الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقاعات الصابون

مجدي عياد فرج

2015 / 1 / 9
الادب والفن


إستلقت إمرأه منهكه علي ظهرها وهي تصرخ وتتأوه من شدة الآلم حتي إندفع طفلا خارجا من رحمها داخلا إلي عالمنا. سرعان ما التقطته الممرضات وأخذوه إلي سريره الصغير الذي يبلغ طوله 80 سم. مرت ثلاثة أيام ظل فيها يبكي بشكل شبه مستمر من الم مجهول في بطنه.

الطبيب المشهور زيوس حصل علي جائزة نوبل في الطب لأختراعه جهاز يوضع في البطن فيمتص الآلم.
اندفع الاهل حاملين الطفل إلي قسم جراحة الباطنه في المستشفي إلي الدكتور زيوس ، في اليوم الخامس من ميلاد الطفل تم إجراء العمليه الجراحيه للطفل الذي كف بعدها عن البكاء ونام في هدوء ملائكي.

1 بس يا سيدي ، هي دي الحكايه يا مؤمن ، أديك عندك 18 سنه ومن يومها وبطنك بطل يوجعك ، بس أنت لازم تروح للدكتور زيوس مره علي الاقل كل أربعين يوم علشان تشرب المحلول اللي بيشغل الجهاز.
2 آه دي الميه اللي بشربها كل ماروحله.
1 لا دي مش ميه دا محلول تمنه غالي جدا ، بعدين لو ميه يا عمي مؤمن كانت هاتشغل الجهاز إزاي؟ وكانت هاتمتص ألم بطنك إزاي؟!
2 آه صحيح ، بس دي طعمها زي الميه؟
1 يابني ما انت وانت عندك سبع سنين قلتلنا كدا ، سألنا الدكتور قالنا إنه عمل طعمها زي الميه علشان تكون مناسبه للاطفال.
2 بس انا كبرت
1 انت دايما تاعبني بأسألتك الغريبه دي ، مش وقت فلسفه يلا علشان ميعاد الدكتور.

تلك الزياره كانت مختلفه ، اخبرت الدكتور زيوس عن شكوكي بأن المحلول مجرد ماء فضحك ساخرا وقال " دعني احضره لك لتشربه ودعك من الشكوك الطفوليه الساذجه ، فقد مر ثمانيه وثلاثون يوما دون أن تأخذ جرعه "
بعدما تجرعت كميه المحلول الصغيره إندفعت مسرعا للخارج دون القي عليه التحيه علي غير عادتي ، حتي إندهش لما فعلت. أما أنا فقد اسرعت إلي الحمام وبصقت الجرعه في كيس كنت قد خططت ووضعته في جيبي.
بمساعدة أستاذ العلوم بالمدرسه علمت أن المحلول هو ماء مختلط بالليبايز والاميلايز وغيرها من سوائل لعاب الفم.

عدت في اليوم التالي للدكتور وأخبرته فغضب زيوس وأخبرني أن الجهاز الذي وضعه في بطني تحت سيطرته ويستطيع أن يفجره في أي لحظه عن بعد حتي لو كنت في المريخ. ارتجفت خوفا عندما سمعت تلك الكلمات. ظللت افكر كعادتي وأنا أستحم في المأزق الذي وضعت نفسي فيه وانا اسأل نفسي ناظرا لبطني ، ماذا لو كان كلامه صحيح؟ لكني لم اتناول الجرعه منذ واحد واربعين يوما ولا أشعر إلا بألم خفيف ! لا لا انه مجرد خوف وماذا لو كنا اخطأنا في تحليل مكونات هذا المحلول ؟ فقد قال لي أستاذ العلوم ان التجربه تحتمل خمسه بالمئه كنسبة خطأ ، هل يمكن أن يفجره .. ألا يوجد طريقه لإخراج الجهاز مني ؟
بينما أنا أتسائل محدقا في بطني زهلت عندما لاحظت للمرأه الاولي أنه لا أثر للعمليه الجراحيه. خرجت مسرعا ليس كعادتي وأخبرت أبي ، توسل لي بأن أذهب واعتزر للدكتور واتناول جرعة المحلول ، غضب مني حينما رفضت ، أما انا اندفعت عائدا لقسم المحاسبه في المستشفي وظللت ابحث ثلاثة شهور بمساعدة احد أقربائي الموظف في المستشفي عن فواتير الاسبوع الاول من ميلادي الذي قضيته في المستشفي. ياللمفاجأه ، اليوم الخامس تم صرف ثلاث جرعات مسكنه وجرعه منومه.

ذهبت مره أخيره للدكتور زيوس وأخبرته بأنني لن اتناول المحلول ولا اخشاه ، ضعف بغضب وتوعدني بتفجير بطني بضغطة واحده ، أما انا أخرجت له لساني في برود وتركته.

اليوم عيد ميلادي الحادي والعشرون ، وأنا أستحم استعدادا للحفل الصغير مع اصدقائي ، وكعادتي انظر بإعجاب لفقاعات الصابون التي تنساب في سلام علي بطني الذي لم يفجر حتي اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول


.. إخلاء سبيل الفنان المصري عباس أبو الحسن بكفالة مالية بعد دهس




.. إعلان آيس كريم يورط نانسي عجرم مع الفنان فريد الأطرش


.. ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الفنان السعودي سعد خضر لـ صباح العربية: الصور المنتشرة في ال