الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدينة الثوره...بشار رشيد

طالب المحسن

2015 / 1 / 15
الادب والفن



المدينه في السبعينات , تنبض بالحياة وحتى السده التي ترامت المدينه خلفها تمت ازالتها ليس لان دجله قد تم ترويضها ولكن يبدو ان اهل المدينه قرروا التواصل وبقوه مع قلب بغداد ... كان التواصل حضاري بامتياز فقدمت المدينه نجومها في كل المجالات . في قطاعنا نجم كبير انه بشار رشيد لاعب المنتخب الوطني لكرة القدم ... المقاهي في المدينه لا تعد ولا تحصى بل يوجد بعضها حتى في الازقه , وفي نهاية زقاقنا مقهى عطا وفي المساء يتم ترتيب القنفات وفرشها بالحصران وتوزع المناضد بينها فيما يقوم العامل برش الارضيه الترابيه ... يتقاطر الزبائن تدريجيا ويستمر الحال حتى بعد منتصف الليل وتجري سباقات شتى في الدومينو , الطاولي والشطرنج ... والمقاهي هي ايضا مقرات للفرق الرياضيه ولتجمعات ادبيه وسياسيه ... بشار احد الزبائن الدائميين لمقهى عطا كونها تبعد عن بيته اقل من ثلاثين مترا وفي المقهى يتحدث عن سفراته الكثيره وعن شؤون كرة القدم ونجومها ... ولان المدينه مهرجان مستمر ففي رمضان مثلا يعاد توزيع القنفات بطريقه اخرى لتصبح مهيأه لان تكون ميدانا للعبة المحيبس ويتم استقبال فرق القطاعات الاخرى ... كنت اتفرج فقط ولم العب مره في حياتي لكن بشار رمقني من بين المشجعين ولانهم بحاجه الى لاعبين طلب مني ان انضم الى فريقه ولكون بشار رئيسا للفريق يمر على ايدينا ليودع المحبس وهو مختبئا تحت بطانيه , كنت ارفض استلام المحبس حين يحاول بشار وضعه في يدي ونضحك تحت البطانيه وفي مره اصر بشار واعطاني المحبس , لا اطيل عليكم تم فتح ايادي الفريق كله ماعداي وتصوروا حالي بل ان رئيس الفريق الخصم تمادى كثيرا وهو يقول لننتظر حتى يسقط المحبس من يده , كنت انظر لبشار معاتبا وهو يمسح دموعه من الضحك ... المهم اخذوا المحبس , زعلت كثيرا وخرجت غاضبا لكن بشار مسكني ضاحكا والبطانيه عليه وهو يقول انها مجرد لعبه ياطالب
في صبيحة يوم 17 ايار 1978 وكنت طالبا في الاعداديه واقرأ على سطح البيت واذا بصراخ في نهاية الزقاق المطل على الشارع والناس تركض صوب الشارع صحت من السطح ماذا حدث ؟ لا احد يجيب والكل يركض رميت كتابي وركضت مع الجموع
رأيت في الشارع سيارة ركاب نوع مارسيدس تحمل نعشا , ماذا حدث تساءلت قالوا انه بشار رشيد وقد تم اعدامه ... الناس مذهوله تماما والنساء تصرخ , بقي النعش المغطى ببطانيه على السياره لمدة نصف ساعه... تحركت السياره اخذت تبتعد تدريجيا ويبتعد معها بشار تحت بطانيته واتخيله ضاحكا يقول انها مجرد لعبه يا طالب .
بالضبط في سنة 2000 وكنت طبيبا في احدى مستشفيات الثوره وبعد الساعه الثانيه عشر ظهرا يقل عدد المراجعين واجلس مع بعض منتسبي الاستشاريه نتبادل اطراف الحديث , ويا لغرابة الموضوع الذي ادلى به احد المنتسبين , حديث اوجع قلوبنا ... قال كنت عسكريا في سرية اعدامات وذهبنا لتنفيذ حكما صادرا بعدد من الاشخاص ... ذهبنا الى ميدان الرمي وتم انزال المحكومين ثم استطرد في الحديث ليقول نظرت اليهم وكانوا معصوبي العيون مقيدي الايدي ومع هذا تعرفت على احدهم , انه بشار رشيد , فوقفت بقربه وقلت له هل انت بشار رشيد قال نعم وهل تعرفني فأجبته ومن لا يعرف اللاعب بشار فقال لي اي نادي تشجع ؟ وطلب مني ان ارفع العصابه من عينيه لعله يعرفني وهنا تدخل الضابط طالبا الابتعاد عنه وعدم الاقتراب من المحكومين .
تم توثيقهم على اعمده منصوبه لهذا الغرض ومن ثم جرى اعدامهم رميا بالرصاص .
تمت الجريمه صباحا , وضعوا الشهداء في سياره مهيأه لهذا الغرض وعادت سرية الاعدامات الى ثكناتها ... بقى ميدان الاعدام ساكنا موحشا الا من دماء الشهداء التي بقيت تنساب على التراب , ولان العراقيين يستوحشون السكون , تعشقت خيوط الدماء مع بعضها لتكون بركة حمراء كأنها خارطة العراق ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل