الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسبّة الساميّين يُعاقب عليها القانون الفرنسي ومسبّة محمّد ديمقراطيّة

طلال الصالحي

2015 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


أغلب شعوب الأرض , وهو نهج لا بدّ منه , لا زالت ترغب بالعلمانيّة كنظام حكم يتوازن مع جميع ألوان طيف المعتقد البشري ولأنّ العلمانيّة تدع الأديان وشأنها دون تفضيل أحدها على الآخر مهما عظم أتباع دين عن أتباع دين آخر , فذلك راحة للجميع , يعني العلمانيّة نستطيع نشهها بمكان قطف ثمار أشجارها زراعة طبيعيّة لا دخل ليد إنسان في إنباتها , هكذا كنّا نفهم الحرّيّة في الغرب وهكذا كنّا ولا زلنا نفهم العلمانيّة كمعتقد للناس ومحميّة قانونيّة تحوي جميع الأديان بالتساوي ومن دون استثناء .. فمنذ وعينا على هذه الدنيا وفي عقولنا احترام الغرب لاستطاعته بعد كفاح دموي مرير وطويل التخلّص من مشاكله المزروعة بالاضطهاد الديني والعادات والتقاليد البالية مع كفالة حرّيّة التعبير على أن تكون قابلة للنقاش شرط أن لا يمسّ ذلك معتقد الآخرين بطرق استفزازيّة , حتّى دار الزمن بعض الشيء دورته لحين ما تعمّقنا بتجاربنا بالاحتكاك المباشر مع سياسات الغرب فعرفنا أنّه براغماتيّ في تعامله معنا كقضيّة فلسطين مثلاً وزاد التعمّق أكثر بعد افتضاح معايير الغرب المزدوجة وتأثيرها السلبي حول العراق أو حيال مشاكل الكثير من البلدان الخارجة عن منظومة الغرب , كان ذلك "المُكتشف" بمثابة صدمات متتالية لقناعات كانت شبه راسخة بيننا نحن "الشرقيّون" الأكثر إيلاماً منها انهيار المثل الرمز الّذي كان حلم طفولتنا وشبابنا بعد أن كشف الشرّ عن وجهه المزيّف حيالنا بالإنسانيّة .. مثل هذه الحقائق كانت غائبة عنّا لأسباب كثيرة ومعروفة لا مجال لذكرها هنا لكنّها تدفع بعضنا أحياناً لخوض مقارنة بين ما نحن فيه مع الغرب وبين تحريم التعامل معه قديماً في العصور الاسلاميّة وفق الشرع الإسلامي وفهمنا الآن النصوص القرآنيّة الّتي كانت تقف خلف التحريم ذاك فنهاجمها "لعدم تحضّرها" , والآن نخفي رؤوسنا "المثقّفون" في الرمال مخافة الشعور بالألم النفسي لما نكتشف من حقائق تثلم الانسانيّة ومخزية أطهرها الغرب فنندفع أكثر للتجاوب ولفهم ذلك التحريم ولدرجة تأييده في بعض الأحيان رغم تسبّبه بقطيعة طويلة بين المسلمين وبين أوروبّا استمرّت قرون لم يكن فيها "سفير" للغرب لدى المسلمين ولا العكس , لأنّ ذلك كان يفهمه المسلمون ومن وراءه الشرع الاسلامي "اندساس للتخريب" وبدا ذلك يترسّخ أكثر اليوم في قناعاتنا , بدأنا نفهم التحريم ذاك تحوّطاً من اختراق لأسوار المسلمين الأخلاقيّة وسعي لمصادرة إرادتهم , يعني وجود سفير "كافر" في بلاد الإسلام لا يعني في رأي الشرع سوى عنصر تجسّس تخريبي هدفه خلخلة قوّة المسلمين , فلو لاحظنا أنّ "تبادل السفراء" أتى في أزمنة متأخّرة سببها الرئيسي انبهار القادة "العثمانيّون" بمفردات عصر النهضة الأوروبّي وبمفردات جديدة مبهرة بدأ الغرب يتعامل بها ما بينه وما بين شعوبه من حرّيّة تعبير بإزالة الحواجز النفسيّة بكسر الكثير من المقدّس الّذي لا داعي له والّذي كان يكبّل العقل .. كلّنا يعلم بالقرار الاستثنائي الّذي أصدره الغرب قبل سنتين تقريباً بمعاقبة كلّ من يسيء إلى العنصر السامي , يقصدون مسبّة اليهود , أمّا إن اعترض أحد على دعايات الهلاكوست "كلمة مأخوذة من العربيّة هلاكات" فمصيره المطاردة وقطع رزقه وبأيّ منصب كان وإحالته للمحكمة و لم يسلم منها الكثير , فقبل عقدين ونصف كان تأثير "الساميّين" في الغرب كبيراً على حرّيّة مثقّفي الغرب آخرهم الفرنسي روجيه غارودي ومن قبله بثلاثة عقود الممثّل المسرحي الشهير يول براينر , وهذا الأخير اضطرّ للاعتذار علناَ عن مهاجمته الانحياز السامي على الآخرين كي لا يتعرّض للجوع والتشرّد كما حدث للكثيرين .. أنا عن نفسي والكثير بكلّ تأكيد لا مانع من أن يعبّر المرء كائن من كان عن ما يجده مناسباً وفق تقديراته وبأيّ أداة تعبير فلا مقدّس في أصله في هذه الحياة نحن من نصنع المقدّس لذا فنحن من يجب كسره انتهاجاً للقدوة الرسول فقد كان يصيح بأعلى صوته: "يا معوّدين يا خلك الله يا ناس يا عالم يا هووووو" أنا بشر مثلكم أذهب للأسواق وآكل القديد وهو أسوأ أنواع الطعام وأمرض ويصيبني الإرهاق وأخطأ وأصيب وأتبحرث بالتراب وأكل الطعام وأ... وأ ... وأتمغّط وأعطس وأقحّ وأ .. وأ .. وتُكسر رباعيّتي ويُثلم سنّي في المعارك وأكاد أقتل وأخرج للتنزّه لأفرّج عن صدري لأنّ صدري بشري يضيق وأحبّ إليّ من لحم الشاة كتفها وأشتهي التمر وأشتهي النساء "زوجاته يعني" وأحبّ الطيّب من العطر واستعيذ بالله من الشيطان ومن الوسواس الخنّاس , كلّ هذا التوضيح وإذا بالقوم ما أن مات الرسول حتّى أضفوا عليه صفات الألوهيّة بحجج شتّى , يعني حتّى الرسول معرّض للنقد في حياته وفي مماته كذلك فقط الله لا يتعرّض لنقد ومن هنا كانت منزلة الرسول تعظم أكثر ولذلك أطلق عليه "من أولي العزم" يعني قد عانى بشدّة ليوصل رسالته , ومن هنا نحن متّفقون في عصرنا هذا عصر المعلومة عصر الالكترونيّة الخبريّة عصر الخبر الفضائيّ المباشر بالصوت وبالصورة جميع البشر معرّضون للنقد وفي أيّ مكان كان أو زمان أنبياء أو عاديّون فالجميع سواء عند الله "من نقطة الشروع بالانطلاق" طالما النقد بنّاء وموضوعي ويتساوى الجميع أمام مشرطه , لذا فمن الغريب أن يأتي التقديس من نصوص موغلة في القدم لتستخدم لتكميم الأفواه في قلب أوروبّا وقبلها برّأت الكنيسة اليهود من دم المسيح , وتلك رغم أنّها تبدو معقولة لإزالة الضغائن بين الشعوب لكنّه استخدم لأهداف أخرى , والحمد لله بدأها "الساميّون" في قلب الغرب العلماني ولم يبدأها "المسلمون" ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن