الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهلنا عرب الجنوب …أدفنوا ماضيكم وأنهضوا

كامل السعدون

2005 / 9 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قد يقول قائل ولِمَ أهل الجنوب بالذات وليس الوسط أو الكرد أو غيرهم ؟
وأجيب لأن مصيبة أهل الجنوب (الشيعة ) هي الأشد رعبا ووعدا بالمزيد من القسوة والعنف والحرمان من الطرفين الآخرين ، فالكرد يعرفون ما يريدون وهم شبه متفقين في ما بينهم إلى حد كبير وإتجاههم العالمي أكثر حضارية وعنفوانا ووضوحا من الآخرين ، أعني عرب الغرب والوسط ، وأخوتنا الكرد ، فأما هؤلاء ، فلديهم أولا عمقا عروبيا داعما ولديهم مواريث الثروة الصدامية وعناصر قوة بشرية علمية وثقافية يمكن أن تضعهم في وضع لائق في العراق القادم ، وحتى لو أُقرت الفيدرالية فإنهم سينجحون في إدارة فيدراليتهم لأن لديهم الخبرات الإدارية الموروثة من المئات السالفة من السنين من الحكم في الدولة العراقية أو الإسلامية العثمانية وما سبقها .
حين سقط صدام حسين إفتضح الفقر ( الشيعي ) الكبير في القيادة والإدارة والسلوك العام في الدولة وإدارة الأزمات والمفاوضات مع الأطراف الأخرى ، ولا نلومهم طبعا فنحن أبناء أولئك الأخوة والآباء والأمهات ونعرف أسباب القصور إذ أنهم حرموا منذ مئات السنين من المشاركة الواسعة في السلطة ( اللهم إلا في المهمات الجانبية الخدمية كالزراعة وغيرها ) ، ولم يتسنى لهم التعليم الراقي ، ولم يجدوا حتى الفرصة لتطوير ميراثهم الروحي والثقافي وترشيد وعقلنة وتطوير قيمهم الدينية والروحية وقراءاتهم لتاريخ الأسلاف ، وبالتالي أضر هذا من ضمن عوامل عدة في إنسجامهم الوطني أولا وفي وحدتهم الثقافية الذاتية كطائفة وفي الإبقاء على الإستلاب التاريخي لقشور دينية أضرت بالجوهر الرحب الجميل العظيم لخصوصيتهم الطائفية .
وبالتالي تيسر لأعدائهم السيطرة عليهم وقمعهم وتجهيلهم وحرمانهم من فرص الرقي الحضاري والثقافي والمادي ، بذات الآن يسرَّ على أصدقائهم أو من أحتسبوا أنفسهم ( زورا ) أصدقاء أن يضغطوا عليهم ليحرفوا مسارهم الثقافي والإجتماعي المستقل والحر وليسيروه في قنوات تخدم الآخرين لا أهل البيت والأرض والوطن من أبناء الطائفة الطيبون .
وماذا أريد بهذا من ( الشيعة ) وأنا وغيري الكثيرون لا يتمنون للجنوب العراقي إنفصالا عن الوطن العراقي الأم ولا نتمنى إلا أن نرى العراق كما كان دوما واحدا عزيزا قويا ؟
أريد بهذا لهذه الأمة العريضة المحبطة المظلومة أبد الدهر أن تخرج من كهف مظلوميتها إلى قمة عزّها الإثني ضمن النسيج العراقي الجميل المتكامل .
لن ينجح التحرير العراقي في أن يكون تحريرا ناجزا صادقا ، إن لم يتحرر الفرد العراقي الشيعي أو الكردي أو السني ذاته من إرث الماضي الكريه الذي لا شرف فيه لأن الشرف الحق هو الذي يقوم على العدل ، والعدل أولا .
ولي قناعة بأن الفيدرالية هي الأعدل والأجمل والأكثر أمنا وكرامة لكل عرق من أعراق الشعب العراقي ، وسيكون للشيعة والكرد والسنة فيدرالياتهم ضمن النسيج الموحد لعراق أوحد ، وحتى يأتي يوم نيل هذا الهدف السامي ، يجب أن يقرأ العراقيون عامة والشيعة منهم على وجه الخصوص أبجديات بناء الدولة أو الإقليم وأن يعنون بأساسيات البناء المادي الحضاري ، لأن هذا هو مايحفظ الحقوق ويعززها ، وبالتالي ما يعزز اللحمة الوطنية العراقية .

ما لا بد منه :
__________

أولا : إنهاء التشرذم الحاصل بين القوى السياسية الدينية الشيعية ، والإجتماع تحت إطار واحد رحب كبير وليكن البيت الشيعي ذاته ، مع التأكيد على ضرورة إخراج هذا البيت من إطاره الإنتخابي إلى إطار تنظيمي إجتماعي ثقافي ديني سياسي واسع ومرن وشفاف .
هناك فرصة كبيرة لأهلنا الشيعة للإسترخاء قليلا من هذا التوتر الطائفي الذاتي الذي هو رد فعل طبيعي على الإنتهاك والقهر التاريخي الذي تعرضوا له زمنا طويلا ولا زالوا يتعرضون . هناك فرصة كبيرة للعودة إلى الذات والجوهر الإنساني والقومي والقبلي الذي يرقى بالطائفة إلى ما هو أكبر وأسمى منها دون أن ينتهك جوانب النبل والسمو فيها ، وهذا يتم من خلال الإلتقاء شيعيا – شيعيا على مشتركات حضارية كبيرة جميلة واسعة يمكن أن تغني الطائفة وترقى بها وتؤمن لها المستقبل المتطور .
إلتقوا مع بعض على مشتركات جديدة حضارية علمية رصينة وواقعية ، تحرروا من عباءة هذه العناوين العديدة التي لا تخدمكم ولا تخدم العراق والمستقبل العراقي .
تلك العشرات من الأحزاب لذات الطائفة ، ما ضرورتها الآن وما جدواها وكم تغني العراق والطائفة الشيعية العراقية ؟ ربما تنفع إنتخابيا لهذا الرمز أو ذاك ، فما الضير في أن تتفق الرموز على أن تلتقي في بيت واحد أكبر وبرنامج واحد مشترك وبذات الآن إن كان هاجسها السلطة ، فيمكن من خلال التوافق السالف تقاسم السلطة عبر الخروج إلى صندوق الإقتراع من باب واحد بدلا من عشرون باب يزدحم عندها الآلاف من الإنتهازيين والأميين والمتخلفين الذين لا يجيدون إلا حمل السلاح ، والذي سيتحول لاحقا لا سمح الله ( كما حصل عدة مرات إلى سلاح لقتل الشيعي على يد أخيه الشيعي ) .

ثانيا : الإنفتاح على قوى الشارع الجنوبية الأخرى كالقوى العلمانية والطوائف الأخرى التي تعيش في الجنوب ، أملا بالوصول إلى برنامج عمل حضاري بنائي إقتصادي إجتماعي أوسع وأرقى من الإطار الطائفي ، دون أن يكون على حساب مميزات الطائفة وحقوقها الثقافية الخاصة أو الحقوق الثقافية الخاصة للآخرين .
مع الإعتزاز بالهوية الإثنية الشيعية أو السنية أو المسيحية أو الصابئية ، لكن حين يكون الأمر أمر بناء دولة أو إقليم فيدرالي ، فإنك لا تستطيع أن تبني هذه الدولة أو هذا الإقليم على أساس المشترك الطائفي وحده ، فما الطائفة إلا هوية ثقافية قبل أن تكون إجتماعية يمكن أن تشد لحمة الأخوة حتى بين الأخوين في البيت الواحد .
وإلا أترون أن السعودية أو الصومال أو مصر أو أو السودان ، نجحوا في بناء دول حية حضارية متقدمة من خلال وحدانية الفكر لديهم ؟
في حين نجحت كوريا واليابان وماليزيا وغيرها في الوصول إلى القمة في التطور الإقتصادي والثقافي رغم تعدد الأديان في بلدانهم ورغم التنوع العرقي بين مغول وصينيين ويابانيين وهنود و....و.... الخ .
وليس فينا من لا يرى عمق الترابط والتراحم والمودة والحب بين الناس في تلك الدول ، وكيف أن لديهم إنضباط وإلتزام أخلاقي عال جدا ، وهذا ما أدى بهم إلى رقي حضاري سريع ومبهر في بحر بضع عشرات من السنين .
إنفتحوا على أخوتكم من الأعراق والطوائف والإتجاهات الفكرية الأخرى غير الدينية وتعاملوا معهم بروح الأخوة الوطنية والقومية والإنسانية ، وأعتمدوا عليهم كما على غيرهم في بناء الإقليم الفيدرالي القادم المبارك الذي سيكون أول المنتفعين من ثماره هم أبناء ضحايا المقابر الجماعية والحروب الكارثية الصدامية .
وكلنا نذكر كيف أن الحضارة الإسلامية في العراق والشام قد بنيت على أكتاف مواطني تلك البلدان من اليهود والصابئة والكلدان والآشوريين ثم التركمان والكرد وغيرهم ، بل وحتى زنادقة تلك العصور وجد الكثير منهم فرصته في تلك الدول التي أنتجت حضارات عربية عظيمة وصلت إلى حدود الصين وإسبانيا .
وها هم أخوتكم أبناء الجنوب العراقي من الصابئة والأرمن والسنة وغيرهم ، منتظرون أن يكون لهم الدور في المساهمة ببناء إقليم متطور راقٍ على أنقاض هذا الإقليم الذي كان صدام يدعوه بالمدن السوداء ، وما كانت سوداء ولكن عينيه كانت لا ترى في تلك الأنحاء إلا اللون الذي لا يحبه فوسمه بميسم السواد لا بارك الله به .
إخرجوا من عباءة الطائفة وإرث الماضي إلى خيمة الأخوة والإنسانية ، لأن تلك الخيمة يمكن أن تتحول حقا إلى وطن ، أما الماضي وعباءة الأشياخ فلا ينتج منها إلا المزيد من الظلم والحزن والبكاء .

ثالثا : هناك إشكالية كبيرة وتاريخية سببت لأهلنا الشيعة في العراق الكثير من المظالم والغبن والإضطهاد وأثرت تأثيرا بالغا على سمعتهم الوطنية والقومية ( سواء كانوا عربا أو تركمانا أو كردا فيليين ) ، وأعني بذلك العلاقة مع إيران ، وهنا نتذكر طبعا أن تلك العلاقة تاريخية قديمة جدا وتعود حتى إلى ما قبل الإسلام ذاته ، إنما وخصوصا في هذه المرحلة الوجودية المهمة للغاية والخطيرة جدا ، يجب على أخوتنا الشيعة ( وبالذات بعض قيادات الشيعة العرب ، لأن هذا الأمر ليس بشاغل للناس العاديون ، إذ هم في جلّهم لا يحبون إيران ولا يخلطون بين الفقه والمواطنة العراقية ) .
يجب عليهم أن ينتبهوا للأسافين التي يسعى الآخرون لدقها بينهم وبين أخوتهم عرب العراق الآخرون ، أوالعرب في بلدانهم الأخرى ( مع الإحتفاظ بحق اللوم والإدانة لموقف العرب الوسخ من تحرير العراق ) ، وأن يكفوا عن هذا الترويج العدائي ضد العرب ( أهلهم وأنسابهم ولغتهم وتاريخهم ) ، فليس كل العرب صدام حسين أو الزرقاوي أو التكفيريين الوهابيين ، بل العرب هم آبائكم وأبنائكم وشيوخ عشائركم ونبيكم وائمتكم ، ومن العار أن تروجوا الفكر المعادي لهذه الأمة وهذا التاريخ وهذه اللغة ، فبالنتيجة تبقون عربا ومن ليس فيه خير لأهله لن يكون فيه للغريب الأجنبي خير ، ولن يثق بكم الإيرانيون أو يتوقعوا منكم الخير أو يعطوكم أكثر مما يأخذون من ولائكم من إمتيازات ومصالح وإختراقات في الجسد العراقي ( وإلا فأنظروا إلى أخوتكم عرب الأحواز الشرفاء الذين ما منعهم تشيعهم من أن يحافظوا على الود مع أمتهم وأن يسعوا للتحرير وإقامة الدولة الوطنية العربستانية ، وكذلك ما منع تشيعهم الإيرانيين من أن يعاملوهم معاملة الأعداء ويحرمونهم من كثير من الحقوق الوطنية ضمن الدولة الإسلامية ذاتها ) .
يجب على أهلنا الشيعة في الجنوب وقياداتهم العراقية الوطنية الأصيلة أن تعيد من لا زال على الهوى الإيراني إلى منبته القومي والوطني ومصالح شعبه وطائفته ، فإن لم ينفع النصح فليس إلا الفضح والتعرية أمام الناس سبيلا للجم المتواطئين المتهاونين بالمصلحة الوطنية بل وحتى الطائفية لأهل العراق العرب الأحرار الشرفاء ، مع التأكيد على أن الأخوة الطائفية الإنسانية مع الإيرانيين لا غبار عليها حين تكون بعيدا عن أهل الحكم من الطرفين وليس على حساب سمعة الطائفة وكرامة الوطن ومصالح الأمة .
وتذكروا أيها الأحبة أن الأمريكان هم من حرروكم كما حرروا قبلكم كوريا واليابان وألمانيا وغيرها ، فليس أجمل ولا أنبل من قيمة الإعتراف بالجميل حتى وإن كان في ذلك بعض المرارة ، فأنتم بحاجة لهم كما أحتاجهم قبلكم الكوريون واليابانيون وغيرهم .
وليتكم تقرأون تاريخ الشعوب التي مرت بمثل ما مررتم به من المظلومية وتسلط الآخرين ، كالشعب الكوري العظيم الذي خلق نمرا إقتصاديا جبارا من اللاشيء تقريبا .
لم يكن لدى كوريا بترول ولا حديد ولا ألماس ولا أرض زراعية فسيحة ، وقد تعرضت عبر العصور إلى الغزو الصيني والياباني والأوربي وإلى إستبداد داخلي رهيب ، ومع ذلك فقد نجحوا بالإعتماد على العلم والجد في التحصيل العلمي والإنضباط الأخلاقي العالي والصدق مع الذات ومع الحليف الأمريكي ، نجحوا في بناء دولة راقية في بحر سنين قليلة . وهنا نشيد جدير بالذكر أن نعرج على الديانات الكورية كالبوذية والكونفشيوسية وتلك القيم الأخلاقية العظيمة التي كانت فيهما والتي سهلت على الشعب الكوري أن يتوحد ويتحابب ويتقن العلوم الحديثة بسرعة ثم أن يبني دولة متطورة جديرة بالإعتبار والإقتداء . ولديكم أيها الأحبة قيما إنسانية نبيلة جميلة في سيرة وتاريخ الحسين والائمة وكيف كانوا يؤكدون على الفقه والتحصيل العلمي والعمل الجاد ، وأظن أن تلك القيم لو أُجلي الغبار عنها لكانت لا تقل عن تلك التي كانت لدى الكوريين واليابانيين وكافة شعوب جنوب شرقي آسيا .
أليس كذلك ؟
إخرجوا باكرا من عباءة الإيرانيين أولا ثم من عباءة المظلومية غير المشرفة ، وأقروا بفضل من يمكن أن ينفعكم غدا في بناء دولتكم أو إقليمكم ، وأخرجوا من تاريخ الطائفة وتراثها الأجمل والأنبل والأجدر بالإقتداء لكي ما يمكن لمظلوميتكم إن تتحول إلى مستقبل آمن جميل مبدع متطور لأجيالكم الحالية والقادمة من خلف ذاك السلف النبيل المظلوم الذي أودعه صدام في المقابر الجماعية .
إخرجوالطائفة من إطار البكاء على الأطلال والنواح على الأجساد التي حلت بكربلاء قبل ألف عام ، إلى بديل طائفي حضاري عريق متطور ونهوضٍ ثقافي روحي إقتصادي علمي جبار ومحبة ووحدة وتلاحم بينكم ، يمكن أن تنجح لاحقا في أن تسبب العدوى النبيلة في الآخرين فيعم الأمن والسلام والمحبة كل العراق ، وتعودون ويعود الآخرون إلى جادة الوطن التي هي أسمى وأنبل وأشرف من الطرق الفرعية الضيقة المظلمة للطوائف والقبائل والأعراق .
يمكن لكم بتنكب طريق الواقعية والتواضع والعلم والوفاق والبراجماتية أن تحيلوا إقليم الجنوب إلى درة الشرق كله ، وعندكم لذلك أعظم الثروات : البترول والزراعة والسياحة والماء والشمس والثروة البشرية وحافز المظلومية والإهمال الذي يجب تحريره ليتحول إلى قيما أخلاقية جديدة تحث على العمل والجهد والبناء .
وتلك كانت ثروة الكوريين الوحيدة ، البشر والوازع الأخلاقي الجميل والتحدي التاريخي الحضاري ، وما كان هذا في زمن بعيد بل في أوائل الستينات بعد إخفاقات سياسية عديدة وأنظمة دكتاتورية متكررة وحرب أهلية مدمرة ، ومقابر يفوق نزلائها المليونين من الشعب الكوري .

رابعا : عليكم بالعلم فبالعلم وحده تبنى الأوطان . إغرقوا الريف والمدينة بالمدارس ، لا تنتظروا من الدولة أن تبني لكم شيئا ، الأكراد بنوا المدارس والجامعات ومعاهد العلم في فترة عشرة أعوام من الإستقلال الذاتي في إقليمهم ، وحين جاء يوم جرد الحساب أظهروا الوحدة والقوة والثقة والقدرة على إدارة إقليمهم ، لأنهم نجحوا في بناء كادر علمي وثقافي قادر على الإكتفاء والإستقلال .
أنتم أيضا بمقدوركم أن تفعلوا الأمر ذاته من خلال ما يصيبكم من موارد الدولة ومساعدات الآخرين وبالذات الجيران العرب والمستثمرين الخليجيين والمنظمات الإنسانية . ضعوا الرجل الأمين النظيف في المكان المناسب ، ورشدوا إستعمال الموارد ، ضعوا الخطط الطموحة للإرتقاء بالمواطن الجنوبي ، زجوا بالناس في المعاهد والكليات والمدارس وأكثروا من الحوافز لهم ليحصلوا من العلم قدرا كبيرا يساعدهم غدا على إدارة ليس الإقليم وحده بل الدولة العراقية ، وذات الأمر فعله الكوريون واليابانيون عقب الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية في الخمسينات ، إذ أرسلوا الآلاف من الطلبة للحصول على أرقى وأحدث العلوم من الغرب وبالذات من المحرر الأمريكي وحين عادوا ، نهضوا بالصناعة في هذين البلدين حتى وصلت إلى هذا الذي ترون في يومكم هذا .
حاولوا أن تنتفعوا من الفرص التي يمكن أن تمنحها لكم الدول المجاورة لكم وبالذات الدول العربية الخليجية ، أنتفعوا من إستثماراتهم في الجنوب ومن فرص المقاعد الدراسية التي يمكن أن يمنحوها لكم في بلدانهم وبالذات في الجوانب العلمية التي يحتاجها الجنوب حقا كالخبرات التكنولوجية والطبية والتعليمية ، فتلك هي أولويات بناء الأوطان المتطورة القوية .
_______________________________________________________

تلك ملاحظات عامة على الشأن الجنوبي الذي يتمزق بإحتراب داخلي بين الشيعة ذاتهم ويعاني من تدخل إيراني فج خطير قد يفضي إلى كارثة ماحقة ستصيب أهلنا ذوو الشهداء في حروب صدام ومقابره الجماعية .
نتمنى لو إننا نفتح عيوننا في الغد على جيل جديد جميل من القيادات الشيعية العراقية حقا والرصينة الواعية التي يمكن أن تبني جنوبا جميلا متطورا مبهرا يكون سبيلا لوحدة عراقية جديدة تقوم على المصلحة والعقل والعلم والمشترك القبلي والديني الرحب الجميل . هل كثير علينا أن نحلم بهذا ؟
كلا ... بل إنه واقع سيتحقق غدا ، فهذا هو قدر الشعوب ، وأملنا أن نوفر على أنفسنا المخاضات العسيرة غير المبررة وأن نتنكب الطريق من أوله وبمنتهى السرعة والإتقان .
فلقد خسر الشيعة الكثير وليس من دم إضافي يستحق الإيرانيون أن نبذره في سبيلهم ، وليس من مال كثير يسرنا أن نهدره في مغامرات الطوائف التي لا تغني ولا تسمن من جوع .
أخرجوا أيها الأحبة من الماضي وأدفنوا الجنازة... جنازة الماضي بصمت وأنهضوا ، فلا جدوى من كثر تقليب الميت وكما يقال " إكرام الميت دفنه " .
يقول الرسول محمد في حديث جميل له : إن الله يحب الصمت عند ثلاث عند تلاوة القرآن ، وعند الزحف ، وعند الجنازة .
وأنتم أمام معركة طويلة شائكة ، تحتاج إلى الحكمة فهو زحف من الماضي البشع عبر الحاضر المضطرب إلى مستقبل واعد مزدهر .
وهي جنازة لما تزل تنتظر الدفان .
فما أحوجكم إلى الهمة والصمت وأنتم تدفنونها بأقل قدر من النحيب غير المجدي ( اللهم إلا لبعض المستثمرين من تجار الدين والسياسة ) .
ألا هل من سامع لمثل هذا القول ... نتمنى ذلك ونرجوه .
____________________________________________________________

أوسلو في الثامن من أيلول 2005










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأحزاب الانفصالية في كتالونيا تخسر الأغلبية في الانتخابات ا


.. بلينكن: الاجتياح الواسع لرفح سيزرع الفوضى ولن يؤدي إلى القضا




.. ترقب في إسرائيل لأمر جديد من محكمة العدل الدولية في قضية الإ


.. طائرتان مسيرتان عبرتا من لبنان إلى إسرائيل وانفجرتا في منطقة




.. الإعلام العبري يرصد التوتر المتصاعد بين إسرائيل والولايات ال