الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب 2015 : المغرب، مملكة في غليان - ترجمة الكتاب - ج1

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2015 / 1 / 6
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يتضمن هذا الجزء ترجمة التقديم والمقدمة لهذا الكتاب كما وردت في النسخة الأصلية الفرنسية.

المؤلف لورن بردلي Laurent Beurdeley أستاذ محاضر بجامعة ريم شومباني ـ أردنيس Reims Champagne-Ardennes.
يهتم بأبحاثه العلاقات الأوروـ متوسطية والمغاربية، حول المحاور التالية : التناوب الديمقراطي، الإسلام، الهوية، مسائل النوع.

1 ـ تقديــم *

كما يمكن أن تكون مسافرا كاتبا، يمكن بلا شك أن تكون مسافرا باحثا.

تلك هي وضعية مؤلف هذا الكتاب، إلهام لخمس عشرة سنة من الإحتكاك الميداني بالأراضي المغربية، لا نكتب البت إلا حول ما نحبه، وراء هذا الكتاب توجد خلفية كل الشغف وكل السحر الذي يشعر به الكاتب تجاه المغرب.

وضع فيه كل ما حملته عدة سنوات من اللقاءات، من تنقلات في عمق المناظر الطبيعية، من ارتياد أوساط اجتماعية مختلفة، يتقاسم معها الحياة اليومية، ونسج روابط متعدد مع الجمعيات. يحدثنا عن الحياة المغربية خلال خمس عشرة سنة الأخيرة.

يتمنى أن يذهب بعيدا أكثر من منشورات الصحفيين، المتعددة وغالبا الإنفعالية، حول هذا البلد. أراد أن يذهب أكثر من المنشورات الأكاديمية، الأكثر تخصصا. يقدم، إذن، هنا ما يسمى عملا مرجعيا حول جميع مظاهر الحياة المغربية، دون استثناء ودون طابو : غاديوغرافيا المغرب، عقلانية وملموسة. من التاريخ إلى السوسيولوجيا، من الممارسات الدينية إلى أشكال جديدة للإحتجاج، من الحياة الجنسية إلى البيئة، إلخ .. تحليل جميع ميادين حياة مجتمع معاصر، ومراجع محددة للتحليل الدقيق.

الأسلوب المتبع منهجي وعلمي، إعتمد على تعدد التخصصات ومواجهة المصادر، لكن أيضا على كثرة الحوارات. هذا العمل يطمح أن يكون عملا مرجعيا لتعليم البحث، ولكن أيضا من أجل تأجيج النقاشات وسط جمهور واسع أكثر من العالم الأكاديمي.
في الأخير، كمسافر باحث، المؤلف يمتلك نوعية النظر الذي يأتي ويحرص على ميزة الحفاظ على المسافة، لكن أيضا القدرة على التعاطف المتأثر بسحر مجتمع لم يعد أبدا أجنبيا عنه.

2 ـ مقدمة

"الأسوأ من كل ذلك، هو أن تلتقي مثقفا يجهل بلاده، لم يضع أبدا رجلين في شمال المغرب الفقير جدا، لم ير أبدا النساء كعربات ـ أمهات يحملن على ظهورهن حمولة عربات من الحطب لإشعال النار، لم يوسخ أبدا أسافل سرواله بأتربة مسالك المغرب. هؤلاء كثيرون، لكن أنا مستاءة من هؤلاء أقل من الذين يعتبرون أنفسهم ممثلي جميع المغاربة وفي بعض الأحيان أيضا يمثلون العالم العربي ـ الإسلامي كله. لا يستمتعون فقط بالإمتيازات على حساب طبقة اجتماعية يساهمون في اضطهادها، لكن يجنون وراءها أرباحا بالحديث عنها في البلدان الصناعية بالغرب".1

"قال الحسن الثاني في لقائه بمراسل بريطاني أقام بالمغرب خمسين سنة كلما أقمنا بالغرب كثيرا كلما فهمناه قليلا أليس كذلك ؟"2

من غير المعقول أن نسعى للكتابة على المجتمع المغربي في بضعة صيغ عفوية بينما المملكة عبارة عن نسيج من التناقضات التي تجاهلت كل العموميات.

يوجد المغرب المثير، المليء بطاقة حية، نجد العاطفة والإبداع، الذي لنا الشرف لنقل هذه الصورة المكشوفة الواعدة والمغرية. هو قطعا مغرب مبدعين موهوبين، مصممين، مثقفين، جامعيين، موظفين سامين، مقاولين، موسيقيين، كتاب، رياضيين الذين يرفعون عاليا بلدهم في البقاع الأربع من العالم. لهم تربية عالية، تمنح لهم غالبا موارد مريحة، متعددي اللغات، باستطاعتهم التنقل بالخارج دون أغلال، يشكلون قطعا نخبة البلد، غالبا ما يشكلون غلاف المجلات. يوجد مغرب المواطنين العاديين، الأغلبية المضطهدة من سكان البلاد، يتم استخدامهم بطريقة أو أخرى لضمان العيش و مواجهة اليومي الذي يكون غالبا صعبا (أجرة متواضعة، غالبا ما تكون غير كافية أمام غلاء المعيشة) الذين يكافح أبناؤهم حاملي الشهادات ـ بتعبير لطيف ـ من أجل إيجاد عمل. يوجد مغرب الشحاذين، مغرب الظل، مغرب الإنحراف وفي غالب الأحيان "غير المعلن"، مع العنف ضد المرأة، الإذلالات المتعددة التي يتعرض لها دون المراتب، مصير أطفال المنازل أو ينقل إليهم، الإعتداء الجنسي في بعض الأحيان، عدم تحمل المسؤولية في بعض الأحيان تجاه هؤلاء المتجاوزين للقواعد المجتمعية. الفساد المرض المزمن المؤسس، الذي خصب عميقا العقليات وطبعت اليومي للضعفاء جدا. يوجد مغرب الأغنياء الذي يعلقون عليه احتقارا متباهيا تجاه الآخرين، الذين يقطنون في أحياء مؤمنة جدا، يحتكرون جميع المناصب الإقتصادية، السياسية والإستراتيجية ويعرفون جدا أوربا أكثر من زقاقات المدن أو دواوير الأطلس المتوسط. يوجد أيضا المغرب الذي يعرض على شاشة وسائل الإعلام الكبيرة، مهمش، منسي، مغرب المناطق القروية المغلولة تبدو بعيدا عن الحضارة، مجتمع يعيش على إيقاع الشمس، يمارس فلاحة متخلفة، معيشية، يعاني من ولوج العلاج الطبي والتربية. يوجد مغرب المتروكين خارج الحساب، أي فئة كبير من الشباب (خرجت غالبا قبل الأوان من نظام التربية، بلا تكوين) في الغالب متشائمة، مذلة، التي تمنعها أوربا منهجيا من أية فيزا والتي ستغرق في مياه الديترويت أو الأطلنتيك، أو تلتحق في بعض الأحيان بوحدات المتطرفين الإسلاميين مهيأة لكل السفالات. يوجد المغرب الذي يمارس إسلاما منفتحا ومتسامحا، مغرب النساء الحاجبات أو الشعر المعروض للرياح. يوجد "مغرب الجشع" الذي ينكشف فيه جشع المعمرين الجدد بلا تردد بتواطؤ مع المخزن، بينهم عدد من الفرنسيين. يوجد مغرب كريم، شجاع، جريئ، مغرب جميع المناضلين الذين استثمروا جهودهم في النسيج الجمعوي، وضد الرياح والعواصف، يتحركون منذ عدة سنوات ضد ضعف الخدمات العمومية ولكن أيضا لرفض عدم المساواة الأساسية، تهميش بعض المناطق، عدم الإنصاف، الوراثة، إنتهاكات حقوق الإنسان. لا يناضلون ويحاورون لنيل الحقوق لكن كذلك من أجل الحريات الفردية. هما أيضا هؤلاء النساء اللواتي يحاولن نزع أغلال التقليد (تبقى قيمة مهيمنة أو المؤرقة) ويعرفن كيف يحافظن على هويتهمن العربية ـ الإسلامية والأمازيغية. كلهن يعبرن على طريقتهن من أجل الجواب على الطلعات المشروعة للسكان ومن أجل العيش الجيد للجميع.
إن هذه العوامل المتعددة هي من خصوصيات المغرب المعاصر الذي لا ننكر أنه يبحث بين النمط الغربي والنمط الشرق ـ أوسطي، ويبدو أنه في مكانة مهمة. تبدو البلاد منجذبة بين الحدين. العديد من المؤلفات المهتمة بالمملكة ذات أبعاد لا تخرج عن منظور القصر، عن شبكاته، عن قصص الصغيرة للتائهين والمعارف القديمة للقوى الإستعمارية التي تحاول دائما الحفاظ على تأثيرها وتخصيب أرباحها الإقتصادية. القليل من الدراسات حول عيش المواطن العادي (دائما القليل عندما يتعلق الأمر بالمطرودين) وحول غليان مجتمع أقل جمودا كما لم نتوقعه أو ما لا يكتب غالبا. في خضم الثورتين التونسية والمصرية، إستطاع شباب حركة 20 فبراير أن يحقق ما، في 2010، لم يكن في الحسبان، يعني زعزعة النخبة الحاكمة، إلى إثارة المجتمع كله إلى الإشكاليات الأساسية وكسر الحلقة المفرغة للرعب، هذه الشبيبة التي يتم تقديمها على أنها غير مسيسة وهبت لتفرض الإصلاحات على الملكية. هذه الهبة اللافت للأنظار، السلطة حائرة. حكاية (الوحيدة في المؤلف) إعلان : أكسيل لومي Axil le Mée الملاحظ، الذي، قبل بضعة سنوات، كان مطرودا من مدينة تارودانت، صرح أنه زارته أم الملك في 2011 وهي تخشى على مستقبل أبنائها.3

يتم تقدير التحولات الإجتماعية عبر عدة أبعاد : علاقات الرجل والمرأة (التي تشكل مؤشرات مفتاح تطور المجتمعات)، الأشكال الجديدة للإحتجاج الإجتماعي، موقع الدين في الحياة اليومية، علاقة المغاربة بالماضي والذاكرة، تأثير التكنولوجيات الجديدة، الإبداع الفني، ظهور نشاط اجتماعيين جدد. يجب معالجة المسائل الإقتصادية والإجتماعية التي لا مفر منها في السنوات القادمة : تدبير الماء، المحافظة على الثروات الطبيعية، تشغيل الشباب وتكوينهم، ولوج التغطية الطبية والتغطية الإجتماعية، التقسيم العادل للثروات، إدماج المهاجرين، المستقبل المشترك حول إتحاد المغرب العربي ...

تم رسم خمسة أجزاء : 1 ـ الإطار الدستوري والسياسي الذي أطر النضالات قبل والبعد حركة 20 فبراير. 2 ـ الإنجازات التي يجب تحقيقها من أجل بناء دولة الحق الحقيقية. 3 ـ التحولات الإجتماعية الجارية. 4 ـ المشاريع المستقبلية والبعض منها في طور الإنجاز التي تتطلب تدخل سياسي متكاملة حيث تشكل أسس المملكة. 5 ـ الملفات المتعلقة بالتعاون المغاربي والعالمي.

*قام بتقديم هذا الكتاب إفيلين رتان Evelyne Ritaine مديرة البحث بمركز إميل دوركايم للعلوم السياسية ببرودو Bordeaux.
1 ـ نجاة الهاشمي (كاتبة كطلانية مزدادة بالمغرب) في الرسائل إلى شاب مغربي، منشورات Seul 2009 ص. 141.
2 ـ أوردها فؤاد العروي TelQuel رقم 236 ـ 237 يوليوز ـ 8 شتنبر 2006.
3 ـ في حوار غير رسمي مع أكسيل لومي Axil le Mée بمنزلة بتارودانت في أبريل 2011.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: اليمين المتطرف يتصدر الاستطلا


.. فرنسا: هل يمنع حزب التجمع الوطني مزدوجي الجنسيات من الولوج إ




.. هل يعتمد ماكرون استراتيجية تشوية اليسار في الدورة الأولة للت


.. مظاهرات بتل أبيب والقيسارية ضد نتنياهو هي الأضخم منذ بدء الح




.. الناصرية 1 حزيران 2024 - مشاركات الحضور - ندوة سياسية لمنظم