الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيصبح 2015 عام الكورد الاكبر

عبدالله جاسم ريكاني

2015 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


بالنسبة لاقليم كوردستان العراق، يعتبر عام 2014، سنة بالغة الاهمية منذ ان حصل الاقليم على حكمه الذاتي الفعلي في عام 1991. في التاسع من ديسمبر 2014، أعاد السيد رئيس اقليم كوردستان، التأكيد على حق الكورد في الحصول على استقلالهم بعد ما كان قد أعلن دعوته التاريخية لاجراء استفتاء حول حق تقرير الكورد لمصيرهم في الثلاثين من تموز 2014. و لقد جاء اعلان السيد البارزاني بعد الغزو الداعشي للمناطق المتنازع عليها في جنوب كوردستان و الذي ادى الى فقدان حكومة بغداد لسيطرتها هلى هذه المناطق و تمكن قوات البيشمركة الكوردية من دحر قوات داعش الى ما وارء المناطق المتنازع عليها و بسط سيطرتهم التامة عليها و من ضمنها منطقة كركوك الغنية بالنفط و التي تعتبر الجوهرة الاثمن في تاج الطموحات و الحقوق الكوردية. كما جاء تأكيد السيد البارزاني بأن الكورد لن يخفوا هدفهم في استقلال كوردستان بعدما باتت الظروف المحلية متاحة و تأكد تقسيم العراق بشكل عملي و فعلي على ارض الواقع.

و لكن و بعد عدة ايام على اعلان السيد البارزاني، قامت داعش بشن الحرب على الكورد و خاصة على المناطق المتنازع عليها. و مع توالي الايام في شهر تموز، ضعفت حكومة اقليم كوردستان في الدفاع عن اراضيها في وجه هجمات داعش، و فَتَرَ الحماس الكوردي فيما يتعلق بالاستفتاء. و لكن هذا الضعف تجاه داعش سرعان ما تحول الى نعمة للكورد و خاصة بعد ان قامت الولايات المتحدة الامريكية و القوى الغربية الاخرى في حلف الناتو بالدعوة الى انشاء تحالف عالمي و القيام بتوجيه ضربات جوية مباشرة ضد داعش بالتنسيق مع حكومة اربيل و بدأت المساعدات العسكرية الغربية في الوصول الى اربيل بشكل تدريجي و مستمر بدءاً من الخامس عشر من آب الماضي.
أربيل التي تملك الان علاقات عسكرية مستقلة مع القوى الغربية، تبدو غير مستعدة للتخلي و التنازل عن سيطرتها على هذه المناطق و التضحية بالفرصة التي سنحت لها في الحصول على دولتها المستقلة.
في نهاية آب الماضي، حصل البارزاني على فرصة اخرى للانتفاع بها و هي الاعلان عن شروطه للإنضمام و الاشتراك في الحكومة العراقية الجديدة التي ترأسها السيد حيدر العبادي بعد أن إستقال و تنازل المالكي عن تشبثه بمنصب رئيس الوزراء.
الرفض الذي أبدته أربيل في العودة ثانيةً الى حالة ما قبل الاحداث (ما قبل داعش)، تبِعَهُ إصرار البارزاني على حق حكومة اقليم كوردستان في بيع نفطها و حقها في شراء الاساحة و المعدات التي تحتاجها و اجراء الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها للانضمام الى اقليم كوردستان. ومن ثمَ، تم عقد اتفاق نفطي تاريخي بين حكومة اربيل و حكومة بغداد في الثاني من ديسمبر 2014. و على الرغم من ان العديد من المراقبين اعتبر الاتفاق نقطة تراجع لحكومة اربيل عن الإستفتاء و الإستقلال، و لكنها في الحقيقة انتصار كبير للكورد. لقد ضمن الاتفاق لحكومة بغداد الحصول على العائدات المتفق عليها و المستحصلة من مبيعات النفط المستخرج من ابار النفط الكوردية و البالغة 550000 برميل في اليوم مقابل حصول الكورد على حصة 17% الدستورية من الميزانية السنوية لحكومة بغداد. كما أكًد الاتفاق على حق الكورد في السيادة على إستخراج نفطهم و غازهم من مناطقهم و من ضمنها كركوك و بقية المناطق المتنازع عليها.
بهذه الصورة و الاموارد، فإن كوردستان مستقلة بإمكانها ان تصبح دولة قابلة للحياة و النمو و ذلك من خلال بيع و تسويق منتجاتها الهايدكاروبونية. كما ان الشركات النفطية العالمية بامكانها العمل في كوردستان دون خوف من الملاحقة القانونية التي كانت في السابق تلاحق هذه الشركات و تمنعها من فرصة العمل في كوردستان.
في هذا المضمار، كوردستان في مسعاها تشبه دولة اذربيجان، تلك الدولة الصغيرة و المقفلة و التي استطاعت ان تطور اقتصادها من خلال الصادرات الهايدروكاربونية و استفادت من ثروة الطاقة هذه لتصبح قوة اقليمية.
من خلال الانبوبين العابرين لدولة جورجيا، استطاعت اذربيجان ارسال نفطها الى تركيا و من هناك الى السوق الاوربية. تركيا التي كانت من الدول الاوائل للاعتراف باذربيجان كدولة مستقلة و وقفت الى جانبها في نزاعها مع ارمينيا و ساهمت في تطوير الجيش الاذربيجاني من خلال خبرة تركيا في حاف الناتو و بالتالي استطاعت اذربيجان ان تستخدم علاقاتها القوية مع تركيا في احداث توازن مع ايران، الشريك التجاري و النفطي الاكبر لِأرمينيا.
الجيران الطيبون:
في النهاية، المسعى الكوردي نحو الاستقلال، يعتمد على قدرة الحكومة الكوردية على ادارة علاقاتها مع جارتيها القويتين تركيا و ايران. للكورد علاقات قوية مع تركيا بعد ان عممت تركيا على بناء روابط راسخة مع البارزاني لمعادلة الروابط القوية للحكومة العراقية مع طهران.
و لان الحكومة الكوردية مستمرة في توسيع صادراتها النفطية عبر ميناء جيهان التركي، و بالتالي، ستكون تركيا مستفيدة من وجود دولة كوردية مستقلة قادرة على تسويق نفطها خاصة و ان الحكومة الكوردية بإمكانها تصدير 10 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي الى تركيا و بالتالي تخفف من الحاجة التركية الملحة و المتزايدة لمصادر الطاقة و التي ازدادت من 15 مليون متر مكعب سنة 2000 الى 46 بليون متر مكعب في 2010. الغاز الطبيعي الكوردي يوفر مصدراً ثابتاً و موثوقاً به لتقليل الاعتماد التركي على الغاز الروسي و بالتالي إدامة النمو الاقتصادي التركي. هناك الان اكثر من 1200 شركة تركية ناشطة في كوردستان و مستفيدة من النمو المتسارع للاقتصاد الكوردي.
يعتبر العراق، ثاني اكبر شريك تجاري مستورد من تركيا بعد المانيا ، حيث تتجاوز قيمة التبادل التجاري بينهما 12 بليون دولار، معظمه مع حكومة اقليم كوردستان. كما انه و من خلال العلاقات التجارية و النفطية الكوردية مع تركيا، استطاعت ان تغير الموقف التركي تجاه المنطقة و خاصة السيطرة الكوردية على كركوك التي يسكنها عدد غير قليل من الاقلية التركمانية. و على الرغم من فزع القوميين الترك حيال هذا الموضوع، أذعنت انقرة لسيطرة الكورد على المدينة. وقبل يومين من اعلان البارزاني لمسألة الاستفتاء، اعلن حسين جليك، نائب رئيس حزب العدالة و التنمية ، لمجلة الفايننشيال تايمز الامريكية، عدم معارضة تركيا للاستقلال الكوردي.
كما ان هنالك إشارات من ان ايران هي الاخرى ستقبل ان لم تدعم الدولة الكوردية المنتظرة. و قد تم عقد اتفاق بين الحكومة الكوردية و الايرانية في اواخر شهر نيسان 2014، على انشاء انبوبين للنفط و الغاز بينهما. و هذا المستوى الجديد من التعاون في الطاقة بين البلدين، يشير الى ان ايران ستقبل الدولة الكوردية طالما انها لا تستحث الكورد في ايران على المطالبة بالحكم الذاتي في ايران اولاً، و ثانياً، إعاقة او منع الكورد من تأسيس دولتهم المستقلة عن طريق التدخل العسكري المباشر غير وارد على الاطلاق و خاصة بعدما حصلت اربيل حالياً على الدعم العسكري الغربي.
حكومة اربيل حالياً تطور من خلال الدعم العسكري الغربي عقيدتها العسكرية التقليدية، التدريب اللازم و القيادة المؤهلة لتحويل قوات البيشمركة الى جيش وطني مؤهل. و من خلال تخويل برلماني، دعا البارزاني الى وضع قوات البيشمركة تحت قيادة عسكرية موحدة و مجلس امني موحد تحت اشرافه الخاص.
واذا ما تمكنت اربيل من الحفاظ على قوراتها الدفاعية المقاومة و لم تستسلم للضغوط الايرانية، فإن طهران ستقبل بالاستقلال الكوردي بنفس الطريقة التي قبلت بها الاستقلال الاذربيجاني على الرغم من عداوتها للنظام العلماني الاذربيجاني و شكوكها المتزايدة حول موقف اذربيجان من الاقلية الاذربيجانية في ايران، الاً انها في النهاية، أعادت النظر في موقفها من اذربيجان بعد ان فشلت في اركاعها من خلال دعمها لارمينيا في حربها مع اذربيجان في نزاعهما حول منطقة ناكورنو قرباغ سنة 1991-1994. التعاون الاذربيجاني الوثيق مع منافسي ايران الاقليميين مثل تركيا و اسرائيل، اجبرت ايران على اعادة النظر في علاقاتها مع جارها الشمالي.
النافذة التي تزداد ضيقاً:
الظروف الشبه مثالية الحالية المتاحة للكورد سوف لن تدوم طويلاً-بالكاد ستة اشهر. سلسلة الانتصارات التي حققتها قوات البيشمركة على داعش في مناطق كوردستان المختلفة مثل زمار، مخمور و اخيراً شنكال، تعني ان حكومة كوردستان، تمارس سيطرة فعلية و قوية على المناطق المتنازع عليها بترخيص و مساعدة امريكا و دول الناتو. و لكن، متى ما تلاشى الخطر الداعشي في العراق و تحول الاهتمام و التركيز الغربي على الاوضاع في سوريا، قد تصبح حكومة كوردستان تحت ضغط متزايد لتأجيل و تأخير اجراء الاستفتاء. و مع هذا، اذا ما ذهب الكورد الى اجراء الاستفتاء خلال الاشهر القادمة، سيكون بامكانهم المضي قدماً في الاستفتاء دون الخشية من احتمال معارضة الدول الغربية لذلك او تقليل الدعم العسكري الحالي لهم، لان الامريكان و دول الناتو، يعرفون ان اي تلكؤ او وقف للدعم العسكري للكورد، سيمكن داعش من اعادة الهجوم او تمكن الميليشيات الشيعية المدعومة من قبل ايران على التقدم و كسب الارض على حساب الكورد.
كما ان التواجد العسكري الايراني في جلولاء المحاورة للحدود الايرانية و التي تسيطر عليها قوات الاتحاد الوطني الكوردستاني المنافس للحزب الديموقراطي الكوردستاني ، تحفز و تشجع البارزاني اكثر على المضي قدماً في اجراء الاستفتاء لانه عندما يصوت الكورد على الاستقلال، فإن الاتحاد الوطني الكوردستاني سيجبر على الابتعاد عن ايران.
كما ان الاستفتاء يجب ان يُجرى قبل الانتخابات التركية المزمع اجراؤها في حزيران 2015 لان تأثير و نفوذ البارزاني على الرئيس التركي اردوغان بعد الانتخابات سوف لن تكون بنفس قوتها قبل الانتخابات المذكورة. حزب العدالة و التنمية التركي حالياً مشغول و ملتزم بمحادثات سلام مع حزب العمال الكوردستاني الذي لا يزال يعتبره حزب العدالة و التنمية مجموعةً ارهابية.
للمحافظة على المناطق الكوردية في تركيا هادئة و مستقرة بغية كسب اصوات الكورد في الانتخابات، على حزب العدالة و التنمية ان يظهر للكورد انه يحقق تقدماً في محاولات و مفاوضات الحل السلمي للمعضلة الكوردية خلال الاشهر القليلة القادمة. و في المقابل، فإن اية انتكاسة للمفاوضات ستؤدي حتماً الى تقوية موقع و موقف اوجلان على حساب البارزاني، كما تعطي شرعية اكثر الى خطة اوجلان الداعية الى توحيد المناطق الكوردية كافة في اتحاد فيدرالي و التي تتناقض مع رؤية البارزاني الرامية الى الحصول على استقلال جنوب كوردستان.
اذا ما تعثرت او فشلت عملية السلام بين اردوغان و اوجلان، و قامت على إثرها اضطرابات و اعمال عنف، فان البارزاني حينئذِ سيخسر الدعم التركي و ربما الغربي ايضاً لاستقلال كوردستان.
ان الحاجة الملحة لحكومة اقليم كوردستان للمضيً قدماً في الاستفتاء واضحة لانه يجب على البارزاني ان يتقدم الى الامام و هو لا يزال ممسكاً بكل الكارتات و الفرص السياسية السانحة لانجاح عملية الاستفتاء و اذا ما نجح في ذلك ، فان عام 2015، سيكون العام الذي صوَت فيه الشعب الكوردي على استقلاله و العام الاكبر للكورد كافة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله