الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الحلول الكينزية والاسلامية للازمة المعاصرة

أنور نجم الدين

2015 / 1 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لقد قال أوباما في خطابه يوم 20/1/2015 حرفيًا: "لقد قطعنا طريقنا للخروج من الأزمة".
ولكن عكس ذلك، لا مجال للعودة، فلا نهاية "بترو دولار" من قبل روسيا والصين لصالحهم، ولا الضغط الامريكي لانخفاض سعر النفط لصالحها، يغير شيئا من مجرى الامور حين يواجه من جديد 120 مليون شخص في الوقت الحاضر، خطر الفقر في أوروبا، حسب يوروستات، وعلى الاخص في بلغاريا ورومانيا واليونان ولاتفيا والمجر والتشيك وهولندا وفنلندا والسويد. فقطع الطريق للخروج من الازمة المعاصرة، بعيد كل البعد مادام الارتفاع في قيمة رأس المال الثابت، وبالذات الوسائل الإنتاجية، تتناسب عكسا مع سوق الاستثمارات. فلا الاجراءآت الاقتصادية والسياسية أو تدخل الدولة في السوق، ولا النظريات تهدف إلى منع تموجات السوق وثم الازمات الدورية للرأسمالية، تساعد مدراء الإنتاج لاعادة توازن حالتهم الاقتصادية المختلة. ففي العقود الأخيرة، أي أثناء تطور الازمات الاقتصادية في العالم من جديد، أصبحت فكرة تدخل الدولة، والازدياد في حجم نفقاتها، مصيبة تسبب الازمات، حسب الاقتصاديين. أما بعد تعمق الازمة المعاصرة في عام 2008، طالب الكثير من الاقتصاديين العودة إلى كينز، أي إلى نظرية تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية عبر "ضخ المزيد من السيولة"، حسب الاقتصاديين الليبراليين، يسمى "اصلاح المال" لدى الاقتصاديين الاسلاميين. ولكن تدخل الدولة، لم يغير مجرى الامور, بل اصبحت الازمة محسوسة أكثر فأكثر في كل مكان. لذلك، فالعودة إلى الحل الكينزي - نسبة إلى جون ماينارد كينز (1883-1946) - أي العودة إلى فكرة الاقتصاد المختلط (Mixed Economy)، أي مزيج من الاقتصاد المخطط واقتصاد السوق، تدعمه الاحزاب الاشتراكية-الديمقراطية أيضا، وخاصة في الدول الاسكندنافية، لم ولا يمكنه أن يساعد الحالة المختلة المعاصرة في الإنتاج العالمي. فالامنية الكينزية هذه لا تتحقق يوما من الايام، فنظام الإنتاج السلعي، له قوانينه الاقتصادية الخاصة به، تؤدي، لا محالة منها، إلى البطالة، والتضخم، والركود، والكساد الاقتصادي، أي إلى أزمة شاملة تشمل كل مجال من الإنتاج العالمي. والسبب هو ان الاقتصاد الراسمالي، يحركه قانون المنافسة. فنظام الإنتاج الرأسمالي، لا يمكنه ايقاف قانون تموجات المنافسة وهو عصب حياته. لذلك، فحتى ايجاد استقرار نسبي في الاسعار والقوى العاملة .. إلخ أمر مستحيل، وفق الفكر الاقتصادي الكينزي أو الفكر الاقتصادي الاسلامي، ولا وفق الاجراءآت الاشتراكية-الديمقراطية الاقتصادية. فان التوهم بان السلطة السياسية يمكنها تحديد تموجات المنافسة، لا يعني في الواقع سوى الجهل بالقوانين الاقتصادية. فحتى في ظل ملكية الدولة -أي رأسمالية الدولة الاحتكارية- ستبقى السوق غير مستقرة، فتلك حقيقة لا يمكن تجاوزها من خلال ضوابط محددة من قبل السلطة السياسية، فالضوابط هذه خاضعة كليًا لقوة ما فوق الدولة وهي السوق المزاحمة العالمية.
وهكذا، فلا الاقتصاد السوقي، ولا الاقتصاد الاحتكاري، ولا الاقتصاد المختلط، لا الكينزي ولا الاسلامي، بمستطاعه السيطرة على عوامل الازمات، فالازمات مرض لا علاج له دون الاستعاضة عن الاسلوب الإنتاج والتوزيع الرأسمالي باسلوب الإنتاج والتوزيع الاشتراكي. وما يواجهه الإنتاج الرأسمالي من الازمات في الوقت الحاضر في عمق العالم، من ضمنه الدول الرأسمالية الاسكندنافية، دليل ساطع على ذلك. إذًا فالحل الكينزي، هو نفس الاوهام الذي يعيش معه الاقتصاديين مع مختلف نظرياتهم، من ضمنهم أصحاب فكرة "اصلاح المال". فحبذا لو كان الامر يجري بهذه البساطة: ""اصلاح المال" أو "الاقتصاد المختلط". ولكن الامر يتعلق بأزمة المجتمع الصناعي، وان الرأسماليين الصناعيين هم الذين يفرضون شروطهم على الرأسمالي المالي وليس العكس. فالحل إذًا لا يمكن ان يكون اقتصاديات اسلامية أو كينزية، بل هو أبعد من ذلك بكثير. فعلاج هذا المرض، هو إنتاج كوموني يخضع لإدارة المنتجين الذاتية أنفسهم، فلا يمكن السيطرة على الاختلال الاقتصادي الرأسمالي، دون إقامة الكومونات الإنتاجية والاستهلاكية التي ستبدأ عملها الاجتماعي، بالتحقق من حاجة البشر الاجتماعية. ومن خلال ذلك، يمكن السيطرة على التضارب الموجود بين قانون النمو العشوائي للسكان، وقانون الفائض العشوائي للإنتاج. ودون هذه السيطرة على الإنتاج الرأسمالي، فلا بد ان تخاطر الرأسمالية بحياة البشرية كلها لغرض إعادة التوازن المختل. أما اعادة التوازن المختل فليست سوى التحضير لازمة وثم حروب لاحقة أشمل وأعم مما سبقتها في تاريخ الرأسمالية.

انظر:
الحل الكينزي / The Keynes Solution / Paul Davidson

http://www.darussalam.ae/-print-.asp?contentId=1630

اصلاح المال: رؤية اسلامية معاصرة / أ. د. يوسف خليفة اليوسف
http://www.darussalam.ae/-print-.asp?contentId=1607








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البديل الأمثل
آكو كركوكي ( 2015 / 1 / 21 - 08:35 )

الدول المدينة بالمليارات والترليونات هي نقطة نقد للحل الكينزي
لكن نظام التدخل له جوانب ناجحة سواء لو كانت في الدول الإسكندنافية أو ألمانيا. ليس هناك نظام بعيد عن النقد والمشكلة هنا في البديل الأمثل . النظام الإشتراكي جُرب أيضاً في الإتحاد السوفيتي وغيرها فهل نجحت !


2 - الاقتصاد السوفييتي
انور نجم الجين ( 2015 / 1 / 21 - 12:31 )
لم يكن الاقتصاد السوفييتي سوى الاقتصاد الاحتكاري، فلا الاقتصاد السوقي، ولا الاقتصاد الاحتكاري، ولا الاقتصاد المختلط، لا الكينزي ولا الاسلامي، بمستطاعه السيطرة على عوامل الازمات.


3 - البديل الأمثل
آکو کرکوکي ( 2015 / 1 / 21 - 20:03 )

أستاذي العزيز كاك أنور

إشاراتي كانت لكل الدول التي أخذت فيها الأحزاب الشيوعية الحكم فمن منها نجحت؟
أما أن نقول إنه ولا واحدة من هؤلاء نتجت عن ثورة إشتراكية وولا واحدة من هؤلاء كانوا ماركسيين بحق بل محرفيين وولا واحدة من هؤلاء كان إقتصادهم إشتراكياً بحق.......
فهل هذا سيحل المشكلة.
عن أي نظرية وإقتصاد ونظام نتحدث إذن إذ لم يستطيع أحد أن يطبقه أو يفهمه او يلتزم به طوال عقد ونصف من المحاولات؟


4 - هل يوجد العمل المأجور في الاشتراكية؟
انور نجم الجين ( 2015 / 1 / 22 - 05:26 )
ان ملكية الدولة للوسائل الإنتاجية -القطاع العام- لا تغير شيئا من طبيعة الإنتاج الرأسمالي. نحن نتحدث عن الإنتاج الخاضع لإدارة المنتجين أنفسهم. وإذا أردتم التحقق عن الاشتراكية، فعليكم العودة إلى الثورة الباريسية لعام 1871 والبحث عن طبيعة الإنتاج الاشتراكي في إجراءاتها الاجتماعية.
ان الحديث الاقتصاد السوفييتي هو الحديث عن رأسمالية الدولة، والعمل الخاضع لإدارة تايلورية، حسب لينين نفسه. فقارن بين العمل الخاضع للنظام التايلوري، والعمل الخاضع لإدارة المنتجين أنفسهم، فستحصل في النهاية الفرق بين العمل المأجور والعمل الاشتراكي.
ان الهدف هو انهاء العمل المأجور. أما الحديث عن النظام السوفييتي يعني الحديث عن نظام العمل المأجور. فهل ترى يوجد العمل المأجور في الاشتراكية؟


5 - خط الفقر
عبد الحسين سلمان ( 2015 / 1 / 22 - 15:57 )
تحية لك عزيزي أنور نجم الدين
وتحية للصديق آکو کرکوکي

خطر الفقر في أوروبا؟؟
مقياس اليونسيف هو:
أُسرٍة بدخل أقل من 60 في المئة من المتوسط, بمعنى أن يكون دحل الآسرة سنوياً أقل من 31000 دولار, تقريباً 2585 دولار شهرياً....(40, 50, 60 % من متوسط الدخل).

أعلى نسبة فقر في اوروبا هي رومانيا: بنسبة 21 % مع دخل سنوي للفرد 14000 دولار في 2013
وأقل نسبة فقر في اوروربا هي جمهورية التشيك بنسبة 9% (2010) مع دخل سنوي للفرد 27200 دولار.
على العموم:نسبة فقر في اوروبا هي 16.4% , مع دخل أقل من 31000 دولار سنوياً



6 - عزيزي جاسم
انور نجم الجين ( 2015 / 1 / 22 - 17:52 )
شكرا للتوضيح


7 - مقياس الفقر
عبد الحسين سلمان ( 2015 / 1 / 22 - 18:56 )
شكراً عزيزي أنور

لكن هذا المقياس للفقر لا يعتبر فقراً بمعنى الفقر العام

كا عائلة دخلها السنوي اقل من 31000 دولار تعتبر عائلة فقيرة
والدولة لها عهد قانوني مع العائلة بما يسمى دعم المعيشة ......fö-;-rsö-;-rjningsstö-;-d
باللغة السويدية


8 - العمل المأجور
آكو كركوكي ( 2015 / 1 / 22 - 19:47 )
أخي أستاذ أنور حسب معلوماتي المتواضعة ماركس تنبأ بحلول الإشتراكية ومن ثم الشيوعية ولكنه لم يكتب كثيراً عنها وحتى لينين أشتكى من هذا.

عموماً الفكرة الأساسية إن البروليتاريا تستولي على سلطة الدولة وتعمل على بناء مجتمع لاطبقي. ماجرى في الإتحاد السوفيتي وغيرها من التجارب هو بشكل من الإشكال تطبيق لتلك الفكرة . فصحيح إن الملكية أنتقلت الى الدولة ولكن المفترض إن البروليتاريا هي التي تقود الدولة فهي التي أنتقلت أليها الملكية إذن . فالسؤال هل أستطاعت تلك التجارب أن تنشأ مجتمع لاطبقي بحيث لايكون هناك أهمية للدولة؟
....
أحب أن أحيي أخي جاسم أيضاً وأذكره إن ماركس تكلم عن البؤس والفقر والإغتراب والإستغلال الناشئ عن أسلوب ألإنتاج الرأسمالي تحديداً والذي أرجعه الى أسباب موضوعية مرتبطة بهذا النظام. الفقر في العالم وأوروبا له أسباب عدة . فهناك دول فيها مستويات كبيرة للفقر لأنها ليست لها أي نوع من الإنتاج لا رأسمالي ولا غير رأسمالي.


9 - الدولة والاشتراكية
انور نجم الدين ( 2015 / 1 / 23 - 04:46 )
ان الامر لا يتعلق بتطبيق التنبؤات، والشيوعية بالنسبة لماركس حركة واقعية لا فكرية أو نظرية. وحسب تجربة الكومونة لا النظريات، ستبدأ إقامة الكومونات الشيوعية بعد هدم الدولة. فالكومونة، كما يقول ماركس: (لم تكن ثورة ضد هذا الشكل أو الآخر من السلطة، شرعي، دستوري، جمهوري أو ملكي. انها ثورة ضد الدولة نفسها) (ماركس، الحرب الاهلية في فرنسا).
لذلك فعلى منتقدي الاشتراكية، التحقق من الثورة الشيوعية واجراءآتها الاجتماعية، في الكومونة، فما وصلت اليها الكومونة خلال 3 أشهر، لم تصل -ولا يمكن ان تصل- اليها الدولة السوفيتية خلال 70 سنة أو 170 سنة.

مرة أخرى، شكرا جاسم للتوضيح.


10 - واقعي وحقيقي
آكو كركوكي ( 2015 / 1 / 23 - 07:38 )
الذي أعرفهُ والمتأكد مِنهُ إنَّ كُل ماهو واقعي وحقيقي هو ماموجود في الواقع أو ملموس ومُعاش.
أما النظري فهو ماموجود في العقول والكتب فقط .

فأنظر أنت أين تصنف الشيوعية بين هذين الموقعين ؟

قبل 150 سنة قال ماركس إن الشيوعية ستولد من رحم ذاك الحاضر ... فمتى سيضع ذاك الحاضر مولودهُ بعد أن أصبح ماضياً بعيداً؟


11 - لماذا النظام الشيوعي في العمل؟
انور نجم الدين ( 2015 / 1 / 23 - 09:37 )
وهكذا، عزيزي الاستاذ آكو كركوكي، انك لا تنتقد الشيوعية بوصفها نظام اجتماعي، بل تحاول انتقاد ما يدور في رأسك حول الشيوعية. فإذا كانت الشيوعية غير ممكنة، فلماذا تحاول انتقادها بعدما تحاول تنسيبها إلى دولة محددة وهي الدولة السوفيتية؟
ولكن لندع الآن النظام الشيوعي للعمل، فالموضوع الذي نبحثه هنا هو: هل النظرية الكينزية أو أية نظرية أخرى، بمستطاعها تقديم أي حل للقضاء على الازمات الرأسمالية التي تخاطر بحياة البشرية كلها بين حين وآخر؟
نحن نقول: كلا، لا يمكن السيطرة على الازمات الاقتصادية الرأسمالية دون القضاء المسبق على التضارب الموجود بين قانون النمو العشوائي للسكان، وقانون الفائض العشوائي للإنتاج. وعند القضاء على هذا التضارب، يولد مجتمع جديد نسميه نحن المجتمع الشيوعي -المشاعي، الكوموني.

اخر الافلام

.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي


.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024




.. الشرطة الأميركية توقف متظاهرين بعدما أغلقوا الطريق المؤدي لم


.. اعتقال متظاهرين أغلقوا جسر البوابة الذهبية في كاليفورنيا بعد




.. عبد السلام العسال: حول طوفان الأقصى في تخليد ذكرى يوم الأرض