الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خناجر للجسد المُنهك

أحمد النبريص

2015 / 1 / 7
القضية الفلسطينية


منذ أن انتهت الحرب الإسرائيلية على غزة ونحن نعيش شتى أنواع المعاناة، فلم ننسَ بعد صور دماء الشهداء التي انتشرت في جميع شوارع وأزقة غزة، ولم ننس أن الأطفال والنساء وقتها هم من كانوا أبطال المشهد الدامي، فالمئات منهم رحلوا بسبب آلة الحرب الإجرامية.

لا يزال الفلسطيني يذكر جيداً تلك الكوابيس التي أبادت عائلات بأكملها من خلال استعادة مشهد عائلة الحاج وغيرها من العائلات التي سقطت. صورة عائلة الحاج لم تكن إلا رقماً جديداً في السياق الإسرائيلي الوحشي تجاه الفلسطينيين، لأن كل هذا كان يحدث مدعوماً بفتاوى الحاخامات الإسرائيليين وكانت ترعاه تكنولوجيا الموت المتطورة، إلى أن غادرت المقاتلات الجوية والآليات البرية الساحة وانتهت حرب الخمسين يوماً، وتركتنا أمام الزلزال الذي أطاح بأحلام آلاف العائلات الفقيرة التي كانت تحتضن أحلاماً صغيرة لا تتجاوز في طموحها سوى توفير لقمة عيش بائسة لليوم التالي.

في هذا السياق كانت هناك افتراضات دائمة تشبه المساومات أن الدم الفلسطيني يوحّدنا جميعاً، لكن القيادات الفلسطينية أثبتت بأنها كانت كاذبة طوال الوقت. ووجد المواطن الغزي نفسه مسحوقاً بين مطرقة حماس وسندان فتح من جهة، ومطعوناً بوجوده من آلة القتل الصهيونية من جهة أخرى. وانقسم الشعب بين مؤيد ومعارض لتصريحات متناقضة من هذا التنظيم وذاك، وما بين هذه المتناقضات كسرت الروح المفرّقة العلاقة بين الفلسطيني والفلسطيني، إلى أن وصلنا في النهاية إلى هذا الوعي المجنون في إطار صراع داخلي عبثي ودائم.

عندما تم إبرام اتفاق المصالحة الفلسطينية في مخيم الشاطئ بغزة قبل الحرب، تفاءلنا خيراً وقلنا إن الفلسطينيين قد تجاوزوا حالة العجز والتبعية المطلقة للحزبية، وأن مجرد ما أن تكون المبادرة فلسطينية دون تدخل خارجي هو أمر رائع، بعد أن فشلنا في تحقيق هذا الحلم في مكة والقاهرة وقطر.  

وأخيراً تم الاتفاق الذي وضعنا أمام أسئلة صعبة كثيرة كان منها: هل نحن أمام نهاية أزمة، أم أن الاتفاق سيكون بداية لأزمات جديدة خلَّفها الانقسام؟

هذا السؤال كان جوهرياً بما يكفي ليفتح جبهات جديدة في الميدان وملفات لم تكن في حسبان الجميع، الأمر الذي جعل الأزمات تتوالى بشكل واضح على رؤوس الفلسطينيين وكان للمواطن الغزي النصيب الأكبر منها، ابتداءًا من أزمة الكهرباء وإنتهاءاًً بموضوع إعادة إعمار غزة وتناقض التصريحات بهذا الشأن.

ولأن ظاهرة تبادل الاتهامات وتناقض التصريحات بين حماس وفتح ظاهرة غير جديدة سيكون من المؤسف السكوت عنها اليوم، لأن الانقسام لم ينتهِ بشكل فعلي، ولأن ثمة مهام أكثر وأشدّ صعوبة لم نتجاوزها بعد، سيكون منها توحيد النظام السياسي والعسكري بشكل جدي، وتوحيد الخطاب الفلسطيني والذهاب لانتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، ونفاذ أكبر باتجاه القضية الفلسطينية لفتح حالة من الاشتباك مع إسرائيل، وتحديد أدوات الصراع المستخدمة في المواجهة.

نحن كجيل شاب لسنا ضد اتفاق الشاطئ بل على العكس تماماً، لكننا ندرك بأن التوافق والوحدة ليستا مجرد شعارات وخطابات لفظية يمكن استعارتها من المعجم اللغوي واستخدامها متى شئنا. 

ومع تقديرنا لكل الجهود التي بُذلت لإتمام اتفاق الشاطئ، إلا أن رأينا المتواضع هو أن هذا الجهد لن يؤدي لشيء، لأن ثمة مشكلة ما قائمة في الوعي لدى تلك التنظيمات، التي يطرح كل واحد منها نفسه بديلاً عن الآخر لا مكملاً له.

علينا أن ندرك جميعا كفلسطينيين، أن الغباء السياسي الذي تمارسه القيادة الفلسطينية متمثلة بفتح وحماس لا يصنع وطناً ولا يحلّ أزمات، وأن دماء الأطفال الذين احترقوا برومانسية الشموع منذ أيام بسبب أزمة الكهرباء المفتعلة، هو أغلى من كل الرايات الحقيرة التي تُسقط العلم الفلسطيني لصالح هذا التنظيم أو ذاك.

علينا أن ندرك أيضا أن تبادل الاتهامات على القنوات الفضائيات لا يصنع قادة ولا أبطالاً بل يصنع تجاراً ومجرمين لا زالوا يطعنون بخناجرهم الجسد الفلسطيني المنهك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مرحبا
عبدالكريم البطاط ( 2015 / 1 / 8 - 08:20 )
موضوع جدا مختصر ممكن ان يكون اوسع واطول مع اختصاراته وقصره وضح وناشد فيه القضيه الفلسطينيه برمتها واسباب التدهور الاخير الذي راح ضحيتها الالاف من الفلسطينيين الابرياء والعزل وذللك بسب الصراعات الداخليه بين المنظمتين التي تدعي بمقاومتها للعدو الاسراايلي لكنها هي التي بابتت تخدمه ولابد من اهالي غزه ان يتحدوا ويضعو حد لهذه الانتهاكات التي اصبحت عمليت استنزاف لقوتهم واقتصادهم ويضعوا حدا لتلك المنظمات التي تدعي بانها تخدم القضيه الفلسطينيه لكنها خدمتالعدو اكثر من خدمتهم للفلسطينيين..
الكاتب افحم القاريء واختصرها

اخر الافلام

.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية


.. البنتاغون: لا يوجد قرار نهائي بشأن شحنة الأسلحة الأمريكية ال




.. مستوطنون يهتفون فرحا بحريق محيط مبنى الأنروا بالقدس المحتلة


.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي




.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي