الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شينوار ابراهيم شاعر الحب والسلام ... ( فراشات دمشقية ) حمولات تغصّ بمدلولات سياسية – قراءة نقدية ..بقلم حامد عبدالحسين حميدي

شينوار ابراهيم

2015 / 1 / 21
الادب والفن


...................................................
حامد عبدالحسين حميدي / ناقد عراقي
......................................................
الهوس والجنون في استحضار بعض المفردات أو التراكيب والغوص في استنطاقها من اجل رفع الغشاوة عنها وفتح باب التأويلات ، ما زالت تدور ضمن مدارات افقية تارة وعمودية اخرى ، لابد لنا من الولوج في سبر اغوارها للكشف عن مديات اللغة الخطابية التي تنساب فينا ، وهي تناغم مشاعرنا في جلّ حالاتها المختلفة ... قصيدة ( فراشات دمشقية ) للشاعر المتألق ( شينوار ابراهيم ) الغائب / الحاضر ، فعنونة القصيدة ورمزية ( الفراشة ) الذي يضعنا امام هذا الكائن والمخلوق المتناهي في روعته وجماليته ، يضعنا امام هوس ذاتي متأنّق ، يذكرنا بشعراء اغرقوا انفسهم في وصف هذا المخلوق الهائم بالطبيعة وجمالها سلباً او ايجاباً ، بتناقضات وترميزات اختلفت في مدياتها حتى انها اصبحت برمزيتها ذات مدلولات عدة ، فـ ( الفراشة ) ترمز الى متناقضات : الروح الخارجة من جسد الانسان / الطبيعة الحية المتحركة / الحرية المطلقة التي لا يمكن ان تحجمها المنغصات / قصر عمر الانسان / الفتاة الرقيقة التي تتسامى في ترفعها الذاتي / او انها نذير شؤم حينما تحط على الكتف / الضعف امام تحديات الطبيعة وهي تقع احياناً فريسة سهلة للغريم / الحوم حول لذتها العارمة الى حد الاحتراق كالفدائي الذي يسعى لنهايته / كما أنها تحظى بجوانب ومدلولات سياسية لتسلط الضوء على فكر وايدلوجية تغطّ في مفهومات عميقة .
فـ ( شينوار ابراهيم ) ذلك الشاعر الذي جعل من ( الفراشات ) ذات حمولات تغصّ بمدلولات سياسية ، واضحة الرؤية ، اذ انه يستجلي ما يدور حوله من احداث شكلت لديه محوراً اساسياً .. حيث يقول :
دمشق يا بوابة الحضارات
سيفٌ غافٍ
على جبين التاريخ....
عين الشرق
كما أسماك الإمبراطور
يو ليانوس
في حدقات العيون
فـ ( دمشق ) تلك البوابة المدججة بمتاريس الحضارات ، والسيف الذي يغفو ، بثقة القادر على قهر المارقين ، أنها ( عين الشرق ) التي تتجلى في عيوننا ، تشع القاً ، رغم المحن واختلاف الاحداث والنكبات فما تزال هي رحى تطحن كل من يحاول ان يخترقها / فهي مارد حضاري ينفض الغبار والأتربة عنه كي لا يدفن بين الرمال .
نورٌ
ينافس القمر
مشرقا
في سماء الصيف
يتراقص
على اصوات
خرير بردى
يصب في دمي
تناثر على ممرات الكتب
اسمك
في التاريخ....
انه الاندماج الروحي بين ما حولنا ، والتعايش الذي يضجّ في خوالجنا حتى يكاد يعتمل بمسوغات الاحياء ، كيف لا وهو يرى جمال الكون كله قد انصب في بودقتها التأريخية والإنسانية ، فهي ( نورٌ ) طوّع لها مكنونات التدرج الفعلي الذي تناغم مع تسلسلات هرمية متناسقة ( ينافس / يتراقص / يصب / تناثر ) وبذا تكونت هالة من التداعيات المجسمة في تحريك الذات التي تعشق الامكنة في بعث الروح فيها من جديد ، وغلواء الانتشاء بها يقف ضمن مدياتها الاثرية التي لا يمكن اغفالها او الابتعاد عنها .
لماذا
ضاعت....
تلاشت
احرفك
بيد مَنْ
لا يعرف
لا يرحم
فأغلق فم بردى
بدم اطفال
يصرخون
نحو الشمس....
الاستفهامية التي اطلقها ( شينوار ابراهيم ) تقف ضمن كشف المجهولية المغيبة ، التي ضاعت وتلاشت ، ليعطينا وقفة غائية من اطلاق هذا التساؤل الذي كبُر ضمن واقع حياتي يومي ، لقد غصت الحناجر ، وتاقت الارواح لذلك الوهج الذي انساب رغم الالم المرير / والحزن الذي قيد الحياة بأصفاد لا تعرف الرحمة والشفقة / فاللغة لغة ( الدم / الموت ) المصدّر من جهات ظلامية اغرقت الحياة بالصراخ والعويل ، بل النواح اضحى هديل الحياة ، فـ ( الشمس ) المطلقة ، أمل بعيد المنال ..
سماؤك يا دمشق
حزينة
تحتضن ارواحا وورودا حمراء
تلاشت أطراف اجسادهم ...
كتمت
حتى اصوات الفراشات
رغم قصر عمرها...
انها الالوان التي انهمرت حزنا على ( دمشق ) وأي دمشق ؟ دمشق التي غرقت بالحزن واليتم ، وسخرية القدر الذي حوّل كل شيء الى لون ( احمر ) اذ تحولت لديها الاشياء الى احتضان للموت ، تلكم الاعمار التي اختصرتها المنية بإظفارها ، اذ / وفق الشاعر في ختم هذا المقطع بإيحائية ( حتى اصوات الفراشات / رغم قصر عمرها ) .
دمشق ...
يا مناديل امي
دموع ركن الدين ...
كم مرت على بساط
الحياة...
طواغيت العصر
لم يغيروا
من طعم
جمالك ....
مهما رسموا
لوحات
مزورة لوجه ماضيك
انه الاستغراق في الصورة المنقوشة في ذاكرة لا تعرف إلا الحياة .. فـ ( دمشق ) ما تزال لم ولن تكون إلا لوحة فائقة الجمال والروعة والإبداع ، فمعالمها المشرقة وهج يضجّ بالدفء والحنو ، و( طواغيت العصر ) لم يعوا ان لها طعم ، ولون ، وذوق ، لن يفهموه لأنهم صورة مشوشة من الخراب والدمار ، لذا لم تستطع اياديهم ان تشّوه جماليتها ودقة وصفها ..
ايتها الياسمينة الشامية ..
بثي رائحة الياسمين
فوّاحة ،،،
انت دمشق
يا عروس المدن
ساحرة الفصول
مهما غدر بك الزمان
تبقين عشيقتي
في صرير قلمي ....
هنا يقف الشاعر المبدع ( شينوار ابراهيم ) عاشقاً لمدينة ملاً سحرها عينيه الحالمتين بها انها ( الياسمينة الشامية / رائحة الياسمين / عروس المدن / ساحرة الفصول / عشيقتي / صرير قلمي ) وبذا تكون ( فراشات دمشقية ) خطاباً موحياً بحرية الفكر والتحرر من قيود وأصفاد الزمن المقيت الذي يحاول ان يحجم افكارنا بظلامية وسوداوية المجهول ، ذا يذكرني بقصيدة محمود درويش في ( اثر الفراشة ) اذ يقول :
أَثر الفراشة لا يُرَى
أَثر الفراشة لا يزولُ
هو جاذبيّةُ غامضٍ
يستدرج المعنى ، ويرحلُ
فأثر ( فراشات - شينوار- الدمشقية ) لا يزال يمتلك طاقات ايحائية ذات تجليات تراقص معان تختلف مدياتها النصية انها ( رسالة سياسية ) لكل من يحمل بين خافقيه الحب والعشق للوطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?