الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقية دور روسيا في الأزمة السورية

منذر خدام

2015 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


حقيقة دور روسيا في الأزمة السورية
منذر خدام
من الصعوبة بمكان تصور أن الدول الكبرى، وخاصة تلك التي لها مصالح في المنطقة العربية تسميها "حيوية " أن تتعامل مع الأحداث الجارية فيها، أو تلك المحتملة بردات الفعل فحسب دون المساهمة في صنعها، أو في إدارتها والتحكم فيها، وتوجيهها الوجهة التي تخدم مصالحها. ففي رسالة أوباما إلى أركان حكمه، بتاريخ 12/آب 2010، والتي عنونها " الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" طلب منهم الاستعداد لحصول تغييرات كبيرة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد فترة طويلة من جمود " الإصلاحات السياسية" التي كانت قد شرعت بإجرائها بعض هذه الدول. وإذ يبدي اوباما، في رسالته،التي عرف محتواها مؤخراً، تخوفه من أن تؤثر عملية الجمود هذه على مصالح أمريكا، خصوصا في ظل تنامي العداء لها من جراء وقوفها إلى جانب إسرائيل، وصمتها عن تجاوزات الحكومات الصديقة لها تجاه شعوبها، فإنه وجه طاقمه لإعداد خيارات محددة للسياسة الأمريكية في المنطقة تحافظ على مصالحها. بكلام أخر، يمكن القول أن ما حصل، ولا يزال يحصل في بعض الدول العربية من تحركات شعبية مطالبة بالتغيير الجذري لأنظمة الحكم فيها لم يكن مفاجئاً تماماً للإدارة الأمريكية. وإذا كانت فرضية أن " ثورات" ما يسمى بـ " الربيع العربي" ليست صناعة أمريكية أو غير أمريكية (مؤامرة خارجية) صحيحة، فإنه، في الوقت ذاته، لا يمكن القبول بصحة فرضية أن أمريكا وغيرها من الدول الكبرى والإقليمية لم تتدخل للتحكم بمجريات هذه " الثورات" وتوجيهها الوجهة التي تلائم مصالحها، أو إعادة احتواء نتائجها، وهذه مسائل صارت واضحة جداً.
ما قيل أعلاه عن الدور الأمريكي في المنطقة ينطبق تماما على الدور الروسي، مع اختلاف مهم وهو أن الروس لا يبنون مواقفهم تجاه دول المنطقة العربية، بدلالة ما يجري فيها من تحركات شعبية فقط، بل أيضاً بدلالة السلوك السياسي الأمريكي والغربي عموما. لذلك ومنذ انطلاق التحركات الشعبية في تونس، مرورا في ليبيا ومصر واليمن وصولا إلى سورية، كان الروس يأخذون مواقف معاكسة للمواقف الأمريكية، حتى ولو بدت أنها غير شعبية، وقد تجلى ذلك بصورة واضحة بخصوص مواقف الدولتين من الأزمة السورية.
لقد نظر الروس كما الأمريكان إلى الأحداث الجارية في سورية من منظار مصالحهم الخاصة، والضيقة في كثير من الأحيان، دون الاهتمام بمصالح الشعب السوري، وهذا أمر مفهوم، فالمسألة ليست أخلاقية بالنسبة لهم، بل مصالح. وإذا كان الأمريكان، حتى قبل ظهور داعش وسيطرتها على مساحات واسعة في العراق وسورية، يجدون مصلحتهم في إسقاط النظام السوري، واستلام المعارضة الموالية لهم مقاليد السلطة، فقد وجد الروس مصلحتهم في دعم النظام السوري ليس فقط لكونه حليفهم الاستراتيجي في المنطقة، بل لأن سقوطه يعني بالنسبة لهم خروجهم من منطقة الشرق الأوسط نهائيا ولعقود من السنين القادمة.
لقد استغلت روسيا الأزمة السورية حتى عام 2013 من أجل التحول إلى قطب عالمي، خصوصا بعد تجاهلها تماما من قبل أمريكا والدول الغربية عموماً، في الأزمة الليبية والمصرية واليمنية، ولذلك عمدت إلى دعم النظام السوري بكل مقومات صموده العسكرية وغير العسكرية. وكان من النتائج المباشرة لهذه المساعي نجاحها مع أمريكا، والدول الدائمة العضوية الأخرى في مجلس الأمن، وبعض الدول الإقليمية ، في إطار ما صار يعرف بـ "مجموعة العمل من أجل سورية" بإصدار ما صار يعرف "ببيان جنيف1 " في عام 2012 كأساس لحل الأزمة السورية، في وقت كان النظام بأشد حالات ضعفه، لكن عندما تحسن وضع النظام، لم تبذل أي جهد لإنجاح مسار جنيف التفاوضي الذي انطلق بداية عام 2013، من خلال الضغط على النظام للدخول في مفاوضات جدية مع وفد المعارضة، بل دعمت وجهة نظره، لجهة أولوية محاربة الإرهاب على غيره.
ومع أن تغيرات جوهرية قد طرأت على خارطة الصراع المسلح في سورية في عام 2014، من جراء بروز ظاهرة داعش، وسيطرتها على مناطق واسعة في العراق وسورية، وتهديدها الجدي لدول أخرى في المنطقة، إلا أن روسيا لم تغير موقفها من الأزمة السورية لجهة دعم النظام. بل على العكس كشفت عن دور جديد لها يتركز على تجاوز المعارضة السورية بكل أطيافها، وتقديم النظام على أنه القوة الرئيسة في محاربة الإرهاب في سورية. ويبدو أن الظروف الجديدة وانكشاف دور بعض حلفاء أمريكا الإقليميين في دعم القوى الإرهابية في سورية والعراق، جعل روسية تنجح في إقناع أمريكا وغيرها من الدول الغربية والإقليمية في إعادة تعويم النظام، بدءً بتكثيف الاتصالات الأمنية، وغير الأمنية معه، وقد تحدث الرئيس السوري عن هذه الاتصالات بالتفصيل خلال لقائه مع أعضاء حزبه مؤخرا في طرطوس، بحسب ما نقلته عنه جريدة الأخبار اللبنانية. واستغل الروس انشغال أمريكا في محاربة داعش، وانكفائها الواضح عن البحث عن حلول للأزمة السورية لكي يتقدم الروس بمشروع لإعادة تعويم المسار السياسي لحل الأزمة السورية ورعايته، لكن من خلال رؤية النظام له.
بداية فهي عمدت إلى التصريح مراراً بأن بيان جنيف1 لم يعد يصلح أساساً للتفاوض، فقد تجاوزه الزمن، ولا بد من تعديله ليأخذ بعين الحسبان المتغيرات الجديدة كما تراها موسكو. وثانياً فهي بدعوتها أشخاص من المعارضة والموالاة للقاء وفد حكومة النظام بصفته الرسمية تريد تجاوز فكرة المعارضة ذاتها، وترسيخ فكرة أن الأزمة برمتها لا تعدو كونها خلاف بين الحكومة و وجزء من رعاياها على بعض الإصلاحات للنظام القائم لا غير. وثالثاً تريد أن تضفي على هذا اللقاء الصفة الرسمية من خلال دعوة الموفد الأممي إلى سورية السيد ستيفان دي ميستورا إلى موسكو لحضور اللقاء، على عكس ما كانت قد صرحت به من أن لقاء موسكو مجرد لقاء تشاوري بين السوريين أنفسهم. ورابعا وهذه مسألة مهمة، فهي تريد أن تحمل المعارضة مسؤولية فشل لقاء موسكو، لأنها تعلم علم اليقين أنه بهذه الشروط لن تشارك الأطراف الرئيسة في المعارضة السورية فيه.
تستطيع المعارضة أن تفشل مساعي روسيا هذه، وتعيد الاعتبار لمسار جنيف التفاوضي من خلال نجاحها في عقد اللقاء الوطني في القاهرة قبيل لقاء موسكو، والخروج بموقف موحد يحدد خياراتها التفاوضية على أساس "خارطة الطريق لإنقاذ سورية" التي أعدتها بعض أطرافها ووافقت عليها أغلبيتها.فهل تفعلها المعارضة هذه المرة ؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطرح التقليدي
فؤاد النمري ( 2015 / 1 / 21 - 12:05 )
السيد خدام
طرحك للموضوع طرح تقليدي تبناه الكثيرون
أنتم لم تدركوا بعد أن من أتى بحافظ الأسد حاكما لسوريا هو المخابرات السوفيتية التي ضاقت ذرعاً بمجموعة صلاح جديد الثورية اليسارية
في حرب 73 كان الاتحاد السوفياتي سيدخل حرباً عالمية عندما هددت إسرائيل نظام الأسد بينما في حرب 67 لم تحرك ساكناً
مازالت روسيا تغامر بحرب عالمية حفاظاً على نظام القمع الأسدي
أما الولايات المتحدة فيحول دون تدخلها المباشر عاملان
الأول لا تجرؤ على مجابهة روسيا بحرب مفتوحة في الشرق الأوسط
والثاني تحرص على ألا تغامر بأمن إسرائيل

لا يمكن أن ينجح قادة الإنتفاضة للشعب السوري دون أن يعرفوا عدوهم الحقيقي

اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم