطق الثالث المرفوع ، فداخل الأسرة الواحدة قد نعثر على علماني وسلفي ، والتمايز في حدة أي منهما قد يكون حد التطرف . لكن هذا لايعني أن كل الأسرة متطرفة .
فكيف صفق علماء الأزهر لهذا الافتراء ، ولهذا الافراط ، ولهذه الميوعة ؟ .وكيف حرف بعض العلماء كلاما واضحا لا لبس فيه نحو وجهات لم يعبر عنها السيسي ، او خانه التعبير عنها ؟ .
انها ورطة كبرى وفضيحة عظيمة ان ينعت رئيس أكبر دولة عربية الأمة بالاسلامية جمعاء بكونها مثار قلق وقتل ودمار في العالم أجمع . فحتى الحاخام اليهودي الصهيوني "عوفاديا يوسف " كان يكره العرب فقط ، ولم يعمم كرهه على جميع المسلمين ، ولم يصفهم بما وصف به السيسي الأمة الاسلامية .
ان أنتأ قمة للديكتاتورية أن يستفرد الحاكم بكل شيئ ، وينطق بما لايعرف . ولا أظن أن السيسي وفي هذه المرحلة بالذات ينطق بما لايعرف . فالأوضاع التي تجتازها المنطقة العربية اوضاع حساسة وحرجة ، وخطابه بهذه اللهجة وفي هذا التوقيت في التحليل السياسي يكتسب خطورته من المنبر الذي اختار منه أن يشتم كل الأمة الاسلامية ويصفها بما لم يصفها أشرس أعدائها كالرئيس الأمريكي السابق بوش الابن .
لانريد حكاما يشتموننا ، ويسبوننا ، ويقدموننا كوحوش ، وهم أشد فتكا بنا من الوحوش . ويكفي أن أشير هنا الى سحب الدول الديمقراطية لسفرائها من القاهرة وعلى رأسها بريطانيا . ليس لارهاب الشعب المصري الأبي ، بل لارهاب النظام الانقلابي في حق الشرعية وفي حق مستقبل شعب أعطى وسيعطي الكثير للأمة العربية والاسلامية ، بعد أن يتخلص من رجل اغتصب الحكم اغتصابا .
طبعا لست رومانسيا فيما تعلق بالشأن السياسي ، لأن السياسة فن تدبير الواقع ، وواقع مجمل البلدان العربية واقع مفجع ومشؤوم ، ومنسوب الديمقراطية يكاد ينعدم فيها جميعا . ومن هنا لا انتظر من نظام السيسي الشيئ الكثير بعد صنيعه في شعبه ، سواء في طريقة فضه لاعتصام رابعة والنهضة ، أو في طريقة تدميره وتهجيره لأهالي سيناء ، وفي لجمه لسان المعارضين المحليين ، والأحكام الجماعية الجاهزة غير المسبوقة في التاريخ الانساني , وكمواطن عربي لا يشرفني الاقتراب من مثل هذا النظام .
لقد تعبنا من انحطاط حكامنا ودونيتهم . ان امتلاك الدبابة والمسدس والرجال الغلاظ ، لم يكن معيارا للرقي والتقدم ، ولم يمنح أصحابه الهناءة التي يرجونها بالترهيب والوعيد والجلد . آن اوان أن تنهض همة العرب ، وتعي كينونتها وظرفيتها وقدراتها ، لتوقف مثل هؤلاء الغوغائيين عند حدهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ