الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلكامش المعذّب

صبا مطر

2015 / 1 / 6
الادب والفن


هذا المساء هبط كلكلمش من سماوات الاسطورة وابتاع لنفسه تذاكر الدخول لحفلة موسيقية.
حشد كبير في قاعة الانتظار, اناس من كل حد وصوب مختلفي الالوان والاشكال يمرون عبر الطوابير المزدحمة الى داخل مسرح مليء بالاضواء الساطعة . استحالت عيني كلكامش الى مرايا تنقلب الى داخل عقله المليء بصور صراع الالهه وانصاف البشر , يحتد المشهد قسوة وهو يرى انكيدو مقتولا على يدي حارس الغابة العملاق ذو العين الواحدة و غابته التي يسكنها كثيفة الاشجار حالكة السواد كما هو المساء في الخارج الان , تعلوها رائحه نفاذة ممزوجة بالبخور والنحيب المنبعث من قلبه الحزين . يهدر دم انكيدو ويسيل في عروق زمن غير مرئي مرتحلا عبر عين الحارس الواحدة كنبيذ معتق متاصل في القدم لتثمل به الهة الافتراض هناك !.
تتلاطم الصورة امواجا على سفح اقدار موسيقى بتهوفن الاتية من عمق المسرح . تنمو النوتات الواقفةعلى منعطف الغرابة وتتحول الى افعى عملاقة تبتلع افعى الاسطورة, تبتلع نبات الخلود القادم من ازمنة الفردوس المركز, تبتلع الصمت المتلاطم في الذاكرة , تدور في اروقة المسرح تصعد الى ستاره العالي تسدل نفسها على ذاك المشهد المدهش , تلتف على خاصرة الاله المزروع في بقايا كلكامش المنسلخ من جلد الاسطورة .عبثا يحاول الفلات من ذاك الاختناق !!
يبدء الحضور في رقصهم المذبوح بسياط القدر الممعن في التجبر. يخلع كلكامش عباءة الاله ويرمى بها الى قمة احزان بيتهوفن الاصم, تنمو اجنحة التمرد على كتفيه , يحلق بها عاليا في سماوات لا يعرفها , يسكنها الشهداء والجياع على اختلاف الوانهم واشكالهم , يدرك حينها ان الف انكيدو وانكيدو يقتل يوميا ومازال الخلود ثمرة عصية المنال في هذا العالم المشحون بالالم .
يلملم من عنق المساء الام البشر المارين عبر دروب الفردوس والغير عابئين بالاسطورة . الموسيقى ما زالت تكتب التاريخ بالحانها الصاعدة الى السماء والحضور المكون من المشاهير والملائكه يواصلون الانزلاق على مسام الافعى العملاقة فيتشظون ضجيجا والما داخل المسرح . الاوتار تلهث خلف الخلود المعتق في رحم اسطورة تلد بطلا في كل زمان باسماء مستعاره !!
تكبر خيالات المساء وتتسع لتاتي ملايين الوجوه بملامح معدومة من عمق غابات الشجن التي يسكنها الحارس ذي العين الواحدة . تهديهم الالهه بضعة عيون وبقايا ملامح مستعارة من ذاكرة الفوضى المنبعثة من كل زمان, يتصاعد عنفوان االحدث المتسكع على تضاريس الوقت المغيب, فيموت انكيدو من جديد ويهديهم بموته ملامح من غضب.
يكتفي كلكامش بهذا القدر من الجنون ليدخل بعدها الى جلد اسطورته فاردا جناحيه الى عمق التاريخ حاملا بتهوفن على اوتار خلوده هناك , تاركا انكيدو غارقا في موته العتيق وبجانبه نبتة خلود تلتهمها افعى عملاقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا