الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية Counterfactual واشارة

محمد خضر خزعلي

2015 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يعتبر ايفال كفارت رائد هذه النظرية ، ففي كتابه The theory of Counterfactual ، نظرية الوقائع المضادة ، ويوضح انها تنطلق من سؤال بسيط لتوضيح لب النظرية ، وهو : ما هو الواقع الحالي الممكن مثلا ، لو ان الشيء الفلاني لم يحدث... واذا لم يحدث هذا الشيء هل سيكون الواقع واقعا مضادا او معاكس لما هو عليه الحال الان؟
استنادا على حقائق تاريخية معينة يتم تصوير الواقع المحتمل من خلال تصور عدم حدوث شيء ما لاستشراف الـ الان ، من خلال تخيل حدوث عدة سيناريوهات ممكنة ، وخير تطبيق لها دراسة غراهام فوللر المنشور على موقع مجلة foreign policy ، بعنوان : A World Without Islam .
في دراسة غراهام فوللر يتوصل الى نتائج ذاع صيت ارتباطها بالإسلام ، في حين ان الاسلام لم يكن احد العوامل المسببة لذلك ، حتى وان كان عاملا مساعدا في بعض القضايا او في قضية معينة ، وهذه القضايا التي انتشرت بشدة بعد كتاب صاموئيل هنتجتون المعنون بصراع الحضارات.
من هذه القضايا ، قضية الارهاب والاسلام ، او ما بات يعرف بإسلامية الارهاب:
يخلص فوللر الى نتيجة مفادها ان الاسلام ليس مسببا للإرهاب ، فلو لم يكن هناك اسلام فهل سيكون هنالك سيارات مفخخة ؟ او عمليات انتحارية ؟ او هل ستكون هنالك احداث الحادي عشر من ايلول؟
طبعا الاجابة الليبرالية الساذجة ستكون ( لا بالتأكيد) ، لكن اعتقد ان الاجابة ستكون نعم بالتأكيد ، لأن الاستعماريون اتخذوا برأيي من النصوص الثواني الاسلامية فخاخا لم يتجنبها فقهاؤنا من خلال اظهار ان "الفقه محض اجتهاد بشري في فهم ومقاربة نص " من النصوص الثواني بل والنص القرآني ايضا.
اشكر الفيزيائي الشاب محمود ابو دخان صاحب القلم ذو صفر ايراد مالي على ما يقوم به من كتابات كنت اتمنى ان يكتبها اصحاب الشهادات العليا في الفقه والاصول .فنص مثل "جئتكم بالذبح" ، او "من بدل دينه فاقتلوه" ، وغيرها من النصوص التي لا معقولية لها في زمننا ما زالت سائدة وبقوة لاسباب كثيرة لا مجال لنقاشها ، فالمعقولية متغيرة بتغير الزمان والمكان كما نفهم من المرحوم الجابري ، في حين اغلب فقهاؤنا ما زالوا يحافظون على مقعوليات لم يعد من الممكن القول بمعقوليتها... ومرة اخرى نستند على رأي ابو دخان عندما يقرر ان :الرأي الصحيح منطقيا ومعرفيا ليس بالضرورة أن يكون صالحا واقعيا".
وبالعودة الى فوللر يذهب للقول :بأن الاسلام ليس مصدر المشكلة ، بل هناك اسبابا اقل وضوحا واكثر عمقا ، وهذا ما يستغله برأيي المحافظين الجدد ومن لف لفيفهم ومن اعادة مقولاتهم من ببغاوات العرب مثل انطوان صفير.
فهناك من الاسباب السياسية والاقتصادية يدلقها علينا ايمانويل فالرشتاين بغزارة ، اهمها ما جاء في نظريته النظام العالمي ، حين يقرر ان كل الظواهر الاجتماعية مثل الفقر والصراعات والعلاقات البيئية والأسرية لا تفهم الا من خلاله ، اي النظام العالمي ، ذاك النظام القائم على علاقات استغلالية بين المركز والمحيط وشبه المحيط.
فما تم تأسيسه على اساس اقتصادي منذ منتصف القرن السادس عشر وحتى الان ، هو من اسهم في وجود تراتبية عالمية اقتصادية ، وعليها تم التأسيس لتراتبية سياسية ، يتوقع فالرشتاين انهيارها ما بين المستقبل المتوسط والبعيد.
فالإسلام ليس مسببا للإرهاب ، ويتخذ فوللر من احصائيات الشرطة الاوروبية لعام 2006 دليلا على ذاك : فقد تبين انه من بين 498 هجمة ارهابية وقعت في اوروبا ، كان نصيب الاسلام منها حالة واحدة ، في حين ان الانفصاليون الاوربيون كان نصيبهم 424 هجمة ارهابية ، في حين ان اليسار الاوروبي قام بــ 55 هجمة ، 18 هجمة قام بها ارهابيون اخرون ، وهذا ما اكملته قبل ايام في مقال منفصل استنادا الى احصائيات الشرطة الاوروبية ، وتبين لي ان معدل الهجمات الارهابية من قبل افراد مسلمين كان 17% منذ عام 2006-2013 ، في حين ان معدل ارهاب الانفصاليون كان 76% لنفس الفترة.
فالإرهاب ، (مع ملاحظة عدم الاتفاق على تعريف محدد) ما هو ؟ اهو المقاومة ؟ او هو عمليات التمثيل لخلق واقع على واقع مغاير ؟ ام فعلا هو عمليات اجرامية؟
ما نراه في التلفاز مصورا احداث باريس هو واقعيا ارهاب؟ لكن هل هو حقيقي ؟ من له صلاحية الفتوى بما هو حقيقي؟ وكيف نقول بأن هذا حقيقي ؟ سؤال عقيم لم يحل منذ بيلاطس.
نرجع الى فوللر ، وتهربا من اي بادرة توحي بالمؤامرة لا نريد الخوض بعمليات التمثيل السياسي ، لكن ما كان ليكون هذا التمثيل لولا وجود اطماع كانت سببا في تنميته.
بالعودة الى فوللر يتضح ان هناك من الاسباب السياسية والاقتصادية التي من الممكن ان تؤدي الى الارهاب او المقاومة حتى لو لم يكن هناك اسلام ، فمثلا ، التأكيد على اسلامية الارهاب هو أمر مشكوك بصحته ، ففي مقارنة _ادرك جيدا بعض مغالطاتها_ قام بها فوللر لأجل تبيان عدم منطقية الهجمات الشرسة على الاسلام مقارنة بعدد عملياته الارهابية مقارنة بغيره ، وذاك من خلال البحث عن الاجابات التي من الممكن ان يقدمها مهاجمي الاسلام ، اذا علموا ان الارهاب اليهودي خلف من العسكريين البريطان الكثير منهم في فلسطين ، او عمليات الجيش الاحمر في اوروبا ، او لنقل الشيوعيون مرة اخرى ضد البريطاني المحتل للمالاويين ، او الباسك ، وغيرهم الكثير مثل جيش التحرير الايرلندي ، او الشيوعيون الفيتنام ضد الامريكين او منظمة الدرب المنير... واضيف ما يحدث حاليا في باغا.
ما يريده فوللر ولا يريده هو القول بأن النفس البشرية متشابهه في كل مكان وزمان ، فأنا عربي اكذب تماما وببراعة كذب الفرد البريطاني ، حتى وان اختلف الاسلوب ، كما أنني مقاوم للمستعمر ان كانت ادواته مباشرة ام غير مباشرة ، حتى وان اسموا مقاومتي ارهابا ، تماما كما فعل الفيتناميون والشيوعييون والايرلنديون والافارقة الوثنيون... فجزء من المسألة قبول الحياة بطعم الموت ، او موت بطعم الحياة كما نفهم من هيجل.
اعلم ان بعض الشطط قد اصابني لكن سأعود الى نظرية Counterfactual وسأسأل :
1-ماذا لو لم يكن هناك استعمار ، مباشر او غير مباشر فهل ستقع احداث الحادي عشر من ايلول؟
2-ما هو الواقع الممكن لو ان جيوش الغرب لم تصلنا؟
3-ماذا يمكن ان يكون عليه الواقع لو لم نٌستغل ونبتز سياسيا واقتصاديا؟
4-كيف يمكن ان يكون العالم لو لم تظهر الرأسمالية في العالم اصلا؟
5-لو لم يكن هناك استعمار ، فهل سيشهد العالم فوضى كما هي حاليا؟
6-كيف يمكن ان تكون العلاقة بين الشرق والغرب اذا تراجع الغرب عن فكرة مشروع الشرق الاوسط الكبير ؟
7-كيف يمكن ان يكون الواقع لو ان اسرائيل لم تتبرع لها بريطانيا بفلسطين؟
وفي نهاية الفلك المشحون ، كعادة اي مثقف اود ان اقول: انا لا ابرر اي عملية ارهابية سواء اقام بها مسلم ام سيخي ام وثني ، واستنكر الهجمات على المدنيين ، لكن أتساءل الا يعد ضربا بالريش اذا عالجنا العرض ونسينا المرض؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد.. إماراتي يسبح مع مئات الفقمات وسط البحر بجنوب إفريقيا


.. الأمن العام الأردني يعلن ضبط متفجرات داخل منزل قرب العاصمة ع




.. انتظار لقرار البرلمان الإثيوبي الموافقة على دخول الاستثمارات


.. وول ستريت جورنال: نفاد خيارات الولايات المتحدة في حرب غزة




.. كيف هو حال مستشفيات شمال قطاع غزة؟