الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- كرنفال الموانئ - أركاديا الشاعرة منى صيام

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2015 / 1 / 15
الادب والفن


" كرنفال الموانئ " أركاديا الشاعرة منى صيام
تقول الأسطورة الإغريقية أن "أسخيلوس" عندما كتب القصائد الغنائية في مسرحيات يوريبيدس، كان يعيش في كهف بجوار البحر.. وشاعرتنا استبدلت الكهف بالميناء.. وركبت قارب اللغة كقبطان بارع، وختمت جواز سفرها بعدم مغادرة المجاز.. فحطت في جزيرة الشعر، ومثلما كان يفعل شعراء الإغريق حالما يرحلون إلى منطقة "أركاديا" في جزيرة "البلوبينز" اليونانية، ذات الطبيعة الجبلية البدوية الهادئة، هناك... حطت رحالها تتأمل وتنصت لهمس الكون، ولهمس النجوم، بعيدا عن الواقع المعاش من أجل متخيل جديد.. اغترفت منه المعرفة، واستمدت منه الشعر؛ فاستقت منه لغتها الخاصة العذبة الرقراقة، تداعب فراشاتها الملونة ساعة، وساعة تغوص كعروس البحر في أعماقه لتستخرج اللؤلؤ، بل تقطفه كأنه ورد الكلام؛ لتؤكد لنا أنه سراج للغة التي اختارتها..
من غير الشاعر باستطاعته الغوص في بحر اللغة والفكر..؟! من غير الشاعر يستطيع أن يغتسل في تبرج الليل وسكون نجومه..؟! هل عرفتم أحد يعتق الضوء كما يعتق الخمر..؟! كيف لشاعر يخبئ الليل في جيب السماء يطعمه العسل ويستحضر الأساطير القديمة..؟! هل رأيتم بحرا يخلو من النوارس..؟! وبرا جميلا لا تزوره الفراشات..؟! وبجعات تتراقص وتغتسل في شواطئه..؟! وسنونوات تحوم في سمائه معلنة عشقها للوطن..؟! هل عرفتم شاعر يهزُّ بجذع السماء ليتساقط المطر..؟!
إنها الشاعرة ـ منى صيام ـ في باكورة أعمالها الشعرية "كرنفال الموانئ" التي أدهشتني بقصائدها الخمسة والثلاثين، لتؤكد أنها شاعرة متمرسة تكتب الشعر منذ زمن طويل في تجربة جديدة مميزة خاصة بها، كأنثى وكشاعرة فلسطينية.. جاءت قصائدها أكاليل مدهشة يتألق فيها الإبداع اللغوي والفكري والروحي، كمحاولة للتعويض عن اليأس وخيبات الأمل والإحباط والكآبة، وللتعويض عن العلاقات الروحية والصلات الحميمة التي فقدتها الشاعرة ومجتمعها سواء في المنفى، أم في الوطن.. قصائدها لا تخلو من أيروسية مقنّعة مجازية تثير القارئ وتقوده إلى ساحات معركة الحياة مفعمة بالأمل والحب والسعادة لتنقلنا إلى جزيرة "أركاديا" اليونانية في بيئتها المثالية التي يسودها البساطة والسلام، أو كما يقول الشاعر، الطغرائي : " أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل "
أخيرا وليس آخرا نقول ما قاله، أدونيس: "الفرق بين الشاعر الكبير والشاعر الصغير، هو أن الصغير حين يعبر عن نفسه لا يعبر إلا عنها، وأن الكبير حين يعبر عن نفسه فإنه يعبر عن عصره كله.." وشاعرتنا في ديوانها "كرنفال الموانئ" إن لم تعبر عن عصرها، فقد عبرت عن المرأة التي هي نصف المجتمع..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا