الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة تطحن الفقراء.. وتزيد ثروة الأثرياء

فهمي الكتوت

2015 / 1 / 25
الادارة و الاقتصاد


بينما تعاني الطبقة العاملة من الفقر والبؤس والإملاق، وارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الخدمات الصحية والاجتماعية، وانهيار مقولة "دولة الرفاه الاجتماعي" في الولايات المتحدة وغرب أوروبا التي احيطت بهالة كبيرة في مرحلة معينة، وصلت حد الادعاء بأن "دولة الرفاه" تضيق الفجوة بين الطبقات، علما بأن الخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية التي يحصل عليها دافعو الضرائب، جاءت ثمرة نضالات الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية، بعد إضرابات ومسيرات عمالية، رافقت نمو وتطور النظام الرأسمالي، وبفضل تنظيمها النقابي والسياسي، وخشية من تحول النضال الاقتصادي المطلبي إلى نضال سياسي، خاصة وأن الطبقة العاملة في روسيا أطاحت بالسلطة البرجوازية.
وقد عبر عالم الاقتصاد البريطاني "جون مينارد كينز" عن ذلك بشكل واضح، حين اعتبر تدخل الدولة من أجل استقرار السوق، الطريق الوحيد لبقاء الدولة الرأسمالية، وعلى الحكومة أن تضمن التشغيل التام، واستحداث نظام الرفاه الاجتماعي. واضح مما تقدم، أن الهدف الحقيقي الحفاظ على استقرار السوق وعلى السلطة السياسية، وليس معالجة مشكلة البطالة أو الفقر، أو تحقيق "دولة الرفاه الاجتماعي"، وبالحصيلة النهائية لم تحقق الرأسمالية استقرارا للسوق، كما لم توفر التشغيل. إن أسلوب الإنتاج الرأسمالي لن يقيم الدولة الفاضلة.
فالأزمة المالية والرأسمالية التي انفجرت في سبتمبر 2008 افقدت الطبقة العاملة 61 مليون وظيفة، وتوقعت منظمة العمل الدولية أن البطالة ستواصل الارتفاع لتصل إلى حوالي 220 مليون عاطل عن العمل. وتأتي اليونان وأسبانيا في مقدمة الدول الأوروبية التي تعاني من معدلات مرتفعة. فقد أعلن معهد الإحصاء الوطني الأسباني أن معدل البطالة في أسبانيا حوالي 26.2%، كما وصلت في اليونان 26.9%. وقد تعرضت الطبقة العاملة اليونانية لإجراءات تقشفية صارمة فقد خفضت الحكومة اليونانية رواتب الموظفين حوالي 40% خلال الأعوام الأخيرة، وذلك خضوعا لبرنامج الإنقاذ الذي فرضته الترويكا المكونة من "البنك المركزي الأوروبي، صندوق النقد الدولي، المفوضية الأوروبية". وتتضمن خطة الإنقاذ إلغاء معظم إعانات البطالة، إضافة إلى زيادة أسعار الدواء بنسبة 30%. لتسديد ديون الحكومة التي تقدر بحوالي 175% من الناتج المحلي الإجمالي، والتي تراكمت نتيجة الفساد الإداري والمالي وتغول رأس المال على الثروة الوطنية.
وتترقب مجموعة دول اليورو ما سيجري في الانتخابات المبكرة التي ستشهدها اليونان في 25 يناير الحالي، ومن المتوقع أن تحدث نتائج الانتخابات تغييرا ملموسا في السياسات المالية والاقتصادية لليونان في حال فوز حزب سيريزا-الحزب الراديكالي اليساري الذي ارتفعت شعبيته، وهو الأوفر حظاً في الانتخابات كما وصفه الإعلام اليوناني، وقد يؤثر فوزه على عضوية اليونان في منطقة اليورو.
في عصر العولمة الرأسمالية؛ الفقراء يزدادون فقرا والأثرياء يزدادون ثراء، فالحكومات تعاني من أزمات حادة، في مقدمتها أزمة الديون السيادية التي تشكل تحديا كبيرا لاقتصاداتها، ورغم تحميل الفئات الشعبية تكلفة أزماتها، وتكلفة الإنفاق الممول بالقروض، من خلال السياسات التقشفية التي فرضتها على الطبقة العاملة والشرائح المتوسطة في المجتمع، إلا أنها فشلت في الخروج من الأزمة المالية، كما فشلت في تحقيق الاستقرار في السوق، لكنها وفرت مناخات سياسية واقتصادية لتوسيع الفجوة بشكل مرعب بين الطبقات الاجتماعية، وتمركز الثروة بأيدي حفنة من الاثرياء.
فقد كشف تقرير جديد صادر عن منظمة أوكسفام الدولية الخيرية أن "أثرى أثرياء العالم، وهم يشكلون ما نسبته 1% زادت حصتهم من الثروة العالمية من 44% في عام 2009 إلى 48% في عام 2014، أما أغنى 80 شخصاً في العالم، فلديهم الثروة ذاتها لأفقر 3.5 مليار شخص، وفقا للتقرير. وأوضحت بيانوايما المديرة التنفيذية لوكالة المساعدات الدولية أن "حجم التفاوت العالمي هو ببساطة مذهل. وما يزيد الوضع سوءا أن باقي ثروة العالم التي يحوز عليها 99% من البشر، ليست موزعة بصورة متساوية، فان ما تبقى من 52% من الثروة العالمية 46% منها، مملوكة من قبل الخُمس الأغنى من السكان". أما ما تبقى من السكان، فيمتلكون 5.5 في المائة من الثروة العالمية فقط.
من هنا يمكن تفسير أسباب استمرار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ومعرفة اسباب الفقر والبؤس الذي تعاني منه غالبية شعوب الأرض، ومعرفة اسباب الحروب التي تشنها الإمبريالية دفاعا عن مصالح الاحتكارات الرأسمالية، ومنطقتنا العربية مثالا ساطعا على ذلك. وفي هذا السياق اعلن مجددا صندوق النقد الدولي عن تخفيض توقعاته حول نمو الاقتصاد العالمي للعام الحالي والقادم أيضا. ووفقا لتوقعاته الأخيرة فإن النمو سيبلغ 3.5% العام الحالي، مقارنة مع 3.8% سجلها الاقتصاد العالمي في أكتوبر الماضي. وجاء تراجع التوقعات على الرغم من هبوط حوالي 60% من أسعار النفط، والذي يفترض ان يشكل حافزا اقتصاديا ومحركا للنمو الاقتصادي في البلدان الصناعية، إلا أن عمق الأزمة يحول دون تحقيق نمو اقتصادي يسهم في إخراج اقتصادات هذه الدول من الركود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعتقدت ان المقاله عن الاردن يااخي خلينا نهتم بماءس
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2015 / 1 / 26 - 03:59 )
تحياتي للكاتب المحترم والرجاء اجابتي اين مقر اقامته
وبالتاءكيد المجتمعات الراسماليه لها مشاكلها-ولكن مقارنة بمشاكل بلداننا او بمشاكل منتصف القرن ال19 فاءن مشاكلها اليوم كماليه وتشيكولاديه-الرجاء الاهتمام بماءسينا وأيضا لكي لايضحك علينا الناس وشكرا


2 - رد
فهمي خليل الكتوت ( 2015 / 1 / 26 - 12:20 )

تحياتي للدكتور صادق
ليس مهما اين يقيم الكاتب ، المهم ما هي الرؤية التي يعكسها في كتاباته .. اما اختيار موضوع البحث فهو من حق الكاتب ، ومن المعروف ان الليبرالية الجديدة قضت على الجزء الاعظم من منجازات الطبقة العاملة في عدد من الدول الاوروبية ، وما رفض الشعب اليوناني لسياسة الاذعان الا دليل على ذلك. نعم مشاكل منطقتنا تختلف كثيرا وبكل المقاييس عن مشاكل اوروبا لكن هناك علاقة مباشرة ، الواحد بالمئة الذي يملك نصف الثروة في العالم يتمحل مسؤولية معاناة البشر اينما وجدوا.

اخر الافلام

.. صباح العربية | حمام الذهب في تونس.. أسرار غامضة وحكايات مرعب


.. أزمة غلاء المعيشة في بريطانيا تجعل الناس أكثر قلقا بشأن أداء




.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج


.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024