الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحل السياسي في سوريا على طريقة الروليت الروسي

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2015 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تبدو روسيا اليوم أقرب ما تكون بالكاهن المتصابي الذي يعوظ جماهيره بالحكمة والمحبة والسلام ، ثم يدعوهم لمواصلة تدمير المدن وقتل الأبرياء الآمنين بلا هوادة ، ولا يبخل عليهم في إسداء النصائح الأمنية بالقتل الممنهج وتقديم الاستشارات العسكرية في التدمير الشامل للمدن والقرى والبلدات، من وحي تجاربه التاريخية مع الأقاليم المتمردة في القوقاز .
الديبلوماسية الروسية التي تحاول اليوم بالتعاون مع المطبخ الاستخباري، صاحب العراقة التاريخية والفنون النادرة في لعبة الموت ، جمع حمائم المعارضة السورية وضباع نظام الأسد على طاولة واحدة ، لتبدأ معهم مفاوضات السلام ، على طريقة الروليت الروسي، الذي لا يعرف سوى الموت بالرصاصة الوحيدة في نهاية اللعبة .
ولأن روسيا بارعة في لعبة الموت ( الروليت ) باعتبار أن هذه اللعبة من الابتكارات النادرة للمافيا الروسية التي برعت في تصديرها بكثير من الثقة للكرملين ، ليعتمدها الأخير منهجا وأسلوبا في حبك سياسته الخارجية وبناء ديبلوماسيته العتيدة التي تشق طريقها اليوم لتصبح ندا لديبوماسية البيت الأبيض ، ولكن عبثا .
فروسيا التي أكدت وجودها في سوريا ، كآخر قلاع نفوذها في الشرق الأوسط ، بالانحياز الأعمى لصالح نظام الأسد ، ليس لأن الأخير حليفا تقليديا لها منذ عهد الاتحاد السوفياتي ، بل لأنه يمثل الحصن الحصين ، لآخر قدم لها في الشرق الأوسط ، والضامن الوحيد لبقائها في مياه المتوسط ، وكل ذلك مجرد حجج وذرائع لتغطي فيها على تفضيلاته السياسية لنظام ترى فيه ولا ترى بأي بديل عنه المواصفات المطلوبة .
فالمواصفات التي تتوفر بنظام الأسد ، لا تتوفر بغيره من النظم العربية ، أو حتى داخل تكوينات المعارضة السورية ، فهو بالنسبة لروسيا ، نظام طائفي حليف لإيران التي ترتبط بحلف استراتيجي وثيق الصلة التاريخية والجغرافية بروسيا ، وبنفس الوقت ترى فيه نظاما أقلويا، بقاءه يحافظ على بقاء الأقليات الدينية التي كانت ولازالت مفتاح التدخل الروسي في الشرق الأوسط منذ حرب القرم الأولى عام 1853وحتى اليوم .
كما أن نظام الأسد بحسب المواصفات الروسية ، نظام علماني ، برؤية بعثية أساسها الاشتراكية السوفياتية، بميولها الستالينية الديكتاتورية، وهو لا يزال بالنسبة لروسيا ، خياراً أفضل من أي نظام علماني آخر برؤية ليبرالية أقرب للاتجاه الأميركي ، فما بال موسكو اليوم من وصول الإسلاميين للسلطة بحكم انتشارهم على الخريطتين السياسية والعسكرية في سوريا.
ولا يهم روسيا أن تفقد ماء وجهها ، أمام الرأي العام العربي والأقليمي والدولي ، عندما تعلن جهارا نهارا ، أنها لن تسمح بأي نظام بديل في سوريا لا تتوفر فيه المواصفات السحرية التي تراها بنظام بالأسد ، ولا مشكلة لديها بالتخلي عن بشار الأسد في أي وقت طالما وجدت البديل .
المشكلة تدركها روسيا، لكنها تتغافل عنها عمدا، وهي أن البديل عن نظام شبيه بنظام الأسد ، مهمة شبه مستحيلة على فناني السياسة ومحترفيها ، فمثل هكذا نظام ، ليس له شبيه أو حتى بديل لا في التاريخ القريب ولا حتى في التاريخ السحيق .
كما أن اختلاق الروس لنظام شبيه بنظام الأسد ، من خلال جمع الحمائم بالضباع ، تحت تأثير الروليت الروسي ، مهمة مستحيلة ، فلا أحد يستطيع من اللاعبين الدوليين أن يفصل نفس الثوب الذي تم تفصيله للنظام منذ أمد طويل ، وإن نجح الروس في إعادة تفصيل نفس الثوب المزركش بالمواصفات الروسية ، فلا أحد من السوريين يستطيع أن يرتديه نظرا لاختلاف المقاس بينهم وبين مقاس نظام الأسد .
أما وجدان الشعب السوري ، لم يكن مهما لروسيا، منذ أن أعلنت انحيازها التام لنظام الأسد ، وتنكرت لثورة الشعب السوري ، واليوم لم يعد لديها ما تخسره في سوريا، رغم أنها تتذرع بين الحين والآخر ، بالحفاظ على المؤسسات والدولة وصون السلم الأهلي ، والشيء المثير للاشمئزاز، أنها تقدم نفسها اليوم كراعية سلام وحوار وتسوية بين السوريين وبنفس الوقت ترعى الحرب بينهم .
فماذا يمكن أن نتوقع مع راعي يلوح بالحرب بيده اليمنى وبالسلام بيده اليسرى ، وهو في الأساس لم يحترم وجدان الشعب السوري وخياراته في الحرية والكرامة ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رد فعل لا يصدق لزرافة إثر تقويم طبيب لعظام رقبتها


.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصفه بنى تحتية عسكرية لحزب الله في كفر




.. محاولات طفل جمع بقايا المساعدات الإنسانية في غزة


.. ما أهم ما تناوله الإعلام الإسرائيلي بشأن الحرب على غزة؟




.. 1.3 مليار دولار جائزة يانصيب أمريكية لمهاجر