الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بل انا مثلك..مجرد انسان

سعيد ولفقير

2015 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


رمقني بنظرة،تحاشيته بابتسامة،مددت له يدي ،انتظرت..بادرته بتحية "بونجور" ،اقتحمني بسؤال..ما اسمك؟ اجبته..اسمي محمد.في عيونه بحر من الشك ، غارقة في صور ذهنية لا تنتهي،حاول ان ينكر، ان ينفي، انني لست كذلك ، لكن الحيرة سرقت من لسانه طلقات من الاسئلة.من انت ؟ من أين اتيت ؟ما قصتك ؟ ما هويتك ؟ هل انت معهم؟ ما موقفك من الارهاب ؟ هل انت مع الحرية ؟ هل انت مع قيم التي ناضلنا من اجلها قرونا قد خلت ، ودفعنا في سبيلها الغالي والنفيس ؟

انا اسمي محمد..من اصول عربية ، مسلم ، لكني لست ارهابيا.انا الساكن في تلك الضاحية الباريسية المتخمة بالعرقيات الملونة بالديانات والجنسيات ، انا من الجنوب، ذو السحنة السمراء ، هربت بحقيبة احلامي الى دياركم، ديار "الحرية" و"المساواة" و"الاخاء"، انا من آمن بقيمكم و مبادئكم السامية،انا من وجد نفسه، امام بصيص فرصة مزدحمة.. في طوابير الحصول على فيزا او رخصة اقامة، انا المتعلم المثقف، من وجد نفسه بلا قيمة في بلاده ، لكنه ضحى في بلادكم مقابل أي مهنة كانت..وكيفما كانت.انا من كنس لكم الشوارع ، و مسح لكم زجاج البنوك والبوتيكات،وغسل لكم الاطباق والاواني ، انا من وجدتموني يبيع الورد الاحمر فوق جسر نهر "السين"، انا من تعايش معكم، فطبخ لكم اشهى المأكولات المفضلة عندكم،و اتقن وتفنن في قواعد لغة موليير ، و احتفل باعيادكم ، وشارككم الفرح والحزن ، وناضل معكم في حماية المكتسبات التاريخية ، و شجع منتخبكم الوطني ، ورفع علمكم في الساحات و الميادين.

انا من تلك الشعوب، التي كنتم تصفونها ب"الهمج" و"الوحوش" ، كافَحَتْ معكم، في الحر والقر،و في اعالي الجبال العنيدة ، قاوَمَتْ بعناد اعدائكم ،حرَرَتْ بيوتكم من المغتصبين ، استرجَعَتْ اراضيكم ، من سطوة نازية مريضة ،و اضاءَتْ انوار برج كان في عداد المنطفئين..نعم انا من تلك الشعوب، من المسلمين المسالمين ،من تتهمونهم ب "الارهابيين"،دون فرز او تمحيص ، نحن من ذاق ويلات استعماركم الغاشم، وتدخلكم السافر، نحن من مات منا اعزلا تحت قصف طائراتكم ،من هرب من ويلات حروب ودماء ، بحثا عن محبة وسلام ، لا عن كره وارهاب.
نحن الآن من يدفع الثمن، فمهما استنكرنا و نددنا،مهما اقنعناكم وشرحنا لكم،مهما قدمنا من دفوع وحجج ، سنبقى في نظركم موقوفي التنفيذ من تهمة لم تثبت ادانتنا فيها.

في تلك اللحظة،رمقني بتلك النظرة، اطلق لسانه لطلقة سؤال اخير..سؤال ما زال عالقا في قرارة نفسه.
هل تتجرأ ان تحمل لافتة،مكتوب عليها.."انا شارلي" ؟
اجيبه..
انا محمد..هذا هو اسمي، من هناك أتيت ، وفي دياريكم..استقريت ، مسلم ، احب التسامح ، و انبذ العنف والارهاب ، احب الحرية ، لكن ليس مقابل وقاحة في حق ديني و معتقداتي.
يرد علي بسؤال آخر..اذن انت لست مثلنا ؟
اجيبه..
بل انا مثلك..مجرد انسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية


.. البنتاغون: لا يوجد قرار نهائي بشأن شحنة الأسلحة الأمريكية ال




.. مستوطنون يهتفون فرحا بحريق محيط مبنى الأنروا بالقدس المحتلة


.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي




.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي