الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوثيون ... لماذا؟!

حمدى السعيد سالم

2015 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


مما لا شك فيه أن مصر تواجه حالياً العديد من التهديدات والمخاطر من قبل بعض الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تمثل تهديداً خطيراً للأمن القومي المصري !!... حيث تشهد مصر بعد ثورة 30 يونيو مؤامرة دولية، تهدف إلى إقصاء مصر إقليميا وعربيا، خصوصا بعد تدخل الجيش كفاعل رئيسي في حسم الثورة لصالح الشعب، وعزل الإخوان المسلمين من الحكم....واليوم نرى سقوط اليمن فى يد جماعة عبدالملك الحوثى المدعوم إيرانيا هى كارثة جيوسياسية لو أمعنا التفكير قليلا فيما يحدث فى ذلك القطر العربى الشقيق ....منذ سقوط بغداد 2003 لم يعد يفزعنا سقوط أى عاصمة عربية اذ يبدو ان الامر اصبح معتادا للدرجة التى حينما تمكن الحوثيون من صنعاء لم يبد هذا مثار قلق او دهشة عند البعض.....الحديث عن اليمن فى أحسن الأحوال مصدر خلاف وطنى مرتبط بعودة القوات المصرية من اليمن تجر أزيال الخيبة التى تبعتها بعد ذلك هزيمة 1967.... لأنه لو تمدد جيشنا فى اليمن لما هزمتنا اسرائيل فى يونيو 1967....لكن الحقيقة التى لا مراء فيها هى ان اليمن مهم جيوسياسيا بالنسبة لمصر اكثر بكثير مما يحدث فى سوريا والعراق ....

خطر الحوثيون فى اليمن يهدد مصر بشكل مباشر اكثر من اى تهديد ممكن ان تسببه عصابات داعش او غيرها .....الخطر الحوثى أكبر وأكثر تهديدا لأمننا القومى من خطر داعش لذلك يجب ان يوضع قبل خطر داعش فى ترتيب التهديدات المباشرة للأمن القومى المصري....بداءة كل ذا بدء ليس معنى فشل حملة الجيش المصرى فى اليمن فى ستينات القرن الماضى يعنى ان اليمن ليس مهما بالنسبة لمصر....اليمن من الناحية الجيوسياسية يتحكم فى خليج عدن وفى مضيق باب المندب وأى تهديد هناك هو تهديد مباشر لسلامة الملاحة فى قناة السويس....وكذلك اعمال القرصنة على الشواطيء الصومالية هى تهديد مباشر أيضاً للأمن القومى المصرى !!!.. لذلك يجب ان تكون ضمن أولويات التخطيط الاستراتيجى لدى سلاح البحرية المصري.... لقد تملكنى العجب والحيرة لما يحدث فى اليمن ...كيف تراجع الجيش اليمني بهذه السهولة؟!....وهو المنوط به حماية العاصمة أمام جماعة تبدو أنها غير مهيأة تدريبيا؟...أين القبيلة والجيش والبوليس؟ ....كيف لمن جاء ماشيا متبخترا بهذه الملابس الفضفاضة أن يأخذ عاصمة مثل صنعاء؟ ....الأسئلة المنطقية كثيرة وربما تكون لها إجابات أكثر عبثية مما رأيناه، لكن المؤكد هو أن هناك شيئا عطنا في اليمن، كما وصف شكسبير الدنمارك في «هاملت».....

اليوم لم أعد أستغرب أن تأتي أي جماعة من مكان ما، ربما حتى ليست عربية، لتسيطر على عاصمة عربية! ....ألم تسيطر جماعة لا نعرف لها أصلا من فصل تسمي نفسها «داعش» على نصف العراق وثلث سوريا؟....أين الجيوش التي كانت ترهب المواطنين قبل الربيع، وأين قوات الأمن.. ...أم أنها كانت وهما؟ هل كان ما يسمى حكم الحديد والنار في مصر وسوريا واليمن وليبيا هو مجرد حكم بالوهم، وإلا كيف نفسر أن تؤخذ عاصمة بهذه البساطة من أناس بسطاء؟....كيف أخذ «الإخوان» القاهرة لمدة عام؟ وكيف أخذ الحوثيون صنعاء؟ وكيف أخذت الجماعات المختلفة سوريا وليبيا وحتى تونس؟ أسئلة لم نجب عنها بعد.....اعلموا أيها السادة أن الحركات السياسية والاجتماعية، وكذلك الطائفية، تتعاظم قوتها على حساب الدول....انظروا إلى جماعة بدر الدين الحوثي ونشأتها من جماعة الشباب المؤمن، إلى ما آلت إليه الآن، وكيف تبنت ليبيا القذافي وسيف الإسلام تلك الجماعة نكاية في المملكة العربية السعودية....بعدها انتقلت كفالة الحوثيين إلى شراكة بين ليبيا وقطر ومن بعدهما إيران، وكيف أن جماعة الحوثي ولدت نتيجة لصراعات إقليمية في سياق دولة هشة أكثر من كونها نتاج وضع داخلي...

لم يخطر ببالي يوما ما أن تسيطر جماعة الحوثي على صنعاء؟....كيف لحركة محدودة بدأت في صعدة أن تسيطر على العاصمة؟ ....والحوثي نفسه كان عضو برلمانى عند علي عبد الله صالح..... فكيف لهذه الجماعة المهلهلة والمكونة من مجموعات من البسطاء أن تأخذ العاصمة اليمنية من دون قتال يذكر؟.....مجموعة لا تملك الإمكانيات التي تؤهلها للهجوم على عاصمة والسيطرة عليها....هناك خلف الاكمة ما ورائها ؟؟؟؟هم يعيشون في بساطة من العيش، رغم ما تراه في أيديهم من سلاح... وكذلك كان جنوب لبنان عندما أهملته الدولة اللبنانية فتقاسمته حركة أمل و«حزب الله»، والآن كله لـ«حزب الله» تقريبا..... ما حدث في لبنان من تجييش فقراء الجنوب وتحويلهم إلى ميليشيا طائفية يحدث في اليمن....فقراء هوامش الدول سيبقون دوما يرشقون الدنيا بحجر، والدولة بحجر، والأمة بحجر، فعلى ما يبدو قد فشلت الدولة الحديثة في عالمنا العربي أن تكون لها جذور.....
حركة حماس أخذت قطاع غزة، و«حزب الله» كاد يأخذ بيروت أو أخذها وتراجع، و«إخوان مصر» أخذوا القاهرة لعام كامل وصفق لهم كثيرون..... تسقط العواصم بثقل الفقراء نعم، ولكن أيضا العواصم تسقط عندما تسقط الثقافة...... وتلك عواصم سقطت ثقافيا قبل أن تسقط سياسيا، دول فشلت ثقافيا قبل أن تفشل سياسيا حيث أخذتها جماعة بهذا الشكل العبثي.....ومع ذلك فما حدث في اليمن ما زال لغزا، فكيف لجماعة الحوثي أن تغير على ديار حاشد وبكيل ولا تنتفض القبيلة؟ جماعة الحوثي تهين الجيش اليمني ولم ينتفض الجيش أو يحرك ساكنا، هذا لغز محير حقا. .....وما الذي يمنع السقوط وتكراره في كثير من عواصم الدول العربية الفاشلة ثقافيا وسياسيا؟....

هناك سؤال بحاجة إلى جواب : لماذا تدعم ايران حركة عبدالملك الحوثي، الظاهر بالنسبة لمن يقرأون ظاهر الأشياء هو ان ايران تبنى تنظيما على غرار حزب الله فى اليمن تناكف به المملكة العربية من اجل تسجيل نقاط السيادة والهيمنة فى الخليج العربى الذى يصر الإيرانيون فى كل المحافل الدولية على تسميته بالخليج الفارسي..... هذه القراءة الظاهرية مهمة فخلق تنظيم فى الحديقة الخلفية للسعودية يشبه تنظيم حزب الله فى لبنان ليس بالخطر الهين فهو تهديد مباشر لدولة حليفة تقف معنا فى السراء والضراء..... وهذا ليس فقط أمر يعنينا بل وجود حزب إيرانى فى اليمن يشبه حزب الله فى لينان يتحكم فى رقبة بلد عربى اخر فهذا أيضاً امر شديد الخطورة ويضر بمنظومة الأمن القومى المصرى والعربى أيضا .... لأن جماعة الحوثى المناصرة لإيران والمسيطرة الآن على اليمن لو احكمت سيطرتها على على مضيق باب المندب فمعنى ذلك ان ايران تحكمت فى المضايق الاساسية فى المياه الإقليمية وأصبحت لها اليد العليا فى الماراتيم الخاص بالمنطقة.... فسيطرة ايران على مضيق هرمز فى الخليج العربى لو امتد الى سيطرة لها فى باب المندب لدخل مستقبل نقل الطاقة فى ورطة عالمية كبرى قد تشعل المنطقة برمتها... هذا الإحكام على المضايق من هرمز الى باب المندب سيؤدى بالضرورة الى مواجهة بحرية بين ايران والأسطول الخامس الأمريكى المتمركز فى البحرين فى منطقة الخليج .... أما عند باب المندب فسيؤدى الى مواجهة بين اسرائيل وإيران وبين مصر وإيران .... لا تنسوا أن قضية إغلاق باب المندب من قبل البحرية المصرية ايام عبدالناصر كان سببا أساسيا فى إشعال الحرب.... من هنا يكون ما يحدث فى اليمن ليس فقط فى إطار الصورة السياسية المعروفة بخطر الهلال الشيعى الإيرانى الممتد من ايران الى العراق مرورا بسوريا والبحرين الى لبنان لكنه مرتبط أيضا بالهلال الشيعى البحرى الذى لم يتحدث عنه أحد من قبل .... والذى يعد تهديد أخطر من تهديد داعش للدولة العراقية او تهديد داعش لسوريا او الاثنين معا..... الهلال الشيعى البحرى هو الخطر المباشر بالنسبة للأمن القومى المصري.....

من وجهة نظرى ما يحدث فى اليمن هو ظهور حزب الله اليمن بطريقة تشبه حزب الله اللبنانى وقدرته على تعطيل الحياة السياسة من خلال ملكية حزب الله فى البرلمان اللبنانى لما يسمى بالثلث المعطل الذى يستطيع ان يشل حركة الوطن..... لذلك لابد أن نعى تماما أن ما يحدث اليمن امر خطير جداً بالنسبة لمصر وبالنسبة للمنطقة برمتها .... فالمنطقة العربية ليست قادرة على التعايش مع هلال شيعى برى ممتد من ايران الى لبنان فيكف لها بظهور هلال شيعى بحرى تكون له اليد العليا فى الملاحة فى المنطقة العربية.... هناك مقولة تقول : ان البحر الأحمر سيبقى دائماً بحيرة عربية.... ولكن بدخول ايران على الخط ووجود الأساطيل الغربية بدعوى ردع ايران وحالة الوهن البحرى العربى تجعل فكرة ان البحر الأحمر بحيرة عربية محل شك كبير.... الحوثيون أساسيون ليس فى تأجيج الوضع على الحدود مع السعودية لخدمة ايران فقط، الحوثيون هم نقطة أساسية وخطيرة فى ظهور هلال بحرى شيعى قد يخنق المنطقة او يجعلها مسرحا للحروب البحرية....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة محتجزين إسرائيليين من غزة تفتح باب الاحتمالات في الحرب


.. مصر تندد بالهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات وتطالب بوقف ال




.. القنبلة الأميركية GBU 39.. سلاح إسرائيل الفتاك في غزة! | #ال


.. انهيار أرضي مفاجئ يؤدي إلى ابتلاع طريق سريع في ولاية #وايومن




.. قتلى بقصف إسرائيلي على مدينة غزة ومخيم البريج| #الظهيرة