الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا القضية الفلسطينية؟

رنا كواليت

2015 / 1 / 8
القضية الفلسطينية


كفتاة نشأت وسط عائلة لا تعود أصولها إلى فلسطين، قلما كان يتردد على مسامعي أحاديث تدور حول فلسطين بشكل عام، والقضية الفلسطينية بشكل خاص، فكل ما أتذكره هو سماعي لتعليق عابر لوالدي خلال متابعته الأخبار أو سماعي لأطراف حديث بين الفينة والأخرى يدور بينه وبين أحد الأقارب حول مواضيع تتعلق بالقومية العربية والفدائية أو تعليقهم على حدث سياسي مستجد قد يكون متعلق بالقضية الفلسطينية، على الرغم من عيشي في بلد يشكل الفلسطينيون أكثر من 50% من سكانه، ولكن لا أتذكر واقعة كان الحديث حول موضوع المعاناة الفلسطينية هو عنوانها الرئيسي، فإذا حصل وتم التطرق إلى الموضوع كان في غالبية الأوقات حوار عقيم يتمحور حول العنصرية التي لا تجدي نفعا بل تحدث ضرراً. كما أنني لم أكن يوماً من متابعي السياسة، فهذه أشبه إلي بلعبة تتحكم بها أمم ذات نفوذ عسكري واقتصادي لا يفهم أحد غيرها قواعدها وشروطها.

لقد كان أول لقاء لي بالقضية الفلسطينية في النصف الثاني من عام 2011 عندما اعطتني صديقة لي فيلم "باب الشمس" واوصتني بمشاهدته. يحكي الفيلم، المأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم، تاريخ فلسطين منذ عام 1943 من خلال قصة حب يتم تناولها بطريقة سينمائية مميزة، بعيده كل البعد عن العديد من الأفلام التي أنتجت حول فلسطين والتي تتسم بالضعف العام والتسطيح. وعلى الرغم من عدم مشاهدتي للجزء الثاني من الفيلم، إلا أن الجزء الأول وحده كان كفيلاً بجعل مشاعري تتموج وتتلاطم، فأكثر ما هزني هو الجانب الإنساني والمتثمل بالألم والمعاناة لدى هذا الشعب الذي أجبر على ترك أرضه ووطنه والنزوح أو اللجوء إلى مكان آخر، حاملاً معه أمل العودة في وقت قريب.

ومن هنا بدأت رحلة اطلاعي على تاريخ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وتبعاته على الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال مطالعتي للكتب ومشاهدتي لبرامج تتناول القضية الفلسطينية، كان آخرها مسلسل الدراما البريطاني "الوعد"، والذي يتناول أحداث تدور في فترتين زمنيتين مختلفتين؛ الأولى في السنوات الأخيرة من الانتداب البريطاني على فلسطين حتى صدور وعد بلفور، في حين تصور الثانية الوضع الراهن في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

فلماذا القضية الفلسطينية؟

لأن الاحتلال الإسرائيلي هو الأطول في العالم، ولأن الشعب الفلسطيني تاريخياً هو أكثر شعب تعرض لأبشع أنواع الظلم والقهر، حيث يتسم ذلك بطرد وتشريد الشعب من أرضه – بما هو أشبه بالتطهير العرقي - ليجبر على العيش في الشتات، في حين ينعم المحتل بأرضه وخيراته، كما أن هنالك عدد كبير من الفلسطينين محرومين من حقوق المواطنة، في حين ينعم بها المحتل. وتظهر الاحصائيات بأن حوالي 29% من بين 5.35 مليون لاجئ فلسطيني يعيشون في مخيمات في البلاد المجاورة وفلسطين، ونحن أعلم بمستوى المعيشة والخدمات المقدمة في المخيمات؛ فالطرقات تملأها مياه الصرف الصحي وتنتشر فيها النفايات، والمساكن لا تنم على تطور المدن ولا تقي من حر الصيف أو برد الشتاء، بالإضافة إلى سوء الخدمات الصحية والتعليمية. وهذا العدد هو للفلسطينين المسجلين لدى وكالة الغوث، فهناك الكثير غير المسجلين.

ويقدر نسبة الأطفال الفلسطينين الذين قتلوا منذ نهاية شهر أيلول من عام 2009 إلى يومنا هذا بحوالي 2,060 طفل، حيث قتلوا خلال قيامهم بأحد النشاطات الاعتيادية اليومية كذهابهم إلى المدرسية أو لعبهم في الخارج أو حتى تواجدهم في البيت. وبالطبع، فإن هذه الإحصائيات لا تضم الأعداد الهائلة الأخرى التي قتلها المستوطن منذ النكبة، بما فيها العدوان المتكرر على غزة. أما فيما يتعلق بأعداد باقي القتلى الفلسطينيين خلال نفس الفترة، فهنالك تحفظ كبير على ذلك، ولكن يفوق عددهم 10 آلاف، وهذا هو العدد الأدني، فعلى سبيل المثال لم يتم تسجيل المتوفين بسبب عدم تمكنهم من الحصول على رعاية طبية إما بسبب الحصار الاسرائيلي أو إغلاقهم للطرق أو غيرها من الأساليب اللاإنسانية.

وتشير التقارير الصادرة عقب آخر عدوان على غزة العام الماضي بأن عدد القتلى فاق 2000 شهيد، في حين قدر حجم الخسائر الاقتصادية بـ 3.6 مليار دولار من بينها الثروة الزراعية والحيوانية، كما أن هنالك نحو 200 ألف عائلة يسكنون في العراء.

وعلاوةً على ذلك، فمنذ عام 1948 وسياسة التهويد تمضي على قدم وساق، هذا بالإضافة إلى معالم التمييز العنصري وانتهاك اسرائيل للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، ومن أبرز هذه المظاهر الجدار العازل والذي تسميه إسرائيل بـ "الجدار الواقي"، وهو في الواقع يمثل أكثر من فصل عنصري. أضف إلى ذلك تزوير التاريخ وتهميش اللغة والثقافة العربية، وعرقلة العملية التعليمية، وانتهاك المقدسات الدينية وغيرها.

ومع كل الأدلة على التطرف الإسرائيلي، ولا يزال الإعلام الغربي، وتحديداً الأمريكي، يروي لنا قصة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أنه صراع تاريخي تعود جذوره إلى الزمان الغابر، كما يصور لنا العدوان الإسرائيلي على أنه "انتقام" أو "رد فعل" لعمل "إرهابي فلسطيني"، وهذا بلا شك جزء من أجندتهم لخدمة المصالح الصهيونية والأمريكية في الشرق الأوسط.

فلماذا القضية الفلسطينية؟

لأنها ببساطة نداء الأرض والحياة والحق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل