الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتحار في غزة من مجرد مشكلة فردية إلى ظاهرة جماعية

دنيا الأمل إسماعيل

2015 / 1 / 10
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية



دنيا الأمل إسماعيل

ما الذي يجعل امرأة في مقتبل العمر تنهي حياتها، وما الذي يجول بخاطر شبابنا وهم يضعون الانتحار حلاً لأزماتهم المتعددة، هل هو تمرد قاتل ضد كل ما يسلب انسانيتهم وكرامتهم، وهل هو حالة احتجاج أخيرة ضد عالم لم يعترف بوجودهم وسلطة مشغولة عنهم بما هو أكثر أهمية من انسانية شبابنا ونساءنا وكرامة هذا الوطن. تبقى الأسئلة قاتلة وتستنكر استنكارها لأن بعض الواقع الأليم وفاقع المرارة يشير إلى القاتل الحقيقي، لكن الأسنة عجزت عن الجرأة والعين غضت بصرها عن عرى الحقيقة.
كعادتها دائما لاتحمل لنا دراساتنا وأبحاثنا واستطلاعاتنا الخير، بل كل ما هو مؤلم وموجع وصادم ، فيما تعدنا التصريحات الحكومية بوهم جميل يحمل استهزاءاً واقصاءاً وازداراءاً لا مثيل له.
وعلى الرغم من كل ما قلته، مضطرة دائماً أن أقول أنّ الدراسات تشير إلى زيادة محاولات قتل الذات في المجتمع الغزى، خاصة في الفترة التي تلت فرض الحصار على القطاع. ومن المعروف للباحثين والمختصين/ات أنّ الانتحار نوع من الانتقام وإلحاق الأذى بالذات الإنسانية، بمعنى أنه سلوك يتخذه الفرد من أجل إنهاء حياته، وتختلف طرق الانتحار من شخص إلى آخر، لكن هدفه واحد وهو التخلص من الحياة

بعض الأسباب
صحيح أنّ نّ انتشار المخدرات و ارتفاع معدلات البطالة لها دور مهم في زيادة حالات الانتحار، لكنّ انعدام الشعور بالكرامة وانعدام الحرية باعتبارها روح الحياة وجوهرها الانساني، وكثافة الضغوط الاجتماعية القاتلة لها أكبر الأثر في ارتفاع حالات الانتحار، فما قيمة الحياة بلا كرامة وما قيمة الحياة بلا حرية ، وما قيمة الحياة دون تواد ورحمة وانسجام.
وحين تنعدم الحرية والكرامة والمحبة، تنتعش الكآبة، حتى تسيطر على الذات الإنسانية سيطرة تامة، بحيث تجعلها تقبل الانتحار، وتندفع نحوه باعتباره خلاص الذات من أسرها، خاصة إذا رافقها شعور بالغضب واليأس تجاه العالم الخارجي الذي لا يفهمهم، وليس هناك من يهتم أو يشعر بهم.
الانتحار يغزو البيوت
بلغت محاولات الانتحار في قطاع غزّة في العام 2009، حوالي المئة محاولة، كان من بينها سبع محاولات انتهت إلى الوفاة. وفي عام 2011، انتحر 10 مواطنين، وسجلت 363 محاولة انتحار و منذ عام 2009 وحتى حلول العام 2012 تضاعف هذا العدد أربع مرّات ليصل إلى قرابة 400 محاولة موزّعة على مساحة القطاع الضيّقة. من بينها 3 حالات انتحار سجلت في شهر آب من العام ذاته في محافظة خانيونس وحدها، واليوم، وبحسب إحصاءات قسم الاستقبال في مجمّع الشفاء الطبي ـ أكبر مستشفى في غزّة ـ فإنّ 30 محاولة انتحار شهريّة تصل إليها، يعني معدّل حالة واحدة يومياً. وهناك بالتأكيد حالات لا تصل إلى المستشفيات، وتعالج في المنزل أو في مستوصفات صغيرة وبعيدة عن الأضواء الاعلامية وبعضها يجري التستر عليه. وتدل الأرقام المعلنة على زيادة مطّردة في حالات الانتحار، سواء أفضت إلى الموت أم لا.
تزداد عمليات القتل والانتحار في قطاع غزة، بسبب المشكلات الاجتماعية المتزايدة في القطاع والتي تتخذ أشكالاً متعددة من بينها ارتفاع حالات الطلاق حتى وصلت إلى أكثر من 20% خاصة بين الأزواج الشابة أو من لم يتم الدخول بها من النساء، انتشار المواد المخدرة وتعاطيها وخاصة ما يُعرف بـ الترامال .
الإناث الأكثر إقدام على الانتحار
في دراسة أجرتها جمعية الوداد للتأهيل المجتمعي عام 2011 رصدت 10 حالات انتحار و363 محاولة كتب لها النجاة، منوهة إلي أنّ الإناث يقمن بمعظم حالات الانتحار في حين أن عدد الوفيات من المنتحرين الذكور أكثر من عدد الإناث
وأوضحت نتائج الدراسة أن الانطباع السائد بأنّ تدهور الأوضاع الاقتصادية المرتبطة بالحصار هو السبب الرئيسي لحالات ومحاولات الانتحار غير صحيح ، مشيرة إلى أن العامل الاجتماعي الشخصي والعائلي هو السبب الرئيسي للانتحار وبينت الدراسة أن ظروف العائلات الاجتماعية وغياب الحوار الأسري لحل المشاكل، إلى جانب تأثير وسائل الإعلام ودور المسلسلات التركية في نشر ثقافة الانتحار , وانفتاح الشباب والفتيان على مشاهد العنف التي تعرضها التقنية الحديثة هي أيضا أسباب رئيسية. و
الشباب والإناث الأكثر اقداماً على الانتحار
تشير الكثير من الدراسات حول الظاهرة أنّ السواد الأعظم ممن يحاولون الانتحار هم من فئة الشباب العمريّة (16- 25)، وأغلبهم من الإناث، وتعتبر النظرة الاجتماعية والقانونية غير المنصفة للمرأة الفلسطينيّة، دافعاً مهيمناً على النساء اللواتي يقدمن على الانتحار. خاصة وأنّ العادات والتقاليد – خاصة في قطاع غزة- غالباً ما تضع المرأة في منزلة أدنى من الرجل، وتحديداً داخل الأسرة خصوصاً ناهيك عن الضغط الاقتصادي والاجتماعي الشديدين الذي تعاني منهما النساء، ولا تملك في المقابل سلاحاً غير الصمت لمواجهة هذا الوضع المتأزم ، على اعتبار أنّ المرأة تمثل«الحلقة الأضعف» مجتمعياً ومحطة تفريغ التوتر الذي يعاني منه الذكور الأقارب داخل الأسرة، والذكور في العمل، الذين غالباً ما يمتلكون السلطة والسيطرة على مجال العمل. هذا كله يجعل المرأة تتصدّر مشهد الانتحار، لا سيّما في التجمعات السكانيّة البعيدة عن المدينة.
إنّ إقدام النساء -على وجه الخصوص- على محاولة الانتحار إنما هو تمرد غير مدهش، وشكل من أشكال رفض الواقع، و وسيلة يائسة للتخلص من القهر السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تدفع ثمنه باهظاً جداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة