الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحرقة السورية .. محرقة القرن

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2015 / 1 / 12
حقوق الانسان


لم يشهد التاريخ القريب أو البعيد ، مأساة كبرى ، كتلك التي يعيشها الشعب السوري منذ أربعة سنوات تحت جحيم نظام الأسد الفاشي ، هذا إذا أسقطنا من حساباتنا السنوات الأربعين العجاف التي حكم فيها الأسد والابن سوريا ، كما لو كانت إقطاعية مخابراتية أو مزرعة أمنية .
فالمحرقة بالمعنى القانوني ، قد تعني كماً هائلا من الجرائم والمجازر التي ترتكبها عصابات منظمة ضد مجموعات بشرية مسالمة ، لكنها بالمعنى السياسي تبدو أكثر شمولا من إطارها القانوني الضيق . فهي تشمل القتل الممنهج للبشر دون تفرقة بين كبير أو صغير إضافة إلى التدمير العشوائي للمدن والقرى والبلدات ، ودفع السكان الآمنين للتهجير القسري بظروف بالغة الصعوبة .
ما يجري اليوم في سوريا منذ أربع سنوات ، لا يمكن وصفه بالاعتماد فقط على لغة الأرقام والوقائع والصور ، لأنه تعدى حدود الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والمذهبي ، ووصل لمستويات في القتل والإجرام لم يصل لها طاغية أو مجرم عبر التاريخ .
هذا المستوى الخطير في القتل والإبادة والتطهير والتهجير ، الذي مارسه نظام الأسد المتوحش بالتعاون من شركائه الإقليميين والدوليين والطائفيين ضد جموع الشعب السوري ، تضعه في خانة أكبر وأخطر محرقة عرفتها البشرية في التاريخ .
إنها المحرقة السورية ، محرقة القرن التي لا تقبل الجدل أو الطعن أو الشك في حقيقتها الساطعة في وضح النهار ، والصمت عنها يوازي الصمت عن أي جريمة ، والصمت عن الجريمة يعني المشاركة بها .
ليس هذا وحسب ، فالمحرقة السورية تعكس واقع الألم والمعاناة والمرارة التي يعيشها السوريون اليوم في مخيمات البؤس والشقاء تحت موجات الصقيع والبرد القارص ، تجعل من ينكرها بمثابة من يتنكر لإنسانيته ، وهو يرى بأم عينه الأطفال وهي تموت تحت القصف بالصواريخ والبراميل المتفجرة أو بالجوع نتيجة الحصار الخانق أو بالبرد القارص .
توثيق هذه المحرقة التاريخية ، مسؤولية كبرى تقع على كاهل المدافعين عن حقوق الإنسان ، وأصحاب الضمائر الحية في العالم ، وإيصال صوت وصورة ضحايا وشهداء هذه المحرقة ، واجب أخلاقي وإنساني .
ولأن ذاكرة العالم ، تنسى بسرعة بسبب الأزمات المتلاحقة، فلا بد من تأريخ المحرقة السورية ، حتى لا تندثر حقوق الشعب السوري مستقبلا ، وكيلا تفتح الباب واسعا أمام طغاة آخرين ليمارسوا القتل والإجرام دون حسيب أو رقيب ، ولتكون شهادة حية على وحشية نظام الأسد، وصمت العالم الذي لم يضع حدا لتلك الوحشية المفرطة ، بل أطلق لها العنان لتقتل وتدمر وتهجر من خلال صمته المريب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة.. تدخل الشرطة في الجامعات الأميركية غير مناسب|


.. تهديد جاد.. مخاوف إسرائيلية من إصدار المحكمة الجنائية الدولي




.. سورية تكرس عملها لحماية النازحين واللاجئين من اعتداءات محتمل


.. قد تصدر مذكرات اعتقال لنتانياهو.. ما هي الجنائية الدولية؟




.. حالة -إسرائيل- مزرية ونتنياهو في حالة رعب من إمكانية صدور مذ