الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الأفافاس ضد حرية التعبير؟

بوشن فريد

2015 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


هل الأفافاس ضد حرية التعبير؟
يخيل لمن يراقب مواقف الطبقة السياسية في الجزائر, لاسيما مواقف أقدم تشكيلة سياسية معارضة للنظام في البلاد, حزب الزعيم التاريخي حسين أيت أحمد, غياب شبه كلي سواء بالبيانات أو من خلال التصريحات من طرف إطارات الحزب أو مسيرات شعبية في مناصرة سجناء الرأي و مساندة حرية التعبير, و الدفاع عن الحريات و ثقافة المبادرة السياسية و حقوق الأقليات, خاصة في مرحلة حكم الرئيس بوتفليقة, برغم أن هذا الحزب المعروف بطبيعة قناعاته السياسية الراديكالية و ميولاته لتطبيق العدالة الاجتماعية و رفضه المطلق لدولة مغلقة شمولية ترعاها عقلية الشرطة البوليسية و ضد قيام الدولة الدينية, كان من المناصرين للحريات الفردية و مدافعا شرساً ضد كل أشكال العنف المعنوي أو جسدي الذي يجسده النظام الجزائري على أرض الواقع, و في حق الرافضين لسياسة التضييق و خنق الحريات في الجزائر المستقلة.
فبعيدا عن محاكمة الأفافاس لا عن طريق البحث في تصفية الحسابات, و لا عبر اختلاف الإيديولوجيات و القناعات السياسية, كان من المفروض على المتتبع للشأن السياسي للحزب, أن يتساءل و بدون خلفيات أو إشارات حزبية حول الأسباب المقنعة عن غياب حزب جبهة القوى الاشتراكية في مساندة القضايا المصيرية و الكف عن الدفاع على الحريات الفردية و الجماعية في الجزائر؟ فعلى الغرار, لماذا لم يقم الأفافاس بالتنديد على تصرفات النظام الجزائري بالتصدي لمختلف المظاهرات الشعبية و الوقفات الشبه اليومية في العاصمة, التي تنظمها حركة بركات و أحزاب المعارضة, بنوع من العنف الغير المبرر, و همجية في توقيف المحتجين من طرف الأمن الوطني؟, و ثم سجنهم دون محاكمات عادلة أو نفيهم دون ضمير دستوري أو إنساني, أو متابعتهم قضائياً بتهم غير مؤسسة على احترام الدستور, الذي ينص بصريح العبارة, أن حرية التعبير مكفولة دستوريا لكل للجزائريين. فأين موقع حزب الأفافاس حيال محاولة النظام المستمرة في خنق حرية التعبير عن الرأي, و منع حق التظاهر السلمي في قلب العاصمة, بعدما تم رفع حظر التجوال و حالة الطوارئ في سنة 2011؟.
أين موقف الأفافاس في قضية متابعة الدكتور سعيد سعدي بتهمة القذف و إهانة رموز الدولة الجزائرية؟, أين موقف الأفافاس من قضية الصحفي عبد الفاتح القابع في السجن لمدة عامين بتهمة مساعدة زميل له في الهروب عبر الحدود الجزائرية؟
بعض من المحللين السياسيين يقرون بأن حزب الدا الحسين يمر بمرحلة إعادة ترتيب مواقفه السياسية, فمسيرة خمسين سنة من النضال الراديكالي, جعلته و بالإكراه يخفض من مستوى خطاباته و مبادئه على حساب مصلحة الحزب, و كما أن مفاهيم الضغط على السلطة و معارضتها اختلفت على ما كانت عليه في مرحلة التعددية الحزبية, و خير دليل, على أن الأفافاس قام بتغيير البعض من مواقفه المعروفة, مشاركته الغير المتوقعة في الانتخابات التشريعية التي تم إجرائها في 29 نوفمبر 2012, و موقفه الغير المفهوم لا من باب العمل السياسي, و لا من زاوية الأعراف و تقاليد اللعبة السياسية العالمية, حول العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة, بحيث غاب عن الأفافاس في صناعة موقفه جراء ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة و هو في حالة صحية لا تؤهله دستوريا و لا سياسيا في الحكم, فاختار الصمت المحرج و عدم إبداء موقف صريح منه, و هذا ما جعله يتعرض للنقد اللاذع من طرف مناضليه و أحزاب المعارضة.
و من باب الاعتراف, و بعيدا عن مسألة محاكمة الأفافاس دائما, نجد أنه من الصعب فهم طبيعة مواقفه و كيفية اتخاذها, فبحكم معرفتنا الكبيرة لمسيرة هذا الحزب العتيق, لم يكن أحدا يتصور بأنه ستقوم القيادة الحالية الشابة بإدارة ظهرها للون الحقيقي للأفافاس, إذ نلاحظ فوارق كبيرة في تسيير مؤسسات الحزب, و خاصة طريقة إصدار المواقف السياسية تجاه النظام, ولا أحد منا توقع أن يأتي يوم, أين الأفافاس يتخلى عن نرفزته السياسية و معارضته للنظام, و يتحاور مع أحزاب الموالاة "حزبي الأفالان و الأرندي", في مواضيع سياسية و اجتماعية و اقتصادية دون التعرض لمسببي الأزمات, و في الحقيقة هذا أمر غير متوقع من حزب كان يحسب له ألف حساب من طرف الجميع, و بالمقابل نجد أفافاس اليوم يقبل بالتحاور من النظام عبر حاشيته و موالاته بشروط مسبقة, عدم التطرق في الحديث عن شرعية الرئيس و المؤسسات فهي خطوط حمراء, و طابوهات مقدسة, و الأدهى أن أفافاس اليوم شارك في ندوة مازافران التاريخية التي راعتها المعارضة المنضوية في إطار التنسيقية من أجل الحريات و الانتقال الديمقراطي, و بعدها أعلن بقيادة شعار الإجماع الوطني لبناء دولة القانون و إنقاذ البلاد من زكام الربيع العربي الوشيك, و تبني مبادرة فردية يدعو من خلالها للتوافق الوطني, و تحمل المسؤولية التاريخية, رافضا بالكامل الانخراط و الاستمرار في مبادرة التنسيقية من أجل الحريات و الانتقال الديمقراطي, بحجة أن هذه الأخيرة ترتكز أكثر على العمل السياسي و تهيئة أرضية للتغيير دون إشراك النظام, و هذا ما يجعلها تخسر الرهان مسبقاً حسب قراءة الأفافاس, و هذا الانفراد بالمبادرة على حساب مبادرات أخرى تشكلت في الساحة السياسية, أوقع حزب جبهة القوى الاشتراكية في مصيدة التهم و التخوين بتفاوضها مع السلطة بإدارة صفقة غير متوفرة الأهداف و المصالح, هذا حسب قراءات المعارضة و متتبعي الشأن السياسي في الجزائر.
و اليوم في خضم غياب مواقف صريحة من الأفافاس تجاه ما تتعرض له البلاد و العباد من التضييق في الحريات و تغييب ثقافة الحوار و تبني أطروحة في الاتحاد قوة, يمكن استخلاص فكرة واحدة من كل ما سبق ذكره, أن المستفيد الوحيد من صراع حول التموقع و زعامة التغيير في الجزائر هو النظام, و أن صناعة مجسم التغيير في مثل هذه الظروف و التغيرات و البيع و الشراء في المبادئ و المواقف, يجعل من غاية الجزائريين في رؤية حلم التغيير نحو الأفضل و غد مشرق, مجرد وهم داخل كابوس لا ينتهي.
بقلم: بوشن فريد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24