الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوكوياما بين تحديات و مخاطر الديمقراطية الجديدة

محمد سمير عبد السلام

2005 / 9 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


فى حديثه مع حافظ المرازى، يتوتر (فوكوياما) بين انحيازه للديمقراطية الليبرالية، كنهاية للتاريخ، وما تفرضه التحديات العلمية والاجتماعية المبنية على الثورة (البيوتكنولوجية) ونتائجها الكارثية ومخاطرها المقبلة؛ فهو يرى أن اختلافه عن (هنتنجتون) فى حديثه عن (صراع الحضارات) يكمن فى أنه يرتكز على وجود طريقة واحدة قابلة للحياة هى (الديمقراطية الليبرالية)، وفى الوقت نفسه فإن الصيغ المتحققة فى الواقع من هذه الديمقراطية فى أمريكا واليابان وأوربا لا تعبر بالضرورة عن إنتاج صيغة مثلى تخلو من الخواء الروحي، وإن كانت بديلاً أفضل من الأنظمة الفاشية والشيوعية والنازية وغيرها، وقد اشترط (فوكوياما) لهذا البديل حالة من الترف الاقتصادي تستدعى زيادة مطالبة الناس بالمشاركة السياسية. وهنا تكمن المشكلة الرئيسية في (تاريخانية) فوكوياما، فمع اتفاقنا معه على ضرورة (الديمقراطية)، نتساءل حول الشروط المنتجة لها وكيفية تكونها فى الثقافة والمجتمع والتاريخ. إن مسار (الديمقراطية) دائماً ما يؤجل دلالاتها الأصلية، ويتخذ شكلاً انحرافياً عن المرحلة الزمنية التي أنتج فيها وفوكوياما يقر – ضمنياً- بهذا فى حديثه عن الديمقراطية المتوقعة فى العراق بين الأغلبية الشيعية متعددة الفئات والاتجاهات السياسية الأخرى. فهل هى لعبة تتخذ فيها النزعات الأحادية موقعاً متغيراً باستمرار – فى اتجاه تعدد الهويات مقابل وحدة الفرد فى الديمقراطية الجديدة؟
كيف يمكن تحديد المرحلة – إذاً – إذا كانت الأنظمة التى حققت هذا النموذج بامتياز مثل أمريكا واليابان- فى نظرة- ستعانى من مخاطر اجتماعية وكونية خارج المسار الإنسانى للتاريخ؟ هذا المسار القائم على الطبيعة البشرية أو الكرامة، وهما مفهومان يواجهان تهديداً مستمراً فى كتاب فوكوياما (نهاية الإنسان)، فإذا كان شرط التقدم مهدداً، فإن التساؤلات حول المستقبل ستبدأ من جدوى (الديمقراطية) القائمة كقضية واستبدالها بإشكاليات الأدوار الاجتماعية والثقافية المختلفة. إن أفكار هذا الكتاب بوصفها مخاوف ما زالت تواجه اعتقاده بنهاية التاريخ وتفرض تحديات جديدة على الديمقراطية. ونذكر بهذا الصدد إزدواج الأداء الاجتماعى للفرد – الآن- بجماليات الإبداع على مستوى تكنولوجيا الصورة عند (بودريلار) ثم تفكيك المؤسسات ذات الطابع العنصرى أو الأحادى عند (ديريدا) حتى لو كانت راعية للديمقراطية كمفهوم. ففى حديث له مع (توماس آشوير) ذكر أن هناك نوعاً من عدم التواؤم يقع بين الديمقراطية القائمة فى مؤسسات والأخرى التى لم تأت بعد. من هنا ينبغى أن نكافح من داخل الديمقراطية لنسيرها فى اتجاه مغاير دائماً لمحاولات الاختزال والتقعيد (راجع ديريدا/ اليسار هو الرغبة فى تأكيد المستقبل ت/ كاميليا صبحى/ إبداع عـ (3) 2000م) وأرى أنه عندما يمتزج الحديث عن التحول بديمقراطية ليبرالية أو معتدلة، سوف يكون علينا أن نفكر بالتاريخ كلحظة نعيد فيها إنتاج التحول بشكل جزئى خارج عن شمولية (المرحلة) فمن داخل توقعات (فوكوياما) باتت المفاهيم الشمولية عن الطبيعة والكرامة خيطاً رفيعاً تندمج فيه الأنواع والثقافات. ولكن ما أثر هذه التحديات على إنسان فوكوياما ثم على عالمنا العربى؟. يتوقع (فوكوياما) فى كتابة (نهاية الإنسان) أن يصير عالم ما بعد مرحلة مزج الجينات البشرية بأنواع أخرى كثيرة مواجهاً لتحديين: الأول/ اختفاء ما هو مشترك وازدياد حدة الصراع الاجتماعى، والثانى/ أن يأمل المرء قدوم الموت لأن مشاعر الخوف سوف تختفى معلماً هو الحال فى رواية (عالم جديد شجاع لألدوس هكسلى راجع – نهاية الإنسان ت. أحمد مستجير- هيئة الكتاب 2003) وأمام النتائج المترتبة على هذين التحديين ستستمر الديمقراطية فى البحث عن طرق وجود ومواءمة جديدة. وبهذا الصدد أرى أن عالمنا العربى لا يخلو من التحققات الجزئية فى الاتجاه نحو التقدم والديمقراطية، ومن ثم تحقيق التفاعل الإنسانى- الإبداعى الجديد من خلال وعى المثقفين بأهمية إنتاج الخصوصية والإضافة للتراكم الثقافى الذى تحدث عنه (بوبر) خارج هيمنة النزعات التاريخية إن تطور الطبيعة ما زال ملغزاً عند (فوكوياما) كذلك الأمر فيما يخص التطور الثقافى لمجتمعنا العربى، لأنه يسير وفق اتجاهات متعارضة أحياناً، ويقبل الإضافة والتجديد وتكوين عقل نقدى فى أخرى، وهو ما يجب أن يستثمر جيداً فى المرحلة المقبلة.
محمد سمير عبد السلام
















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!