الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاورات القاهرة : رُسُل الحرية أولاً

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2015 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



أخيراً بدأت مجموعات المعارضة السورية، بالتقاطر الى القاهرة، ما يشي باحتمالات شبه مؤكدة،أن جميع الأطراف ستكون على موعد حول مائدتين ترعاهما كل من الحكومتين المصرية والروسية، بدعم إقليمي ودولي غير معلن، في رحلة البحث عن إطلاق جولة جديدة من التفاوض في جنيف قبلة المختلفين والمتقاتلين في أوطانهم، السوريين والليبيين، الذين طحنتهم الحرب، والتدخلات الخارجية على حدّ سواء.علّ الحالة السورية تشهد بعض الدفء بما يجعل من جليد الحراك السياسي، قابلاً للذوبان، في مواجهة الظروف القاسية التي تعيشها المعارضة السورية بصورة عامة.
لم تعد ذات اهمية مساالة الإشارة في كل مرة، الى ضعف المعارضة، ووهن مؤسساتها التي لم تستطع بناء الثقة بدءاً بمن يفترض أنها تمثلهم. الواقع اليوم ان جميع الأطراف السورية منهكة ومنخورة بالفساد والفوضى الى أبعد الحدود، وكل الأطراف تكاد تكون إقصائية بالقدر الذي يمكنها من التشبع بالوهم، بأنها القوة السياسية الأقدر على حمل مسؤوليات العمل الوطني دون مشاركة أطراف أخرى. ينسحب هذا الأمر على موقف قوى المعارضة فيما بينها، وموقف النظام من أطراف المعارضة من جهة ثانية. وقد سجلت جميعها عجزاً كبيراً وفشلاً موصوفاً في الدفع باتجاه القيام بعمل وطني، من شأنه أن يقود الى العمل الجماعي المنظم، وفقاً لاستراتيجة عمل تفضي الى تسوية سياسية أو حوار وطني، يكون فيه دور المعارضة محركاً وفاعلاً.
لقاء القاهرة، أنضجته مسألتان أساسيتان، هما دعوة موسكو الملّحة لشخصيات معارضة، والجمود السياسي في المجهودات الديبلوماسية، وتراجع الاهتمام بالثورة السورية، وبالتالي استمرار نظام الأسد وحلفائه الايرانيين في ارتكاب المجازر بحق المدنيين، وفرض الحصار على مناطق عديدة مثل الوعر ومخيم اليرموك. دون أن تكون ملامح حل في الأفق المنظور، أو إيقاف للقتل في الحدّ الأدنى.
إزاء أي تسوية، أياً تكن صورتها، يتوجب على المعارضة السورية، أن توقف مناكفاتها المَرَضية، وأن تجلس الى طاولة تفاوض فيما بينها، حول قضية أساسية هي اتخاذ موقف منسجم فيما بينها، للتعاون بصورة جماعية، على صياغة رؤية موضوعية، تنطلق من معطيات الواقع، أساسها العمل المشترك. ودون انتكون هناك مجموعة مشتركة ومنسجمة معنية بالتفاوض مع النظام و تتعامل مع المبادرات والأفكار المطروحة من هنا وهناك، فإن الفجوة ستبقى تتسع، ليتمكن منها النظام الاستمرار في عدم اعتبار أي قيمة سياسية للتعامل مع المعارضة، وهذا الأمر يجعل أيضاً من القوى الدولية، غير مهتمة بتحريك الملف السياسي السوري، في ظل أولويات مجابهة الإرهاب. ونظام الأسد هو أول المستفيدين من هذا الوضع، ويلعب حلفاؤه الروس والإيرانيون دوراً في إبقاء الأوضاع على ماهي عليه. من هنا يمكن فهم شكل الدعوة التي وجهتها موسكو لشخصيات في المعارضة وليس تيارات، ودعت النظام، بالمقابل كطرف رئيس في مقابل أفراد.
حيال ذلك، يتوجب على المعارضة، أن تخلق أيضاً ميادراتها، وفقاً لمبادئ الثورة واعتبارات الوضع القائم، وفي الواقع أمام التطورات الصعبة، لم تعد ثمة أسس ومبادئ ثابتة ومقدسة، الثابت الأساسي هو الذهاب نحو مرحلة انتقالية، وفقاً لجنيف 1، تضع حدّاً للقتل والتهجير والإبادة، وتقود الى رحيل النظام، وفقاً لآليات يتم التوافق عليها على طاولة المفاوضات. يجب أن تكون هناك استراتيجيات للعمل، و خطط بديلة أيضاً. والمعارضة لن تكون قادرة على القيام بهكذا مهام في ظل الإنقسام المرّ والمخجل.
مهمة لقاء القاهرة هو الحوار بين أطراف المعارضة، لخلق ظروف ملائمة للعمل الجماعي، والخروج من نفق الاختلافات التي أفقدتهم ليس ثقة اسداخل، ولكن القدرة على القيام بأي جهد إيجابي. وكذلك وضع رؤية موحدة للعمل السياسي الخارجي، بعيداً – أو بملاحظة – موقف كل طرف بشأن التعامل مع النظام، ورؤيته للمشاركة في المرحلة الانتقالية وبناء المستقبل، وهو ما يجب أن يتم التشاور فيه، بصورة جادة و مسؤولة، وبوضوح تام، دون إبهام في المواقف أو غموض، كل التيارات والقوى والأشخاص داخل المعارضة، بات معروفاً مواقفهم واتجاهاتهم وولاءاتهم السياسية والاجتماعية، وكذلك مصادر دعمهم وتمويلهم.
ما لاشك فيه، أن تناول مسألة بناء الثقة بين مختلف الأطراف السورية، يجب أن تتم على مستويين، بين مكونات المعارضة نفسها، وان تتخلص من عملية الإقصاء والتخوين التي تمارسها في صفوفها، والقصور في فهم الآخر الا عبر مصالح ضيقة. هذا يمنح المعارضة القوة التي تجبر فيها النظام على اتخاذ خطوة باتجاه بناء الثقة مع المعارضة، وهذا هو المستوى الثاني، والذي يجب أن يشتمل على إجرات متفق عليها، بموجب تفاهمات، وليس شروط. الشروط غير مقبولة معنوياً من أي طرف.
بوضوح، القضية المحورية أكثر إلحاحاً اليوم، يجب أن تتركز حول ثلاث نقاط حيوي تتعلق بالحياة اليومية للسوريين ومعاناتهم الإنسانية التي وصلت حدّاً صعباً و قاسياً، وهي إيقاف العمليات العسكرية، وفقاً لمبدأين هم تحييد المناطق المدنية، وسحب القوى العسكرية خارجها.
النقطة الثانية، رسل الحرية، نشطاء العمل المدني والسياسي، المعتقلون لدى نظام الأسد، يجب أن يكون أمر حريتهم على طاولة التفاوض، وعلى كل المستويات، بحيث يشكل الإفراج عنهم أحد أهم إجراءات بناء الثقة. وينسحب الأمر على التنظيمات المسلحة المعارضة التي تعتقل وتختطف الحقوقيين والصحافيين ونشطاء العمل الإنساني والمدني، دون استبعاد أي عملية تبادلية حتى مع كل من جبهة النصرة وداعش، بما في ذلك وسائل التفاوض معهم من أجل سلامة وحرية المختطفين والمغيبيين.
النقطة الثالثة، العمل على تخفيف معاناة السوريين اللاجئين والنازحين، وتوفير مستلزمات العيش الكريم، وحلّ مشكلاتهم في إطار القانون الدولي الإنساني، خاصة أولئك الين يتعرض لإجراءات عنصرية وتمييز كونهم سوريين. فهل تدرك المعارضة السورية – ولو متأخرة كثيراً - أنه يجب الإعتناء بالمسألة الوطنية كما يجب ؟ نتمنى أن يكون لديها ماتقدمه في القاهرة من أجل التعاون والتنسيق المشترك.
_________________
كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة