الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي تستطيع فعله لجنة التحقيق في سقوط محافظة الموصل

فرات المحسن

2015 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية







قال النائب الفضائي الأول للرئيس العراقي، السيد نوري المالكي خلال مؤتمر عقده في مدينة الناصرية : أن الجيش العراقي في الموصل لم يقاتل وأن ما حصل هناك هو أتفاق مسبق وضع في غرفة عمليات مشتركة بين جهات سياسية معروفة. وجاء سقوط المدينة إثر انسحاب الجيش الذي لم يقاتل وإنما أنسحب بموجب أتفاق بين جهات سياسية كانت تصف الجيش العراقي بالصفوي والشيعي والطائفي وقد صدر تعميم بعدم محاربة داعش كونها جاءت لطرد هذا الجيش.
وبدوره، فقد توعد معاون رئيس أركان الجيش للعمليات الفريق الركن عبود قنبر بأنه سيكشف عن الجهات السياسية والعسكرية المسؤولة عن سقوط الموصل، وقال بأنه لن يكون وحده من يقدم للتحقيق بتلك القضية، وأكد حصوله على مستندات ووثائق وعقود تدين أبرز القيادات السياسية والعسكرية وتمويلها للتنظيمات الإرهابية والطائفية، محملا نوري المالكي المسؤولية الكاملة عن انسحاب الجيش وسقوط المحافظة وما تلاه من أحداث.
بعيدا عن السياقات المعروفة في جميع ما يقع من أحداث جراء العمليات العسكرية فأن القيادة السياسية العراقية أبعدت ملفات الأحداث العسكرية من مثل سقوط مدينة الموصل وتكريت ومناطق في محافظات الرمادي وكركوك وديالى بيد الإرهاب، عن طبيعتها العسكرية وأحالت التحقيق فيها إلى لجان مدنية برلمانية داخلية. لحد الآن تبدوا هذه اللجان وكأنها تلف وتدور في حلقات مفرغة والملفات أكبر من أن تحسم نتائج التحقيق فيها لأسباب بات يعرفها القاصي والداني. وتلك اللجان التحقيقية، وبدلا من يتم البحث في اجتماعاتها عن أسباب وقوع تلك النكسات العسكرية والجرائم التي طالت المواطن والعسكري العراقي، نجدها تخوض صراعا كبيرا لغرض أرضاء أعضائها وعدم المساس بمصالحهم الحزبية والعشائرية أو المناطقية وأيضا الشخصية. فمثل هذه الاعتبارات تلعب الدور الرئيسي في مجريات التحقيقات والتمويه على الأحداث أو حرفها خشية تصدع العملية السياسية والمساس بوحدة العمل المشترك أي بالمعنى العام الخوف من أن يكون كشف الحقائق أحد أسباب انفراط المحاصصة التي يخجل البعض من أسمها فيطلق عليها صفة الشراكة الوطنية وهي البعيدة جدا عن مثل تلك التسمية وبدت مع سباق الزمن في عمر العملية السياسية ضحك على الذقون ومهزلة سياسية رعناء.
لا يمكن أن تكون عملية سقوط مدينة الموصل بيد منظمة داعش الإرهابية وحلفاؤها بعيدة عن توصيف جريمة كبرى. فما حدث ليس سقوط مدينة وهزيمة جيش، وإنما في المحتوى العام، يعد سقوط سلطة بمؤسساتها السياسية والعسكرية والأخلاقية . فالذي رافق ذلك السقوط جرائم يندى لها جبين البشرية تمثل بقتل الآلاف من الأيزيديين وسبي وبيع واغتصاب نسائهم وقتل وتهجير الشبك والمسيحيين واستباحة أعراضهم وممتلكاتهم. ولحد اليوم لم نجد أحدا من القادة سياسيين كانوا أم عسكريين من يجد في نفسه الجرأة والوقوف أمام الناس لوضع النقاط على الحروف وفضح الحقائق وتبيان دوره في تلك الجرائم الكبرى التي حدثت، أو حتى يتجرأ ويحمل سلاحه لينهي حياته دفاعا عن ضمير شعر بالخزي من فعلته قبل شعور العار من ما اقترفت يداه وأياد الإرهاب بحق الناس بعد احتلال الموصل.
اللجان التي شكلها البرلمان للبحث في جرائم عديدة مثل جسر الأئمة ووزارة الخارجية وما سمي بأيام المجازر الكبرى المتكررة التي طالت مدينة بغداد. لم تجد نتائج التحقيق فيها طريقها إلى النور وضاعت أوراقها في مهب ريح الشراكة الوطنية ( المحاصصة )، وتعاقبت علينا اللجان وضاعت أوراق لجان وتوالى تأليف لجان مع كل انكسار عسكري وأمني واستطاعت سطوة أبو أسراء وبطولات قادته وعمالة مدحت المحمود وماطورات محمد العسكري ورافعات قاسم عطا المكصوصي وخيول النجيفي وقفزات صالح المطلك أن تدفع بها نحو غياهب جب عميق لتختفي المطالبات والمحاسبة ثم تختلط ببساطة وطيبة الناس. ودائما ما راهن أعضاء تلك اللجان على قدرة الناس على النسيان. ومع هذا الأمر أدمن رجال وقادة العملية السياسية في العراق على أخراج وفبركة مسرحيات تم فيها الأعداد لعرض مشهد نهائي يجعل أغلب المشاهدين في أوضاع متعبة وملل ليعافوا النتائج النهائية دون الرغبة في الوصول إلى مخارج وحقائق. وفي هذا يعتمد أصحاب القرار السياسي على طبيعة المساومات وقبول الناس ورضاهم بأرباع الحلول قبل أي شيء أخر.
اليوم يدور صراع مستميت للحصول على مقعد في اللجنة التي شكلها البرلمان العراقي للتحقيق في أسباب سقوط مدينة الموصل بيد داعش وحلفاؤها بعد أن مضى على الجريمة ثمان أشهر من المماطلات والتسويف. الصراع على عضوية اللجنة يتكئ على منهجية ما سمي بالشراكة الوطنية. أي لن تستوي الأمور دون أن يكون للجميع حصة ووجودا في تلك اللجنة. ودوافع مثل هذا الأمر معروفة، بعضها يذهب لإيجاد المبررات والوثائق والشهود بما يبعد عن جماعته تهمة يريد البعض إلصاقها بهم. أو يود هذا البعض حرف موضوعة التحقيق بعيدا، ليتم توجيه الاتهام لمن يعدهم خصوما له ولحزبه أو منظمته. لذا فأن الطلبات انهالت على رئاسة البرلمان للانتماء لعضوية لجنة التحقيق في سقوط مدينة الموصل. وبدا عدد أعضائها عجيبا غريبا. وهذا العدد سوف يضع التحقيق في لجة مفارقات ومماحكات ورغبات ومصالح لن تنتهي عند حدود ليمتد الزمن بهذه اللجنة دون حساب أو نتائج. ومثلما المعتاد سوف يبدأ الصراع حول من يترأس اللجنة ومن هو سكرتيرها الأول ثم الثاني وكذلك المقرر وبعدها يبدأ صراع عن الكيفيات التي بموجبها يتم البدء بالبحث عن أسباب السقوط، وناتج السقوط، وما حدث قبله، وخلاله، وقبل كل هذا وذاك، من هم الرجال أو العساكر الذين من الموجب أن تستدعيهم اللجنة للتحقيق في الأحداث، وهل يكون ذلك تحقيقا أم استدعاءً. وتثار أسئلة كثيرة لن يصاب عضو اللجنة جراؤها بذات الصداع الذي سوف تصاب به رؤوس العراقيين. فمهمة عضو اللجنة واضحة وهدفه معروف وهو بعيد جدا عن مهمة الكشف عن الحقائق. وهو موقن بأن ليس هناك ضرورة لعرض النتائج النهائية بصيغها الحقيقية على الشعب. والمواطن الذي تضرر جراء العمليات العسكرية عليه أن يلهوا بعيدا عن اللجنة ويدخل في متاهات لجان أخرى من مثل لجنة النازحين ولجان التعويضات وغيرها من اللجان التي توسعت وتضخمت وكثرت مع ما تدره من منافع لمن يترأسها أو من حالفه الحظ وأصبح موظفا فيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟