الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منامات عربية

علي شايع

2005 / 9 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات




قالت العرب: إذا خفت لا تقل،وإن قلت لا تخف.وقديما كان الكاتب الخائف يكتب مناماته،فيقول حلمت بكذا وكذا،ليسرد أفكاره وآرائه،في مأمن من اليقظة وعواقبها،ويبدو أن أية طريقة لا تشفع في عصرنا التكفيري، فما إن تكتب حتى يسارع إلى بريدك المتسارعون بالشتم والسب،والويل والثبور،ولا فرق بين تكفيري ديني وآخر سياسي،فالجميع لهم قدرة القتل بالقلم،آخذين بذلك مثلا أعلى في مقولة سياسي تكفيري حكم العراق بالبندقية والقلم تحت شعار:" للقلم والبندقية فوهة واحدة"!..
ولحزن الذاكرة العراقية ألم طويل بين قلم (الرصاص!) المدرسي ورصاص الديكتاتور،يعرفه الضحايا أكثر من أي تكفيري يحاول اليوم تكرار الحزن إلينا؛بالشتيمة، بعد أن تقطعت بهم السبل الرصاصية،وآخر شتائم تكفيري غاضب وصلتني لم أتبين منها إن كان إسلامياً متشدداً أم قومياً مزايداً،فالألوان الظالمة التي لطّخ بها الأسطر جعلتني في حيص بيص كحال من "تشابه البقر عليهم"،فهو يجمع في رسالته تلك؛أحاديث دينية،ومقولات قومية لأسماء معروفة النهج كنت سأورد بعضاً منها لولا خشية تعكير مزاج القارئ الكريم..
ربما نسي الشاتم في لحظة ما،أو مضى عميقاً في حزنه العروبي،حتى خاطبني ب"يا أخي"،ولكن سرعان ما وجدتني رافضاً لأخوة ملثم يدفع إليَّ كلمات معسولة السم،فأي "يا أخي" بعد التهديد والوعيد؟!..رفضتها لأن لقصة الأخوة العربية ريبة تعلمها أهل العراق في فصول رعب طويلة،حتى كنتَ ترتعد حين يقترب منك رجل من عسس الطاغية يكرّر إليك كلمة "يا أخي.. ياأخي" فتأمنه مسترخياً قبل صفعة يذهب لها رشدك..وهو مشهد يتكرّر على حدود (سايكس بيكو) العربية..هكذا تردّد خطاباتهم ويردّد الفضاء صدى الصفعات..
ولقصة "يا أخي" مع العراقيين حكاية ظلم ذو القربى الأشد مضاضة من وقع الحسام المهند؛ كأمضى سلاح عصرٍ كان في زمن الشاعر طرفة بن العبد يومها، ليجد فيه توصيفا مفجعاً لما أراد البوح به ،ولو كان هذا القتيل - غدراً- قد شهد ما جُرِب فينا من أسلحة لكان قوله عن مضاضة أهول من الأسلحة الكيمياوية، والمقابر الجماعية،وأحواض التيزاب،ووضع القنابل في جيوب القمصان، وفاكهة الثاليوم،وربط الرضيع بالحبال لصق ثدي خرقه الرصاص....والى قائمة يطول معها الدمع والدم العراقي.،ما كان للديكتاتور فيها أن يميز بين صغير وكبير أو عاجز،وبين مستيقظ أو حالم،ومعروفة للجميع حكاية إعدام عراقي في زمن الديكتاتور، روى في مجلس وشاة أنه رأى في مناماته كيف أصبح رئيساً للجمهورية العراقية..
الديكتاتور ولى،غير إن ديكتاتوريات تكفيرية هائلة تعم الخارطة العراقية والعربية اليوم،تحاسب وتقتص على الأمنيات والأحلام،وتقف لنا بمراصد الاستعداء عداً لكلّ نأمة ونفس..
فلو سألتْ سراة الحي سلمى على أن قد تلوّن بي زماني
لخبّرها بنو أحساب قومـي وأعدائي فكلٌ قد بـلانـي
ولا نعلم في العراق سرّ هذا العداء الدفين لنا،والإمعان فيه.ربما يعتبرنا أغلبهم من ألدّ أعداءه فيوصي بعضهم البعض شراً:العدو عدوان، عدوٌ ظلمك وعدو ظلمته، فأما العدو الذي ظلمته فلا تثق إليه واحترز منه مهما أمكنك، وأما العدو الذي ظلمك فلا تخفه كل الخوف فإنه ربما استحيا من ظلمك وندم فرجع لك إلى ما تحب منه، وإن أصر على ظلمك انتصف لك منه من إليه يلجأ المظلومون..
وها يقرّون بظلمهم لنا فلا نخافهم ويخافون..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-