الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكنولوجيا وانتاج وقلق

محمد خضر خزعلي

2015 / 1 / 17
العولمة وتطورات العالم المعاصر


توسل الانسان القديم ادوات بدائية لمساعدته في العمل والانتاج ، وكانت تنشأ الحضارات على ضفاف الانهار لما للانهار من فائدة في الانتاج الزراعي واستمرار الحضارة ، وخلال العصر البرونزي اكتشف الانسان مادة البرونز ، التي كانت على خلاف الحجارة قابلة للتطويع ، مما يعني قدرة اكبر على صناعة الادوات ، وبالتالي قدرة اكبر وفعالية اكبر على العمل والانتاج .
وخلال العصر الحديدي اكتشف الانسان مادة الحديد ، والتي ساهمت بشكل كبير في تصنيع كثير من الادوات الزراعية والصناعية ، وساهمت مادة الحديد في انطلاق بريطانيا تجاه المجتمع الصناعي ، الذي اصبح يعتمد على الصناعة بدلا من الزراعة بالدرجة الاساس . الامر الذي ساهم في بناء المصانع الكبيرة واتساع للمدن ، وظهور حركة نزوح من الريف باتجاه المدينة الصناعية الجديدة ، وبدأت بريطانيا بالتوسع خارجيا بدءا من هذا العصر ، ببسبب التطور الصناعي الذي ساهم انتاج فوائض بالسلع ورأس المال مما يعني ايجاد سبب لضرورة التوسع بسبب فوائض الانتاج.
وفي العصر الحديث العصر التكنولوجي استطاع الانسان الانتقال تدريجيا من مرحلة الاعتماد على الالات في الانتاج الى مرحلة الاعتماد على ما يسمى بالاتمة ، اي ان يحل الرجل الآلي مكان العامل خلال العملية الانتاجية ، مما يعني تقلص الحاجة لليد العاملة بسبب التطور العلمي الذي اتاح امكانية وجود بديل عن الانسان في العملية الانتاجية الى الحدود الادنى.
في بريطانيا هناك شريحة واسعة من الموظفين الذين يخشون احتلال الربوت لوظائفهم ، مما يعني ان مبدأ نظرية Z الذي يفترض الامن والاستقرار الوظيفي للعمال والموظفين محل تشكيك في ادبيات الادارة ، اما من ناحية اقتصادية وتحديدا من زاوية ماركسية ، فإن لهذا التطور التكنولوجي انعكاسات بنيوية تتجاوز مبدأ الاستقرار الوظيفي الى ما يسمى بمشكلة الانتاج.
وتعني مشكلة الانتاج ان النظام الرأسمالي العالمي قائم اساسا على تصريف ما ينتجه من خدمات وسلع ، لتكتمل الدورة الاقتصادية ويعود الربح والنفع على الجميع ، لكن احلال الرجل الالي مكان الموظف والعامل ، سينتج فجوة واتساع بين الاغنياء والفقراء ، مما يعني عدم عدالة توزيعية وبالتالي عدم وجود قوة شرائية ، فصاحب الشركة لن يدفع اجور للعاملين ، لانه وضع الرجل الالي مكانه ، مما يعني انتاج اكبر وتصريف اقل ، لأن هذا العامل اصبح مشردا ان جاز التعبير ، لانه بلا دخل يستطيع من خلالة شراء البضائع.
هناك علاقة طردية بين ارتفاع الفجوة بين الاغنياء والفقراء وارتفاع عدم القدرة الشرائية للمجتمع ، فالقدرة الشرائية تتجه نحو الانخفاض مع مرور الزمن ، بينما القادر على الشراء هي شريحة القلة ، وهم الاثرياء الذين يزدادون ثراء ، ينما المستهلكين المتبقيين وهم الاكثر بدرجات شاسعة سيصل بهم الامر الى فقدان اي قوة شرائية للمنتجات ، وهنا ، فإن هذا الامر يعني ببساطة ...الكساد ، اي فائض في الانتاج وغائض في الاستهلاك.
هناك تصور في المستقبل المتوسط يشير باحتمالية لاستبدال رجل الشرطة برجل آلي قادر على قراءة المشاعر الانسانية ، مما يعني قدرة اكبر للتعامل مع الشارع ، لكن بنفس الوقت ، يعني هذا الامر فقدان الشرطي الانسان لوظيفته ومصدر عيشه.
هناك تصور بأن لدولة الرفاه قدرة على التعامل مع مشكلة البطالة الناتجة عما سبق ، لكن في الحقيقة هذا ينطوي على تناقض في النظام ، لان استمرارية النظام مرهونة باكتمال دورته الاقتصادية.
ليس قطاع الشرطة هو المهدد بهذا الاحتلال ، بل هناك قطاعات كثيرة وواسعة ايضا مهددة ، مثل انتاج السيارات بشكل كامل ، قطاع انتاج الهواتف ، الجيوش ، التوصيل ، الخدمات ...الخ.
وليست كل القطاعات مهددة فقط ، بل ايضا تسارع التطور باتجاه تسريع لحظة وصولنا لهناك تتقلص ، وهي بتسارع مستمر ، ولن نستطيع خلالها التطور ، او التكيف حسب وجهة نظر النظرية الليبرالية التي تقرر ان الفارق بين الانسان والرجل الالي هو الابداع والابتكار مما يعني قدرة على المنافسة وبالتالي عدم الانقراض ، في حين الفن توفلر يتوقع ان الصدمة مقبلة لا محالة ، فالاتجاه يشير الى تقلص الحاجة للعمال لصالح الرجل الالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس