الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويحدثونك عن إجتثاث البعث

محمد محبوب

2005 / 9 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يثير موضوع إجتثاث البعث هذه الأيام جدل كبير بين العراقيين ولاسيما أزاء النص على محاربة البعث الصدامي في مسودة الدستور العراقي , حيث يختلف العراقيون في معالجة مثل هذا الملف الشاكك وهو خلاف غير متأت من مسودة الدستور وإنما يعود الى عهد مجلس الحكم والحاكم الأمريكي بول بريمر حيث صدر قانون إجتثاث البعث وتم تشكيل الهيئه العليا لإجتثات البعث التي تولت إبعاد البعثيين عن الوظائف العامه.

بالرغم من إن أسم هذا القانون ( إجتثاث البعث ) قد يبدو للوهلة الأولى مرعبا ومفزعا للبعض .. إجتث يجتث إجتثاث وهو إقتلاع النبت الضار من جذوره , لكن هذا القانون لايعني من الناحيه القانونيه الحرفيه سوى إبعاد بضعة آلاف بعثي عن الوظائف العامه فقط لاغير !! , هذا القانون يشمل البعثيين من درجة عضو فرقه فما فوق ثم أجري تعديل عليه فيما بعد حيث تم إستثناء أعضاء الفرق , كما أعطى هذا القانون مجالا واسعا للبعثيين المشمولين ( عضو شعبه فما فوق ) للإعتراض والمطالبه بإستثنائهم من الإجتثاث ( الإبعاد عن الوظائف العامه ) وفعلا صدرت وتصدر قوائم كثيره تستثني بعثيين قياديين وتعيدهم الى وظائفهم في الدوله.

وقد دخل الجمعيه الوطنيه العديد من البعثيين القياديين ( عضو فرقه فما فوق ) بعد إستثنائهم من قانون إجتثاث البعث , كما صار العديد منهم وزراء وسفراء ومدراء عامون وقضاة .. ألخ , علما إن القانون لايشمل البعثيين الذين غادروا العراق معارضين أو حتى ( زعلانيين ) قبل سقوط الصنم بما في ذلك القياديين منهم.

ومازال البعثيون من درجة عضو فرقه فما دون يحتفظون بمناصبهم ووظائفهم في مؤسسات الدوله ولاسيما في وزارات الخارجيه والداخليه والتعليم العالي والتربيه , بل إن بعضهم سرعان مابدلوا ألوانهم كالحرباوات و أرتبطوا بأحزاب جديده , وأعرف شخصيا العديد من هؤلاء البعثيين الذين صاروا مدراء عاميين وسفراء وموظفيين كبار في الدوله بعد إن أرتبطوا بأحزاب العهد الجديد.

كما إن مسودة الدستور نصت على مكافحة البعث الصدامي ( دون ذكر كلمة حزب ! ) في إشاره واضحه الى وجود حزب بعث آخر غير صدامي , وليس المقصود قطعا حزب البعث السوري لإن الدستور يتحدث عن حاله عراقيه وليست سوريه , وذلك يعني إن بإمكان البعثيين غير الصداميين وهم كثر إعادة تشكيل حزب البعث وإشراكه في الحياة السياسيه ولكن ربما في مرحلة لاحقه أو على الأقل تأسيس حزب قومي عربي جديد , لاسيما وإن هناك الكثير من البعثيين الذين عارضوا صداما وعملوا في صفوف المعارضه السابقه ضده.

وهكذا كما ترون الموضوع يتعلق بإبعاد بضعة ألاف من البعثيين القياديين من درجة عضو شعبه فما فوق عن الوظائف العامه , ليس أكثر من ذلك !! علما إن هؤلاء كانوا من الكوادر الحزبيه المتفرغه للحزب وليس فيهم كفاءات علميه وإن علقوا على جدران منزلهم شهادات دكتوراه أو ماجستير حصلوا عليها غالبا بطرق غير مشروعه , وقد حضرت يوما ما بدافع الفضول مناقشة رسالة دكتوراه لإحدهم وسمعته كما سمعه كثيرون يقول قبيل بدأ المناقشه ( الماينطيني الدكتوراه أكسر ظهره ) وقس عل ذلك !.

لكن البعض لدوافع خاصه مازال يصور هذا القانون وكأنه جز رقاب أو في أقل الأحوال حرمان أربعة ملايين وأحيانا عشرة ملايين من البعثيين مع عوائلهم من لقمة العيش !!!.

العهد الجديد وقانون إجتثاث البعث لم يعالجا ملف البعثيين الذين أرتكبوا جرائم ضد الشعب العراقي , لاسيما وإن معظم المجرمين البعثيين هربوا الى سوريا أو الأردن أو الى بلدان أخرى ولم يطالهم العقاب إلا القليل منهم الذين قتلوا إنتقاما من ذوي الضحايا أو من قبل الميليشيات المسلحه , كما قامت العشائر القويه بحماية أفرادها من المجرميين البعثيين الذين أرتكبوا جرائم ثابته بالدليل وتم تسوية الأمر وفق السنن العشائريه ( الفصل ) وإضطر ذوو الضحايا الرضوخ للإمر الواقع وتفويض أمرهم لله ولا حول ولاقوة إلابالله العلي العظيم.

غير إن عراقيي الخارج ولاسيما ممن غادروا العراق منذ سنوات طويله يضعون البعثيين جميعا وخلافا لقانون إجتثاث البعث في سلة واحده , وبالرغم من إنه لاتتوفر إحصائيه دقيقه عن عدد البعثيين المسجلين رسميا لكنهم يقدرون بأربعة ملايين والبعض يقول إنهم عشرة ملايين ويبدأ تدرجهم الحزبي من درجة مؤيد وهي أدني درجه في سلم حزب البعث عبر سلسله طويله من التدرجات وصولا الى القياده القطريه.

ويزعم معظم البعثيين وبمختلف تدرجاتهم إنهم كانوا مجبريين على العمل في صفوف الحزب , وهذا الزعم غير دقيق وفيه مغالطات كبيره , نحن نتفق معهم , إن الملايين من العراقيين كانوا مضطرين لإسباب مختلفه للإنتماء الى حزب البعث , ولكن هناك فرق جوهري بين أن تنتمي مضطرا ودون قناعه , يعني تمشية حال كما يقولون وذلك يشمل ملايين العراقيين ممن كانوا لفترة ما بدرجة مؤيد في حزب البعث أو أعلى بقليل , وبين أني يندفع في العمل الحزبي ويظهر أويتظاهر بالإخلاص والتفاني في خدمة الحزب وصدام ويترتقي السلم الحزبي صعودا الى درجات ومواقع حزبيه أعلى وهو المفتاح الى المواقع الوظيفيه المرموقه والإمتيازات الماليه والبعثات الدراسيه وماشابه ذلك , ويترتكب بعض الجرائم حتى وإن كانت غير منظوره مثل كتابة التقارير ضد الناس أو إذلالهم وما الى ذلك من أساليب البعثيين القذره في إلحاق الأذى بالأبرياء , وهؤلاء لايمثلون سوى بضعة ألاف من العراقيين وليس بالضروره كلهم من مرتكبي الجرائم ضد المواطنيين , لكنهم جميعا إنتهازون وصوليون و يتحملون مسؤولية قانونيه وإخلاقيه لدورهم في تقوية وإستمرار نظام صدام حسين لسنوات طويله.

لماذا كل هذا الضجيج وهذه الجلبه طالما إن الأمر يتعلق بإبعاد بضعة ألاف بعثي قيادي عن وظائف الدوله فقط دون أن تنالهم أي إجراءات عقابيه أخرى , علما إن معظمهم تحولوا الى رجال مال وأعمال سواء في الخارج أو الداخل بفضل ماشفطوه من المال العام قبل أو قبيل سقوط الصنم.

حتى كتابة هذا المقال لم تجري محاكمة بعثي واحد !! بل لم تجري محاكمة زعيم مافيا البعث صدام حسين وإعضاء عصابته , والأكثر من ذلك تم إطلاق سراح العديد منهم ويتم الترويج حاليا لإطلاق آخرين بينهم قياديين بارزيين مثل طارق عزيز الذي يقول إنه هو الآخر كان بريئا كالحمل ومغررا به كالطفل !!!.

كاتب وإعلامي أكاديمي ومدير المركز العراقي الألماني









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل العربية: لا إخلاء في رفح حتى الآن


.. وزير الدفاع الروسي يأمر بتعزيز تسليح الجيش في أوكرانيا




.. مع استفحال أزمة الجوع.. سودانيون يقتاتون على أوراق الشجر


.. أقارب الرهائن المحتجين يلتقون بلينكن خارج الفندق الذي يقيم ف




.. تدشين مشروع «تلال السكني» رؤية مستقبلية للعيش العصري والاستد