الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة الى مغامرات السندباد البحري

احمد عبدول

2015 / 1 / 16
الادب والفن


لم تصدق ابنتي الصغرى ( روان ) ما سمعته من والدها وقد جلس امام شاشة الحاسوب معلنا عن نيته لمشاهدة بعض حلقات مغامرات السندباد البحري التي عرضت لأول مرة في العام 1980 تحديدا . لم تصدق صغيرتي ان اباها الذي تجاوز الاربعين عاما ونيف, يعود بذلك التوق والشغف والحنين لمشاهدة افلام كارتون يفترض ان لا يشاهده سوى من كان بعمر ابنته الصغرى . الحق اقول ان دهشة واستغراب مشاهدة افلام كارتون من قبل من كان بسني لم تقتصر على روان فحسب بل انني شخصيا كنت مندهشا مستغربا , لما اقدم عليه ,لكني اجلت التفكر بأمر تلك الدهشة وذلك الاستغراب حتى نهاية احدى حلقات السندباد البحري ذات الحكايات والاساطير التي تؤسر النفوس وتسحر الالباب .
لقد جلست ما خوذا مبهورا وكأنني لم اطالع تلك المغامرات ولم استمتع بتفاصيلها من قبل .
ثمة امر يجتاحنا بين الحين والاخر للرجوع الى مربع الطفولة بكل بساطتها وسذاجتها , فالمرء منا يبقى محتفظا بأجزاء لا يمكن الفكاك منها تعود بطبيعتها الى ذلك العالم الذي مر مرور السحاب لكنه ترك ما تركه داخل ذواتنا من بصمات عصية على الاندثار والتلاشي ,ذلك العالم الذي ما ان نغادره حتى نعود نتوق اليه ونئن على صفحاته البيضاء . العلوم النفسية والتربوية تؤكد على بقاءنا اطفالا مهما كبرنا وادعينا الحكمة وتقمصنا رداء الوقار والاتزان والمسؤولية .,
ولعل هذا ما عودتنا لمشاهدة افلام كارتون وقد تجاوز احدنا سن الاربعين ,حيث تعكس تلك العملية رغبة مكبوتة للعودة الى عالم لا نستطيع تعويضه بحال من الاحوال . مثل ذلك الاحساس لم ولن تفهمه (روان ) لكنها حينما تكبر سوف تنشد العودة الى طفولتها , آنذاك فقط سوف تتعرف على مغزى ان يعود احدنا الى تلك المغامرات حتى وان بلغ من العمر ارذله . امر اخر يدفعنا لمشاهدة مغامرات السندباد وهو ان تلك المغامرات كانت دائما تحسم الى جانب معسكر الخير حيث يبدا الشر نافخا اوداجه ضاربا اطنابه لكن حكمة العم (علاء الدين ) وشجاعة ( علي بابا ) وذكاء وفراسة السندباد , تجتمع لتزيح بقعة الشر المستطير من الوجود ليحل محله الخير والطمأنينة , وهذا عكس ما نعيشه اليوم وما عاشه اباءنا من قبل والاجداد , حيث يبدا الشر مستفحلا مزمجرا ليحصد السنوات ويطوي الاعمار وهو يزداد تعنتا وطغيانا وعنجهية .في مغامرات السندباد البحري لم يكن هنالك سوى ركوب الاهوال واعتلاء المخاطر التي غالبا ما تنتهي بالظفر والفوز والابتسامة اما في مغامراتنا اليوم فان ركوبنا للأهوال غالبا ما ينتهي بالخيبة والخسران والانكسار . في مغامرات السندباد البحري كانت الامور تصل الى طرق مسدودة لكنها سرعان ما تنفرج على وقع كلمات يتفوه بها رجل اشيب محدودب الظهر يتكأ على عصاه اسمه ( علاء الدين ) اما اليوم فلا وجود لمثل هكذا شيخ حكيم وان وجد فان كلماته سوف تضيع وسط ضجيج الكلمات الضارة والمسيسة . في مغامرات السندباد البحري كانت حبال (علي بابا ) كفيلة بتسلق اعلى القمم واخطر السفوح , الا اننا اليوم لم نعد نمتلك سوى حبال الصبر المتهرئه التي لا تؤهلنا لا عتلاء تله فضلا عن تسلق جبل , في مغامرات السندباد البحري كانت الحقائق تختفي الا ان الطائر الصغير ( يا سمينه ) كانت تأتي بالأخبار الموثوقة اولا بأول لتنتهي بذلك الشكوك وترفع الحجب, اما اليوم فقد تعددت مصادر الاخبار وتباينت جهات المعلومة دون ان نعرف عن الحقيقة شيء يذكر , لقد مثلت لنا مغامرات السندباد البحري حلم كنا نتوق لتحقيقه على ارض الواقع الا ان الواقع قد كذب ذلك الحلم ملقيا به في غياهب الجب والنسيان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -


.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل




.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال