الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا مش شارلي

عبد الحميد عبود

2015 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


أنا مش شارلي

12 قتيل و66 مليون جريح ، إنه 11 أيلول الفرنسي ، طوفان بشري في ساحة الرببليك ، آلاف اليافطات تعلن أنا تشارلي ، كلنا شارلي ، الحزن العام أصاب باريس بوطنييها ومستوطنيها ، المومسات الصينيات المنتشرات على الارصفة كلهن شارلي ، الكتبجية المعدان العراقيون لطموا على شارلي أكثر من الحسين علما ان مليون ضحية عراقي قتل ولم يقل شارلي "أنا عراقي " ، حتى البوت بيبول السوري صار يزاود على الموارنة في حب الشارلو، تجهزواا للكلام الجاهز ونسوا ان 200000 سوري قُتلوا ولم نسمع فرنسيا يقول "أنا سوري"، فالعربي ممتلئ بالنقص ومن يثبت لي العكس سأعطيه شهادة انه كامل ،من جهتي حين أرى كل الأفراد يفكرون بطريقة واحدة أسمح لنفسي بخيانة طريقة التفكير السائد ، أنا مش شارلي هيبدو لكني شارلي الذي يظهر في لعبة الأطفال المعنونة " إبحث عن شارلي "شخص واحد وحيد بين جحافل المتشابهين ، ودقيقة الصمت التي فرضوها علينا في العمل وقفتها عن نيه ارواح ملايين الضحايا الجزائريين الذين كان شارلي قد قتلهم ولم يعتذر ، ما كان بوسعي ان أسكت كيلا أخون نفسي بسكوتي، فالأدب دوره ايضا ان يذكِّر الأحياءَ بالأموات ، أنا أنتقد الإسلام ولا أسمح لغير العرب بشتمه ، الإنتقام ليس فعلا لكنه ردة فعل على جريمة أكبر ، القَتَلَة والقَتْلى في هذه المجزرة كلهم ضحايا ، والمجرم الحقيقي هي فرنسا عينها ، أذكركم فقط ان صفعة المهفة المفتعلة بوجه القنصل دوفال أعطت الذريعة لفرنسا باحتلال الجزائر ، وبدأت أصول الجريمة يوم 14 حزيران من سنة 1830 رومية حين رست البوارج الفرنسية في سواحل سيدي فرج ، حرقوا الزرع والضرع ،أبادوا المداشر والدواوير ، وقطعوا الأشجار وحرقوا المحاصيل وهدموا صوامع الحبوب،حولوا مسجد وهران إلى حظيرة خنازير ، حركوا محركات بواخرهم بعظام الضحايا ، أصدروا القرار المشيخي (1863 )لإبادة 90بالمئة من الجزائريين ليتساوى عددهم مع المعمرين، عملوا محتشدات (عبارة محتشمة عن معسكرات الاعتقال)لأبناء البلد ، أجبروهم ان يحملوا المعمرين على ظهورهم وأجبروا كل حمال ان يزين صدره بلافتة مكتوب عليها " عربي خاضع " ، جلبوا رهبان الآباء البيض لتمسيح قبايل البربر ( علما انهم محظورون في فرنسا) أبادوا القبائل المتمردة وحتى تلك المشكوك في ولائها ، الكونت روفيقو استأصل قبيلةَ العوفية برمتها ،بيليسيير قتل 4000 نفر من قبيلة ولاد رياح خنقا في المغاور ، هذا الجنرال الحربجي زاد ونفذ الفظائع في الضهرة ( 1845) ثم في الأغواط (1852)، كلوزيل أطلق الكلاب الشرسة ضد سكان قسنطينة ، لامورسير أطلق الطوابير الجهنمية ومارس سياسة الأرض المحروقة ، سموا الأهالي باسماء مذلة : بودابة ، راس الكلب ، بوجحشة ، بوشوكة ، بومنجل ، بودالية ، بونيف ، خاين الدار ، قَوْنَنَوا العقوبات الجماعية وذلك بتحميل الكل مسؤلية مسبل واحد ، جندوا المجندين المغاربة ليحاربوا ضد اخوانهم المشارقة وفعلوا العكس ، كهربوا الحدود وزرعوها بالألغام ( لا زالت تفتك بالجزائريين حتى الآن) ، قتلوا اسرى الفلاقة باطلاق طلقة واحدة من الرشاش على الرؤوس المصفوفة ليعرفوا كم جمجمة بامكان رصاصة ان تخترق ، الجنرال ماصو تلقى صكا أبيضا بحرية التعذيب بكافة الوسائل في فيلا سوزيني ، عصابة اليد الحمراء قررت ألا مانع من إحراق الجزائريين كافة ، بالفعل تم حرق بعض هذا الكل في الأفران اثناء مجازر سطيف ( 1945)، اغتصبوا النساء الميزابيات في قرية بني يزغن ، أول ليلة أباحوهن لرجال اللفيف الأجنبي وتاني ليلة أباحوهن للحاركي ( الخائن المحلي) ثم قطعوا سواعدهن طمعا بالأساور ، " هكذا أيها الصديق يجب ان تقاد المعارك ضد العرب ، نقتل كل الذكور من سن 15 فما فوق ونشحن مواشيهم ونساءهم في بارجة ضخمة الى جزر الماركيز ونسحق كلمن يعترض طريقنا ، ان العشب يجب ألا ينبت مرة اخرى حيث داست بصاطير الجيش الفرنسي ، كل شيء يجب ان يُخرب كل أحد يجب ان يُقتل بلا تميييز بين الأعمار والجنس ، فالفارق بين الحضارتين يجب ردمه بالدم ، واجب علينا ان نمدنهم رغما عنهم ، وأن نصنع من شعبين مختلفين أمةً واحدة تتكلم لغتنا وتقتدي بأفكارنا ، وما دام اننا رضينا جملةً بالعنف الناتج عن الغزو الاستعماري فلِمَ نرفضه تفصيلاً"... وللتذكير فقط فإن المليون شهيد سقطوا حصرا في ثماني أعوام الثورة ( من غرة نوفمبر 54 إلى يوليو 1962 )لكن هل تدرون كم شهيد سقط في مائة وثلاثين أعوام الاستعمار ، أثناء مقاومة الباي أحمد والأمير عبد القادر ، ثم فيما بعد ضحايا ثورة المقراني والشيخ الحداد وثورة الأوراس وبوعمامة وبومعزة وبوزيان في الزعاطشة ، جينوصيد بالمعنى الحرفي ، وكل تفاصيله موثقة في مصادرهم التاريخية حقائقا معروفة وغير معترف بها ، وحتى ينكئوا جراحنا أكثر سنوا قبل اعوام قانون شباط / فيفري المُمَجِّد الاستعمار، قتلوا الجزائرين مرتين، مرة بازهاق أرواحهم ومرة بتمجيد قاتليهم ، بعد 185 عاما على الاحتلال وبعد 53 عاما على الاستقلال جاء أحفاد القَتلى وانتقموا لأجدادهم ، بربرية ببربرية، والبادي أظلم ، ذاكرة المغلوب أمضّ وأمضى من ذاكرة الغالب ، الجريمة لم تسقط بالتقادم ولا بالنسيان ، الذين حبروا اتفاقية إيفيان دفنوا الماضي ولكنهم لن يقدروا على تسوية مليون قبر بالارض ، اعتذرت المانيا من اليهود ودفعت تعويضات ولم تعتذر فرنسا من الجزائر ولم تعوض ، أبناء هاجر مش أبناء سارة رغم ان جلاديهم كانوا يزاودون على بعضهم في النازية، الجنرال بيليسيير له تمثال يخلد رسمه وشارع يحمل اسمه وصالة بالمتحف الحربي تحفظ ذكراه، والمسكين هتلر لا قبر له ، لنترك الماضي ونرجع للحاضر ، لي انا ، احد المستعربين ( مارسيل شاربونييه ) أعجبته مفكرتي عن الثورة السورية فترجمها للفرنسية، فسررت للأمر واكثر ما سرني انه ترجم دون ان اطلب منه ، لكنه بالمقابل صار يدعوني كل يوم لتناول القهوة ، لحفلة موسيقة ، لسهرة ، لندوة ، ثم اكتشفت ان ما اعجبه اكثر من روايتي هو جسدي ، وهنا خففتُ وتيرة المواعيد فما كان منه الا ان احتفظ بالترجمة ولم يبعتها لي ، فرنسا هي نسخة طبق الأصل عن هذا الفرنسي المُغرِض ، تحبك لغاية دنيئة وحين تكتشف ان لا مصلحة لها معك تكرهك، نحن وهم تربطنا علاقة حب /كراهية moi non plus ، je t’aime ، استُدْعِيتُ مرة إلى ادارة الاستخبارات الخارجية DST فحققوا معي عن طبيعة أسفاري المتكررة وما هدفها ومن يدفع نفقاتها ،وكان بمعيتهم محقق سحنته سمراء وفي كلامه لَكْنة سرعان ما تبينتُ انه من الموساد ، كيف تريدونني ان احب هذا البلد المتصهين ؟ أعادي فرنسا ما حييت، فإن أمُت فأوصي أحبّائي يعادونها بعدي ، حتى بنتي ببطن أمها سأكرهها ان جائت فرنسية ، لم يدخل هذا البلد قلبي يوما ولن يدخل ، عشت فيه اكثر مما عشت ببلدي ، غير اني عشت على مضض كسائح فقط وعزائي اني لم أتكالب على جنسيته ولا على صدقات السوسيال ، وحتى تعويضات البطالة رفضتها مع الضمان الاجتماعي وفضلتُ ان أخسر ثلاث أرباع اسناني على ان أكسب منّتَه، كم مرة سمعت بحقي مسبة sale race ( جنس منحط) لا لذنب الا لأني اقرا الجريدة العربية علنا ، كنت خلال اعوام أتطوع مع لور صديقتي الفرنسية لزيارة العواجيز المقطوعين ، وإحداهن راحت تشتم العرب أمامي قلت لها اني عربي فقالت اوه مش كل العرب وحوش برية فيهم واحد بالألف مدجّن ، عجوز آخر كان يقول لي انه يحب العرب ويكره اليهود وكان يقول للمرضة اليهودية العكس وكان صادقا معها ومعي فهو يكره الطرفين ، كانوا يبعتون لي دعوة لحضور محاضرات ثقافية وحين رأئوا مداخلاتي مركزة على نقد الفرنكوفونية توقفت الدعوات ، كما ترون فإنهم يتبجحون بالتنوع الثقافي ولكن باللغة الفرنسية فقط ، فحرية التعبير حين ننتقدهم نسبية ، اما حين يسخرون من مقدساتنا فهي مطلقة ، بني فرنسيس حين يتكلمون عن الحرية فهم يقصدون حريتهم وحدهم ،نادوا بتحرير اليونان من العصمليين عام 1840 وسلبوا الجزائر من حريتها عام 1830 ، احتلوا الجزائر لأن الداي حسين طالب بديونه ، هاجموا مصر لان الخديوي لم يدفع ديونه ،تحالفوا مع اسبانيا للقضاء على ثورة عبد الكريم الخطابي بالريف ، باعوا بولندة وتشيكوسلوفاكيا لهتلر ، في ح ع 2 رغم ان جيشهم كان الاكبر بالعالم فلم يمنع النزهة العسكرية للفيرماخت الزاحف نحو باريس ولم يطلقوا الا رصاصتين من ثكنة سان ديني ( خرجتا من بندقية جندي فرنسي مخمور ) ،طائراتهم التي كانت قبلا قد فرت كالخفافيش من مواجهة طائرات الشتوكا الالمانية ، تمخترت كالنسور في سماء الأوراس ، فوريا فرانسيسا ، الديك الغلوازي لا يتمرجل الا على الدجاجات العربية ، انهزموا أمام الفيتنام فتمرجلوا على مصر بالعدوان الثلاثي، تركوا اوكرانيا فريسة للروس وتدخلوا في مالي ، وارسلوا مليون يهودي إلى معسكرات الموت ( لو استطاعوا لأرسلوا عشرة ملايين) ، ثم اتهمونا نحن العرب الساميين بعداء السامية ، أعطوا لأنفسم براءة ذمة بتحويل التهمة الى ضحايا ضحاياهم ، كلما اخترعوا سلاحا فتاكا يجربوه بلحومنا ، باعوا مفاعل اوزيريس للعراق وأعطوا احداثياته لاسرائيل لتقصفه ، هم أنفسهم الذين اقترحوا في بداية الربيع العربي تزويد الحكومة التونسية بسلاح فعال لقمع المتمردين ، وحين انتصر المتمردون اطلقوا اسم بوعزيزي على احدى سويحات باريس ، فتتوا المشرق في اتفاقية سايكس بيكو ثم فتتوا سوريا إلى دويلات طائفية ،زرعوا الفتنة بين المغاربة بالظهير البربري (فرق تسد ) وفتنوا بين المغرب والجزائر بجعل الحدود بين المستعمرتين السابقتين غير محددة، اثناء الاستعمار كانوا يعتبروننا قطعانا من الإنديجين وبعد الاستقلال صاروا ينظرون لنا ككمية فرانكوفونية، ولم تتغير الأمور بين الما قبل وما البعد سوى ان وزارة المستعمرات صار اسمعها وزارة الفرنكوفونية ، ما زالوا يحكموننا ويتحكمون بنا عن بعد من خلال بيادقهم حزب فرنسا ، من خلال سبع آلاف مسؤول جزائري يحملون جنسيتها ومن خلال عائلات الحريري والجميل وبطرس غالي ، ومن خلال الطابور الخامس الفرنكوفوني الذي يمارس الجينوصيد اللغوي بمنع الكتب العربية في معرض الكتاب ببيروت ، لكل هذه الاسباب ( وغيرها) ، أكره فرنسا وأكره الذين يحبونها ،واكره نفسي لأني اقبل العيش فيها ، واحتفظ بذاكرتي نيابة عن الجزائريين المصابين بالأمنيسيا فهم لا يعرفون من تاريخم الا سنة تأهل المنتخب للمونديال ، أنا مش شارلي لأني ببساطة ولي دم الضحايا الجزائريين ، أنا طائر الهامة والرغبة المبيت بالثأر ،وأصرخ بالفم الملآن : إخجلوا من نصف ملياركم يا عربان ، كوريا الشمالية كورة صغيرة من 22 مليون انسان وصنعت قنبلة نووية !
عبد الحميد عبود رحالة فلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - je suis pas charlie je suis contre
عبد الله اغونان ( 2015 / 1 / 16 - 21:23 )

شارل ايبدو التي تفهم حرية التعبير بشكل فيه مغالطات

هي المسؤولة عن القتل فمن جرد سيف البغي قتل به

المتنبي الشاعر الحكيم هجا بعض الأعراب بأمه وقذفها قذفا غير أخلاقي

فكان جزاؤه أن حرض على قتل نفسه

والقصيدة على النت

ان من مصادر القتل سوء فهم حرية التعبير

اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها