الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد الغياب ..

سمير هزيم

2015 / 1 / 14
الادب والفن


كنت مستغرقاً في غفوتي .. داهمني شعوراً ان احداً دخل المنزل .. وانا كنت ليلتها وحيداً في المنزل ..
فقد ذهبت زوجتي الى بيروت لزيارة أمها وأبنائي موزعون في اصقاع شتى ..
سمعت صوت زجاج يتكسر ..
التقطت مسدسي من تحت وسادتي ....
البيت يخلو من الانارة ..
الكهرباء مقطوعة .. الشمعة التي اشعلتها في الممر انطفأت قبل قليل ..
بحثت في الدرج القريب مني عن كبريت .. للاسف ان العلبة فارغة من أعوادها ..
ها هو .. لقد اقترب مني كثيرا .. انه امامي الان .. لقمت مسدسي .. قلت له توقف .. ان تحركت خطوة اخرى سارديك قتيلاً ..
قال ... توقف .. اخرج من جيبه كبريتا .. ولع عود ثقاب .. قربه من وجهه .. قال لي هل عرفتني ..؟
تجمدت مكاني .. استشبهت به ..
تلعثمت لم اعرف ماذا اقول ..
قلت : اااااانننننت ...
قال انا اخوك حسن .. هل نسيتني ياسمير ..؟
اقترب مني وعانقني عناقاً طويلاً .. انه هو كما كان قبل ذلك الزمن البعيد ..
قال لي .. اراك قد كبرت كثيراً ..
اين امي وابي ..؟
بقيت أقلبه بعيوني غير مصدق ..
قلت له .. انت لم تمت ..؟ اعتقدنا انك مت ..
ماما قالت لنا انك فارقت الحياة ..
لكن لا ادري هل توفيت بذاك المرض الخبيث .. ام انك قضيت غرقاً بينما كُنْتُمْ ذاهبون بالبحر الى إيطاليا ..
ضحك حسن ضحكة كبيرة ..
قال :
انت وباقي وأشقائي لم تروني يوم رحلت ..
قاطعته وقلت له : ما هذه الملابس التي ترتديها .. هيا اخلعها وادخل الحمام .. هاهو الفجر بدأت طلائعه تهل انوار شمسه علينا .. سأعطيك بيجامة نظيفة وألبسة داخلية ما تزال في اوراقها ... ..
هل انت جائع .. ؟
قال وهو ينحني لخلع بوطه ذي الرباطات الملتفة بكثافة حوله ..
لقد غبت عنكم فترة طويلة من الزمن .. كانت قاسية جداً علي ..
كنت اسير في معسكر للمرتزقة .. وكان الذين اختطفوني .. يجبرونني ا على القيام بأعمال الحفر في الليل ..
انا كنت مختطفا يا اخي عند جماعة لا تعرف ربها .. وقد استطعت الهروب بأعجوبة ..
استدركت .. هل أُحضر لك افطاراً يشبه إفطارنا ايام زمان ..
حتماً انت جائع ...
قال : لا اسمع صوتاً آخراً في البيت .. اين امي وابي ..
أكيد انت تزوجت وأصبح لديك اولاد اين هم .. ؟ لا عليك حسن ..
سأعد لك إفطارا شهياً ستجدها جاهزة عند خروجك من الحمام ..
قال اخي العائد بعد غياب :
سالتك عن امي وابي ..
ضحكت ضحكة مفتعلة .. وقلت له .. سأخبرك بكل شيء فيما بعد ..
هيا انهض الى الحمام كفاك تلكؤاً ..
جهزت مواد الافطار من الشاي والجبنة واللبنة والمكدوس والزيتون ..
بينما دخل شقيقي الى الحمام ..
سمعت طرطشة الماء .. وتناهى الى مسامعي دندنته لأغنية فريد الاطرش التي كان يرنمها قبل رحيله ( اشتقتلك اشتقتلك ) ..
سررت لسماعه .. أعددت كل شيء .. ناديته هل تريد الشاي مع الطعام ام بعده ...
قال اخي : لقد انتهيت الان ... اريد الشاي مع الطعام ..
فجأة .. أصوات انفجارات مزقت سكون ساعات الفجر .. كان صوتها عالياً يثير الرعب .. قال اخي ماهذا الذي اسمعه ...
لم يكد ينهي جملته حتى كانت سماء مدينتنا مشتعلة من الانفجارات .. وقذائف المدفعية والهاون ..
واخي ما زال يدندن أغنيته ..
ان الارهابيون يشنون الان هجوما على مدينتنا .. وأصوات الانفجارات تزداد .. ترافقها رشقات متتالية للرشاشات الثقيلة والبنادق الاوتاميتيكية ..
هذا انفجار قوي هز أركان منزلنا .. ودخان كثيف يملأ البيت .. أصوات تحطم الأبواب وتناثر الزجاج هنا وهناك ..
سقطت على الارض وانا اسعل كدت اختنق من الدخان ..
هدأت المعارك .. توقفت الاشتباكات .. انقشع الدخان والغبار ..
لم أعد اسمع صوت شقيقي ..
زحفت الى الحمام وانا انادي .. حسن .. ها. حسن هل تسمعني يا حسن ..؟
كاد يتوقف قلبي وشعرت بانه انخلع من مكانه ..
وجدته بجوار الجدار الذي إصابته قذيفة .. مستلقيا وفاقداً الوعي .. ويداه تنزفان .. ووجهه ينضح سائلا لزجاً .. .. سحبته الى غرفتي ..
حاولت التعرف على نبضات معصمه .. تحسست صدره .. ورقبته ..
احتضنته .. وصرخت بصوت عالٍ بدا عليه الخوف ..
لماذا عدت الي يا حسن .. نحن كرهنا الحياة .. ان مصيبة حلت على مدينتنا واهلنا ..
ليتك لم تعد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في


.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد




.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض