الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي امتداد لرأسمالية الكوارث وانقاداً للدولار الأمريكي !!

حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر

(Hasan Atta Al Radee)

2015 / 1 / 24
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الربيع العربي امتداد لرأسمالية الكوارث وانقاداً للدولار الأمريكي.
/ حسن عطا الرضيع
باحث اقتصادي/ غزة

بعد مرور أربع سنوات على الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في عدة عواصم عربية والتي رفعت شعارات العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية والإصلاح الاقتصادي والسياسي, يتضح ومن خلال مؤشرات الاقتصاد الكلي أن هناك خسارة كبيرة مُنيت بها دول الربيع العربي وذلك من خلال التراجع في إجمالي الناتج القومي متمثلاً بزيادة هروب رؤوس الأموال للخارج وتراجع الرصيد من النقد الأجنبي, وقدرت الأموال التي هربت من المنطقة العربية في العام (2011) بحوالي (3) تريليون دولار وتتركز بنسبة (70%) في الولايات المتحدة الأمريكية ومستثمرة في محافظ تمويلية وسندات و أذونات خزانة و أسهم وعقارات, وعلى الرغم من أن العديد من الكتاب رأى بأن ما جرى هو تحرك شعبي غير منظم بناءاً على تردي الأوضاع الاقتصادية وتفاقم الفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة بشتى أنواعها, إلا أن تفجر تلك الأزمات وبشكل متسلسل وفي بضع شهور وفي منطقة واحدة تعتبر الأكثر تأثيراُ على الاقتصاد العالمي ومنظومة السياسة العالمية , حيث أن اندلاع ثورة ديسمبر 2010بتونس و ثورة 25يناير بمصر 2011 ولاحقا ثورة 17 فبراير بليبيا واليمن لنفس العام والأزمة السورية منذ 15مارس للعام 2011, يضع العديد من علامات الاستفهام حول من المستفيد ومن الخاسر جراء أربع سنوات من التحولات الكبيرة التي حلت بتلك الدول ومهما كانت الأسباب التي وقفت أمام هذه الظاهرة إلا أن هناك عدة أمور يجب التطرق إليها للوصول إلى نتائج من شأنها التعمق أكثر بمدى تأثير هذه المنطقة على أداء الاقتصاد العالمي, وسيعتمد التحليل على محاولة لفهم العلاقات بين عدة متغيرات عالمية , ومنها محاولة لربط موضوع الربيع العربي بالتغيرات التي طرأت في أسس النظام الرأسمالي في العقود الثلاثة الأخيرة كتحول الدولة الرأسمالية من الرأسمالية الاحتكارية إلى رأسمالية الشركات المتعددة الجنسيات وإلى رأسمالية الصدمات والكوارث وتحكم الأقلية بالقرار الاقتصادي العالمي من جهة , وكذلك علاقة الربيع بالأزمة المالية العالمية التي انطلقت شرارتها في الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر 2008على أثر تفجر أزمة الرهن العقاري , وعلاقة كل ذلك بمكانة الدولار العالمية.
بداية الأزمة تعود إلى التغيرات في طبيعة النظام النقدي العالمي حيث أنه ومنذ العام 1913 تم إنشاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وكان العالم يتكون من عدة عملات منافسة للدولار كالمارك الذهبي الألماني والروبل الروسي وغيرها من عملات ذات تأثير مباشر على الاقتصاد العالمي , ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى تم تدمير عدة اقتصاديات بأوروبا وبقي الدولار ومعه الجنيه الإسترليني كقوتين بارزتين بالعالم ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية بقي الدولار هو المهيمن على الاقتصاد العالمي فأصبح الاقتصاد العالمي بأسره أسيراُ وتابعاُ للدولار, وفي العام 1971 وبسبب معاناة الولايات المتحدة الأمريكية من عجز تجاري لأول مرة منذ العام 1890م تخلت عن ربط عملتها الدولار بالذهب وبدأت بالإصدار الحر والمفرط للدولار, ومنذ تلك الفترة بدأ الحديث عن رأسمالية الكوارث والصدمات فأي دولة تحاول تقوية عملتها والتأثير على الدولار تواجه بشكل أو بأخر بتصعيد من الجيش الأمريكي وهذا ما جرى للرئيس العربي الراحل صدام حسين الذي حاول بيع النفط العراقي بالدينار , وكذلك وجود قرابة 1000قاعدة عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية بالعالم وجيش تعداده 2 مليون جندي , وفي الشرق الأوسط يوجد عدة على المتوسط ومنها كبرى القواعد العسكرية بدولة قطر النفطية والأكثر دخلاً للفرد " بندقية تعمل بأجر من خلال دعم بعض الحركات التي نشطت في دول الربيع العربي عبر أدوات القوة الناعمة كالمال والإعلام" وهذه القواعد وجدت لهدف واحد وهو منع قيام تكتلات اقتصادية بالشرق الأوسط كون أن هذه المنطقة مهمة من حيث كونها مصدرا للموارد الطبيعية وللمناخ الجيد والسوق الاستهلاكي الضخم, ومن يسيطر عليها يسيطر على الاقتصاد العالمي , وفي المحصلة الأخيرة فهناك عدة نقاط يتوجب التركيز بها لفهم طبيعة ما يجري بالشرق الأوسط وهي كالتالي :
- هناك نفاد لمفعول ما يسمى " قراصنة الاقتصاد" ورجال المخابرات وثعالب الصحراء: حيث تقوم الشركات متعددة الجنسيات بنهب اقتصاديات الدول النامية ومنها العربية عبر السيطرة على مفاصل الاقتصاد , وإثقال تلك الدول بالديون وإغراقها بحيث تبقي تابعة ولا تستطيع النهوض باقتصادها, فمثلاً قد وصلت مديونية العالم الثالث عام (2004)م حوالي ((2.5 تريليون دولار وأن خدمة هذه الديون لنفس العام بلغت (375) مليار دولار وهو رقم يفوق ما تنفقه كل دول العالم الثالث على الصحة والتعليم ويمثل (20) ضعفاً لما تقدمه الدول المتقدمة سنوياً من المساعدات والمنح الخارجية.
- أن رؤوس الأموال العربية في الخارج كانت ولا زالت محطة أطماع للولايات المتحدة الأمريكية حيث أن الأزمة هدفت لاسترجاع ما كسبه العرب من فوائض نفطية وتحديداً في فترات ارتفاع اسعار النفط في عقد السبعينات , حيث أن خسائر الصناديق السيادية الخليجية قدرت بحوالي 400 مليار دولار في الأزمة المالية 2008 وشكلت 4% من إجمالي الخسائر التي مُني بها الاقتصاد العالمي البالغة 10 تريليون دولار
- عدم الاستقرار في دول الربيع من شأنه أن يؤدي لهروب رؤوس الأموال وكذلك تبعية تلك الأنظمة وخضوعها لإدارة حكومات الدول المتقدمة , وكل ذلك يساهم بزيادة تمركز الثروات في دول الشمال المتقدم ومنها الولايات المتحدة الأمريكية ويساهم ذلك بتعزيز الدولار ومنع تدهوره, فبدلا من توجه الأموال من الدول الغنية للفقيرة يحدث نقل عكسي للموارد والذي هو " بمثابة نقل الدم عكسياً من المريض إلى الطبيب, وما يرافق ذلك من اللا عدالة في توزيع الدخل والثروة عالميا حيث أن أثرياء العالم الذين لا تتجاوز نسبتهم 1% يمتلكون 48% من الثروات العالمية وفقاً لتقارير نُشرت بمجلة الجارديان البريطانية, وأن أغنى 10% من سكان العالم يستحوذون على 87% من الثروة العالمية, أما النصف الأكثر ثراء في العالم يمتلك 48.2% من الأصول العالمية, وقدرت الثروة العالمية في نهاية العام 2014 بحوالي 263 تريليون دولار في حين بلغت في العام 2000م حوالي 117 تريليون دولار ويعتبر نمو الثروة العالمية مرتفعاُ نسبيا وتحديداُ بعد الأزمة حيث ينمو إجمالي الثروة العالمية سنوياً بحدود 20% , ونمت الثروة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2013بحوالي 21.3 تريليون دولار وهي تساوي القيمة التي خسرتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأزمة المالية العالمية 2008.
- في حال قيام دول الخليج بإنشاء منظومة اقتصادية أو تكتل اقتصادي بعملة موحدة كالدينار الخليجي , وكذلك في حال باعت النفط بالدينار الخليجي فإن ذلك كفيلا بتحرك عسكري أمريكي كون أن هناك قواعد تحيط بها بإمكانها إسقاط تلك الأنظمة .
- استمرار الأزمة السورية للعام الرابع على التوالي وكذلك قيام إسرائيل بثلاثة تصعيدات عسكرية بقطاع غزة خلال الفترة 2014-2009 واحتمالية اندلاع حرب مع حزب الله بجنوب لبنان, هو غالبا سيكون لتحقيق هدفين الأول استغلال إسرائيل للغاز المكتشف على سواحل المتوسط ( غزة- لبنان- سوريا), وكذلك لاستمرار تدهور الأوضاع وقيام حروب وصراعات طائفية تهدد الأمن القومي العربي وبالتالي دخولها في حظيرة الاقتصاد الأمريكي وتكون داعمة للدولار.
- قيام السعودية بالاستمرار بالإنتاج وعدم خفض العرض من النفط أثناء الثورة الليبية 2011وفي نهاية العام 2014 رغم انخفاض الأسعار دون 60 دولار يعني أن السعودية قد ساعدت على منع تدهور الدولار وإعطاءه ثقة كبيرة مما حفز ذلك المستثمرين للاستثمار وزيادة الطلب على الدولار, وتاريخيا ساعدت السعودية الدولار ودعمته بقوة عندما قبلت بيع النفط بالدولار بعد تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن ربط الدولار بالذهب وخسارتها الحرب في فيتنام ورغم الأزمة التي تعانيها الرأسمالية وتحديدا الأمريكية فتعتبر السعودية ودول الخليج الأكثر فوائض مالية بالخارج وتستثمرها في مجالات مالية كأسواق السندات الدولارية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أشكرك السيد حسن
اليس ( 2015 / 7 / 18 - 05:45 )
عادة يتحدث معظم الفلسطينين عن الظروف الاقتصادية الصعبة بمفهوم: -قدم لي المساعدة أو حتى ب-المفاهيم الشعبوية-، و لكن من الجيد أنني عند قراءة المقالة لم أجد نفسي عائقا في فهم مدلولات الاقتصاد لأنك تتحدث عن الأدبيات. و لكن هل تعتقد أن هناك افضل من اليهود بالحديث عن االاقتصاد؟ و لا حاجة لان تذكرني بأن أغنى اثرياء العالم، و مالكي كبرى الشركات العالمية الكبرى هم من اليهود. بنوا اقتصادهم فدُمرنا أنت انظر نحن نتحدث عن مفاهيم يصيغونها لنا لنتعامل معها.. قيود و ليس قيد؟!


2 - اعتذر ان أطلت
اليس ( 2015 / 7 / 18 - 06:32 )
أجد أن هناك علاقة غريبة لا يبدو أن الكثير يدركها بالحديث عن الثورات العربية أو مفهومها بالأساس.ارتبطت على سبيل المثال و ليس الحصر، الثورة العلمية-الصناعية- في اوروبا بمطالب الشعوب بالحقوق الفردية لاحقا أو دعنى أقول تطاردياً، و ليس أولاً -من المنحى التاريخي لتطور المراحل-، و بعدها الازدهار- بمفهوم نوعي - الاقتصادي أو حتى على مستوى الأنشطة الإقتصادية للناس -العامة- كما في حدث في أوروبا من حيث بناء بلدانهم منها الإقتصاد و منها ما اعترفت به ايضا تاريخيا-لاحقا- الدول المستعمرة في العصر الحديث، لنقول الحق دون اجحاف أو تمنن من أحد!
و لكن في الدول العربية رددوا عبارات الربيع العربي و البسطاء غير متمكنين من البناء على البنى التحتيتة لأنه حتى البنى التحتية الجزء الكبير منها فيالقطاع العام يعاني من الفساد أو الخصخصة التي أفسدته أو من تدني مستوى الخدمات التي يقدمها، و لذلك دون أن ابتعد كثيرا عن الأمر كان ينبغي أن يكون هناك دور توعوي لرجال الأعمال بشكل مقتصر في محاولة البناء مثلا و بشكل مختصر دون تحديد أحمد أبو هشيمة و بمحاولته بناء الثقة من جديد في دور رجال الأعمال. و هي نقطة أردت الإمتثال ب


3 - اعتذر ان أطلت
اليس ( 2015 / 7 / 18 - 06:38 )
أردت الإمتثال بها.
كما أنني أجد أن هناك ارتباط رغم حديث الايضاحي عن المنحى الإقتصادي و ربطه بالمنظومة العالمية للثورات، من حيث جوانب مساهمة ايضاً يجب الحديث عنها، و قد تكون لها فاعلية أساسية من حيث الحكم على ثورات الربيع العربي منها الأمن، مثلا إن سمح لك ذلك أعطني رأيك أو تقييمك للمؤتمر الاقتصادي الذي تم عقده في مصر؟

اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة