الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كراهية أوروبا للإسلام نصنعها بأيدينا

خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)

2015 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


"لكنها تدور"

كراهية أوروبا للإسلام نصنعها بأيدينا

د.خالد سالم
لئن حاولنا الاقتراب من الغرب تزلفًا إلى نعمه وتطوره بيد فإننا نقطًع أواصر ما نبنيه معه باليد الأخرى. ولمن يريد أن يعرف مدى ما نقترفه من جرم بحق أنفسنا عليه أن ينعم النظر في افتتاحية أكبر خمس صحف أوروبية نشرتها فجر الخميس ردًا على حادث الاعتداء المروع على مقر أسبوعية شارلي إبدو الفرنسية يوم الأربعاء، 7 يناير. ورغم التماس العذر لهذه الصفح الخمس في ردة فعلها على هذه الحادثة الشنعاء التي هزت أوروبا إلا أنها زادت الشرخ الذي يفصل بين ضفتي المتوسط اتساعاً. فيكفي أنها استشهدت بمقولة مشهورة للكاتب التشيكي فاكلاف هافيل، الذي صار رئيسًا لبلاده لاحقًا، لنفهم استدعائها في هذه اللحظة المؤلمة إذ يقول" نحن لسنا مثلهم"، وهي الحقيقة، فنحن كما نريد أن نكون: خارج العالم والتاريخ.
قد لا يدرك سفهاؤنا خطورة ما اقترفوه باسم الدين، رغم تضارب بعض قرائن الحادث من تصريحات شهود عيان وشرطة التي من شأنها أن تعبد الدرب أمام مخيلتنا الرحبة في اتهام الآخر بتدبير هذا الحادث لدواعٍ داخلية وإقليمية، إلا أن هذا لا يعفينا من المسؤولية، مسؤولية الارهاب، إرهاب الآخر في عقر داره، وكأننا أخذنا على عاتقنا مهمة الارهاب في العالم. كل مجرم له مبرراته الواسعة والعريضة لارتكاب جرمه، لكننا لا نحسن أي شيء. وقبل أن نعاقب الآخر على ما يقترفه في بلداننا علينا أن نحاسب أنظمتنا التي تعيش خارج اللحظة والتاريخ، وكأنها لا تدرك أن حركة التغير في العالم أسرع من فكرهم الأسن.
الملفت للنظر أن الرئيس المصري أشار إلى هذا الأمر في خطابه بمناسبة المولد النبوي، أعني إشارته إلى ما نرتكبه من إرهاب ضد باقي سكان اليابسة، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة. بدا وكأنه كان يتنبأ بما حدث في باريس قبل أربعة أيام من وقوعه.
الهوة تتسع بيننا وبينهم جراء استخدامنا من قِبل آخرين لنقترف أعمالًا اجرامية تزيد الطين بلة وتهيل الرمال على الإسلام وعلى ثقافتنا في أعين العالم كله. أعرف كل ما يمكن أن يُساق من مبررات واهية، تاريخية وحالية، لارتكاب هذه البشاعات ضد الأوروبيين، لكن هذه الحماقات لا تخدم قضية لنا.
على أية حال أترك القارئ مع ترجمتي لافتتاحية موحدة أصدرتها خمس من كبريات الصحف الأوروبية، لومند، الغارديان، شتودتشي زيتونغ، غازيتا فيروكزا وإلبائيس
Le Monde, The Guardian, Süddeutsche Zeitung, La Stampa, Gazeta Wyborcza , EL PAÍ-;-S
"إن الحادث الذي اقتُرف في باريس يوم الأربعاء 7 يناير ضد شارلي إبدو والاغتيال الكريه لزملائنا، المدافعون بشراسة عن الفكر الحر، ليس هجومًا على حرية الصحافة وحرية الرأي فقط. إنه عدوان على القيم الأساسية لمجتمعاتنا الأوروبية الديمقراطية.
شهدت الشهور الأخيرة أحداثًا مروعة ضد حرية الصحافة والعمل الإعلامي، إذ فصلت رؤوس صحفيين، أمريكيين، أوروبيين أو من الدول العربية، سبق خطفهم ثم اعدامهم على يد تنظيم الدولة الإسلامية. والإرهاب، من أي أيدولوجية كانت، يرفض البحث عن الحقيقة ولا يقبل روح الاستقلال. والإرهاب الإسلامي، أبشع من هذا.
بعد أن رفضت مجلة شارلي إبدو التهديدات لنشرها منذ عشر سنوات صور كاريكاتورية لمحمد فإن هذه المجلة لم تغير قيد أنملة من ثقافتها في مجال الاستخفاف. وبالطريقة نفسها فإننا، الصحف الأوروبية، نعمل معًا في إطار مجموع أوروبا، سنواصل عملنا مانحين الحياة لقيم الحرية والاستقلال التي تمثل أساس هويتنا والتي نتقاسمها كلنا. سنواصل عملنا في صناعة الأخبار والبحث وكتابة الافتتاحيات والنشر والرسم حول الموضوعات كلها التي تبدو لنا شرعية، بروح منفتحة، وثراء فكري وحوار ديمقراطي.
إننا مدينون لقرائنا. ومدينون لذكرى زملائنا الذين اغتيلوا. مدينون لأوروبا. مدينون للديمقراطية. "لسنا مثلهم"، هذاهو ما قاله فاكلاف هافيل الكاتب التشيكي، معارض الشمولية الذي انتصر وأصبح رئيسًا. هذه هي قوتنا."

هامش:
الرابط الأساسي:
http://elpais.com/elpais/2015/01/07/opinion/1420663829_356628.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجميع ضد الصحفيين الاحرار امريكا و الغرب و داعش
علاء الصفار ( 2015 / 1 / 9 - 11:47 )
تحيات السيد الكاتب
انتج الامريكان مع ملك وهابي السعودية جهاز القاعدة فدمروا ليس الشيوعية في افغانستان بل حولوا افغانستان الى دولة اشباح تعيش في العصر الحجري.تكتب هيلري كلينتون عن انتاج امريكا لداعش.امريكا والغرب قام بدعم الاصولية,وهي منظمات ارهابية عميلة للملك العميل لامريكا,فكل جهد امريكا هو التكريس لحالة التخلف التي تؤدي للسيطرة على الشعوب من اجل نهبها.يعرف الامريكان والغرب ان نجاح اليسار والشيوعيين معناه فقدان السيطرة على هذه الشعوب, لذا فضل الامريكان الخميني على اليسار و فضلوا الاخوان على اليسار في مصر. ثم قامت اسرائيل بطرح امر الدولة اليهودية من اجل ان يسير العرب على درب الدولة الاسلامية لداعش( جمهورية الاسلام في الشام و العراق).الغرب فسح المجال لينظم الاسلاميون نفسهم لا بل ترك الغرب سفر الاجندات الاسلامية للحرب في العراق وسوريا.لا يهمهم ما يحصل للعراق و سوريا,بل قامت امريكا برمي السلاح لداعش في كوباني والموصل. لاجل تحقيق تقسيم العراق و تدمير سوريا.ليذوق الغرب شر صنيعته الارهابية.للاسف الضحايا هم ابرياءالعراق,سوريا وفرنسا !ابكاء الحرية ام بكاء بشر يسحق في العراق و سوريا بمخططات!


2 - عندك حق
خالد سالم ( 2015 / 1 / 9 - 18:48 )
الأستاذ علاء الصفار
عندك الحق فيما ذهبت إليه، لكن هل هذه هي طريقة لتصفية حساباتنا مع الآخر؟ هذه الأحداث الشنعاء لا تخدم لنا قضية قط. المشكلات تكمن في أوطاننا ومحيطنا.


3 - ابحث عن القاتل الحقيقي
منى شريف ( 2015 / 1 / 10 - 11:35 )
الكاتب الكريم
أرجو أن يتسع صدرك لكلماتى، فرغم أنك نقلت مخاوفك على الإسلام من هذه الحوادث الاجرامية، فأين كنت أنت وامثالك من ضرب وسحل الفلسطينيين الصيف الماضي، وقبلهم السوريين على مدى السنوات الأربع الماضية، والليبيين، والعراقيين...إلخ.
عليك أن تكتب إلى هذه الصحف لتوقظها بما فعلوه بنا في بلداننا العربية والإسلامية، أم أن ماءهم طاهرة ودماءنا نجسة؟ لماذا لا تفكر في أن ما يحدث ما هو إلا ردة فعل على اقترفته فرنسا ومعها أميركا والناتو في المنطقة العربية؟ لقد شارك ساركوزي ويشارك أولاند في ذبح السوريين والليبيين الآن. عليهم أن يوقفوا إستحلال دمائنا قبل أن يبكوا على ما يحدث لهم.
لي سؤال آخر: هل فكرت في أن هذه الحوادث من تدبير أجهزة مخابرات؟ ابحث عن المستفيد من كل هذا: إسرائيل واليمين الأوروبي.


4 - لا أحمل راية ولست مؤسسة
خالد سالم ( 2015 / 1 / 11 - 05:07 )
الأستاذة منى:
أنا لا أرفع رايةً ولا سيفًا، كل ما أحاوله هو طرح أفكار تضرب بجذورها في ثقافتي ضفتي بحر الروم، مع الأخذ في الاعتبار ازالة الغبار عن تراثنا المشوش من أجل مستقبل أفضل يقوم على أساس الحريات والديمقراطية دون تدخل من العقائد في المسار اليومي للإنسان.
لقد حاولت منذ بداياتي أن أطرح للآخر ما نفكر فيه، ما نصبو إليه بعيدًا عن مستبدينا الذين تسببوا في افراز هذا الحوادث المروعة في الغرب. أقولها بشكل آخر: هل كان للغرب أن يتدخل في بلداننا لولا ضعف حكامنا، هوانهم، وتمسكهم بسلطات، كراسٍ، واهية. لقد أفسدوا الثورات العربية من أجل ثرواتهم واستمراريتهم التي لن تدوم كثيرًا هذه المرة.
الغرب يعمل من أجل مصالحه، انطلاقًا من أن تخلفنا ضمان لاستمرار تفوقهم علينا. تصوري أنهم قبلوا مسألة كالأندلس ضدنا بينما نحن نصارع من أجل النقاب والحجاب وعمل المرأة من دونه...إلخ. نحارب طواحين الهواء باسم الدين.
بالنسبة -لأمثالي- فقد كتبت عن كل هذه القضايا بلغتي- تصفحي صفحتي- وبلغة أخرى عندما كنت أعيش في الخارج. أنا فرد، ولست مؤسسة.

اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة