الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات البخلاء

سعد محمد موسى

2015 / 1 / 15
الادب والفن


حكايات البخلاء
سعد محمد موسى
بخيل رقم -1
في العمارة السكنية القريبة من شقتي احياناً كنت التقي بصاحب البناية الشيخ اليوناني وكنا نتبادل التحايا او نتجاذب اطراف احاديث عابرة
وفي احدى الايام القائضة شاهدت العجوز اليوناني وهو يتكىء على ماكنة تشذيب الحشائش مشرئباً نحو السماء ويمسح العرق المتفصد عن وجهه المهموم بمنديل وكان يبدو عليه الانهاك والقلق والتفكير العميق
تقربت من الشيخ
هل انت بخير يبدو انك متعب وواجم هذا اليوم : قلت لصاحب العمارة
فاستيقظ من سباته حين سمع سؤالي.
لاباس لاباس ايهاالجار الطيب، كنت فقط اتسائل مع نفسي بموضوع كان يشغلني كثيرا هذة الايام لاسيما وان عمري على مشارف العقد الثامن!!!
تطلع في انحاء الحديقة وقال يؤرقني تساؤل وحيرة حول الحديقة فاذا مت فمن سيقوم بقطع الحشائش بعد موتي في هذة البناية لاسيما ان اولادي كسالى ولا أظنهم سيهتمون بالحديقة.
قلت له لكن اما آن لك ان تتقاعد وتستريح وتستعين بفلاح بوسعه أن يهتم بشؤون الحديقة . حدق بيّ ويبدو انه لم يكن مرتاحاً لاقتراحي
ياسيدي ان الفلاحين اليوم يطلبون اجور عالية، أجابني ثم انحنى ليعيد تشغيل ماكنة تشذيب الحشائش كي يكمل عمله المعتاد.


بخيل رقم-2
في عام 1997 كنت مستأجراً شقة تقع في قلب مدينة بيرث – غرب استراليا

وكانت تمتلكها أمراءة ايطالية جشعة وقميئة همها في الحياة جمع الاموال فقط
وذات مرة ذهبت تلك المراءة الى ايطاليا لزيارة عائلتها فوكلت مهام جمع ايجارات العقارات الى أخيها الذي لايقل ثراء عنها.
جاء في نهاية الاسبوعين وهو الموعد المعتاد لتحصيل الايجارات. اوقف سيارة الفيراري
وفتحت باب الشقة كي أعطيته الايجار ولكن صادف ان الايجار كان ينقصه عشرين سنتاً اخبرت المليونير باني سوف ادفع العشرين سنتا في المرة القادمة مع دفع الايجار
فلا أعتقد اني أمتلك خردوات حالياً. امتعض الرجل واخبرني بانه مكلف بجمع الايجارات كاملة ، بحثت في جيوبي فوجدت أخيراً خمسين سنتاً أعطيتة العملة المعدنية. ارتبك وهو يبحت في جيوبه عن الباقي ..
إبتسمت... وقلت له لاتقلق بشأن الثلاثين سنت احتفظ بالباقي .

بخيل رقم- 3
في مدينة بيرث تعرفت على شيخ يهودي من أصل عراقي يعيش وحيداً دون أسرة. ولد يوسف في البصرة ابو الخصيب ثم هجر قسراًعام 1948 مع اسرته الى اسرائيل.. وفي عام 1963 غادر اسرائيل وجاء الى استراليا. ومنذ وصوله الى جزيرة الحليب والعسل كما كان يصفها المهاجرون.. عمل طيلة وجوده في المصانع وفي أعمال مختلفة، وقد استطاع أن يجمع ثروة ربما تجاوزت المليون دولار.
وكانت الصفة الوحيدة التي تجمعني فيه هو حبه للعراق
فقد كان يبكي حين يتذكر البصرة التي ولد بها وكانت امنيته ان يعيش بقية حياته ويدفن في أرضها
اما شخصية يوسف السلبية الاخرى فقد كان بخيلاً وكأنه احد شخصيات بخلاء الجاحظ.
وكان يوسف يخشى أن يشتري مسكناً خاصاً به فهو كان يفضل السكن في غرف رخيصة في سكن جماعي وكان يخزن المواد الغذائية والسجائر في غرفته ويبيعها على المؤجرين حين يحتاجوها عندما تغلق المحلات ابوابها لاسيما ايام الاحاد . مرة قدمت الى يوسف سيكاره فاخذها ووضعها في جيبه. قال لي انه لايدخن السجائر فذكر لي تجربته الاولى والاخيرة حين كان شاباً فراودته نفسه أن يدخن سيكارة.. وبالفعل دخن سيكارة بور سعيد فأنتعش برائحتها ودخانها حين كان يجلس في مقهى.. ثم وبخ نفسه فيما بعد قائلاً.. يا يوسف احذر ان تنخرط في طريق التدخين او الذهاب الى المقاهي فهي سوف تكلفك اموالاً كثيرة حين تحسبها على مر الزمن القادم.
في احدى المرات سألت يوسف عما سيفعله بأمواله الكثيرة وهو بدون عائلة. وهنا في استراليا يقر القانون ان الشخص الذي يموت دون وريث سوف تذهب أمواله الى البنك الذي يودع به حسابه المالي.

ثم قلت له مازحاً أتمنى لو تسجل باسمي حتى لو نسبة 5% من أموالك.

ضحك وقال كلا ياصاحبي لااستطيع رغم انك صديق عراقي وطيب القلب !!

ثم قلت له ولم لاتكتب اذن وصية لدى محامي بان تذهب أموالك الى أختك واولادها في اسرائيل.. أجابني محتجاً كلا لن أفعل ذلك. لان أختي كانت تحاسبني في كل افطار حين كنت صبياً كم بيضة تناولت هذا الصباح.
ثم غادرت بعد ذلك مدينة بيرث الى لندن ثم رجعت الى استراليا وبعد فترة سألت أصدقاء في بيرث عن مصير يوسف العراقي اليهودي .. فأخبروني انه اختفى ولم يعد أحداً يعرف عنه شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأهلي هياخد 4 ملايين دولار.. الناقد الرياضي محمد أبو علي: م


.. كلمة أخيرة -الناقد الرياضي محمد أبو علي:جمهور الأهلي فضل 9سا




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 34.5 مليون جنيه إيرادات


.. … • مونت كارلو الدولية / MCD جوائز مهرجان كان السينمائي 2024




.. … • مونت كارلو الدولية / MCD الفيلم السعودي -نورة- يفوز بتنو