الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شارلي ابدو بين الحق والحق الآخر!!!

هبة عبده حسن

2015 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


انتهى المشهد السوريالي الذي رافق وتبع الحادث الإجرامي في باريس على يد جهاديين إسلاميين واشتعل فضاؤنا العربي بنقاشات أكدت الواقع البديل الذي نحياه والذي نسأل فيه الأسئلة غير ذات العلاقة وتعلوا فيه أصواتنا بالملامة وابتساماتنا الخبيثة بالشماتة، وكأن جذر المأساة ليس ثابت في أرضنا وكأن الغير (الأغيار) يسكنون أرضاً غير أرضنا. لقد اشتركت في بعض هذه النقاشات واكتفيت بمتابعة البعض الآخر، أضمنها هذه المشاهد السريعة التي تعبر عن جل هذه الآراء.

المشهد الأول (المؤامرة الصهيوأمريكية):
نتنياهو يحذر فرنسا من الاعتراف بفلسطين ولكنها لم تستمتع للتحذير، ولذلك كان الهجوم على مقر شارلي ابدو ومتجر الأطعمة اليهودية (الكوشر)... ألم تسمعوا نتنياهو يعلن استعداد إسرائيل لاستقبال يهود فرنسا ووسائل الإعلام الصهيونية تسأل الشباب في شوارع فرنسا عن موقفهم من العداء للسامية؟ الموضوع لا علاقة له بالدين ولا ينتمي لحرية التعبير عن الرأي... المسألة ومافيها أن التكتل الصهيوأمريكي قرر أن يضرب من جديد وعملية تشارلي ابدو ما هي إلا المبرر الذي وضعوه لكي يجتاحونا.

المشهد الثاني (المسلمون الأبرياء أولى بالتأييد):
لقد قتل هؤلاء الأوغاد 150 طفلاً في باكستان منذ أسابيع معدودة، لماذا لم يتحرك الشارع الفرنسي لهذا الاعتداء؟ لماذا لم يتوافد زعماء العالم على كراتشي في مسيرة تضامنية؟ هل تساوي حياة 4 فرنسيين رسامي كارتون عنصريين مسيئين أكثر من حياة 150 طفلاً باكستانياً؟ الإجابة هي نعم لأن الأطفال مسلمين.

المشهد الثالث (ما هذه المبالغة!):
أنا غير مهتم بمن فعلها ولماذا فعلها ولا بجذور المشكلة ولا إذا كان القتلة مسلمون أو هندوس، أنا مهتم بزخم رد الفعل... الألاف في الشوارع ورؤساء الدول على ماذا؟ الغرب يخشى الإرهاب فقط عندما يضرب أراضيه.

المشهد الرابع (السحر انقلب على الساحر):
يجب أن يكون شعارنا الاحترام المتبادل، بما فيها احترام أديان الآخرين. شعورنا بالخزي من التصرفات الهمجية لبعض جماعات الإسلام السياسي لا يجب أن تنسينا من صنع هذه الجماعات. لقد انقلب السحر على الساحر والكلب المسعور يعقر الآن من آواه. من أتى لنا بداعش ومن يمولهم ويزودهم بالسلاح؟ أليس هم الغرب؟ دعهم يجعون السم الذي صنعوه!

المشهد الخامس (يجب أن تحترم حساسيات الآخرين):
لماذا لا تتساوى العنصرية مع عدم احترام الأديان؟ لماذا نشجب دعاة التفوق الذكوري ولا نشجب من يرسمون رموزاً دينية بشكل إباحي (كما فعل راسمو تشارلي ابدو عندما رسموا موسى وعيسى وبودا وجانيشا وغيرهم من الأنبياء أو الرموز الدينية يمارسون جنساً جماعياً)؟ ألا يجب أن نحترم حساسيات الآخرين بما فيها حساسياتهم الدينية؟

المشهد السادس (مقاربات متشابكة):
نشعر أننا جزءًا من المشهد الإنساني عندما نتبنى شعار "أنا شارلي" وخاصة عندما ترى كل زعماء العالم في شوارع باريس مع المواطنين الفرنسيين في مشهد مهيب... ولكننا نهرب من مشهد بوكو حرام الذي ففخوا فيه طفلة عمرها 10 سنوات ليقتلوا العشرات (ويقال المئات) عن طريق تفجير جسدها الصغير وسط الناس... الحرية والمساواة والإخاء في الشارع الباريسي مقابل الأجساد الممزقة الفقيرة تملأ شوارع نيجيريا...

المشهد السابع (التوسل بالاستعلاء العنصري في غير موضعه):
مشغولون بأربعة أفراد؟ وماذا عن الآلاف الذين حصدتهم الإيبولا في أفريقيا؟ هل الموت له جلال عندما يكون أبيض اللون فقط؟ لماذا لم يخلقوا هاشتاج للإيبولا مثلاً؟ لماذا لم يحتشد محبي الحرية من أجل ليبيا؟ لأنهم سود البشرة طبعاً.

المشهد الثامن (العبثية المجانية):
كفاكم بلاهة... هناك الآلاف ممن يموتون يومياً في اليمن والعراق وسوريا ونيجيريا وليبيا وأوكرانيا ومصر.

كل هذه الآراء صحيحة ولكن فقط ضمن أطر صحتها... وكذا كل أصحابها على صواب ولديهم ألف حق في تبنيها وخاصة أولئك الذين يعانون توابع زلازل الربيع العربي. لقد سألني أحد أصدقائي الذين آنس بآرائه ونبل مواقفه وإنسانيتها سؤالاً أصابني بالدهشة... لقد سأل صادقاً: أليس الغرب هو من يمول الإرهاب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة