الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنية على الطريق

سمير هزيم

2015 / 1 / 9
الادب والفن


انا وصديقي الدبلوماسي في السفارة السورية في اسلام أباد ..
كنا نتحدث وصديقي يقود سيارته المرسيدس .. شاهدنا على بعد .. امرأة تحمل طفلا تقطع الشارع .. كان تقدير صديقي انها ستعبر قبل وصوله فلم يخفض من سرعته .. لكن الامرأة تباطأت كثيرا ثم وقفت ثم مشت .. صديقي تلبك كيف يذهب .. فجأة وجد نفسه قريباً جدا منها .. يضغط على الفرامل لكن السيارة تزحط على الارض .. وتصدم المرأة الباكستانية التي تحمل طفلا وترتدي الزي الباكستاني البرتقالي المعرق .. تأتيها الصدمة على ساقيها فاجدها تتدحرج على غطاء المحرك وتنقلب على النافذة الأمامية من جهتي وينكسر الزجاج ثم تنقلب المرأة الى جانب الطريق من جهة العجلة الأمامية اليمنى .. فينحل حزامها وينفلت ثوبها ويظهر ثدييها .. لكنها تبقى متمسكة بطفلها وسرعانا ما لفت ثوبها على صدرها .. قلت لصديقي .. هيا نسعفها ..
قال : لا .. يجب ان نهرب هنا منطقة قبائل وسيقتلوننا ويمثلون بجثثنا .. بلعت ريقي .. مسحت وجهي بكم قميصي .. هربنا وبعد اقل من واحد كيلو ميتر .. توقفنا بمكان جانبي . اتصل الصديق بالسفير وروى له ما حدث .. قال مصيبة .. غدا الصحف الباكستانية ستنشر جميعها الخبر وان دبلوماسي سوري دهس امراة وهرب ..
قال يجب أعلام البوليس .. أعطيناه عنوان المكان الذي تم به الدهس ..
قال إبقو مكانكم وسأقول لكم ماذا تفعلون .
ما هي الا دقائق ..
قال السفير عودو الى مكان الحادث .. وجدنا ضابط في الأمن الباكستاني .. اخذ إفادتنا وقلنا عما جرى تماماً .
قال هنا لم يقع اي حادث إطلاقا ..
لا احد طلب الشرطة لتنظيم ضبط ..
قلنا له : هذه الاثار لفرامل العجلات .. هي اثار عجلات سيارتنا
قال لنا هنا وعلى بعد خمس دقايق مشيا على الأقدام يوجد مخفر .. سألناه وقال لم نسجل اي حادثة
قلت له : ارجو ان تتصل بالمشافي القريبة اذا وصلتهم أية حالة إسعافية .. قال وزعنا برقية الى جميع المشافي .. كلهم قالو لا يوجد أية حالة إسعافية لامرأة وكل الإسعافات التي تمت مضبوطة مواقعها وفاعليها ..
قلت له فلنسأل ذلك البايع على جانب الطريق لقد كنا على مرمى نظره ..
وقفت في نفس المكان الذي سقطت به المرأة ..اندهشَت .. لم اجد شيئاً .. عاينت الرصيف .لم ار دما او ماشابه ..رأيت آثار انزلاق العجلة على وجه الإسفلت ..وقفت هنيهة وانا انظر في كل الإتجاهات ..كان الناس يمرون من الشارع جيئة وذهاباً دون أن يشعرهُ أحداً أن في الأمر شيئاً

تنحنحت ، ثم صحت بصوت عال :أرجوكم ارشدوني .. امراة. وطفلها تعرضت للصدم في هذا المكان ..من يعرف عنها شيئاً؟

كررت السؤال مرة ،ومرتان ،وثلاث .. ولم أظفر بجواب ، ضربت على السيارة بقبضة يدي وصحت بلوعة “ياناس نحن صدمنا امرإة تحمل طفلها هنا في هذا المكان .. ..

أرجوكم اخبروني عنها ..أنت يابائع السجائر صاحب الكشك ألم ترانا ندهس المراة وطفلها كانت تعبر من هنا ؟

هَّز صاحب الكشك رأسه بالنفي .. صرخت مرة ثانية بلا شعور : نحن الذين صدمنا المراة وانا شاهدتها متكومة على هذا الرصيف ، وهذا انبعاج في مقدمة السيارة وكسر في البِلوّر الأمامي .. من شدة الصدمة ..

اقتربَ منا البايع .. أخذته من ذراعه وقلت له

__ انظر إلى آثار الصدمة .. تعال أنظر ؟!

ضحكَ البائع بسخرية ،وهو ينظر الى جانب البِلوّر المهشم ..

فيما وقفت مشــــــدوهاً قالباً شفتي …..لا اعي اين اختفت المرأة وطفلها ...

قضيت عقدين وما زلت ابحث عن لغز اختفاء حادثة الصدم .. وانا أراها في كل لحظة امامي .. كيف انقلبت المراة متمسكة بطفلها على نافذتي حيث أملت رأسي بشكل لا إرادي. تجنبا لارتطامها بي ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل