الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عايش (مسرحية) 5

تحسين كرمياني

2015 / 1 / 7
الادب والفن


جندي1: آه لو كان لدينا الآن شاي ساخن.
النقيب: لا تذكرني بالشاي.
جندي2: كوب شاي يساوي الحكومة في هذه اللحظة.
النقيب: حقاً سأبيع رتبتي الآن بكوب شاي معمول على الحطب.
جندي1: لنخرج من هنا،فيما بعد سنحتسي الشاي على روح الحكومة.
النقيب: منذ شهر لم أتذوق الشاي.
جندي2: حقاً الشاي يعطي المرء صفاء الذهن ويجعله يفكر بطريقة سليمة.
جندي1: أنا تركت الشاي لمدة عشر سنوات.
جندي2: لهذا غدوت غبياً.
النقيب: أكاد أن أفر إلى أي مكان فيه شاي.
جندي1: وحين عدت لشربه بدأت أحتسي من غير هوادة.
النقيب: (ينتهي من تناول المعلبات)الآن يحلو شرب الشاي.
جندي1: في الغد أشرب برميلاً سيدي.
النقيب: لو وصلنا إلى أي مكان،سأدفع ما في جيبي مقابل ـ قوري ـ شاي.
جندي1: ومن قال في المنازل يوجد شاي.
جندي2: حقاً..نسيت هذا،الحصار سرق كل أشياءنا الجميلة.
النقيب: نعم..كما تقول،كل الأشياء الجميلة التي كانت جزء من حياتنا سرقت منا.
جندي1: لو حصل التغيير المزعوم ستعود كما كانت أيامنا.
النقيب: هيهات.
جندي2: ألم تقرأ تاريخ البلدان التي سقطت تحت ظل الغرب.
جندي1: لكنهم يزمجرون ويعلنون أنهم سيجلبون السعادة لنا.
النقيب: (بسخرية)..سعادة!
جندي1: هم يصرحون بهذا،فلقوا رؤوسنا بالحرية والديمقراطية.
جندي2: أمثالك يتخدرون سريعاً بكلامهم المعسول.
النقيب: كلنا نتخدر،طالما الضعف أكلنا.
جندي1: (بحيرة)من نصدق؟هم أم نحن؟
النقيب: إذا حصل التغيير،سنتفكك،في قلوبنا ضغائن نائمة.
جندي2: أنا معك سيدي،سيأكل واحدنا الآخر.
جندي1: ألسنا شعباً واحداً.
النقيب: في الهيئة فقط،في هوية الأحوال المدنية فقط.
جندي2: نحن شعوب مسيرة من قبل أمزجة فاسدة.
النقيب: سترون الجار كيف يفتك بجاره.
جندي1: ليبق في كرسيه مادات الأمور ليس لصالحنا.
النقيب: الغرب يتحكم بمقدرات الشعوب،الأرض كرة بين أقدامه.
جندي2: نعم..أنهم يبدلون الوجوه وفق مقتضيات مصالحهم.
جندي1: يعني صاحبنا من صنعهم.
النقيب: هل نسيت؟
جندي1: ومن بوسعه أن يحافظ على عقله في بلادنا.
النقيب: ألم يعطوا الضوء الأخضر لغزو ـ الكويت؟
جندي1: أنا رأيت المقابلة التلفازية بين السفيرة الأميركية وصاحبنا.
جندي2: سياسة توريط كي يوفروا أدلة إدانة ومبررات قانونية دولية للتجريم.
جندي1: من كلامكما يعني صاحبنا كان ـ طلياً ـ بأيديهم.
النقيب: مرة أخرى سيأخذنا الكلام خارج هدفنا.
جندي2: دع هذا الأمر لوقته،لنفكر بطريقة نجاتنا.
النقيب: هذا رأيي أيضاً،علينا أن نراجع ذاكراتنا قبل أن نخطو خطوة الفرار.
جندي2: ومن قال بقت لنا ذاكرة؟
جندي1: سيدي..ما معنى ذاكرة؟
النقيب: يعني المخ!
جندي2: (بتعجب)مخ!
جندي1: آه..ذكرتماني بالمخ.
النقيب: المخ خلايا عجيبة تخزن كل ما نسمع ونقرأ ونرى.
جندي1: كنت ألتهم كامل المخ عندما نطبخ ـ الباجا ـ .
جندي2: يبدو أن بلادتك من كثرة أكلك أمخاخ ـ النعاج.
النقيب: بالله عليكما لا توقظا عصافير بطني ثانية.
جندي1: آه لو نجوت من هذه الحرب.
جندي2: أطمأن أنك هالك.
النقيب: (موبخاً)..كفاكما هذراً.
جندي2: لا نملك وسيلة تنقذنا من هذا الفراغ.
النقيب: لنفكر بالفرار.
جندي1: جد لنا حلاً!
النقيب: ذاكرتي مرهقة،أحتاج إلى عونكم.
جندي2: فكرنا ولم نخرج من دائرة الحيرة.
جندي1: ألم نقرر الفرار.
النقيب: القرار انتهى.
جندي1: حسناً..وما المشكل؟
النقيب: القرار اتخذناه،لكن كيفية تنفيذه ما زالت مجهولة.
جندي2: مع الفجر ننطلق كما فعلت أنت.
جندي1: لا أملك غيره حلاً.
النقيب: دعوني أفكر.
جندي2: سأنام ربما في الحلم أجد الحل المناسب.
جندي1: ربما ستتزوج سيدي النقيب هذه الليلة(يطلق ضحكة).
النقيب: ماذا؟
جندي1: ليلة أمس حلم أنه تزوجني.
النقيب: فأل سيء.
جندي1: لم يصدق تأويلي.
جندي2: ألم يحلم ـ هتلر ـ ذات ليلة وتحقق حلمه.
جندي1: (متعجباً)هتلر..من هو..هل هو من يحاربنا.
جندي2: (يطلق ضحكة)يا لك من غبي.
النقيب: ما بين صاحبنا و ـ هتلر ـ شبه كبير.
جندي1: لا تمزقا أعصابي،من هو هذا الـ ـ هتلر ـ .
النقيب: مجرم ألماني دمر أوربا وشعبه.
جندي1: وما علاقته بنا.
جندي2: أنه حلم وتحقق حلمه.
جندي1: وهل حلم أنه تزوج صاحبه وتحقق الزواج؟
جندي2: (يضحك)..زواج..هل الرؤساء مثليين؟
جندي1: حيرتني..ما هو حلمه.
النقيب: لو كنت تقرأ لكنت تعرف الكثير من أسرار الحياة ومفاجآتها.
جندي1: أقرأ..وهل بقت لنا أوقات كي نقرأ.
النقيب: حقاً..الحصار مزق أعصابنا.
جندي2: ذات ليلة حلم ـ هتلر ـ أن قذيفة سقطت على ملجأه،قام من نومه وهرب إلى البرية
وبعد دقائق سقطت قذيفة على الملجأ.
جندي1: أرجو أن حلمي أضغاث أحلام.
النقيب: كثيرة هي الأحلام التي تتحقق.
جندي2: أنها جزء من النبوءة كما سمعت.
النقيب: نعم عندما ينام المرء،روحه تغادر بدنه وتستشرف حياته القادمة.
جندي1: كل يوم أحلم ولم يتحقق حلماً واحداً.
جندي2: الشيطان يضاجعك ويلبس عليك الأمور.
النقيب: قرأت أن صانع ماكنة الخياطة عجز عن تحقيق النجاح قبل أن يحققه في الحلم.
جندي1: وما حلم؟
النقيب: بعدما عجز من تشغيل الماكنة،حلم في منامه أن ثقب الإبرة في الأمام وليس في
الخلف،هرع من نومه وثقب الإبرة من الأمام ونجحت عملية الخياطة.
جندي1: (حائراً)أليس في هذه البلاد حلماً واحداً يعلمنا بما سيجري لنا؟
النقيب: ما يجري لنا معروف وموضوع على الورق،أننا سنغدو شذر مذر.
جندي1: لا أفهم في هذه الأمور،علينا أن ننجو مهما كان الثمن.
جندي2: علينا أن ننام أولاً،وغداً سنعرف من منّا سينجو.
جندي1: نم..سترى طريقة موتك في الحلم.
النقيب: تعوذ وأقرأ آيات من الذكر الحكيم،كي تنجو من الكوابيس.
جندي2: (متعجباً)آيات من الذكر الحكيم،أنه لا يحفظ الفاتحة سيدي.
النقيب: وكيف يحفظها وهو ليل نهار يتلصص على الناس.
جندي1: لو نجوت سأتخذ قراري النهائي أن أعبد الله.
جندي2: (يتمدد وهو يضحك)تصبحون على كوابيس.
جندي1: (يتمدد)وأنت تصبح على قذيفة عبر القارات.
النقيب: (يهز رأسه،يردد مع نفسه)لم يعد الواحد منّا يمتلك شعوراً في ظل الحرب.
جندي1: (يضحك)شعور!،غريبة أوّل مرة أسمع هذه الكلمة.
جندي2: أنا كنت أمتلك بعض الشعور لكني فقدتها في المعركة السابقة.
جندي1: فقدتها لأنك توحشت على الناس.
جندي2: وأنت صاحب الشعور الحماري،كنت ذئباً تفترس البسطاء.
النقيب: (ينهرهما)..كفاكما جدالاً،هذا ليس وقت نكأ جروحنا القديمة.
جندي2: سيدي كلما أتكلم بشيء يفسره وفق مزاجه.
جندي1: سيدي نحن في محنة،ما لم نسلِ أنفسنا قد نصاب بسكتة.
النقيب: كلنا شاركنا في قتل الناس من أجل الحفاظ على أنفسنا.
جندي1: سيدي..لو حصل التغيير الفعلي،هل نسلم منهم؟
النقيب: قبل هذا السؤال يجب أن نجد طريقاً للخلاص،فيما بعد نفكر بعواقب الأمور.
جندي2: سيدي..علينا أن نضع الحل قبل أن ننطلق،علينا أن نخرج من البلاد.
النقيب: هذا من أولويات حلمي،حتماً بقاءنا يعني شنقنا أو سحلنا أحياء.
جندي1: لا..لا..لا..لا أعتقد صاحبنا يسلم البلاد بسهولة،سيعطي كل شيء مقابل الكرسي.
جندي2: هذا أمر مفروغ منه،لكن على المرء أن يحتاط،الغرب بلاد غير مأمونة.
النقيب: لنتخذ الجانب الأسوأ،تلك هي حكمة الحروب والثورات عبر التاريخ،علينا أن نضع
أمامنا النهاية الحتمية للحكومة،ما الذي يتوجب علينا أن نفعله،هذا هو السؤال؟
جندي1: لا حل غير ترك البلاد،سننتظر ما الذي يجري فيما بعد يمكننا أن نعود لبيوتنا.
جندي2: ومن يقبلنا،صعاليك هاربة من بلادها.
النقيب: لا تيأسوا رفاقي،دول الجوار بلاد مفتوحة لنا،لنا معهم علاقات وديّة.
جندي2: أقترح ـ الأردن ـ بلاد تحبنا وكان هو يمدهم بالنفط مجاناً.
جندي1: أنا أقترح ـ السعودية ـ أنها تكره الموجة الجديدة القادمة لتغيير الحكومة.
النقيب: (يتأفف)ستحرموننا من النوم،لننم ربما نهتدي لحلٍ في المنام.
جندي1: في النوم لا أجد غير الكوابيس.
جندي2: (للجندي1)أخشى أن أتزوجك مرة أخرى.
جندي1: (يضحك)كلا يا رفيقي،الليلة نوبتي هيأ نفسك أنت عروسي هذه الليلة.
النقيب: (ينهرهما)حقاً لا تستحيان،ناما؟
جندي2: صدقني سيدي لم أذق طعم النوم إلاّ البارحة.
النقيب: (أحمد ربك)أنا محروم منذ أسابيع من النوم.
جندي2: لو فقط فكرت به لربما نلت نصيبك الليلة.
جندي1: حسناً الليلة سيركبك وينال نومته الخالدة.
النقيب: أما تستحيان؟
جندي1: عندما يستحي أنا أيضاً سأجبر نفسي على الاستحياء.
جندي2: حسناً من أجلك سيدي سأستحي هذه الليلة،أكرر هذه الليلة فقط.
جندي1: وأنا أيضاً سأفعل هذا.
النقيب: حقاً الحرب لوّث أخلاكما(يغط في النوم).
جندي1: دعنِ..لا تفسد عليّ ليلتي(يغط في النوم)
(جندي2 يحدق فيهما قبل أن يغمض عينيه)
(إظلام تدريجي..مع تصاعد الشخير من الأنوف)

(ستارة)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل