الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد: من أرضِ الغربةِ ومن فراشِ المرض يُطلق آهاته ويبكِ العراق..‎

صفاء الهندي

2015 / 1 / 9
الادب والفن


ناءَ عنِ الأهلِ قد شطَّ المزارُ بهِ
داراً ففارقَ أحباباً وأوطانــــــــــا.



ربما هي ملاذ آمن للانسان لكنها ابدا لم تكن الغربة يوما بديلة له عن الوطن، فالوطن ليس مجرّد ذكرى في حياته او حادثة عابرة قد ينساها المرأ مع مرور الزمن. وإنما هو الأم التي تربّى وترعرع في احظانها ونشأ بين يديها ورعته بدفء حنانها. الوطن هو الارض التي أمتدّت فيها جذوره الاولى وضربت عروقه في اعماقها، حتى تغذّت روحه من تأريخها وسُقِيت من حضارتها وثقافتها. لذلك يبقى الوطن هاجسا روحيا ونفسيا وشعورا محفوظا في نقرة دمِ الانسان و وعيه.
رغم الغربة وآلامها وهمومها ومواجعها. ورغم آلام الشيخوخة والمرض الذي فاجأه وجعله طريح الفراش. رغم كل هذه المواجع.. إلّا ان الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد لم ينسَ ابدا نَخَلات الفرات ولا شواطيء دجلة. ولم ينسَ أبدا ان له وطن أسمه العراق، تهفو روحه له ويجري في عروقه مجرى الدم في شرايين الجسد. شوقه وحبّه وحنينه ودموعه ومشاعره واشعاره وكلماته حتى في هذه اللحظات التي ربما هي لحظاته الاخيرة في الحياة.. كلّها مستنفرة تصبو نحو العراق وفي العراق والى العراق..



من على سرير المرض ترنَم بحرقةٍ وألمٍ ومرارة ببيتٍ شعرٍ للسيّاب ردّا حول سؤال السائل عن خيانة الخائنون للوطن:
إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون
أيخون إنسان بلاده؟
إن خان معنى أن يكون ، فكيف يمكن أن يكون؟.
لكنه أردف قائلا: قد يكون هو أعمق، لكنّي اكثر منه عاطفة، ثمّ أنشد ودموعه تترقرق في مآقي عينَيه:
ياعراق، هنيئا لمن لايخونك
هنيئا لمن اذ تكون طعيما يكونك
هنيئا لمن وهو يلفض آخر انفاسه
تتلاقى عليه جفونك.
https://www.youtube.com/watch?v=vqqNKWR6yqo&feature=youtu.be

وُلد الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في بغداد عام 1930 وتخرج من دار المعلمين (كلية التربية) عام 1952 وعمل مدرساً للغة العربية في المدارس الثانوية.. متزوج، وله ابنة وثلاثة أولاد. شارك في معظم جلسات المربد الشعري العراقي. شغل منصب مدير تحرير مجلّة (صروح) السورية ابتداء من عددها الثالث والذي حوى في طياته ((دويتو)) الفن مع الشعر، إذ قدم فيه توليفة رائعة ما بين حروف قصائده التي انسكبت على ألوان ريشة الفنان العراقي فؤاد حمدي. يعتنق الديانة الصابئية أو المندائية وكان عضواً في لجنة تعريب الكتاب المقدس الصابئي أو المندائي (كنز ربا). وكتب في العدد الرابع من مجلة صروح السورية بحثاً مطولاً عن هذه الديانة وشرح فيه أصولها والجواهر اللاهوتية التي تعتبر أساسيات هذه الديانة، وتاريخها. كما شرح في البحث العقائد التي يستند عليها هذا الدين: كالعقيدة في الله، والعقيدة في الروحانيات، والعقيدة في النبوة، وأخيراً العقيدة في الموت والحياة الأخرى والجنة والنار.

شغل مناصب مرموقة في وزارة الثقافة والاعلام العراقية. كتب عنه صباح نجم عبد الله رسالة ماجستير في عمان. وعبد الواحد هو قريب للشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة. ويعتبر من قامات الثقافة العراقية ونخبها، ويذكر ان عبد الرزاق عبد الواحد زامل رواد الشعر الحر: بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وشاذل طاقه عندما كانو طلاباً في دار المعلمين (كلية التربية) نهاية الاربعينات، فهو أيضاً كتب الشعر الحر ولكنه يميل إلى كتابة القصيدة العمودية العربية بضوابطها.
ويحتفظ عبد الواحد بنزعته القومية، إذ لم يتخلّى عن هذه النزعة وبقي مواليا للنظام السابق حتى بعد سقوطه، وقد قال في صدام بعد اعدامه:
لست ارثيك لا يجوز الرثاءُ
كيف يرثى الجلال والكبرياءُ
لست ارثيك يا كبير المعالي
هكذ وقفة المعالي تشاءُ.

في المقابل، هجا الحكومة العراقية الحالية بقصيدة بعنوان (لنا البلاد)، منها:
لـكـمْ سُـجـون ٌ، وَلـنــا أجــسَــاد ُ لـكــمْ سـِـيــاط ٌ، ولـنــا عِناد ُ
لـكــمْ جــيــوش ٌ، وَلـنــا دِماء ٌ هــذي تـُـبَادُ، تِـلـكَ لا تـُـبَاد ُ
لـكمْ سِلاح ٌمــا بـهِ عتاد ٌ لــنــا أيادٍ كـلـهــا عتاد ُ
لكـمْ مِـن َالغـرْبِ عِـصـيّ ٌوَلـنـا ظــهــورُنـا قــشـَّــرَهـا الجلاّد ُ
لكم ْمِنَ الشَـرْق ِ (نـجَــادٌ) وَلـنـا بـصَـاقـُـنـا، عَـاشَ لكمْ (نـجَــادُ)
وَنِـفـطـنــا لـكـمْ، لـكـمْ آبَــارُه ُ وَكلـّكمْ مـِن حَــولِــهِ انـدَاد ُ
لأنـكـمْ أشرَف ُمَـنْ يَـحْـرسُــه ُ لــنــا، فـقـدْ تــوقــَّـفَ العَــدَّاد ُ
وعِـندكم ْ(سِــيَـادَة ٌ) مـتى وهـلْ دُمَــىً عـلى صَـانِـعِـهـا تـُـسَاد ُ
يـشــمّـكــمْ كــلــبٌ إذا دخـلـتـمـو خضرَاءَكـمْ.. يـا أيـهـا الصِـلاد ُ
وتـدخـلـونَ تـسـتـحـثـونَ الخطى خـيِّــرُكــمْ يــبــول ُأوْ يَكاد ُ
خـمـسُ سِـنـيـن ٍ والعِــرَاقُ كـلــه ُ قبْــرٌ وَكلّ ُأهلِهِ حِــدَاد ُ
خـمسُ سـنـيـن ٍ دَجـلة ٌتـبـكي دماً وتــرتــدي سَــوادَهَــا بـغــدَاد ُ
بـغـدَاد ُألفُ لــيلـةٍ ولـيــلــةٍ وشـهـرَزادَات ُالهَـوَى اتقاد ُ
والآن َألــف ُظلـمـةٍ وظلـمــةٍ وكــلّ ُكـائِــن ٍ بـهــا جَـمَـاد ُ

حصل على العديد من الجوائز، منها:
1- وسام بوشكين في مهرجان الشعر العالمي بطرسبرج 1976.
2- درع جامعة كامبردح وشهادة الاستحقاق منها 1979.
3- ميدالية {القصيدة الذهبية} في مهرجان ستروكا الشعري العالمي في يوغوسلافيا 1986.
4- جائزة صدام للآداب في دورتها الأولى بغداد 1987.
5- الجائزة الأولى في مهرجان الشعر العالمي في يوغوسلافيا 1999
6- وسام {الآس}، وهو أعلى وسام تمنحه طائفة الصابئة المندائيين للمتميزين من أبنائها 2001.
7- نوطي {الاستحقاق العالي} من رئاسة الجمهورية العراقية 1990.
8- جرى تكريمه ومنحه درع دمشق برعاية وزير ثقافة الجمهورية العربية السورية، في 24 و 25 / 11 / 2008 بمناسبة اختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية، وحضر التكريم عدد من كبار الأدباء العرب، وألقي فيه عدد كبير من البحوث والدراسات.
من دواوينه:
1- قصائد كانت ممنوعة.
2- أوراق على رصيف الذاكرة.
3- الخيمة الثانية.
4- في لهيب القادسية.
قيل فيه:
قال الشيخ احمد الكبيسي ان عبد الرزاق عبد الواحد مبدع افسدته السياسة إذ لا يجوز للشاعر المبدع ان يبيع نفسه لاحد، كان يشير إلى ان عبد الرزاق كان شاعر بلاط، ولكن عبد الرزاق في مقابلة مع وكالة انباء الشعر قال لست شاعر بلاط وانما كنت أمجد العراق وجنوده وليس شخص واحد والدليل على ذلك اني (والكلام للشاعر) لا ازال اكتب لصدام كرمز للعراق، واشار إلى ان المتنبي كان يمدح سيف الدولة كشخص وانه لم يكن يمدح صدام كشخص وانما كرمز للعراق.
ويقول الشاعر العراقي فالح نصيف الحجية في كتابه الموجز في الشعرالعربي الجزء الرابع (ان الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد يتميز بأسلوبه القريب من شعر المتنبي في فخره ومدحه ذو حنكة شعرية فذة وأسلوب شعري يميل إلى قوة الشاعرية والبلاغة غير المقصودة بحيث تجعله من أوائل الشعراء المعاصرين في قصيدة عمود الشعرفي العربية).

من قصائد عبد الرزاق الخالدة قصيدة: (أطلق لها السيف) التي قرأها صدام حسين في اللحظات الاخيرة من سقوط نظامه، ومنها:

اطلق لها السيف لا خوف ولا وجل
اطلق لها السيف وليشهد لها زحل
اطلق لها السيف قد جاش العدو لها
فليس يثنيه الا العاقل البطل
اسرج لها الخيل ولتطلق اعنتها
كما تشاء ففي اعرافها الامل
دع الصواعق تدوي في الدجى حمما
حتى يبان الهدى والظلم ينخذل
واشرق بوجه الدياجي كلما عتمت
مشاعلا حيث يعشى الخائر الخطل
واقدح زنادك وابق النار لاهبة
يخافها الخاسئ المستعبد النذل
اطلق لها السيف جرده وباركه
ما فاز بالحق الا الحازم الرجل
واعدد لها علما في كل سارية
وادع إلى الله ان الجرح يندمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا