الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دونَ أن أنظرَ إلى الخلف

ناصر ثابت

2015 / 1 / 20
الادب والفن


دونَ أن أنظرَ إلى الخلف
نص ناصر ثابت

أخافُ على الأشياء،
أخافُ من الأشياءْ
الخوفُ إحساسٌ يوميٌّ،
أسمو على الهدوء، وعلى الإيمان الساذج
أتألق إلى جحيم الشك الإلهي
أمتطي جناحَ ورقةٍ جافة
أتعالى على ذاتي
الوضوح يشدني إلى الأسفل، والغموضُ يسمو بي
أملُّ من الضياع بين الأفكار المتلاطمة
وأملُّ من الأفكار الخافتة
أغيبُ في الأوان، في زقزقات شجرة البلوط التي تطرق نافذتي يومياً
أتحولُ في لحظةٍ إلى حُلمٍ، أشعرُ فيه بالبرد الظالم
يظلمني البردُ
يبردُ قلبي لأنه يمارسُ موهبة الشوق
أعتذرُ،
أعتذر عن كل شيء،
عن إيذاء الأنثى التي لم ألتقِ بها من قبل
وعن السخرية من الفكرة القديمة
أخاطبُ الحبيبةَ لآخرِ مرة
انا هنا/جائعٌ إلى قبلةٍ منك
ومكتفٍ بالموتِ العاطفي
ومتصالحٌ مع دمي
ومتأثر بقصص الصخر
ومتعاطفٌ مع الجبال الحائرة
لا شيءَ تبقى بعد اليومْ
الغدُ ينقصه التشويقُ
والبارحة عالقةٌ في ذاكرة مثقوبة.
لا تتركيني ضائعاً في أكوام الحروف المكسرة
فالأحلامُ تؤلمني
احسُّ باليأس
اليأس هو اللفظة المناسبة
يائسٌ من كل شيء
يائسٌ من قدرتي على فتح الفكرة على شرفات الأمل
يائس من عودتي الى صورة المكان والزمان
لم يتبقَّ لي إلا السراب
لا طعمَ للأشياء
ولا رائحة للدروب
ولا موسيقى جنائزية ترافق موت الجبل
لا شيءَ أسمعه عند ارتطام نقطة الحبر بالسطر
يهرقني شيءٌ ما على الأرض كأنني نبيذٌ للمشاعر المؤجلة
أضيعُ في عمري، كأنه متاهة، ولا أجد طريقة الخروج.
العمرُ متاهة، دروبُها اللهفة، والسراب
أمسحُ وجهي بالمشاعر القاسية
وأكذبُ في كل شيء
اليأسُ هو اللفظة المناسبة
هو الكلمة التي احتاجها الآن حتى أصفَ الشيء
أركضُ على خطوط الدرب
أركض حتى أتعثرَ بالحقيقة، وأسقطَ على الأرض
أبلغ قمة المسافة
أركضُ، أتعثرُ، أنهضُ
أنهضُ إلى الأسفل
وأسقطُ إلى الأعلى
تجرحني الأوراق الإبرية للصنوبر
أحضِّرُ الأشياءَ للرحيلِ
رحيلي
ربما يتوجبُ عليَّ أن أعيد التناغم إلى غرفتي
فلا يجوزُ أن أذهبَ وهي على حالها المعدِّ لوجودي
كما يتوجب عليَّ أن أرسم لفراشتي حروف اسمها
كما وعدتُها
وأحتاجُ إلى أن أعيد النظام لمكتبتي
فالكتبُ تشتاقُ وتنتظرُ،
ولا أريدها أن تظلَّ هكذا مليئة بفوضى قراءاتي فيها
كما سأحاول أن أنهيَ نصوصيَ التي بدأتُها
وأن أنشر ما ظلَّ منها حبيسَ التردد
وأن أغسلَ ثيابي التي لن أستعملَها مرة أخرى
وأن أكتبَ لمدة ساعة كاملة، لآخرِ مرة
حتى لو كان الناتجُ نصاً سخيفاً، لا معنى له ولا هدفَ من كتابته
سأختارُ ربطة العنق المناسبة
وسأمنحُ نفسيَ فنجاناً من القهوة، أبدأ به النهايةَ
وسوفَ أرتب أموري المالية، والعائلية
أما الصداقاتُ فلا يوجدُ عندي الكثير منها حتى أحسمه
ولا الكثير من العداوات حتى أنهيها
سوف أستيقظُ وأغسلُ أسناني،
وسآخذُ حماماً دافئاً، وسريعاً
وسأضعُ بعضَ العطر، من زجاجة نوتيكا التي أهدتنيها حبيبتي
وسأوضبُ سريري
فلا يُعقلُ أن أتركَه هكذا، وعليه آثار أحلامي النهائية
وسأختارُ لنفسي ساعةَ انطلاق مناسبةٍ، حتى أصلَ الموعدَ الوهميَّ في الوقت المحدد.
وسأمشي إلى البابِ وسأفتحُه، وسأستنشقُ أولَ قبضةٍ من الهواء البارد
أديرُها في رئتي، وأطلقُها في الجو
وسأجولُ بناظريَّ في خارج المكان مرةً نهائيةً
وفي داخله أيضاً
وسأربتُ على القطتين
وأداعبُ الفراشتين
وأقبِّلُ الزنبقةَ البيضاء
وسأديرُ ظهري، وأغادرُ
دونَ أن أنظرَ إلى الخلفِ
مهما حدث!


13-1-2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب