الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المَدة

ربحان رمضان

2005 / 9 / 9
الادب والفن



سلطان .. رجل في العقد الرابع من عمره يعمل في التجارة وكافة أعمال النصب والاحتيال .. كان مناضلا في بداية حياته الا ّ أنّ ضغوط الأجهزة الأمنية دفعتـــــــه
للمشـاركة في عملية تكتل داخل حزبه والاعلان عن حزب لم يكتب له الحياة لأكثر من سنة واحدة انتهت بعدها العلاقة حتى مع رفاق الطريق الذين أصدروا بحقه أمر
في مقاطعته .. لقب باســـــــــــمه( ســــلطان) تشبها باسـم جده المجاهد الوطني ضد الاســتعمار الفرنسـي ، والذي حاول ذات مّرة أن يختن القسيس في طريق معربا ..

أبو باســل .. حرامي ومشــلّح ، في العقد الثالث من عمره ،زير نساء ، سـجن لأكثر من مرّة بتهم تعاطي المخدرات وخطف نسـاء في بدايات مراحلهم الفنية ..
يقول بأنه غير مستعد أن ينام ليلة واحدة في معتقل سياسي ، ولكنه يفدي النساء بروحه ولذلك أطلق على نفسه اســـم أبو باسـل ..

القطرميز .. مدير عام (سـابقا) لاحدى شـركات التأمين في القامشـلي ، يعمل أجيرا
في معمل للبلاط لأنه في حالة من التخفي بعد أن قبض على شــــــركائه في عمليات اختلاس لفترة طويلة من الزمن .. قصير القامة ، بدين حتى ولكأنك تخاله اسـطوانة بعجلات تتحرك الى الأمام والى الخلف ، يدور في أعلاها بؤبؤان لعينان يمملؤهما طمع شـره لكل ما حوله من خصوصيات الآخرين التي أنعم الله بها عليهم ،في حين أنهما تثيران الشك والريبة بالرجل الاسـطوانة تبعا لريبته الدائمة بمن حوله رغم أنه يغطيهما بنظارتين تخفيفا لشـعور الكراهية المنبعث منهما ..
رائحة متميزة تنبعث من ملابسـه المشبعة برائحة الدخان المتخمر ..
ســمي بالقطرميز للشبه الحاصل بينه وبين قطرميزات مصر ، التي لارقبة لها ولاخصر ..
رمزي .. رجل في الثلاثينات من عمــــره .. كثير الحركـــة والكلام ( هكذا كتب عنه أستاذه في نتيجة العام الدراســــي في احدى مراحل تعليمه الابتدائي ) لم يتزوج رغم الحاح رفاقه المستمر عليه بضرورة الزواج ليعقل ، ويهدأ ، بعيدا عن التأجج الثوري الذي لا يهدأ في داخله ..

افترشــوا أرض بســتان بمدّة قماشـية زينوها بصحن ســـــلطة ، وصحن مسـبحّة ، وصحن فول بطحينة ، وقليل من البزورات ، وطنجرة عرق تداولوا الشـرب منها لأنهم نسوا أن يجلبوا معهم كؤوســـــا للشرب وكان هذا الخطأ من سلطان الذي أخذ على عاتقه مسـؤولية تأمين لوازم ( الســـــــكرة ) في حين أنه لم ينسـى كل ما يتعلق
بلوازم ( الشــوي ) من اللحم الضاني المعد للكباب والشقف ، و البصل والبندورة ، والملح .. وأنواع عديدة من البهارات ..
بالقرب منهم طفل يتســلق شــجرة مشمش بغية قطف قرعونها الأخضر ..

غبّ رمزي غبّـة من طنجرة العرق وصاح مغنيا :

يادار ليلى بالشـــــــــــــــآم تكلمي وعمّـي صباحا دار ليلى واسلمي
ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمـــــــــــــي
فوددت تقبيل الســــــــيوف لأنها لمعت كبارق ثغــــــرك المتبســـــم

سأله القطرميز على الفور : أوبدّلت عبلة العبسية بليلاك ؟
صاح الطفل من أعلى الشــجرة : أيها المواطنون واظبوا على أكل الخبز والزيتون .
ناداه سلطان : انزل ياعم ، هلق بتوقع وبتنكســر رقبتك .
فردد الجمع مغنين :
" مابنزل ، مابنزل ياروحي مابنزل
الا ّ بحلق ألماس مابنزل ، مابنزل "
التفت أبو باسل الى الجمع وقال : كلّوا من أميركا ، والاســــــتعمار .. أنا شايف أن
العرب جابوا الدب لكرمهم لمّـا تعاونوا مع الانكليز ضد الخلافة العثمانية فـســـــلّموا فلسطين مجانا لليهود ..
ردد الجمع ثانية : " مابنزل ، مابنزل ياروحي مابنزل
الا بحلق المـاس مابنزل ، مابنزل "
مجّ أبو باسـل ســـيكارته الغليظة والملفوفة باتقان وقال : ليش عم تتهربوا من حديث
السياسة ؟
ردّ عليه القطرميز : لأن السياسيين الذين حكمونا كلـّن حرامية .. ســــرقونا يارجل.

من وراء كومة الجمر ردد سلطان مقطعا من أغنية : " أروح لمين ؟؟ "
ردّ عليه الجمع بصوت واحد : لبيت خالتك ، ومن أعلى الشجرة صاح الطفل : رح
يطعموك هنيك لحمة مشوية على قضيب الرمّـان .
ردد الجمع : " خدلك غفوة ..
فوق الربوة بشوية .. ســــرقوا الغلـّة
تحت الربوة بشوية .. نهبوا الغلـّة
خدلك غفوة ..
رفع سلطان الطنجرة عاليا وقال : بصحتكم يارفاق ، وغبّ غبة عرق تقلصت على
اثرها عضلات وجهه المثلثي الشكل وأردف قائلا :" ولي على على هالعرقات وعلى صاحب الكركي * ، اســــــق الله أيام الملوكي والنديم تبعات زمان .. ) ولك انزل ،صاح على الطفل .
ردد الجمع :
مابنزل ، مابنزل ياروحي مابنزل ..
مرّ بجانبهم فلاح على كتفه معول ردد محدثا نفســه ( وبصوت مســـــــموع ) :
اللي مابيخاف الله ، خاف منـّو ..
صاح الطفل من فوق مؤذنا : " الله أكبر .. الله أكبر "
ترك سلطان سيخ الكباب فوق الجمر وركض الى الشجرة .. رفع رأســه وصاح بالطفل : ولك اسـكوت .. هلق بيجوا بيمسـكونا .
ردّ عليه الطفل : اذا مسكوك ، رح يساووا جلدك درّبكّات .
أردف رمزي : ورح ترجع أفكح ..
فقال القطرميز : قدّ القرد .. مامســـخ الله ..
حكّ أبو باسـل رأســه وقال مغنيا :

اي خدلك ســــيكارة وعود لنتفاهم
مي حلوة نتخانق قدّام العالـــــــــم
خدلك ... سيكارة ، وعود لنتفاهم

التفت رمزي اليه قائلا : رح تختنق ، على مهلك ، طلعوا العرقات من عيونك ..
ردّ الجمع : " اي خدلك سيكارة وقعود لنتفاهم ..
قال سلطان وقد أتى بالشواء : الله يرحم أبو كاميران ، لو كان عايش لكان عصرن وسكر عليهن ..
وساواهن مازة كمان ، عقـّب رمزي .

بعد الأكل ترك الجمع المدّة على حالها وذهبوا الى القهوة الواقعة خلف التلـّة لشرب الشاي لألا تفرغ الطنجرة ( الوعاء الوحيد) الذي يملكونه ..

لمـّا عادوا لم يكن قد تبقـّى من المدّة وعدة السيران الا الطنجرة .
قال القطرميز وقد بحلق في وجوه الرفاق : ألم أقل لكم كلـّن حرامية ؟؟.

********************
الكركي : جهاز تقطير العرق .

















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. «محمد أنور» من عرض فيلم «جوازة توكسيك»: سعيد بالتجربة جدًا


.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR




.. الفنانة نجوى فؤاد: -أنا سعيدة جدًا... هذا تكريم عظيم-


.. ستايل توك مع شيرين حمدي - عارضة الأزياء فيفيان عوض بتعمل إيه




.. لتسليط الضوء على محنة أهل غزة.. فنانة يمنية تكرس لوحاتها لخد