الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الكوردي-الكوردي في شمال كوردستان

عبدالله جاسم ريكاني

2015 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


في الساعات الاولى من يوم السابع و العشرين من شهر دبسمبر 2014، نشبت صدامات مسلحة في مدينة الجزيرة، احدى اكبر مدن محافظة دياربكر في شمال كوردستان، بين حركة الشباب القومي الديموقراطي التابعة لحزب العمال الكوردستاني و احد الاحزاب الكوردية الاسلاموية (هدى بار) و قتل فيها ثلاثة اشخاص. و لقد اتهمت الاطراف المتصارعة بعضها البعض بالبدء بالهجوم على الاخرى. و هذه الحادثة تضاف الى سلسلة الحوادث المستمرة بين القوميين و الاسلامويين الكورد في شمال كوردستان. المجموعة الاولى من المتصارعين تمثل حزب العمال الكوردستاني الذي يخوض نزاعاً مسلحاً ضد الدولة التركية منذ 1984، و الذي يبدو غير مرحَب به من قبل الاسلامويين الكورد الذين يعتبرونه حزباً يسارياً و ذو عقيدة ماركسية. و لهذا السبب فضلوا الابتعاد عن الحزب في الانتخابات المحلية و البرلمانية المتعاقبة و صوَتوا لصالح حزب العدالة و التنمية الاردوغاني، و من ثمَ، أسَس الجناح المتشدد بين الكورد الاسلامويين حزباً خاصاً بهم في عام 2012، تحت اسم (هدى بار).
تعود الجذور الاولى لحزب الهدى بار الى عام 1990، و تحديداً الى الحزب السيئ السمعة (حزب الله الكوردي)، المصنوع و المدعوم و المسكوت عنه من قبل الدولة التركية و الذي مارس إرهاباً منظماً ضد كوادر و انصار حزب العمال الكوردستاني و مارس انواع الاغتيالات و الخطف و التعذيب ضد الالاف من خيرة المناضلين الكورد في شمال كوردستان و التي سجلت كلها و كالعادة
ضد مجهول، و كانت ايديولوجيته تتلخص في محاربة حزب العمال الكوردستاني فقط و لم يقم بأي عمل ضد مضطهدي و مستعمري الشعب الكوردي.
في عام 2000، و مباشرةً بعد اعتقال الزعيم الكوردي عبدالله اوجلان، و بعد ان تم الاستغناء عن خدمات حزب الله الكوردي،هجم البوليس التركي على مقرات هذا الحزب و قتل زعيمه (حسين ولي اوغلو) في الصدامات مع البوليس. في عام 2002، اعلن الحزب المذكور انهاء عملياته المسلحة، و بعد عام واحد فقط، اعلن انصاره تأسيس جمعية (الدفاع ضد المستضعفين؟). و من ثمً تحولت هذه الجمعية الى حزب الهدى بار في عام 2012.
استناداً الى هذا الإرث التاريخي، من الطبيعي للحزبين المذكورين ان يكره احدهما الاخرعلى الرغم من الهدوء و السلام الذي ساد بين الحزبين منذ عام 2000. و الذي أجَج التوترات الحالية بين الطرفين، هو ما يحدث الآن خلف الحدود الجنوبية للدولة التركية من حرب بين منظمة داعش الارهابية و الشعب الكوردي في جنوب و غرب كوردستان، حيث يدعم حزب العمال الكوردستاني و بصراحة قوات البيشمركة و وحدات حماية الشعب في كوباني، بينما يتعاطف بعض الاسلاموين الكورد مع داعش و المجموعات الجهادية الاخرى مثل النصرة و غيرها.
و لقد انعكس هذا الصراع بين انصار الطرفين الكورديين، على ارض الواقع حيث التحق العديد من انصار حزب العمال بقوات البيشمركة ووحدات حماية الشعب للقتال ضد داعش، بينما التحق المئات من الاسلامويين الكورد بصفوف داعش والمجموعات الارهابية الاخرى حسب ما اورده الاكاديمي مورات تيزجور في مقال منشور في مجلة الشؤون الخارجية (Foreign Affair piece)، و في الحقيقة، فاق عدد الكورد الملتحقين بهذه المجموعات الارهابية على عدد الترك الملتحقين بداعش و غيرها لانه تبين ان 60 بالمائة من الاتراك الملتحقين بصفوف داعش هم من الكورد. و ليس من المستغرب، ان تندلع الاشتباكات الاخيرة في مدينة الجزيرة عندما وصل اليها جثمان احد الشهداء المدافعين عن شنكال وهو يحارب داعش، الأمر الذي أثار غضب انصار حزب العمال الكوردستاني ضد داعش و انصارها المفترضين بين الاسلامويين الكورد في مدينة الجزيرة و غيرها من المدن في شمال كوردستان و التي فرض فيها حظر التجول لاحقاً لمنع اندلاع المزيد من الاشتباكات.
من الواضح ان الشعب الكوردي في شمال كوردستان قد انقسم بين نفسه و تم استقطابه من جهات متعددة. ليس هناك شك، ان حزب العمال الكوردستاني، هو اللاعب السياسي الرئيسي حالياً في شمال كوردستان، و لكن الاحزاب الاسلاموية هي الاخرى ذات شأن و لا يمكن تجاهلها سواءاً تلك المدعومة من قبل حزب العدالة و التنمية او الاجنحة الاخرى الاكثر تشدداً. و حتى لو حصل الشعب الكوردي على حكمه الذاتي او ادارته الذاتية، فإن هذه الانقسامات بين الطرفين ستتعمق اكثر فأكثر و من غير المستبعد ان تنشب حرب اهلية بين الطرفين الكورديين المتصارعين.
ووسط كل هذه التعقيدات، يبدو حزب العدالة و التنمية في مشكلة هو الآخر. ففي الوقت الذي يتعاطف فيه مع حليفه حزب الهدى بار، فانه في الوقت نفسه في حالة تحقيق و انجاز ما يسمى ب (عملية السلام) مع حزب العمال الكوردستاني و لا يريد اشعال حرب جديدة معه و خاصةً و انها مقبلة على انتخابات عامة في هذا العام.
ان انجاز و إتمام عملية السلام مع الشعب الكوردي و استعادة الهدوء و الاستقرار في شمال كوردستان و منع تمدد الحرب و الاضطرابات في كل من العراق و سوريا الى الداخل التركي من الامور الملحة التي تشغل بال صانعي القرار في تركيا و عليهم التعرف على الاسباب الحقيقية للتوتر و الصراع بين الاطراف الكوردية و محاولة معالجتها بالسرعة و الحكمة الممكنة بدلاً من التذرع بنظرية المؤامرة و التدخلات الخارجية و الاصابع الاجنبية و الدولة العميقة و الموازية التي دأب السيد أردوغان على التذرع بها كلما ظهرت هنالك مشكلة ما في تركيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و