الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المسئول عن إطلاق الرصاص على العمال في محافظة خان يونس

محمد أيوب

2005 / 9 / 7
الحركة العمالية والنقابية


عانى عمال فلسطين وما زالوا يعنون الأمرّين بعد توقيع اتفاقيات أوسلو ، فقد تقطعت بهم السبل وعانى الكثيرون منهم من فقدان مصادر رزقهم بسبب عدم تمكنهم من الوصول إلى أماكن عملهم ، وقد قامت السلطة الوطنية بحسم نسبة 5% من رواتب الموظفين تحت بند الإغلاق ومساعدة العمال ، بيد أن العمال لم يحصلوا على شيء يذكر ، بل ساهم الجميع دون استثناء في تحويل أبناء الشعب الفلسطيني إلى مجموعات من المتسولين الذين يلهثون وراء المساعدات التي تقدمها وكالة المم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين ووزارة الشئون الاجتماعية والتنظيمات الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني .
وقد بدأت مصالح المعارضة الفلسطينية تتقاطع وتتلاقى مع مصالح السلطة الوطنية في كثير من النقاط ، حيث نجحت السلطة بشكل تدريجي في نقل التنظيمات المعارضة للتسوية على الطريقة الأوسلوية إلى خندق هذه التسوية التي ظلوا يرفضونها إلى وقت قريب ، فبعد أن كانت كل تنظيمات المعارضة تطالب بتحرير كامل التراب الفلسطيني قبلت بدولة في الضفة والقطاع ليهبط بها سقف التنازلات إلى درجة التهليل والتطبيل للانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة واعتباره نصرا يتنافسون على ادعاء أبوته ونسبته إلى هذا الفريق أو ذاك ، وكأن الانسحاب من غزة هو غاية المنى ، الانسحاب من غزة أمر جيد ، ولكن كان على المعارضة أن تفكر في كيفية تطوير هذا الأمر وصولا إلى التحرير الشامل والكامل ، وقد تناسى الجميع في غمرة هذه الأحداث هموم العمال ومعاناتهم ، وكأن العمال ليسوا جزءا من الشعب الفلسطيني ، فلم نجد من يطرح مشكلة العمال بشكل جدي ، بل إن البعض حاول تخدير العمال بالوعود المعسولة لامتصاص نقمتهم وغضبتهم ، ولكن الأمر تكشف عن لا شيء عندما اكتشف هؤلاء العمال أنهم ملزمون بدفع الرسوم المدرسية عن أبنائهم بعد أن كانوا قد وعدوا بإعفائهم من دفعها ، وقد جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير عندما سمع العمال عن الزيادات التي تم صرفها للعسكريين من قوات الأمن الوطني ، وكأن هناك من يخطط لوضع العسكر في مواجهة العمال وهذه خطيئة كبرى .
من حق الجنود البسطاء الذين عانوا من شظف العيش أن يحصلوا على زيادات في رواتبهم ، لأن الجندي الذي لا يتجاوز راتبه الألف شيكل ويستأجر بيتا لا يكاد يغطي ضروريات الحياة ، بينما يحصل أصحاب الرتب العليا على آلاف الشواقل شهريا ويتمتعون بخيرات البلد دون حسيب أو رقيب ، لم يكن من الصحيح أن يربط العمال احتجاجاتهم بالزيادات التي حصل عليها الجنود حتى لا ينجح المصطادون في الماء العكر بوضع العمال في مواجهة العسكر ليصبح الصراع بين المطحونين من الطرفين ، وعلى رأي المثل : " فخار يكسر بعضه " ، فصغار العسكر هم حلفاء طبيعيون للعمال والغلابى من أبناء هذا الشعب لأنهم شركاءهم في المعاناة ، بينما يتمتع من لا يستحقون بكل مقدرات البلد ، فقد رأيت أحد المتقاعدين من الرتب الكبيرة وهو يطالب بملغ 30 شيكلا لابنته المطلقة بادعاء أنه يفعل ذلك من باب الحلال والحرام ؛ في حين يصل راتبه التقاعدي إلى عشرة آلاف وخمسمائة شيكل شهريا ، كما يصل راتب بعض القضاة على رأس عملهم إلى عشرين ألف شيكل شهريا ، ترى لمصلحة من يتم خلق هذه الهوة بين أبناء الشعب الواحد ، أغلبية مطحونة تعاني من شظف العيش بينما تعيش أقلية في بحبوحة من العيش .
من حق العمال أن يحتجوا سلميا وليس من حق أحد أن يقمعهم قبل أن يوفروا لهم أسباب الحياة الكريمة ، فكثيرون من العمال لا يحصلون على ما يسد رمق أبنائهم ، ينتظرون الصدقات والهبات من هنا وهناك ، وقد توقفت كثير من الجهات عن توزيع هذه المساعدات بعد بدعة مكافحة الإرهاب ، هناك بيوت لا تحصل على مائة شيكل شهريا وهناك من يعملون طول الشهر مقابل ثلاثمائة أو أربعمائة شيكل ، من حق هؤلاء أن يحتجوا بعد أن عرفوا أن كتبا وصلت للمدارس تؤكد على عدم إعفاء أبناء العمال من الرسوم المدرسية ، وزلكن من واجب الجميع أن يكونوا حذرين من اندساس بعض المندسين الذين يحاولون حرف الأمور عن مسارها السلمي ،
ففي يوم أمس الأحد 4/9/2005 م تجمع العمال المنتسبون لاتحاد اللجان العمالية المستقلة الذين لم يجدوا في اتحاد العمال الفلسطينيين من يدافع عن مصالحهم ، تجمع هؤلاء عند مبنى محافظة خان يونس ، وقد حاول البعض خديعتهم بعد أن خرجوا من خيمة الاعتصام دخل الجنود إليها مما أدى إلى حدوث شغب جرى بعده إطلاق الرصاص وإصابة بعض العمال لتتداعى ردود الفعل وينادي العمال بالإضراب احتجاجا على ما حدث ، وقد تجمع العمال في الصباح عند مقر قيادة المنطقة الجنوبية ومجمع المقرات الأمنية ، وقد قام البعض بإحراق الإطارات المطاطية ورشق الحجارة على قوات الأمن الوطني وجرى إطلاق الرصاص في الهواء وإلقاء القنابل المسيلة للدموع ، وبعد ذلك وقعت بعض الإصابات من جراء إلقاء الحجارة ، وهنا لا بد من القول إنه من غير الجائز ولا المقبول أن يتم إطلاق النار على مواطنين يعبرون عن شعورهم بالظلم ، لنلق نظرة على الجانب الآخر لنعرف كيف تعاملوا مع المستوطنين الذين اغتصبوا أرضنا طيلة فترة الاحتلال ، لم يضربوا أحدا ولم يستخدموا الغازات المسيلة للدموع ولا الهراوات ، فكيف يقوم أبناؤنا بإطلاق النار على إخوتهم وأصدقائهم الذين يحتجون على الظلم الذي لحق بهم وبغيرهم من شرائح المجتمع الدنيا من معلمين وممرضين وعمال بسطاء في الدوائر الحكومية ، لقد سبق وأن احتج العمال على الزيادات الطفيفة التي منحت للمعلمين قبل بضعة أشهر ، وقد طلبت منهم ألا يقرنوا احتجاجاتهم بما تحصل عليه الشرائح الدنيا من الموظفين حتى لا يستعدونهم عليهم ، وكانت وجهة نظر العمال منطقية وقتها من أن هؤلاء يحصلون على ما يسد رمق أبنائهم ولكنا لا نستطيع تلبية الحد الأدنى من متطلبات أبنائنا .
ترى هل يوجد من يسمع ويفهم شكوى هؤلاء العمال ليبحث عن حل لها ولمشاكل آلاف الخريجين العاطلين عن العمل ، لأن المجتمع في غالبيته يعاني من قسوة الحياة بينما أصبحنا نعيش حالة مجتمع النصف بالمائة الذي تحدث عنه المرحوم جمال عبد الناصر طيب الله ثراه ، لا بد من محاسبة ذلك الذي أمر بإطلاق النار على العمال يوم أمس ، فالجندي مأمور ينفذ ما يصدر إليه من تعليمات ، ولا بد من التحقيق في كافة شكاوى المواطنين بسبب ما يلحق بهم من ظلم سواء أكان في توزيع المساعدات لمتضرري الاجتياح والتي أمر الرئيس أبو مازن والسيد وزير الداخلية بفتح تحقيق فيها ، ولكن يبدو أن البعض يريدون لفلفة الموضوع وبالتاي فإن الذي أخذ حق غيره فاز يه بدلا من محاسبته واسترجاع ما أخذه دون وجه حق .
من حقنا أن نتوجه إلى السيد الرئيس محمود عباس وإلى مجلس الوزراء بنداء عاجل ندعوهم فيه إلى دراسة هموم الشرائح المظلومة في المجتمع لوضع حد لحالة الاحتقان التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني في غزة بالذات ، فقد نجحت السلطة في تنفيس حالات الاحتقان عدة مرات بتوجيه غضبة المحتجين إلى الاحتلال ، ولكن، وبعد الانسحاب من طرف واحد ، كيف يمكن تنفيس هذا الاحتقان دون محاسبة المسئولين عن هذه الفوضى في كافة المجالات ودون تطبيق مبدأ سيادة القانون حتى تستقيم الأمور ويحصل كل صاحب حق على حقه دون إجحاف أو ظلم ، فلا يمكن بعد الآن توجيه الاحتقان إلى الاحتلال الذي يقول الجميع إنه سيغادرنا دون عودة ، إن فصائل المعارضة والسلطة على حد سواء مطالبون بالاهتمام بالشرائح التي تعاني من الظلم بدلا من التفكير في تقاسم الكعكة مع السلطة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محامون ينفذون إضرابا عاما أمام المحكمة الابتدائية في تونس ال


.. إضراب عام للمحامين بجميع المحاكم التونسية




.. توغل صيني في سوق العمل الجزائري


.. واشنطن بوست.. اتحاد طلبة جامعة كاليفورنيا يأذن بالإضراب في أ




.. تونس.. نقابة الصحفيين تتضامن مع الزغيدي وبسيس