الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لابداية من القمة

علي ماضي

2005 / 9 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في حركة نضج أي تجربة إنسانية وعلى مختلف المحاور السياسية ، الاجتماعية او الاقتصادية خط بياني يبدأ من نقطة الشروع والتكامل تصاعدياً ليبلغ ( اذا كان المشروع ناجحاً ) ذروة ما كان مخططا له . لا بل ان مقاييس العلم الحديث باتت تؤمن بنسبية الحقائق فلا وجود للقمة فقمة اليوم ربما ستكون خطاً شروعياً واساساً يرتكز عليه مشروعاً اخر وهكذا دواليك .
بعد الانهيار الاخير في العراق اصيب العراقيين بخيبة امل اذ تصوروا جميعاً ان سقوط الصنم سيكون بمثابة نفخة الصور التي ستبعثهم من مرقدهم لتأخذهم الى الجنان التي تتحقق فيها الاحلام على شاكلة كن فيكون والتي ستكون فيها كل الخيرات لا مقطوعة ولا ممنوعة . ومن اهم اسباب ارساء هذه الافكار في مساحة امل المواطن العراقي هي الماكنة الاعلامية الامريكية التي صورت وما زالت تصور للعالم بأنها الدولة العظمى الخارقة التي تمتلك عصا السحر وان مواطنها هو السوبر مان الذي اشار اليه نيتشه في فلسفته أضف الى ذلك ثقافة المواطن العراقي التي هي من البساطة تؤهله لقبول هكذا افكار بسبب عجاف البعث الخمس والثلاثين التي سحقته حد اليأس وجعلته يتعلق ولو بقشة،وعقليته البدائية التي ساهم في تشكيلها الموروث الديني الخاطئ والنظام التربوي الفاسد الذي يستند على العنف وعلى دكتاورية الرجل وسلطته المطلق والمراءة الغائبة الحاضرة كل هذه ألأسباب مجتمعة صورت في ذهنية المواطن العراقي السيناريو الذي اشرت اليه.


ولايحتاج الى نباهة من يطالع تاريخ الدول التي تتربع على عرش الديمقراطية ليكتشف ان هذه الدول لم تصل الى ما وصلت اليه،بين ليلة وضحاها وانما بعد مخاض طويل، فالولايات المتحدة ألأمريكية استندت ديمقراطيتها على حرب اهلية بين شطرها الشمالي والجنوبي قدمت ابناءها على منحر الحرية،وكذلك الشعب الفرنسي ،بل أن الديمقراطية في العالم الغربي قامت على حربين دوليتين راح ضحيتها مئات الملاين،ويمكننا ان نسوق الكثير من الشواهد التاريخية كدليل على ان التدرج هو سمة كل ألأحداث التاريخية.

اذاً المشروع السياسي في العراق ايها السادة يخضع لقانون التدرج بدأ بمجلس حكم معين غير كامل الاهلية , ثم حكومة معينة وانتخابات حرة ونزيهة ولكنها لم تك بمستوى الطموح لتخلف شرائح كثيرة عن إدائها , ولان بعض الجهات السياسية مارست الضغط الديني والقومي وعلى طريقة الغاية تبرر الوسيلة فكانت نتائجها طائفية قومية بحتة . وعانت ما عانت العملية السياسية في العراق بعد الانتخابات من الام الطلق لتضع لنا بعد مخاض عسيرحكومتنا البكر المنتخبة جعلها الله من ابناء السلامة , وسلمها من كل عاهات الفساد الاداري وغيرها من العلل المميتة . ولكي لا نصاب بخيبة امل اخرى علينا ان نكون واقعيين ولا نعامل حكومتنا الحالية وكأنها تمتلك العصا السحرية وأنها ستحل كل مشاكل العراق . ونحدد لها اهداف تتناسب مع الفترة الزمنية المتبقية الا وهي انشاء دستور القضاء على الفساد الاداري ولو بنسبة 30%, ادامة الوضع الامني الحالي . ولا اذيع سرا اذا ما قلت ان الدكتور الجعفري كان مبالغا جدا في برنامجه السياسي الذي أستعرضه بعد تسلمه دفة رئاسة الوزراء، ولو ان برنامجه السياسي اقتصر على المحاور التي اشرت اليها لكان برنامجا موضوعيا وواقعيا يتناسب مع فترة تسلمه السلطة. ولجنب الفرد العراقي خيبة امل اخرى،في مسيرةالبحث عن القشة .

اما بالنسبة لمرحلة كتابة الدستور وهي المرحلة ألأكثر تعقيدا كونها تمثل عقد اجتماعي بين الفرد والساسة من جهة وبين ألأفرد انفسهم من جهة اخرى، ولكونها المرة ألأولى التي يكتب الفرد العراقي من خلال ممثليه الشرعين دستورا من المفروض انه يستهدف ألأنسان بغض النظر عن عنوانه الديني او المذهبي او القومي ،يستهدف ألأنسان كقيمة عليا كما خططت له ألأرادة ألألهية، واذا بدستورنا المرتقب يستهدف الدين والمذهب والطائفة والقومية وينسى ألأنسان.فما زلنا في تقيمنا للأنسان نمسك الموشور مقلوبا فألأنسان في خدمة الدين في خدمة الطائفة في خدمة القومية في خدمة الوطن في خدمة القائد في خدمة الكتب المقدسة في خدمة .... في خدمة ...في خدمة ،في حين ان الحقيقة كل ألاشياء التي ذكرت يجب ان تكون في خدمة ألأنسان الفرد بلا فخر.متى يدرك الساسة الذين يكتبون الدستور ان ألأنسان أجمل بلا اضافات مثل الدين والقومية و اللون؟ وهل تعلمون ان اجمل اضافة الحقت بألأنسان هي ألأنسانية لأنها الأضافة الوحيدة التي لاتكرس الفرقة، في حين ان كل الجرائم التي ارتكبت على طول خط التاريخ البشري كانت تحت شعار ديني او قومي او عنصري اخر.فلماذا نصر على ان نبقي الموشور مقلوبا ؟


انا أومن ان ما يجري ألآن في العراق على الرغم من أنه يسير بخطى متعثرة ولكنه على الطريق الصحيح، وما زالت اراهن انه يتجه نحو القمة . ولكن السؤال هو اي القمم يسير اليها هذا البلد الجريح قمة التفكك والتمزيق فللفشل والقعر قمة ولكنها في ألأتجاه المعاكس ، ام قمة الوحدة الوطنية والوطن الواحد والشعب الواحد الذي يتربع على عرشه الجياع والفقراء. هذا مرهون في صحوة المواطن العراقي من سباته ليقول لكل الساسة( كش ملك) انتهت اللعبة. في ألأستفتاء على الدستور المرتقب.


علي ماضي
15/8/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف


.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟




.. بيوت منهوبة وافتقار للخدمات.. عائلات تعود لمنازلها في أم درم


.. زلزال قوي يضرب غواتيمالا




.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا