الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الاشتراكية ومفهوم الاشتراكية العلمية والفرق بينهما2

حسقيل قوجمان

2015 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


مفهوم الاشتراكية ومفهوم الاشتراكية العلمية والفرق بينهما2
اخيرا نعود الى الموضوع بعد اهمال طويل.
حين اكتشف هيغل قوانين الديالكتيك تصور ان هذه الحركة تجري في الدماغ الانساني، في تفكيره، في الفكرة التي كان يعتبرها الاساس الذي ينعكس في الطبيعة. فكان الديالكتيك بالنسبة لهيغل مثاليا اي انه يجري في فكر الانسان ثم ينعكس على الطبيعة.
ولكن ماركس الذي تحول بتاثير فويرباخ المادي الى مادي اكتشف ان قوانين الديالكتيك التي اكتشفها هيغل تجري في حركة المادة، في حركات الطبيعة، في المجتمع، وان ما يجري في حركات الدماغ والجهاز العصبي هو الصورة التي تنعكس عنها في دماغه. فاصبح الديالكتيك ماديا بدل كونه مثاليا، المادية الديالكتيكية، واطلق ماركس على سلوك الانسان عند دراسة الحركات الديالكتيكية التي تجري في الطبيعة بالاستقلال عن ارادة وعقل الانسان "الطريقة الديالكتيكية". المادية الديالكتيكية هي الحركة التي تجري في الطبيعة، في المادة، في المجتمع، بالاستقلال عن الانسان وعن عقله ودماغه وارادته. اما الطريقة الديالكتيكية فهي الطريقة التي يسلكها الانسان مضطرا من اجل النجاح بتتبع واكتشاف الحركات الديالكتيكية.
راى ماركس ان كل حركة في الطبيعة بلا استثناء تجري بصورة ديالكتيكية وان حركة الانسان الفكرية التي هي ذاتها حركة طبيعية شانها شان كل حركة في الطبيعة تجري هي الاخرى بصورة ديالكتيكية ولذا فهي الاخرى حركة ديالكتيكية.
احدى الحركات التي كانت تجري في الدماغ البشري منذ نشوء الانسان على الكرة الارضية كانت وحدة نقيضين متناحرين فيه. واجه الانسان الاول طبيعة قاسية معادية يحتاج فيها الى محاربتها لكي يحافظ على حياته ولكي يحصل على ما يسد رمقه ويبقيه على قيد الحياة. فكان صراعه من اجل البقاء في مثل هذا الوضع سببا في نشوء مزيج من الخوف من الطبيعة ومحاولة الاستعانة بها للحصول على عونها في انقاذه من اوضاعه الشديدة القسوة. وقد اثبتت البحوث في حياة انسان الكهوف والرسوم التي رسمها ان الانسان كان يعبد كفه التي تمنحه القوة ويعبد الحيوان الذي يناضل في سبيل اصطياده لطعامه ويتوسل اليه ليسهل اصطياده.
كان هذا النقيض السلبي في تفكير الانسان، النقيض الذي يؤدي الى الاستعانة بمظاهر الطبيعة طلبا لارضائها ومساعدتها، الاتجاه المثالي الذي كان اساسا لكل انواع العبادات التي مارسها الانسان منذ بداية حياته على الكرة الارضية والتي تحولت نتيجة تطوره الى الفلسفة المثالية حتى اعلى صورها في الديانات التوحيدية والاعتقاد بوجود اله خالق للطبيعة بمن فيها الانسان ويسيطر على كل حركة في الطبيعة التي خلقها. حدث هذا التطور في عصر المجتمع العبودي ولذلك لم يكن بامكان الانسان ان يتصور هذا الخالق الا بصورة سيد عبيد اقوى واقدر من اسياد العبيد البشريين الذين يستعبدونه ويستغلونه، سيد عبيد ارحم واعدل من اسيادهم البشريين، وعلى الانسان ان يعبده، اي ان يكون عبدا له لا لسيد العبيد الارضي لكي يرضى هذا السيد عنه. وما زالت الاديان التوحيدية تمارس عبادة هذا السيد بالصور التي يعتقدون انها اكثر ارضاءا له.
والنقيض الثاني، النقيض الذي كان يبدو نقيضا لا اهمية له، نقيضا ضعيفا بالقياس الى النقيض الاول، النقيض المثالي، كان محاولة اكتشاف الطبيعة وتعلمها واستخدامها في سبيل تحسين حياته، نقيض المعرفة، نقيض المادة، نقيض العلم. فاذا تعلم الانسان مثلا ان ياخذ صخرة ليلقيها على الحيوان الذي يريد اصطياده او على حيوان يهاجمه كان ذلك اكتشافا هاما في حياة الانسان، وكان خطوة في سبيل تقدمه العلمي اللاحق. اورد على سبيل المثال فقط التاثير المباشر على حياة الانسان لدى اكتشاف النار وتعلم صنعها واستخدامها فاصبحت ثروة علمية. لقد كان هذا الاكتشاف عاملا اساسيا في حماية الانسان لحياته من قساوة الظروف الجوية في العراء خصوصا في العصور الجليدية ووسيلة كبرى لاستغلال المغاور والكهوف وطرد الحيوانات الوحشية منها التي تخاف النار اضافة الى جميع الفوائد الاخرى. وكان ذلك وسيلة للمحافظة على حياته تجاه العصور الجليدية. ان اكتشاف قوانين الطبيعة وتعلمها كان منذ اول بداياته اداة لتقدم الانسان بالاستفادة من الطبيعة وليس بعبادة الطبيعة او ما فوق الطبيعة. كان العلم دائما في اتجاه تطور النقيض الثاني، النقيض المادي، الذي كان يبدو ضعيفا تجاه النقيض المثالي.
تقدم النقيض المثالي خلال ملايين السنين بالتحول من عبادة الطبيعة كعبادة الاجرام السماوية كالشمس والقمر والكواكب والنار والاصنام الى عبادة ما فوق الطبيعة في عبادة الالهة على مختلف اشكالهم. وتطور تناقض المادة، تناقض المعرفة، تناقض العلم، تقدما كميا متدرجا خلال هذه الملايين من حياة الانسان كما نعرفه تاريخيا. ونشأت الفلسفة بنقيضيها المثالي والمادي، وتاريخ تطورهما تاريخ طويل ومؤرخ ومسجل.
كانت وحدة نقيضي الفلسفة المثالي والمادي تناحرا وتضادا داميا وتطور خلال ملايين السنين. وكان كل تقدم في العلم والمعرفة يظهر تعاظم النقيض المادي على النقيض المثالي وتطور الصراع الى درجة تحتم نقض الفلسفة بحيث اصبحت ضرورة التحول النوعي من سيادة الفلسفة المثالية وتقدم العبادات وسيادتها على الفكر الانساني الى سيادة المعرفة والعلم. ولكن هذه الطفرة لم تتحقق بسهولة نظرا لوجود طبقات بشرية ترى من مصلحتها ان تبقى السيطرة المثالية الدينية التي تساعد على ابقاء سيطرتها على الطبقات الاخرى واستغلالها. اصبحت المثالية والعبادات كلها قيدا على البشرية وعائقا في سبيل تقدمها وتطورها الذي يستلزم سيادة العلم على التناقض بين العلم، المادية، وبين الخرافات المثالية. وهذا هو الوضع العالمي اليوم حيث نشاهد الحركات الدينية المتطرفة التي تحاول اعادة سيطرة المثالية على المادية بطرق وحشية لا تنسجم مع الحياة الطبيعية للبشرية. وحتى تجري محاولات استغلال العلم لترويج العبادات المثالية الخرافية حين يزعم بعضهم ان العلم توصل في تطوره الى درجة اكتشاف الله جديد يختلف عن جميع الالاهات السابقين ليضفوا على الخرافات الدينية طابعا علميا.
وفقط على سبيل المثال اشير الى ما يعانيه العالم اليوم مما سمي بحركة "داعش". فمن المعروف ان حركة داعش هي من صنع الاوساط الامبريالية شانها شان حركة القاعدة سابقا. ويقوم نفس منظميها وخالقيها باعتبارها خطرا عالميا على الامن الامبريالي ينبغي محاربته.
وكما هنأ بوش البشرية بحلول القرن الحادي والعشرين باعلان حرب عالمية سماها يومها الحرب الصليبية ثم غير اسمها الى االحرب العالمية ضد الارهاب كانت على راسها الولايات المتحدة وشاركتها بها حكومة مجرم الحرب بلير في بريطانيا، حرب عالمية حارة ثالثة مازالت جارية باحتلال افغانستان ثم العراق والباكستان والصومال والسودان وفي ارجاء العالم استخدم فيها من الاسلحة التقليدية وافظع اسلحة الدمار الشامل باضعاف كميات الاسلحة التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية وما زالت تقتل وتبيد الملايين من الاجيال الحالية وقرونا من الاجيال القادمة بتاثير اشعة اليورانيوم المنضب والفوسفور الابيض والغازات السامة والاسلحة الكيمياوية والبكتريولوجية.
وقام اليوم خلف بوش اوباما باعلان حرب عالمية حارة رابعة سماها الحرب العالمية ضد داعش والمتطرفين انضمت اليها حتى اليوم 58 دولة والحبل على الجرار بكامل اسلحتها المختزنة التي يحتاجون الى التخلص منها بالقائها على البشر المدنيين واسلحتها الحديثة المدمرة، يبشرون البشرية بانها ستكون حربا طويلة الامد ضد داعش التي يقولون انها تتالف من بضعة الاف انسان فقط ليس لهم دولة ولاجيش ولا اسلحة ولا وطن. وكل هدفهم هو اجبار البشرية على التحول الى الاتجاهات الدينية الوحشية المتخلفة التي يريدونها. فالبشرية اليوم بكاملها تخشى داعش وتخشى الحرب العالمية الرابعة ضد داعش ومجازرها واسلحتها التقليدية واسلحة الدمار الشامل التي تستخدمها ضد المدنيين من اطفال وشبان وشيوخ بلا استثناء.
نرى من كل ذلك ان تطور الفلسفة بشقيها الفلسفة المثالية والفلسفة المادية هو حركة تنطبق عليها كل القوانين الديالكتيكية فهي حركة ديالكتيكية جرت وتجري في الدماغ البشري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الإنسان الروبوت
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 1 / 22 - 11:13 )
يقول حسقيل قوجمان: الطريقة الديالكتيكية هي الطريقة التي يسلكها الانسان مضطرا من اجل النجاح بتتبع واكتشاف الحركات الديالكتيكية
مضطراً؟
وهذا طبعاً أول الغيث


2 - ابتذال الفكر الماركسي
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 1 / 22 - 11:34 )
يقول حسقيل قوجمان: راى ماركس ان كل حركة في الطبيعة بلا استثناء تجري بصورة ديالكتيكية

عدد الأخطاء في هذه الجملة هو كعدد الكلمات فيها
1. كارل ماركس لم يقل ذلك أبداً. أتحدى حسقيل قوجمان أن يذكر المصدر
2. لا معنى لهذه الجملة أبداً دون تعريف معنى الحركة. ماذا يعني حسقيل قوجمان بكلمة حركة؟ الغموض هو واحدٌ من أكبر عوامل القوة لدى ماركسيي الفول والشعير
3. ليس كل حركة في الطبيعة هي حركة ديالكتيكية مهما يكن تعريفنا لكلمة حركة. هذا جهلٌ تام بالديالكتيك. هناك في الطبيعة حركات ميكانيكية. هل هي في عرف حسقيل قوجمان حركات ديالكتيكية؟ أم إنه ينكر عليها صفة الحركة؟
4. ما الذي أجبر حسقيل قوجمان أن يضيف هذا الشرط الحاسم: بلا استثناء؟ قليل من الشك لا يضر المفكر وكارل ماركس كان يشك في كل شيء. فهل من المعقول أنه استخدم عبارة (بلا استثناء)؟ أم إن حسقيل قوجمان لا يقيم وزناً للكلمات؟


3 - كشكوش في أعلى مراحله
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 1 / 22 - 11:51 )
إذا كنتم تريدون أن تعرفوا ما معنى الكشكوش إقرأوا ما كتبه حسقيل قوجمان في نهاية المقال عن داعش


4 - الفلسفة و نشاط الانسان و التفكير المنطقي العلمي
علاء الصفار ( 2015 / 1 / 22 - 12:39 )
تحية الاستاذ الكبير ح. قوجمان
التاريخ البشري مليئ بالتجارب,فمن يوم رفع الانسان الفأس الحجرية عرف انه يبتكر ففهم ان الالات مهمة و ربما عرف ان التوسل للسماء اضعف من ضربات فأسه الفاعلة,اي ان الانسان بدء يتقرب للافكار العلمية التي تعالج واقعه العصيب. لكن للاسف ان يعقوب ابراهامي وفي العصر الحديث,رغم الرياضيات والحاسوب يتصور ان الله علم الانسان كل الارقام قبل الطرد من الجنة,فاخذ يضحك من القوانين و خاصة تلك التي تستند على الفكر المادي الجدلي, و لذا يلجأ للاتفاف على القوانين العلمية التي بحثت حول سقوط التفاحة من الشجرة. ليقوم مع بوبر بقص الغصن ويصرخوا تكبير(الله واكبر)صبحانه خالق الجرادة ابقى التفاحة على الغصن المقطوع, بهذا ينسفوا الفكر المادي الديالكتيكي,وصولا للتاكيد على انه لا بد من وجود خالق و حقيقة السبت المقدس. وهكذا الى الايمان بالشعب المختار,وهكذا لتظهر داعش على السطح العربي و العالمي نتيجة جهد الكثير من المنظرين الفلته الذين اصابهم العمى و بدئوا يبحثون عن شكل من الآله ما بعد التوحيد وغزو العولمة, أله يجيد الارقام و استعمال الحاسوب و يصدرالروح والعقل المطلق المرتبطة بابراهامي واوباما!


5 - الزميل يعقوب
عبد الحسين سلمان ( 2015 / 1 / 22 - 13:51 )
الزميل يعقوب
تحية
هل لا زلت تأخذ السيد قوجمان مأخذ الجد؟

من جانبي على الاقل: توقفت أن أخذ السيدان , قوجمان و النمري مأخذ الجد


6 - إلى الزميل جاسم (5): للتسلية
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 1 / 22 - 19:23 )
تحياتي لك
أنا أقرأهما، لاسيما فؤاد النمري، من باب التسلية فقط


7 - طنين الحشرات
Rula Burhan ( 2015 / 1 / 23 - 04:33 )
أيها الجد الموقر حسقيل قوجمان !
هل يزعجك طنين الحشرات ؟


8 - إلى برهان (7): موسيقى طنين الحشرات
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 1 / 23 - 09:16 )
وهل هناك إنسانٌ سواك لا يزعجه طنين الحشرات؟


9 - جائزة الذكاء الخارق
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 1 / 23 - 11:03 )
أقترح على هيئة تحرير الحوار المتمدن أن تجري مباراة بين قراء الحوار تُمنح فيها جائزة باسم جائزة الذكاء الخارق لمن يستطيع أن يفهم ويشرح تعليق رقم 4
ملاحظة لمن ينوي المشاركة في المباراة: ليس واضحاً بالضبط اللغة التي كُتِب بها التعليق. أغلب الظن أنها اللغة السنسكريتية أو الهيروغليفية


10 - كل التحية والشكر للكاتب
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2015 / 1 / 24 - 15:38 )
الرفيق المعلم حسقيل نمر هنا وكما العادة لتحيتك وشكرك على الطريقة السلسة التي توصل بها إحدى أهم أسلحة العمال إلى طلائعهم الثورية ، لهزم نقيضهم وتحرير البشرية عن طريق تحرير أنفسهم ..نحيي جهدكم الدائب وكما نتمنى بصدق دوام لكم دوام الصحة والسعادة والعطاء دمتم

اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون