الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي هادي وتوت محافظاً للديوانية

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2015 / 1 / 12
كتابات ساخرة


علي هادي وتوت محافظاً للديوانية
بعد إنقلاب 17تموز عام1968 , ومجيء البعث إلى السلطة , تم تعيين أحد ضباطهم المشاركين في الأنقلاب العقيد الركن علي هادي وتوت محافظاً للديوانية , بعد أن أنهى دوره في محاكمة المتهمين بالعمالة للصهيونية ,كما يدّعون وهم من كبار تجار يهود بغداد والبصرة الذي بلغ عددهم (27) عراقياً , ومن ثم محاكمة مجموعة من المعارضين لسلطة البعث من الضباط الأحرار كان أحدهم العميد الركن جابر حسن الحداد وآخرين , كانت طريقة المحاكمة أن صدر الحكم مسبقاً بالإعدام شنقاً حتى الموت للتجار اليهود المدنيين , والحكم بالإعدام رمياً بالرصاص على الضباط العسكريين المتهمين بتآمرهم على الثورة .
عندما حلَّ علي هادي وتوت محافظاً على مدينة الديوانية , أخذ يتفنن في متابعة أصحاب المهن الحرة وأصحاب المطاعم , ومتابعة تطبيق الشروط الصحية , فقررّ في يوم ما وعلى طريقة ولاة القصص وملوكها , أن يتنكّر ويذهب للتأكدّ من الأمر بنفسه , فلبسَّ الملابس العربية متمثلاً بملابس فلاحي الجنوب , من الدشداشة والكوفية والعقال واضعاً النظّارة السوداء , والسؤال عن أسعار الأكلات الشعبية ليلاً في المطاعم , ومحلات المرطبات والألبان , وأسعار الخضرة .
ذات يوم تنكر كحالته ودخل مطعم خضير في صوب الشامية , الجانب الصغير .
أخذ ركناً ثم نادى على السفرجي, وهو من يأخذ الطلبات , وقف السفرجي على رأسه وبدأ يسرد الأطباق والأكلات المتوفرة بشكل سريع بما تتطلبه مهنته وعمله : جلاوي , معلاك , كباب , تكة , كص على تمن , كص , قوزي, تشريب , يابسة , بامبية , أسود .....
ضاق علي هادي وتوت بالسفرجي , فطلبَّ متأففاً بلهجة ريفية جنوبية :
- بروح أبيّك جيبلي نص تكّة .
استدار السفرجي نحو جهة المطبخ وعامل الشوي المتخصص وهو يطقق بالملاعق وبصوت عالي.
- عندك نص تكّة للسيد المحافظ , وداريّ .
أكمل السيد المحافظ مشواره في الأكل (متزقنباً ) نص نفرّ التكّة , خارجاً من المطعم وهو يتأفف بسبب أكتشاف شخصيته .
ثم عادّ السيد المحافظ إلى شارع الصيادلة في الديوانية يتعقبه مفوظ من الشرطة المحلية للحماية , قاصداً محل صغير للكادح (زوّاد) , المحل مختص لبيع اللبن للمستطرقين , يقع مقابل محل سلمان الطبل لبيع الفواكه والمعلبات المستوردة على اليمين من الشارع , طالباً (كاسة) لبن , كان القصد من مرور المحافظ على المحل ليتأكد من تطبيقه للشروط الصحية , كان يقدم زواد للزبائن اللبن بكاسات الألمنيوم (طاسة) .
قدم زواد اللبن للمحافظ وهو يردد كلمات الأحترام والتقدير :
- تفضل استاذ لبن عمل خاص للسيد المحافظ.
- ................
وبخّه المحافظ طالباً توقيفه وفق المدة القانونية للتجاوز وعدم تطبيق الشروط الصحية في محل الكادح زواد.
بعد أن أحيل على التقاعد علي هادي وتوت , أصبح جليس داره في مدينة الحلة , حتى وجد ميتاً مستنداً على كرسي في حديقة بيته , كان هذا نموذج من محافظي الديوانية , ينفذ ما تطلبه سلطة النظام البعثي أيام الستينات من القرن الماضي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بارك الله فيك ياسيد نبيل
زرقاء العراق ( 2015 / 1 / 13 - 17:43 )
الأستاذ نبيل المحترم
أقولها بصراحة ومن دون مجاملات , لو كان في عراق اليوم فقط خمسة بالمئة من امثالك لأصبح العراق جنة الله على الأرض
ثقافة وقيم حميدة وتعليم راقي والمام شامل بالتاريخ وانصاف للحقائق وصفات أخرى تجعل القارئ يخجل منك ويحترمك بأجلال
ليس بوسعي الا ان أدعوا لك بالصحة والعافية وبالرزق والسعادة وان نرى لك دوماً مقالات تشرح القلوب وتجعلنا نفتخر حقاً بالعراقيين امثالك


2 - مواضيعك شيقه وتراثيه جميله
سمير فاضل ( 2015 / 1 / 14 - 00:20 )
الأخ المحترم نبيل عبد الأمير الربيعي

مواضيعك شيقه وتراثيه جميله

بالنسبه للكريه -علي هادي وتوت - دعني أروي الآتي مع عدم حفظي التفاصيل الدقيقه للروايه لأني سمعتها حينها في بغداد من قائلها وهو من أهالي بغداد وكان حينها حاكم أو قاضي تحقيق في - الدغاره - احدى أقضية الديوانيه ، وتدرج في المحاكم لحد حاكم تمييز بعد ٢-;-٠-;-٠-;-٣-;-
ما مضومنه أن الأفندي المحافظ علي وتوت كان عنده شخص يطبخ طعام وكان وتوت يحب أكل - التكّه المشويه على الفحم - فد مره هذا المسكين شاويه بطريقه الضاهر ما عجبته الوتوت فانتفض واستشاط غضباً واشبع الطباخ ركلاً وضرباً بشكل وحشي همجي


3 - تعليق الى نبيل عبد الامير
ايدن حسين ( 2015 / 1 / 14 - 08:56 )

تحية طيبة
ليس واضحا من مقالك فيما اذا كنت تمدح المحافظ ام تذمه
فانت تقول انه كان يتنكر لتفتيش المحلات .. و هذا شيء جيد
ثم تقول .. انه مات مستندا على كرسيه بعد التقاعد .. و كانك تذمه
و سلامي
..


4 - رداً على تعليق ايدن حسين
زرقاء العراق ( 2015 / 1 / 14 - 19:35 )
لا أعتقد بأن المقال جاء ليذم علي هادي وتوت حيث لا يستطيع احد ان ينكر ثقافة وتوت
الرفيعة واحكامه العادلة خصوصاً في محكمة الثورة اللتي اشتهرت في العراق برهبتها وظلمها حيث أصدرت المحكمة في عهده العديد من أحكام الإعدام بحق الأبرياء من اهل
العراق دون تدقيق ودون وجه حق وفي العديد من الأحيان الإعدام لأناس يتشابهون في الاسم أو دون السن القانونية
ولمن لا يعرف سيرة علي هادي وتوت فهو قد تخّرج بتفوق وأمتياز من الدراسة الأبتدائية ليلتحق فوراً بأرقى الجامعات الحقوقية الدولية حيث لم يكن آنذاك مزوري شهادات سوق مريدي قد ولدوا بعد
ثم التحق علي هادي وتوت بنفس الكلية العسكرية اللتي تخّرج منها صدام حسين وقد
تفوق هناك الى درجة بأن تمت ترقيته من نائب عريف الى عقيد في يوم واحد
لقد حصدت أحكامه الآلاف من أرواح العراقيين، ويظل عشرات الآلاف من الأيتام والأرامل يتذكرون علي هادي وتوت كل يوم قاضياً متجبراً طاغياً متكبراً
ورغم كل ذلك لا يهتم البعض الا بما ذكرته المقالة بانه مات مستندا على كرسيه بعد
التقاعد , ويتساءلون ان كانت هذه الجملة مذمة بحقه؟؟

اخر الافلام

.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر


.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية




.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال