الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحماية القانونية للتونسيين خارج أرض الوطن

حازم القصوري

2015 / 1 / 17
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة



كثر في الأونة الأخيرة من حالات الاعتداء على مواطنيين تونسيين في خارج الوطن، أفرزت معها حالة من التذمر الكبير للرأي العام لدينا. ومرد ذلك تتابع هذه الحالات دون أن يروا حراكاً مقنعاً من سفارات تونس في الخارج ينسجم مع كرامة المواطن التونسي ومكانة بلده.

فالمتابع لوسائل الإعلام المختلفة يدرك حالة عدم الرضا الذي يعتري الكثير من المواطنين من أداء السفارات فيما يتعلق بخدمة ورعاية مصالح المواطنين في الخارج، ورد فعلها السلبي تجاه ما يتعرض له المواطنون من حالات الاعتداء المتكررة. فبعيداً عن المبالغة والتجني فإن النسبة الكبرى من المواطنين التونسيين والذين سبق لهم التعامل مع سفارات تونس في الخارج غير راضين عن أداء تلك السفارات، وباستخدام أحد وسائل قياس الرأي العام العلمية المعتبرة يتضح حقيقة ذلك.

من الناحية القانونية سفارات تونس وممثلياتها في الخارج ملزمة بتوفير درجة من الحماية القانونية لمواطنيها في الخارج، إلا ان هذه الحماية مرتبطة بأحكام القانون الدولي وليست مطلقة، ولتوضيح ذلك فوفقاً للقانون الدولي العام هناك قاعدة رئيسية وهي (أن من مهام البعثة الدبلوماسية حماية مصالح الدولة ومصالح رعاياها في الدولة المعتمد لديها، ضمن الحدود التي يقرها القانون الدولي). لذا يمكن القول ان مهام السفارات والممثليات في الخارج تجاه الرعايا التونسيين تتمحور حول وظيفتين رئيسيين، الأولى وظيفة وقائية والأخرى وظيفة علاجية، وذلك على النحو التالي:
الوظيفة الأولى: الوظيفة الوقائية، وتتمثل في قيام السفارات التونسية بتقديم النصح والإرشاد للرعايا من خلال التعليمات التي تنشر في موقع وزارة الخارجية التونسية الإلكتروني، ومواقع السفارات التونسية على الإنترنت ايضاً، والمطبوعات التي توزعها السفارات التونسية للرعايا التونسيين، وتحوي التعليمات الواجب اتباعها من قبل الرعايا التونسيين في الخارج مثل ضرورة التأكد من صلاحية جواز السفر والحصول على التأشيرات اللازمة، وتسجيل الجواز في السفارة، وضرورة المحافظة عليه من الضياع أو السرقة، واستشارة السفارة عن قوانين الدولة المضيفة قبل الإقدام على أي عمل إرادي كتوقيع العقود وإبرام الصفقات التجارية، وإجراءات الجمارك ..إلخ، لذا فالسفارة يناط بها في وظيفتها الوقائية مهمة تقديم النصح والإرشاد لأي استفسار من المواطنين التونسيين في الخارج عن أي أمر يعنيهم، وهو واجب مفترض عليها لا يمكنها أو لأحد موظفيها التنصل منه تبعاً لتعليمات الحكومة التونسية ممثلة في وزارة الخارجية.
الوظيفة الثانية: الوظيفة العلاجية، وهي مساعدة المواطن التونسي والوقوف معه في كل ما يتعرض له في إقليم الدولة المعتمد لديها السفارة، وهو محور الانتقادات من الكثير، ولإن الحكم على الشئ فرعاً من تصوره فإنه يجب أن نوضح أن عمل أي سفارة كانت مقيدة بقوانين الدولة المضيفة وأنظمتها، فلأي دولة أن تسن من القوانين ما تشاء استناداً إلى مبدأ السيادة في القانون الدولي مع وجود بعض الاستثناءات لا يتسع المجال لذكرها، وما يهمنا هنا ذكر أهم واجبات السفارة عند حدوث أي مشكلة أو جريمة لا سمح الله لأي مواطن تونسي في الخارج فإن السفارة يتوجب عليها متابعة الحالة (المشكلة) من البداية وتقوم بجميع الإجراءات التي تكفل حقوق المواطن (وخاصة في القضايا الجنائية). حيث يقع على عاتق السفارة التأكد من استيفاء المواطن لجميع الحقوق المنصوص عليها في قوانين الدولة المضيفة حتى لو كان مرتكباً الجريمة هو المواطن التونسي ذاته، وتظل المتابعة مستمرة حتى انتهائها ولا يجوز للسفارة أو أحد موظفيها المسؤولين التقاعس عن أداء عملهم في أي لحظة فهذا من أهم واجباتهم إن لم يكن أهمها. كما أنه وطبقاً لأحكام القانون الدولي يكون للدولة حماية مصالح أفرادها خارج إقليمها في حال انتهاك حقوقهم وهو ما يعرف ب (الحماية الدبلوماسية) ومضمونها أن البعثة الدبلوماسية(السفارة) تتولى حماية مواطنيها من الإجراءات التعسفية أو التصرفات الظالمة التي تقع عليهم من السلطات المحلية. ويشترط للحماية الدبلوماسية ثلاثة شروط، وهي:
- أن يكون الشخص الذي وقع عليه الظلم من رعايا الدولة المطالبة بالحماية.
- أن يكون قد استنفد جميع الحقوق القضائية المحلية دون ان يستطيع الحصول على حقه.
- ألا يكون صدر من الفرد، ما يعتبر مخالفاً للقانون الدولي أو القانون الداخلي للدولة.
وحتى نكون منصفين فإن بعض السفارات تقوم بدور أكثر من رائع وتشكر عليه، لكن تبقى الصورة الذهنية السلبية عن أداء السفارات التونسية هو الأصل، لذا يتعين تركيز السفارات على التغطية الإعلامية لما تقوم به في تفاعلها لأي قضية تطرح وتناقش من قبل الرأي العام، كما ينبغي استخدام نفوذ تونس ومكانتها من قبل السفراء في الدول المعتمدين لديها وعلاقاتهم مع المسؤولين فيها من أجل حل قضايا المواطنين في الخارج.
والنتيجة التي نريد الوصول إليها هي أن السفارة منوط بها خدمة الرعايا التونسيين ومصالحهم في حدود التقيد بقوانين الدولة المضيفة، ويجب عليها القيام بكل ما تستطيع تجاه توفير الحماية القانونية اللازمة لذلك، ويقع على عاتق السفراء والقناصل مهمة مراقبة أعمال موظفي السفارة أو القنصلية والتأكد من أنهم يقومون بمهامهم على أكمل وجه دون كلل أو ملل ومحاسبة المقصرين منهم، وعدم ترك شؤون الرعايا في أيدي موظفين غير تونسيين.
وإذا ثبت أن إحدى السفارات أو أحد موظفيها المسؤولين قد تقاعس عن أداء واجباته فحرياً بالمتضرر اللجوء إلى القنصل أو السفير للشكوى وإذا لم يستجب لشكواه فيتعين عليه الرفع بذلك للمسؤولين في وزارة الخارجية وعدم التردد، فخدمة الرعايا التونسيين في الخارج واجب حتمي على السفارات غير قابل للنقاش أو المساومة، فالمواطن التونسي يجب أن يحمل الرقم واحد في قائمة اهتمامات السفارات التونسية، مع مراعاة أن السفارات مقيدة في عملها بقوانين الدولة المضيفة والقانون الدولي، وخلاف ذلك فلا عذر لأي تقصير في عمل السفارات. فكفانا ضرب أمثلة بالدور الذي تقوم به السفارات الأجنبية لمواطنيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحزمة نارية عنيفة للاحتلال تستهدف شمال قطاع غزة


.. احتجاج أمام المقر البرلماني للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ تض




.. عاجل| قوات الاحتلال تحاول التوغل بمخيم جباليا وتطلق النار بك


.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف




.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟