الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشت فرسنا

راغب الركابي

2015 / 1 / 13
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية




أقدم التعزية الخالصة لشعب فرنسا وهي تجتاز هذه المحنة التي تعرضت لها ، جراء فعل إجرامي مع سبق الإصرار والترصد ، وعلينا نحن دعاة الحرية الوقوف جميعاً معها صفاً واحداً معبرين عن عمق العلاقة ، ومؤكدين على مواصلة العمل حتى يتحرر الإنسان من أوهام القبيلة وأوهام الدين ، وفي ذلك يجب علينا الوقوف دائماً ضد الإرهاب وضد التطرف والغلو الذي يمزق القيم الحضارية والمدنية التي دعت إليها فرنسا الثورة وفرنسا الشعب .
إن الجريمة البشعة التي أرتكبتها عصابات إسلامية تعيدنا إلى الوراء وتذكرنا بالحقب السوداء من الجهل والتخلف وشحة المعلومة وإنقطاع الصلة بالحرية التي تميزت بها عصور المسلمين في التاريخ ، ولهذا سوف أكون صريحاً معكم حين أعلن : على أن الإرهاب الإسلامي ليس حالة جديدة أو طارئة بل هو التعبير الدقيق عن ذلك التراث السيء المليء بالعدوان على الآخر وبالظلم ، إن الإرهاب الإسلامي هو الصورة القبيحة التي تحتكر الإسلام فيها ومن خلالها ، ومن المؤسف حين نصدع بهذا الكلام يتصدى لنا جهلة وأنصاف متعلمين وهذا ديدن الإرهاب وفعله ، نعم حين تعرضت فرنسا للإعتداء إنما تعرضت الحرية للقهر والعدالة للإغتيال ، لكن هذه الجريمة على بشاعتها لم تثن عزيمة شعب فرنسا وكل الأحرار من مواصلة درب الحرية والمدنية وبناء ثقافة جديدة تليق بالإنسان الجديد ، ونحن هنا لا نفترض شيئاً في هذا المجال ففرنسا هي رائدة الحريات والحقوق في العالم ، ولأنها كذلك فهي تحتضن أصناف من البشر عديدة على أختلاف ألوانهم وألسنتهم وأديانهم ولم تضق بهم ذرعا ، بل إنها تتبنى قضاياهم وتقف معهم وتكون في الغالب نصيرة لهم ، وكان لها قدم سبق في تطوير وتحرير العقل المشرقي من الخرافة والدجل والجهل ، وهي اليوم تتقدم دول العالم الحر تشاركه في حربه على الإرهاب الذي يضرب بلاد المسلمين في العراق وسوريا ومصر والبلاد الأفريقية ، فرنسا تتحرك في ذلك وفقاً لقناعاتها وإيمانها بوجوب سيادة الأمن والأستقرار في البلاد المشرقية ، ولابد لنا أن نشكرها شعوباً وأفراد على مساهمتها تلك لأنها تفتح الأبواب أمام شعوبنا لكي تُعبر عما تريد بحرية ومن دون قهر أو خوف أو سلب إرادة أو دكتاتورية .
في المحنة التي تعرضت لها فرنسا ، نعرف جيداً ونتأكد إن ثمن الحرية غالي بل أغلى من كل غال ، ونعرف كذلك إن التكفيرين الإسلاميين لا يتقبلون معنى ومفهوم الحرية بل لا يطيقون أشراطها ، لأنهم لا يتقبلون مفهوم ومعنى الرأي والرأي الأخر ، لأنهم في ثقافتهم تعودوا على معنى السمع والطاعة للأمير وإن كان باغياً ، وعامة المسلمين حين يتكلمون عن الحرية يتكلمون عنها بما تدر عليهم من أرباح ومزايا ، ولو تتبعنا حركة الحرية في بلاد المسلمين نجدها معدومة ومقطوعة الرأس واليدين واللسان ، ومن يدعي إن لدى المسلمين حرية فعليه البينة والبرهان ، إذ إني أجد إن عامة المسلمين واقعين في الواهم والخداع في الكثير من القضايا والمعاني والمفاهيم ، والمعلوم بالدليل إن عامة المسلمين واقعين أو أسرى - كل شيء ممنوع وكل شيء محرم - ، بل
وكل شيء عندهم تختزله قصص الماضي من البطولات المزعومة من حكايا الغزوات والفتوح - ظاهرة الأعتداء على الشعوب بأسم الدين - ذلك الشيء الذي أسس لمفهوم جهاد الطلب ( قتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) ، وفي ذلك يقع كل الناس بل كل البشر كفار يجب قتلهم وقتالهم !!! ، ومن يدع أو يفترض حُسن النية في قبول الآخر واهم ومخدوع بشعارات التضليل التي يمارسها حشد من فئة أنصاف الرجال من أهل الدين ، ولن أبُيح سراً إذا ما قلت بأن الثقافة والفكر الإسلامي السائد لا يقبل الأخر ، ومن يدع خلاف ذلك فهو منتحل صفة أو لا يعرف الفكر الإسلامي من الداخل ، وتجربة العقود الماضية أهدت لنا جميعاً تلك المعلومة ورسختها في الأذهان ، كما إن تجربة داعش في العراق وسوريا تحكي من غير لبس عن هذا الذي نقوله ، تجربتهم هذه تذكرني بفتوحات الحجاج وخيول المعتصم وغزوات الأندلس ، وتذكرني بموقف المؤوسسات الدينية من المعتزلة ومن الشيعة وتذكرني بالحروب المفتوحة على النصارى واليهود والتي يتغنى بها إعلام المسلمين كل يوم .
إن جريمة قتل الكتاب والصحفيين والفنانيين في باريس ذكرتني بمحنة الحلاج ومحنة الصوفية ، وذكرتني بتجبر صلاح الدين وفعلاته الشنيعة بحق الدروز والعلوية ، المسلمون يعيدون إنتاج تجاربهم في قتل المخالفين وأهل الرأي تلك التجارب التي مرت بها أوربا في محاكم التفتيش حين ساد الدين سياسةً ، ولهذا أنشئ الخليفة المسلم دواوين الزندقة لأهل الرأي والفكر ، وهذا الشيء ليس إختصاصا لفئة أو لطائفة بعينها بل هي ممارسة وهواية عامة عاشها الفكر الإسلامي بكل شقوقه ، ولا يجوز المناورة في هذا المجال فالتجربة خير برهان .
وفرنسا الثائرة قبل عقود هي نفسها فرنسا المتظاهرة والمعتصمة في يوم الأحد الماضي ، هي نفسها التي بنت القواعد والقوانين للحريات والحقوق ، وهي التي أسست هيكل الدولة الجديدة على أساس الحرية والعدالة والمساوات ، وهذا الذي لا يقبله الإرهابي والتكفيري والجهادي ، نعم إن الفكر المتطرف في الإسلام هو السائد اليوم في لإعلام وهو المتحكم في المنابر والساحات ، ولكي يعلن المسلم البراءة من هذا الفكر عليه تشجيع قيم الحرية وثقافتها والإيمان بذلك ، ونفي الفكرة عن حاكمية الدين واسلمة المجتمع ، وعلى العالم العمل بجد من أجل إقتلاع جذور الإرهاب ومايؤدي إليه ومنع المروجين للفكر المتطرف من الترويج له ، إن الأهمية تتزايد من أجل وضع قوانين جديدة في هذا المجال لنشر قيم الحرية والعدالة والسلام والتخفيف من فوضى التدين المزيف ومن يمتطيه ، وفي هذه المناسبة نعلن تضامننا العلني والمسؤول مع شعب وحكومة فرنسا ، ونردد مع الرئيس الأمريكي
عاشت فرنسا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في إسرائيل: خطاب غا


.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا




.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.


.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو




.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza