الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة السورية والصراع الدامى

حمدى السعيد سالم

2015 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


منطقة الشرق الأوسط منذ اندلاع الأزمة السورية تحديدًا مثلت ساحة خلفية للصراع الأمريكي-الروسي.... فموسكو منذ بداية الأزمة السورية وقفت بشكل واضح وصريح مع النظام السوري الذي يمثل حليفًا استراتيجيًّا لروسيا في المنطقة في مواجهة المعارضة المسلحة المتمثلة في الجيش السوري الحر الذي قدمت له الولايات المتحدة وحلفاؤها دعمًا عسكريًّا عبر إعلان المسئولين الأمريكين عن تسليح المعارضة في مواجهة قوات النظام، وسياسيًّا من خلال إدانة النظام السوري، والمطالبة باتخاذ خطوات قمعية ضده في مختلف المنابرالدولية والعالمية، والمطالبة المستمرة بالرحيل الفوري لبشار الأسد....إذ يرجع الموقف الروسي الداعم لنظام بشار الأسد لكون موسكو تخشى من فقدانها موطئ القدم الوحيد لها في المنطقة، وهو قاعدة طرطوس المطلة على البحرالمتوسط، وهي المنطقة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة بشكل كامل، فضلا عن الحيلولة دون فقدانها سوقًا رائجة لمعدات التسليح الروسية، وهو البعد الذي ركز عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في استعادة روسيا لمكانتها الدولية..... إضافة لرفض موسكو الدائم للموقف الأمريكي الداعم لنمو تيارات الإسلام السياسي في المنطقة، لكونها قد تمتد مخاطرها إلى أراضيها....وهذا الخلاف الروسي-الأمريكي كانت أبرز تجلياته اعتراض روسيا بجوار الصين على أربعة قرارات لمجلس الأمن الدولي كانت تستهدف فرض عقوبات على النظام السوري، وهو ما يحول دون إمكانية فرض عقوبات أممية على سوريا في المستقبل....

بعد حكم ديموقراطي تعددي قصير الأمد نسبيًا خلال عهد الجمهورية الأولى استلم حزب البعث السلطة في سوريا بانقلاب عسكري عرف باسم ثورة الثامن من آذار عام 1963..... بعد عدة خلافات برزت بعد انقلابه، داخل أجنحة الحزب نفسها، واستمرت طوال فترة 1963-1970، قام انقلاب عسكري آخر عُرف باسم الحركة التصحيحية عام 1970، أوصلت وزير الدفاع، حافظ الأسد إلى السلطة......بعده أسس الأسد نظامًا قويًا معتمدًا على القبضة الأمنيّة داخليًا وسلسلة من التحالفات خارجيًا التي ضمنت له أن يكون أطول حاكم للبلاد منذ زوال العثمانيين...... حيث انتخب خلالها أربع ولايات رئاسية بنسبة 100% من الأصوات... وكفل دستور 1973 الذي أصدره صلاحيات واسعة له، ونصّت مادته الثامنة على كون حزب البعث هو «الحزب القائد للدولة والمجتمع» ما حوّل عقائده وأفكاره إلى جزء من مؤسسات الدولة والمناهج الدراسيّة واحتكار المناصب العليا وسلسلة من الامتيازات الأخرى؛ مع شبه غياب للحريات السياسيّة أو الاقتصاديّة أو حتى منظمات المجتمع المدني؛ وقطيعة مع تركيا ونظام صدام حسين في العراق... في 1979 انطلقت في البلاد ما عرف باسم «احتجاجات النقابات العمالية» التي تحولت لاحقًا لصدام عسكري امتدّ حتى 1982 ارتكبت في ختامه مجزرة حماه ضمن أحداث 1979 - 1982....وفي 10 يوليو 2000 غدا بشار الأسد رئيسًا بعد تعديل دستوري ليتمكّن من الترشح...و تساهل الحكم الجديد مع النشاطات السياسيّة الغير جبهوية وعرفت تلك المرحلة باسم ربيع دمشق؛ كذلك اتجهت الدولة نحو تحرير الاقتصاد وتنمية المجتمع المدني؛ غير أن مرحلة الانفتاح السياسي سرعان ما انتهت باعتقال أغلب رموز ربيع دمشق أو هربهم خارج البلاد.... في 2001 شهدت السويداء احتجاجات ضد النظام، وفي 2004 شهدت الحسكة والقامشلي تحركات شعبية قوامها الرئيسي أكراد سوريا؛ وتولى الجيش قمع كلا التحركين، بالأسلحة الثقيلة... وخلال مؤتمر حزب البعث لعام 2005 تقرر رفع حالة الطوارئ وإقرار التعددية السياسية، غير أنّ أحدًا من هذه البنود لم يتحقق.....في العام نفسه، وبعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، قام معارضون سوريون بإطلاق «إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي»؛و شهدت الفترة ذاتها، غياب عدد من أركان النظام على مدى العقود السابقة كعبدالحليم خدام، وغازي كنعان، ومصطفى طلاس.....

على الرغم من أن الدستور ينص على أن سوريا هي دولة علمانية ويسود فيها النظام الاشتراكي منذ عقود، إلا أن هناك خليطاً فريداً من نوعه في البلاد..... وإذا ما استثنينا لبنان فيمكن اعتبار سوريا بأنها الدولة الأكثرتعقيداً من الناحية الطائفية والعرقية في سائر أنحاء الشرق الأوسط، فهناك
المسلمون والمسيحيون والعلويون والدروز والإسماعيليون وغيرهم من الطوائف والعرقيات... لذلك يتذرع المدافعون عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد أنهم يتخوفون من نشوب حرب أهلية في حال سقوط النظام.... بعض هؤلاء الطوائف يزعم أن مستقبلهم سيكون محفوفا بالمخاطر دون النظام الحالي رغم أن المعارضة تنفي اتهامات البعض لها بالطائفية.... حيث يأتي « السنة » في المرتبة الأولى،إذ يغلب على سوريا مشهد الاختلاط والتمازج السكاني، الذي يغلب عليه الطابع الإسلامي السني بحكم كونهم الأغلبية ،فهم يمثلون حوالي 70إلى 74% من السكان ،وتتركز الأغلبية السّنية في المحافظات الرئيسة (دمشق،حمص، حماة، حلب، الرقة، درعا)...كما ينتشر المسيحيون في كل أنحاء البلاد، وفي بعض المدن يتركزون في أحياء معينة، أو في قرى بأكملها،كمنطقة باب توما، وهي منطقة مسيحية في مدينة دمشق القديمة، وهم يمثلون نحو 10 % من السكان.... ويعتبر المجتمع المسيحي في دمشق من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم....على صعيد اخر نجد مدينة صغيرة اسمها جرمانا تقع جنوب شرقي دمشق ويعيش بها الكثير من السوريين العلمانيين المنتمين لطوائف إسلامية مختلفة، لكن الأغلبية من الدروزالذين يمثلون ما بين 4 :5 % من السكان .... أما الكثافة الأعلى لهم في المنطقة الجنوبية بالجبل بمحافظة السويداء، فضلا عن وجود أكثر من 40 ألف درزي في هضبة الجولان المحتل..... وهناك الشيعة يمثلون بين 4.5 إلى 4 % ،وكانت الأغلبية الشيعية الكبيرة التي هجرت العراق تجد منذ فترة طويلة قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 ملاذها الآمن في سوريا.....

الإسماعيلية هي إحدى أفرع المذهب الشيعي ، وتعتبر “السَلمية ” التي تقع على بعد ثلاثين كيلومتراً إلى الشرق من مدينة حماة في وسط سوريا، عاصمة الطائفة الإسماعيلية في سوريا و الشرق الأوسط....أما الطائفة العلوية والذين يعرفون أيضاً بالنصيريين،وهم ينتمون اسميا لطائفة الشيعة ويمثلون نسبة 13% فقط من السكان.وهي الطائفة الدينية نفسها التي ينتمي إليها الرئيس....ينتشر العلويون في سورية بشكل أساسي في الجبال الساحلية من البلاد، من عكار جنوبا، إلى طوروس شمالا، وينتمون للطائفة الشيعية الاثني عشرية،ويتوزع بعضهم في محافظات حمص وحماة ودمشق وحوران ولواء الإسكندرونة....عرف العلويون بعدة أسماء منها «النصيريون»، نسبة لـ«محمد بن نصير البكري النميري» الذي كان من معاصري الإمام الحسن العسكري، وقد عرفوا أيضا بـ«الخصيبية» نسبة إلى «الحسين بن حمدان الخصيبي»...أما بالنسبة لليهود فقد هاجر معظمهم بعد سماح الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لهم بمغادرة البلاد في مطلع التسعينيات من القرن الماضي... وتشيرالإحصائيات إلى بقاء عدد قليل جدا لا يتجاوز الآلاف في كل من حلب ودمشق حصرا, وهناك دراسات تقول إن عددهم لا يتجاوز المئات.... على صعيد أخر هناك أقليات قومية وعرقية منهم الأرمن حيث يتركز وجودهم في مدينة حلب وريف اللاذقية ومدينة القامشلي شمال شرق سوريا، وتبلغ نسبتهم 4 % ..... وبحسب بعض التقديرات فإن ما بين 60 و100 ألف مسيحي من أصل أرمني يقيمون في سوريا، وهم أحفاد الأرمن الذين فروا من المجازر إبان حكم السلطنة العثمانية في الحرب العالمية الأولى...وقد وصل أكثر من ثلاثة آلاف سوري أرمني إلى أرمينيا، الجمهورية السوفيتية السابقة، منذ بدء النزاع في سوريا في مارس 2011، لكن العديد من اللاجئين يعتزمون العودة إلى بلدهم سوريا فور عودة السلام إلى هذا البلد....

التركمان يمثلون 3 % أي يبلغ تعدادهم نحو 3.5 مليون نسمة ، وهم مسلمون سنة ، ويتوزع تركمان سوريا في سوريا بين القرى والمدن وأهم تجمعاتهم في حلب ودمشق واللاذقية وحمص حيث يوجد فيها باب اسمه باب التركمان...., وفي دمشق يوجد حي ساروجة نسبة للقائد المملوكي التركي صارم الدين صاروجة، وفي حلب يتركز التركمان في القرى الشمالية لمدينة حلب....ويقسم التركمان السوريون إلى قسمين:
1-تركمان المدن: وهم من العائلات التركية التي تمتد جذورها إلى السلالات التركية التي وجدت في سوريا منذ قدوم السلاجقة ومن ثم المماليك والعثمانين ....وبعض هذه العائلات التركمانية قدمت كموظفين في عهد الدولة العثمانية أو في الجيش العثماني. ومن هذه العائلات: عائلة قباني (نزار
قباني), مردم بك, وغيرهم.....ولا يجوز تعميم صفة تركمان (أوغوز) على هذه العائلات فالبعض من عائلات المدينة أتراك من التتر أو الأيغور أو الأوزبك أي ليسوا من الغز مثل عائلة البخاري في دمشق و العائلات التركية في حي ساروجة.....وبحسب كتاب الدكتور فاروق سومر ترافق اسم التركمان مع قبائل الأغوز لذلك لا يجوز إطلاق هذا الصفة على كل الأتراك.....
2-تركمان القرى: خليط من عشائر تركمانية (تعود بأصلها إلى قبائل الأوغوز)وجميع القرى التركمانية في سوريا من الأغوز.....
كما يوجد الأكراد حيث يقطن الأكراد المناطق الشمالية الشرقية من سوريا المحاذية للعراق وتركيا خاصة محافظة الحسكة والقامشلي والشمالية في ريف حلب ، ويكونون ما بين 10:15 % من مجموع سكان سوريا ....لقد كانت الحكومات السورية المتعاقبة تميز تمييزا واضحا ضد الأكراد خوفا من احتمال أن يجنحوا نحو الانفصال..... وقد حرم كثيرون منهم حتى من الحصول على الجنسية السورية طبقا لقانون صدر في أوائل ستينيات القرن الماضي.....وقد انفجر غضب الأكراد على هذه الإجراءات في مارس 2004 في مدينة القامشلي، عندما خرجوا في مظاهرات أصطدمت مع قوات الأمن....وقد أعلن الرئيس الأسد في ابريل 2011 عن قرار منح بموجبه الجنسية السورية للعديد من أفراد الأقلية الكردية..... كما يوجد الشراكسة حيث يتركزون في دمشق ،ومعظم الشركس في سوريا الّذين يقدر تعدادهم ب 150000 شركسي هم أحفاد أولئك الذين طردهم الروس من وطنهم في شمال القوقاز إلى الإمبراطورية العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر....وخلال العام 2011 وجه 115 مواطنا سوريا من أصل شركسي ، رسالة إلى القيادة الروسية والمؤسسات الشركسية في روسيا طلبوا فيها مساعدتهم للعودة إلى وطنهم الأم....وهناك (السريان والكلدان) أو الآشوريين الآراميين حيث يتواجدون بشكل ملحوظ في أقصى شمال شرق سوريا بمدينة القامشلي والقرى التابعة لها وكذلك في حلب ودمشق.... ويشكلون حوالي ثلث مسيحيي سوريا ويتبع أغلبهم الكنيسة السريانية الأرثوذكسية كما أن هناك تواجد للكلدان والآشوريين وخاصة من الذين نزحوا من العراق..... بالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية عن أعدادهم غير أن معظم المصادر تقدرهم بحوالي 700,000 إلى 800,000 يضاف إليهم أكثر من 200,000 لاجيء عراقي.....ورغم عدم توافر مصادر موثوقة ومعتمدة تحدد بشكل واضح معالم التركيبة السكانية في سوريا، إلا أن المعلومات العامة تشير أيضاً إلى وجود داغستان وشيشان وغيرهم.كما توجد أيضا أقلية يزيدية في منطقة جبل سنجار على الحدود مع العراق.....

خلال بداية القرن العشرين كان أغلب المنتمين للطائفة العلوية في أوضاع اقتصادية صعبة، نتيجة عدم اعتراف الدولة العثمانية بالطائفة وحقوقها..... في عام 1920 استحدث الانتداب الفرنسي على سوريا «دولة جبل العلويين» متحالفًا مع بعض العشائر العلويّة، غير أن الدولة واجهت مقاومة
داخل الطائفة نفسها لعلّ أبرز وجوهها ثورة الشيخ صالح العلي؛ وتمت عودة الدولة إلى سوريا بعد طول كفاح سياسي عام 1936.... ورغم التحسن النسبي في وضع الطائفة خلال عهد الجمهورية الأولى إلا أن التهميش والتفاوت الطبقي في الساحل نفسه ظل واضحًا وعوضًا عن ذلك انخرطت أعداد كبيرة من شبان الطائفة في الجيش السوري، وتمكنت من الوصول إلى مراتب قياديّة في الجيش خلال فترة الخمسينات، وشاركت في انقلاب البعث عام 1963، وخلال المرحلة اللاحقة لعب عدد من الشخصيات «العسكرية - السياسية» العلويّة دورًا بارزًا في سوريا لعلّ أحد وجوهها صلاح جديد الذي انقلب عليه حافظ الأسد عام 1970....استقطب الأسد عددًا من العوائل والعشائر العلويّة لطرفه، ومكّنها من الأجهزة الأمنية والمخابراتيّة على وجه الخصوص، وحافظ على سياسة الانخراط في الجيش، رغم ذلك لا يمكن نسب جميع الطائفة لشخصه، على سبيل المثال فإن
«منظمة العمل الشيوعي» المعارضة للنظام منذ السبعينات، وتحوي رموزوشخصيات علويّة ذات شعبيّة في أوساطها، تعرضت للتنكيل والتعذيب من قبل النظام....... خلال الأحداث الحاليّة، صدرت عدة بيانات موقعّة من شخصيات علويّة مثقفة تؤكد معارضة النظام وتدعو العلويين للانخراط في صفوف الثورة، في حماه وخلال مظاهرات ساحة العاصي الحاشدة، شارك عديد من العلويين الوافدين من خارج المدينة بالتظاهر، وفي دمسرخو إحدى ضواحي اللاذقية ذات الأكثرية العلويّة، قام شبان باقتحام مبنى الأمن العسكري، وحسب عمار ديوب فإن«مئات من الشباب العلويين فاعلين في الانتفاضة».... وعلى الرغم من ذلك، فإنه لدى أغلبية الطائفة مخاوف من عودة التهميش الذي كان ممارسًا عليها أواسط القرن العشرين، ومن عمليات انتقاميّة جماعيّة في حال سقوط النظام سيّما مع وفرة أركان النظام من الطائفة، وكانت عمليات نزوح من الأحياء ذات الأكثرية العلويّة من حمص نحو الساحل ودمشق قد بدأت فعلاً تخوفًا من هكذا سيناريو، فضلاً عن مخاوف من وصول قوى «متطرفة سنيّة» إلى الحكم؛ ورغم أن المجلس الوطني السوري دعا العلويين لمد اليد نحو «بناء دولة المواطنة والقانون»، فإنه حسب ديوب صمت العلويين لايعني تأييد
النظام بقدر ما هو الخوف من القادم....

أما مسيحيو سوريا فقد شاركوا في التظاهرات في مختلف المناطق السوريّة كما يظهر ذلك كم من المقاطع المنشورة على يوتيوب، قالت الأم آغنس الصليب موفدة المركز الكاثوليكي للإعلام أن 164 مسيحيًا قتلوا في حمص وحدها بين سبتمبر ونوفمبر 2011 على يد «عصابات مسلحة مجهولة الهويّة» بهدف مسبق إثارة فتنة طائفيّة، في ظل تبادل الاتهامات حول هوية هذه «العصابات».... يقول تمام العبد الله إن مسيحيي سوريا الذين شاعت حسب ميشيل كيلو، تسميتهم تاريخيًا «سنّة المسيحية»، مشاركين في التظاهروسوى ذلك فهو «مقاربة خاطئة للواقع» غير أن توزعهم الجغرافي وعدم تمركزهم في رقعة معينة فضلاً عن انخراطهم في المجتمع بشكل عام دون وجود كتل طائفيّة مسيحية كما هو الحال في لبنان ومصر محركة للشارع، تساهم في عدم بلورة ظهورهم في الإعلام، الذي يُنتقد على «تغييب الأقليات» في تغطيته.....أما المؤسسة الدينيّة الرسميّة المسيحيّة فقد نبذت الحراك متخوفة من مصير مشابه لمسيحيي العراق ومصر، ودعت لإعطاء «فرصة للإصلاح»،رغم ذلك فإن بعض وجوه المؤسسة الدينية الرسميّة قد برز اسمها خلال الأحداث مثل الأب باسيليوس نصّار، فضلاً عن فتح الكنائس أمام المتظاهرين ومقاتلي الجيش الحر سيّما في حمص؛ كما برزت العديد من الأسماء المعارضة السوريّة في صفوف المعارضة مثل جورج صبرا الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني السوري، وعدد من الناشطين الحقوقيين على الأرض مثل ميشيل الشمّاس وفايز سارة، وعدد من المعتقلين السياسيين أمثال يارا نصير وروجيه سركيس،...وكذلك فإن السويداء والسلمية ذات الغالبية الدرزيّة والإسماعيلية تشهد حراكًا سياسيًا وعلى الأرض أيضًا.....

الجيش السوري الحر عبّر من خلال قائده رياض الأسعد عن احترامه لجميع الطوائف واعتبر شعار «لا للطائفية» أحد شعاراته الثلاث.... المؤسسة الدينيّة الإسلاميّة سيّما المفتي أحمد حسون وخطيب الجامع الأموي محمد البوطي وسواهما وقفت إلى جانب النظام، البوطي اعتبر أن البلاد تتعرض «لحرب إسرائيلية»؛ رغم ذلك فقد نشط على الأرض عدد من الشيوخ والأئمة منهم الشيخ كريم راجح في دمشق وأحمد الصياصنة إمام الجامع العمري في درعا؛ كما اشتهر من الشيوخ الداعمين للثورة عدنان العرعور، الذي توجه إليه اتهامات بإثارة الفتنة الطائفيّة ....وانتقد البعض أمثال أدونيس، الشعارات الدينية التي ترفع في المظاهرات،وبعض الشعارات التي رفعت من قنوات سلفيّة داعمة للثورة أمثال قناة صفا من طراز «الدَم السنّي واحد» وهو ما من شأنه أن يكون منفرًا للأقليات وقاسمًا للمجتمع؛ علمًا أن بثينة شعبان كانت أول من اتهمت في 26 مارس 2011 بأن الحراك يهدف إلى «بث الفتنة الطائفيّة»،وهي «الورقة السياسية الأخيرة، التي ستلعب بها السلطة والنظام بكلّيته،بعدما فشلت كل أساليب القمع الممنَهج....الأزمة السورية، أو الثورة السورية أو الحرب الأهلية السورية هي أحداث بدأت شرارتها في مدينة درعا حيث قام الأمن باعتقال خمسة عشر طفلا إثر كتابتهم شعارات تنادي بالحرية وتطالب باسقاط النظام على جدار مدرستهم بتاريخ 26 فبراير 2011.... في خضم ذلك كانت هناك دعوة للتظاهر على الفيسبوك في صفحة لم يكن أحد يعرف من يقف وراءها استجاب لها مجموعة من الناشطين يوم الثلاثاء 15 مارس عام 2011 وهذه المظاهرة ضمت شخصيات من مناطق مختلفة مثل حمص ودرعا ودمشق...

كانت هذه الاحتجاجات ضد الاستبداد والقمع والفساد وكبت الحريات وعلى إثر اعتقال أطفال درعا والإهانة التي تعرض لها أهاليهم بحسب المعارضة السورية، بينما يرى مؤيدو النظام أنها مؤامرة لتدمير المقاومة والممانعة العربية ونشر الفوضى في سوريا لمصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى،
وقد قام بعض الناشطين من المعارضة بدعوات على الفيس بوك وذلك في تحد غيرمسبوق لحكم بشار الأسد متأثرين بموجة الاحتجاجات العارمة .... وكانت الاحتجاجات قدانطلقت ضد الرئيس بشار الأسد وعائلته التي تحكم البلاد منذ عام 1971 تحت غطاء حزب البعث العربي الاشتراكي تحت سلطة قانون الطوارئ منذ عام 1963....قاد هذه الاحتجاجات الشبان السوريون الذين طالبوا بإجراء إصلاحات سياسيةواقتصادية واجتماعية ورفعوا شعار: «الله، سوريا، حرية وبس»، لكن قوات الأمن والمخابرات السورية وميليشيات موالية للنظام (عُرفت بالشبيحة)واجهتهم بالرصاص الحي فتحوّل الشعار إلى «الشعب يريد إسقاط النظام». في حين أعلنت الحكومة السورية أن هذه الحوادث من تنفيذ متشددين وإرهابيين من شأنهم زعزعة الأمن القومي وإقامة إمارة إسلامية في بعض أجزاء البلاد..... وكانت الانطلاقة الحقيقية في 18مارس تحت شعار «جمعة الكرامة»خرجت المظاهرات في مدن درعا ودمشق وحمص وبانياس وقابلها الأمن بوحشية خصوصاً في درعا، فسقط أربعة قتلى على يد الأمن السوري في تلك المدينة، وتحوَّلت المظاهرات لباقي الأسبوع إلى أحداث دامية في محيط المسجد العمري ومناطق أخرى من المدينة...في 31 مارس ألقى بشار الأسد خطاباً في أول ظهور علنيٍ له منذ بدء حركة الاحتجاجات، لكن المظاهرات استمرَّت بالخروج مع ذلك. وتحت الضغط المتزايد أعلن بشار في 7 أبريل عن منح الجنسية لآلاف من المواطنين الأكراد في سوريا بعد حرمانهم منها لعقود، وفي 14 أبريل شُكلت حكومة جديدة للبلادعوضاً عن القديمة التي استقالت.... ثم أعلن بشار الأسد أخيراً في 21 أبريل عن رفع حالة الطوارئ في البلاد بعد 48 عاماً متصلة من فرضها....

وتمت الدعوة عبر موقع فيس بوك إلى «يوم غضب سوري» في 5 فبراير،و ترافق ذلك مع تصريح للرئيس في 1 فبراير بأنه لا مجال لحدوث تظاهرات في سوريا،لأنه لا يَسودها أي سخط على النظام الحاكم .... وفى 17 فبراير أغلق سوق الحريقة وتجمهر التجار والسكان في المناطق المحيطة بعد إهانة رجل الأمن لابن أحد التجار، ردد خلالها المتظاهرون لأول مرة «الشعب السوري ما بينذل» كما حضر وزير الداخلية في محاولة تفاهم مع المحتشدين، وفي 22 فبراير اعتصم عشرات السوريين أمام السفارة الليبية تضامنًا مع الثورة الليبية، أطلق فيها للمرة الأولى شعار «خاين إللي بيقتل شعبه»، وكان من بين المشاركين شخصيات فكرية أمثال الطيب تيزيني، فضها الأمن السوري بالقوة أيضًا.-;-كما لعبت عناصر الامن العسكري التي تعتبر من اشد انواع الفروع الرقابية دورا في قمع المتظاهرين إذ يمكنه التجسس على المكالمات الهاتفية و الانترنت بواسطة خبراء روس و إيرانيون .... على صعيد أخر كان عام 2014 عام هزيمة وإحباط للمعارضة، وعام مكاسب لنظام الرئيس بشار الأسد، لكن المدنيين هم من دفعوا ثمن ذلك غاليا.... حيث عملت حكومة الرئيس بشار الأسد طوال العام الماضي على الترويج لما سمته "الهدنة المناطقية"، التي جسدت في حقيقة الأمر سياسة "الاستسلام أو الموت جوعا"، واستخدمتها الحكومة كطريقة لإخضاع السكان في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة....وأنهي الحصار الذي فرضته قوات النظام على البلدة القديمة في حمص طيلة ثلاث سنوات بعد التوصل لاتفاق برعاية إيرانية، وارتبط رفع الحصار بالإفراج عن مقاتلين إيرانيين كانوا محتجزين لدى مقاتلي الجبهة الإسلامية شمالي البلاد....وبمجرد رفع الحصار عن البلدة القديمة تعرض حي الوعر شمالي غرب حمص، الذي سيطر عليه مقاتلو المعارضة وبه آلاف النازحين المدنيين، للهجوم من القوات النظامية...كما رفعت القوات النظامية الحصار أيضا عن بعض المناطق في دمشق، ولكن لكي تعيد فرضه مرة أخرى بعد وقت قصير....إن اقتراحات نظام الأسد بوقف إطلاق النار في مناطق بعينها هي جزء من خطته للحرب، وليس جزء من خطة سلام.....

حمدى السعيد سالم
صحافى ومحلل سياسى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن