الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبل منتدى موسكو وبعده

بدر الدين شنن

2015 / 1 / 15
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


من المؤسف أن يظل ميزان القوى المحلي والدولي ، يتحكم بدوافع ومعايير الحوار ، أو التفاوض ، بين أطراف الأزمة السورية . وليس بدوافع وقف المذبحة القذرة التي استباحت حياة الكثير .. الكثير من السوريين .. ووقف التدمير الكارثي ، الذي استهدف بوحشية كل شيء .. السكن .. ودور العلم والعبادة والخدمات الحيوية ، وأن يظل كل طرف فيها ، يعتبر أنه الأقوى مساحة وقوة ميدانية ، والإقرار بذلك هو شرط قبوله أي تفاوض أو حوار ، لحل الأزمة سياسياً . ومن البديهي أن حامل هذه العقلية ، يبغي أن يقر الطرف الآخر بأنه الأولى بقيادة السلطة والدولة ، وبخاصة إن كان اعتماده الرئيس على القوى الدولية العظمى ، التي تموله ، وتسلحه ، وتدعمه راسخاً . ما يوفر عليه تعب إرضاء الشعب المتعدد المطالب ، والشقاء ن والطموحات ، والكوارث ، التي لا تدخل في حساباته الآنية والمستقبلية .. بالنسبة لطرف ، أو أن مقتضيات إرضاء الشعب ترهقه فوق إرهاقه بالنسبة لطرف .

وهكذا تلعب قوة الحليف الخارجي ووزنه الدولي ، تلعب دوراً أساسياً في بناء ميزان القوى المحلي . وينعكس سلباً أم إيجاباً ، على القرارات السياسية المصيرية ، حيث يصبح الخارج الدولي هو صاحب الرأي الفعلي في اتخاذ قرار الحوار أو عدمه ، وفي تطبيق ما قد يتأتى عنه .

وبذلك نشأت حالة بشعة في حركة الضرورة للحوار الجاد ، تتألف من عاملين رئيسيين ، تتفرع عنهما عوامل تفصيلية كثيرة ، وهما امتلاك قوة التدمير والقتل الميدانية المتداولة .. وإرضاء الحليف الخارجي ، وتطغي المجريات والتفاعلات الدولية على المجريات والتفاعلات الداخلية بأساليب وآليات مباشرة وغير مباشرة ، وتتراوح بين التأثير ، والتحكم ، بمساراتها . ولهذه الحالة هوامش جانبية تلبي رغبات اللاعبين الصغار ، الذين يحترقون في أتون حرب قذرة تحت مسميات مقدسة . ما يؤدي عملياً وموضوعياً إلى تغييب المصالح الوطنية والشعبية ، كلياً أو جزئياً ، من الدوافع والخلفيات والأهداف ، التي ينبغي على المتحاورين الارتباط بها والعمل بموجبها ، قبل الجري لتوفير المزيد من الفرص ، التي تؤمن الاستحواذ على السلطة .. التي صارت في زمن الحرب أم المصالح .

بهذه العقلية .. وعلى هذه الخلفية .. انعقد مؤتمر جنيف الأول والثاني .. وبهذه العقلية .. تم توصل المؤتمرين إلى الفشل .

* * *

الحوار الذي جرى في مؤتمري جنيف ، سمح بهامش من الترف السياسي ، والتشبث بطروحات متصلبة . فقد كانت حرب الإرهاب الدولي وضحاياها وتدميرها ، لم تبلغ وقتذاك من الخطورة والتوحش على الوجود الوطني ما وصلت إليه الآن . ما أدى موضوعياً في الحوار " الموسكوفي " القادم ، إلى إسقاط طروحات .. حول السلطة أولاً .. أو العمل على وقف الإرهاب أولاً . فقد أصبح الإرهاب الدولي على الأرض السورية طرفاً .. والدولة السورية والشعب ولكل القوى السياسية السورية ، عدا من يستثني نفسه لموالاته للإرهاب ومن وراء الإرهاب .. صارت طرفاً آخر .
بمعنى أن الحوار المطلوب الآن ، ليس تعالوا نتقاسم السلطة ونوزع الحقائب الوزارية والامتيازات ، وإنما تعالوا نعمل معاً بديمقراطية وأخوة صفاً واحداً لتحرير الوطن . وليست مشكلة عند من يضع في اعتباره وضميره وشرفه الوطن أولاً .. ليست مشكلة أن يؤدي دوره حيث يتطلب الواجب الوطني .. لا حيث تتطلب المصلحة الحزبية والشخصية أن يكون . نحن محكومون الآن أن لا توسط .. في معركة تحرير الوطن .. لنا النصر أو القبر .

من أسف ، أن مكونات وتطورات الأزمة السورية ، وبنية الحكم الأحادي المتواصل منذ عقود ، قد جعلت من السوريين فريقين في أسوأ حرب مصيرية تعرضوا لها منذ اجتياح هولاكو وتيمورلنك ، فيما ينبغي أن يكونا فريقاً واحداً ، ويتجاوز هذا المسار .. من المعارضات .. والاعتراضات .. والحوارات العقيمة المؤلمة .
ومن أسف أيضاً ، أن نرى وسوريا تقصف وتدمر ، ويتساقط فيها الأبرياء قتلاً وتشريداً .. بحساب وبدون حساب .. أن نرى من يزعمون أنهم معارضون منقذون للوطن ، يشترطون .. ويتطلبون امتيازات وألقاب ، قبل الجلوس على طاولة الحوار . ما مفاده أن إنقاذ الوطن ليس غايتهم الأولى في أي لقاء أو حوار ، وإنما الحصول على ثمن كل كلمة ، وكل خطوة في مضمار الحوار .
ربما الهجوم الإرهابي الأخير في باريس ، وارتعاش الغرب من هجمات إرهابية تقترب من مدنه ومصالحه ومواقعه وهيبته ، وانعطاف أميركا الجزئي حول حتمية الحوار مع النظام وليس لإسقاطه ، قد يحرج وينقل بعض من عشاق المساومات والمتطلبات على حساب دماء الشعب ، إلى مرحلة أكثر مرونة .

* * *

ما تم إعلانه عن نوعية لقاء موسكو ، أنه ، وإن كانت الدعوة شخصية ، فهو أوسع تمثيلاً لمكونات المعارضة الفصائلية والشخصية من مكونات مؤتمري جنيف ، حيث حصر فيهما تمثيل المعارضة بزعامة الائتلاف . لكنه لا يملك صلاحية اتخاذ قرار، أي أن ما سوف ينتج عنه هو وجهات نظر سياسية لها انعكاساتها سلباً أو إيجاباً على الأهداف التي انعقد اللقاء لمعالجتها ، ويمكن أن تؤسس لعمل مؤتمر يحمل خلفية سياسية متفاهمة لاحقاً .
من هنا نفهم أن أحد أهداف بعض من قد يذهبون إلى هذا المنتدى ، هو القفز فوق الدولة السورية وقانون الأحزاب فيها ، لتكريس الاعتراف بشرعيتهم الحزبية بدعوتهم ، من موسكو ، كأحزاب ومنظمات وليس كأشخاص لهذا المنتدى . ما يثير السؤال حول مدى جدية مشاركتهم الجدية في المسائل المتعلقة بوحدة الصف والمسؤولية الوطنية .

إن الملابسات والشروط المتأتية عن تعامل معظم المعارضين مع دعوة موسكو لمنتدى سوري مفتوح بدون شروط ، لا تبشر أن هذا المنتدى سيحقق ما يصبو إليه الشعب السوري . بل إنه في أحسن الأحوال سيصدر بياناً صحفياً عن أعماله ، يحمل العناوين الرئيسية لما دار من نقاش .. ولما قد ’ينقل إلى لقاء على مستوى مؤتمر في وقت لاحق .
ولهذا ، إن منتدى موسكو إن لم يؤتي بثمار مقنعة ، سيشكل إعلاناً آخر لإفلاس الطبقة السياسية السورية .. وخاصة قوى المعارضة ، التي تعرقل الحل السياسي للأزمة بين السوريين ، وتعرقل بالتالي تحرير الوطن من الإرهاب الدولي ، التي تضع مطامعها السلطوية وخدمة مخططات حلفائها في الخارج ، قبل خدمة الشعب السوري ومصالحه المقدسة .

إن كل كلمة .. كل خطوة .. للأحزاب ، والشخصيات السياسية .. تسجل في ذاكرة الشعب السوري .. الذي لن يتسامح مع من يعرقل ، وقف المذبحة القذرة واستباحة دمائه وتدمير بيوته ومدنه وحضارته ووجوده .. ويعرقل تحرير وطنه من الإرهاب الدولي .. و حصوله على حريته وأمنه واستقراره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح