الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الحكومة العراقية الموقرة..مع التحية

نجاح يوسف

2005 / 9 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


.إنه فيلم تراجيدي هذا الذي يحدث في وطني ..وفي بعض الأحيان يتحول إلى ملهاة, أو مسرحا للعرائس ..نضحك بأسى وألم لتلك الشخوص وهي تتحرك وتتراقص بحبال يتحكم بها فنانون ماهرون ..وعندما تنسدل الستارة نجد أنفسنا وجها لوجه مع الحقيقة المرّة ..الحكومة تعيش في المنطقة الخضراء, حيث الأمان والطمأنينة والماء الصافي والكهرباء الدائم والأضواء والمؤتمرات.. وفي الجهة المقابلة الشعب العراقي كله يعيش في غابة وادغال حيث الوحوش تحاصره من كل جانب , ودمه مهدور ولا أحد يسأل عنه, فالمسؤولون عليهم أولا حماية أنفسهم .. وثانيا فإنهم لا يطيقون زيارة المدن والحارات والأزقة للتعرف عن كثب على مشاكل العامة..حيث أن هذه الجموع الغفيرة التي تسمى شعبا تعيش وسط محيط يفتقر إلى الأمن, كما تزدحم طرقه بجبال من القاذورات والأوساخ والأزبال, وبجداول من المياه الآسنة, التي لا يتحمل نتانة رائحتها رئيس الوزراء والوزراء وأعضاء الجمعية الوطنية المنتخبون وغيرهم من جهابذة هذا العصر.. العصر الذهبي لهم, وعصر الموت والشقاء لشعبهم .. هؤلاء يقودون قطيع العراقيين ..يستغلون طيبته ويجيّرون نكباته وفواجعه وآلامه ودموعه ودمه إلى سجل (انتصاراتهم) .. كما حدث في نكبة جسر الأئمة.. أما النفوس الطاهرة التي راحت ضحية الإهمال والإرهاب وسوء التدبير فستظل تطرق ضمائر من تسبب في هذه المأساة وتطلب أجوبة شافية لما حدث.. فالكل تنصل من المسؤولية..وطفى على سطح الحدث الجلل هذا خلافات واتهامات متبادلة بين وزراء الحكومة, حيث نتيجة لذلك تدور اشاعات من أن الجعفري يفكر جديا بإعادة ترتيب بيت وزارته..

نبيل ..عامل كادح عمره سبعة واربعون عاما , من أهالي الموصل يعمل في مطبعة الأديب ببغداد. .وقفت أول البارحة سيارة شرطة أمام باب المطبعة..ينزل منها ضباط شرطة يأمروه بالصعود إلى سيارتهم ..رفض نبيل طلبهم.. أطلقوا عليه الرصاص وأردوه قتيلا أمام أنظار حشد كبير من الناس ..هكذا باعصاب باردة ..تركوه وغادروا المكان.. كان غرضهم خطفه وطلب فدية من صاحب المطبعة الذي يعيش خارج العراق..

وفي النجف أيضا ..يفجر الإرهابيون صالونا لحلاقة النساء ويقتلون امرأة ويجرحون إثنتين ويحطمون المحل والمحال التجارية المجاورة له..هكذا..الكل يعرف من هو الجاني..من أعلى شخصية في حكومة الجعفري إلى اصغر طفل في الحي.. أين حق هؤلاء الضحايا ؟ وهناك المئات من هذه الأمثلة المأساوية الحية تحدث كل يوم وخاصة في المدن التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة التابعة لأحزاب حكومة الجعفري ..من سيطالب بدمهم ويقبض على الجناة ويقدمهم للمحاكمة لينالوا جزاءهم العادل؟ التأريخ يعيد نفسه .. ها هي قصيدة محمد صالح بحر العلوم (أين حقي)التي نظمها أبان العهد الملكي تنطبق على حكومتنا الموقرة اليوم.. إن كل هذه الأحداث الماساوية لا يسمعها ولا يشاهدها المواطن العراقي من على شاشة التلفزيون ..فالفضائية العراقية رغم قربها من نبض الشارع العراقي , إلا إنها متحيزة إلى الحكومة ودعايتها ..أما بقية الفضائيات فإن هذه الأحداث لا تعنيها ..بل إن قسما منها يباركها..

أنا أعلم أيها الفارس العراقي الأصيل.. إن سهام الأعداء والغدر والكوارث والأحزان قد أنهكت جسدك .. لكن حذاري من أن تترجل في هذه اللحظة العصيبة..لا تعطي لعدوك فرصة للتشفي باوجاعك وآلامك ..وذكّره دوما من خلال صمودك وعنادك ونقاءك بأنك أنت السيد , وما هو غير طريد وغادر وقاتل شرير واللعنة محفورة فوق جبينه الملطخة بالعار..امشق سيفك ولا تضعه في غمده إلا وقد نظفت دارك من وساخة وشر عدوك الأول.. البعث الدموي ومرتزقته العرب الوافدة, الذي ما زال يحلم أتباعه بعودة نظام الجريمة والحقد والحروب ..وفي الوقت ذاته , لا تحني هامتك للريح الصفراء الوافدة من الشرق لأنها هي الأخرى تريد ان تجلل العراق كله بالسواد وتصدر أفكارها العتيقة الرجعية المتخلفة إلى ربيع العراق المطرز بالشعر واللحن والالوان والشمس والجمال..

ولكي ننتصر, فلا بد من التلاحم والتكاتف..فلم يبق غير أشهر قلائل على اقرار الدستور الجديد وإجراء الانتخابات البرلمانية القادمة.. فالديمقراطيون والوطنيون عليهم استحقاقات .. فاللحظة الراهنة لا تتحمل تقديم المزيد من الخسائر والهزائم... فهل نتعلم من أخطائنا هذه المرة؟ أتمنى ذلك ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف